بروكسل تستبعد تأثر الموازنة الأوروبية بسبب «بريكست»

بروكسل تستبعد تأثر الموازنة الأوروبية بسبب «بريكست»
TT

بروكسل تستبعد تأثر الموازنة الأوروبية بسبب «بريكست»

بروكسل تستبعد تأثر الموازنة الأوروبية بسبب «بريكست»

استبعدت المفوضية الأوروبية، وهي الجهاز التنفيذي للاتحاد الأوروبي، تأثير خروج بريطانيا من عضوية التكتل الموحد دون اتفاق على الموازنة الأوروبية الحالية. جاء ذلك قبل أيام من اجتماع مجلس الشؤون العامة للاتحاد الأوروبي، المقرر في لوكسمبورغ الثلاثاء، للبحث في تطورات ملف انسحاب بريطانيا من عضوية الاتحاد الأوروبي.
وخلال تصريحات من بروكسل، استبعد المفوض الأوروبي المكلف شؤون الموازنة، غينتر أوتينغر، أي تأثير سلبي لخروج بريطانيا (بريكست) دون اتفاق على الموازنة الأوروبية الحالية. ومن المفترض أن تستمر بريطانيا في الوفاء بالتزاماتها المالية التي قطعتها على نفسها ضمن الإطار المالي 2014 - 2020، وذلك بعد أن تصبح خارج الاتحاد بحلول 29 مارس (آذار) 2019.
ويقول المفوض: «لم نتلقَ أي إشارة من المفاوضين البريطانيين تدل على إمكانية عدم احترامهم لالتزاماتهم». وأشار إلى أن دول الاتحاد الأوروبي الـ28 ستستمر في العمل بمجال الموازنة معاً، معرباً عن ثقته بعدم ضرورة التحرك نحو موازنة استثنائية على مستوى الدول الـ27 قبل انتهاء الإطار المالي الحالي.
وتوقع أوتينغر أن يتم التوصل خلال الأيام أو ربما الساعات المقبلة إلى اتفاق بين بروكسل ولندن حول مسألة الحدود بين شطري آيرلندا، وهي من أهم المشكلات العالقة في المفاوضات الجارية بين الطرفين.
وعلى الرغم من تأكيد كل الأوساط الأوروبية ضرورة العمل للتوصل إلى اتفاق مع لندن، فإن المخاوف تتزايد من الاحتمالات المتزايدة من اتفاق (بريكست) قاسٍ، مع ما قد يحمله الأمر من آثار على التجارة والاقتصاد والوضع المالي الأوروبي.
ومن وجهة نظر كثير من المراقبين الأوروبيين، لا تزال بروكسل ولندن تتقاذفان المسؤولية عن عدم تحقيق التقدم المنشود، وتطالب كل واحدة الأخرى بمزيد من المرونة والتنازلات.
ومن المقرر أن تصبح بريطانيا دولة جارة للاتحاد بحلول 29 مارس 2019، سواء تم التوصل إلى اتفاق أم لا.
ولا تزال قضيتا الحدود بين آيرلندا وآيرلندا الشمالية وشكل العلاقات التجارية بين الطرفين تعرقلان أي تقدم. واستبعدت زعيمة أكبر حزب في آيرلندا الشمالية، الأسبوع الماضي، أي عمليات مراجعة في التجارة مع الأراضي البريطانية الرئيسية، بعد أن حاول مفاوض «بريكست» في الاتحاد الأوروبي إقناعها بأن مثل هذه الضوابط يمكن «نزع سمتها الدرامية» (التهويلية).
وقالت أرلين فوستر، التي يدعم حزبها «الاتحاد الديمقراطي» حكومة رئيسة الوزراء تيريزا ماي في لندن، إن الحزب لن يقبل أبداً الضوابط التنظيمية أو الجمركية التي يقول ميشال بارنييه من الاتحاد الأوروبي إنها «عنصر مساند» أساسي لتجنب حدود برية صعبة مع آيرلندا، العضو في التكتل الأوروبي، بعد «بريكست».
«هناك خط أحمر واحد فقط»، هكذا افتتحت فوستر حديثها للصحافيين بعد اجتماعها مع بارنييه في بروكسل، مضيفة: «لا يمكننا دعم أي إجراء يمكن أن يؤدي إلى عوائق جمركية أو تنظيمية داخل السوق الداخلية في المملكة المتحدة».
وفي يوليو (تموز) 2016، قال تقرير إن خروج بريطانيا سيؤثر بشكل واضح في بعض الدول الأوروبية ومنها بلجيكا وآيرلندا وإسبانيا وقبرص، حسبما جاء في تقرير وكالة التصنيف «موديز»، ونشرت صحيفة «دي ستاندرد» على موقعها الإلكتروني في وقت سابق أجزاء من التقرير، مشيرة إلى أن هذا التأثر الكبير الذي من المتوقع أن تعاني منه بلجيكا بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي يعود إلى العلاقات التجارية التي تربط بين بلجيكا وبريطانيا العظمى، وهو ما ينطبق كذلك على آيرلندا، في حين أن إسبانيا وقبرص ستعانيان بقوة من هذا الخروج، بوصفهما يشكلان الوجهة السياحية الرئيسية لكثير من البريطانيين، خصوصاً مع ما تعانيه الدولتان من مديونيات كبيرة تثقل كاهليهما، مقارنة بدول أخرى داخل الاتحاد الأوروبي.
كما لفت التقرير إلى أن دولاً أخرى في الاتحاد الأوروبي لن تعاني من خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، نظراً لقوة اقتصادها، كما الحال مع ألمانيا أو هولندا أو السويد، وإن كانت هذه الدول الثلاث ستطالَب في القريب بزيادة ما تدفعه سنوياً من أموال للاتحاد الأوروبي، لسد العجز الذي سينتج عن خروج بريطانيا من الاتحاد، ولكن التقرير قلل من أثر هذه الزيادة في اقتصاد هذه البلدان.



«مؤتمر الأطراف الـ16» في الرياض يضع أسساً لمواجهة التصحر والجفاف عالمياً

استطاع «كوب 16 - الرياض» تأسيس مسارات عالمية جديدة لمكافحة التصحر والجفاف (الشرق الأوسط)
استطاع «كوب 16 - الرياض» تأسيس مسارات عالمية جديدة لمكافحة التصحر والجفاف (الشرق الأوسط)
TT

«مؤتمر الأطراف الـ16» في الرياض يضع أسساً لمواجهة التصحر والجفاف عالمياً

استطاع «كوب 16 - الرياض» تأسيس مسارات عالمية جديدة لمكافحة التصحر والجفاف (الشرق الأوسط)
استطاع «كوب 16 - الرياض» تأسيس مسارات عالمية جديدة لمكافحة التصحر والجفاف (الشرق الأوسط)

بعد أسبوعين من المباحثات المكثفة، وضع «مؤتمر الأطراف السادس عشر (كوب 16)» لـ«اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر» الذي يعدّ الأكبر والأوسع في تاريخ المنظمة واختتم أعماله مؤخراً بالعاصمة السعودية الرياض، أسساً جديدة لمواجهة التصحر والجفاف عالمياً، حيث شهد المؤتمر تقدماً ملحوظاً نحو تأسيس نظام عالمي لمكافحة الجفاف، مع التزام الدول الأعضاء باستكمال هذه الجهود في «مؤتمر الأطراف السابع عشر»، المقرر عقده في منغوليا عام 2026.

وخلال المؤتمر، أُعلن عن تعهدات مالية تجاوزت 12 مليار دولار لمكافحة التصحر وتدهور الأراضي والجفاف، مع التركيز على دعم الدول الأشد تضرراً، كما شملت المخرجات الرئيسية إنشاء تجمع للشعوب الأصلية وآخر للمجتمعات المحلية، إلى جانب إطلاق عدد من المبادرات الدولية الهادفة إلى تعزيز الاستدامة البيئية.

وشهدت الدورة السادسة عشرة لـ«مؤتمر الأطراف» مشاركة نحو 200 دولة من جميع أنحاء العالم، التزمت كلها بإعطاء الأولوية لإعادة إصلاح الأراضي وتعزيز القدرة على مواجهة الجفاف في السياسات الوطنية والتعاون الدولي، بوصف ذلك استراتيجية أساسية لتحقيق الأمن الغذائي والتكيف مع تغير المناخ.

ووفق تقرير للمؤتمر، فإنه جرى الاتفاق على «مواصلة دعم واجهة العلوم والسياسات التابعة لـ(اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر) من أجل تعزيز عمليات اتخاذ القرار، بالإضافة إلى تشجيع مشاركة القطاع الخاص من خلال مبادرة (أعمال تجارية من أجل الأرض)».

ويُعدّ «مؤتمر الأطراف السادس عشر» أكبر وأوسع مؤتمر لـ«اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر» حتى الآن، حيث استقطب أكثر من 20 ألف مشارك من مختلف أنحاء العالم، بمن فيهم نحو 3500 ممثل عن منظمات المجتمع المدني. كما شهد المؤتمر أكثر من 600 فعالية ضمن إطار أول أجندة عمل تهدف إلى إشراك الجهات غير الحكومية في أعمال الاتفاقية.

استدامة البيئة

وقدم «مؤتمر الأطراف السادس عشر» خلال أعماله «رسالة أمل واضحة، تدعو إلى مواصلة العمل المشترك لتحقيق الاستدامة البيئية». وأكد وزير البيئة السعودي، عبد الرحمن الفضلي، أن «الاجتماع قد شكّل نقطة فارقة في تعزيز الوعي الدولي بالحاجة الملحة لتسريع جهود إعادة إصلاح الأراضي وزيادة القدرة على مواجهة الجفاف». وأضاف: «تأتي استضافة المملكة هذا المؤتمر المهم امتداداً لاهتمامها بقضايا البيئة والتنمية المستدامة، وتأكيداً على التزامها المستمر مع الأطراف كافة من أجل المحافظة على النظم البيئية، وتعزيز التعاون الدولي لمكافحة التصحر وتدهور الأراضي، والتصدي للجفاف. ونأمل أن تسهم مخرجات هذه الدورة في إحداث نقلة نوعية تعزز الجهود المبذولة للمحافظة على الأراضي والحد من تدهورها، وبناء القدرات لمواجهة الجفاف، والإسهام في رفاهية المجتمعات في مختلف أنحاء العالم».

التزامات مالية تاريخية لمكافحة التصحر والجفاف

وتطلبت التحديات البيئية الراهنة استثمارات ضخمة، حيث قدرت «اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر» الحاجة إلى 2.6 تريليون دولار بحلول عام 2030 لإصلاح أكثر من مليار هكتار من الأراضي المتدهورة. ومن بين أبرز التعهدات المالية خلال المؤتمر «شراكة الرياض العالمية لمواجهة الجفاف» حيث جرى تخصيص 12.15 مليار دولار لدعم 80 دولة من الأشد ضعفاً حول العالم، و«مبادرة الجدار الأخضر العظيم»، حيث تلقت دعماً مالياً بقيمة 11 مليون يورو من إيطاليا، و3.6 مليون يورو من النمسا، لتعزيز جهود استصلاح الأراضي في منطقة الساحل الأفريقي، وكذلك «رؤية المحاصيل والتربة المتكيفة» عبر استثمارات بقيمة 70 مليون دولار لدعم أنظمة غذائية مستدامة ومقاومة للتغير المناخي.

وأكدت نائبة الأمين العام للأمم المتحدة، أمينة محمد: «عملنا لا ينتهي مع اختتام (مؤتمر الأطراف السادس عشر). علينا أن نستمر في معالجة التحديات المناخية؛ وهذه دعوة مفتوحة للجميع لتبني قيم الشمولية، والابتكار، والصمود. كما يجب إدراج أصوات الشباب والشعوب الأصلية في صلب هذه الحوارات، فحكمتهم وإبداعهم ورؤيتهم تشكل أسساً لا غنى عنها لبناء مستقبل مستدام، مليء بالأمل المتجدد للأجيال المقبلة».

مبادرات سعودية

لأول مرة، يُعقد «مؤتمر الأطراف» في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، مما أتاح فرصة لتسليط الضوء على التحديات البيئية الخاصة بالمنطقة. وضمن جهودها القيادية، أعلنت السعودية عن إطلاق 5 مشروعات بيئية بقيمة 60 مليون دولار ضمن إطار «مبادرة السعودية الخضراء»، وإطلاق مرصد دولي لمواجهة الجفاف، يعتمد على الذكاء الاصطناعي؛ لتقييم وتحسين قدرات الدول على مواجهة موجات الجفاف، ومبادرة لرصد العواصف الرملية والترابية، لدعم الجهود الإقليمية بالتعاون مع «المنظمة العالمية للأرصاد الجوية».

دعم الشعوب الأصلية والشباب

وفي خطوة تاريخية، أنشأ «مؤتمر (كوب 16) الرياض» تجمعاً للشعوب الأصلية والمجتمعات المحلية لضمان تمثيلهم في صنع القرار بشأن إدارة الأراضي والجفاف. وفي هذا السياق، قال أوليفر تيستر، ممثل الشعوب الأصلية: «حققنا لحظة فارقة في مسار التاريخ، ونحن واثقون بأن أصواتنا ستكون مسموعة»، كما شهد المؤتمر أكبر مشاركة شبابية على الإطلاق، دعماً لـ«استراتيجية مشاركة الشباب»، التي تهدف إلى تمكينهم من قيادة المبادرات المناخية.

تحديات المستقبل... من الرياض إلى منغوليا

ومع اقتراب «مؤتمر الأطراف السابع عشر» في منغوليا عام 2026، أقرّت الدول بـ«ضرورة إدارة المراعي بشكل مستدام وإصلاحها؛ لأنها تغطي نصف الأراضي عالمياً، وتعدّ أساسية للأمن الغذائي والتوازن البيئي». وأكد الأمين التنفيذي لـ«اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر»، إبراهيم ثياو: «ناقشنا وعاينّا الحلول التي باتت في متناول أيدينا. الخطوات التي اتخذناها اليوم ستحدد ليس فقط مستقبل كوكبنا؛ بل أيضاً حياة وسبل عيش وفرص أولئك الذين يعتمدون عليه». كما أضاف أن هناك «تحولاً كبيراً في النهج العالمي تجاه قضايا الأرض والجفاف»، مبرزاً «التحديات المترابطة مع قضايا عالمية أوسع مثل تغير المناخ، وفقدان التنوع البيولوجي، والأمن الغذائي، والهجرة القسرية، والاستقرار العالمي»