أجواء التفاؤل بقرب تشكيل الحكومة تنقلب إلى «ترقب حذر»

ستريدا جعجع وصفت كلام باسيل عن المصالحة مع «المردة» بـ«المليء بالحقد»

الرئيس سعد الحريري يترأس اجتماعاً لهيئات اقتصادية أمس وإلى اليمين يبدو نائب رئيس الحكومة غسان حاصباني (دالاتي ونهرا)
الرئيس سعد الحريري يترأس اجتماعاً لهيئات اقتصادية أمس وإلى اليمين يبدو نائب رئيس الحكومة غسان حاصباني (دالاتي ونهرا)
TT

أجواء التفاؤل بقرب تشكيل الحكومة تنقلب إلى «ترقب حذر»

الرئيس سعد الحريري يترأس اجتماعاً لهيئات اقتصادية أمس وإلى اليمين يبدو نائب رئيس الحكومة غسان حاصباني (دالاتي ونهرا)
الرئيس سعد الحريري يترأس اجتماعاً لهيئات اقتصادية أمس وإلى اليمين يبدو نائب رئيس الحكومة غسان حاصباني (دالاتي ونهرا)

بعد أيام على أجواء التفاؤل التي حاول المعنيّون بتشكيل الحكومة بثّها أتى كلام وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال جبران باسيل ليضع علامة استفهام حول خلفية هذا التفاؤل ومدى إمكانية تشكيل الحكومة في وقت قريب، خاصة أن مواقفه أكّدت أن العقد لا تزال على حالها وتحديدا ما تعرف بـ«العقدتين الدرزية والمسيحية» بل أضيفت إليها عقدة جديدة تمثّلت بمطالبة باسيل بوزارة الأشغال التي يفترض أن هناك اتفاقا على أن تكون من حصة «تيار المردة».
وفيما رأت مصادر حزب «القوات اللبنانية» «أن كلام باسيل الذي جدّد فيه مطالبه الوزارية أعاد الأمور إلى ما قبل نقطة الصفر» رفضت مصادر رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري هذا الوصف مؤكدة لـ«الشرق الأوسط» «أنه لا عودة إلى الوراء لكن يمكن القول بأن هناك ترقّبا حذرا، وفي النهاية هناك رئيس للجمهورية هو الذي له الكلمة الفصل وكلّ كلام آخر هو مجرّد رأي».
والانطباع نفسه لم يختلف بالنسبة إلى «حركة أمل»، حيث وصف مصدر نيابي في كتلة «التنمية والتحرير» الوضع بعد كلام باسيل بـ«غير الإيجابي» قائلا لـ«الشرق الأوسط»: «كأنّ باسيل يقصد في كل مرة نسف كل تقدّم يتحقّق في مسار المفاوضات عبر وضع عراقيل جديدة لتعقيد الأمور». سائلا «هل حصول باسيل على وزارة الأشغال ينهي الأزمة في البلد؟ ما نراه هو حرتقات لأهداف حزبية وطائفية ستنعكس سلبا على الجميع». وأمل أن يحمل الحريري كما كان متوقعا في اليومين المقبلين تشكيلة حكومية إلى رئيس الجمهورية تخرج البلاد من المأزق التي تعيش فيه.
كما سجّل ردّا لافتا من قبل النائب في «القوات» ستريدا جعجع على وزير الخارجية واصفة كلامه بـ«المليء بالحقد والشرّ» عندما تحدث عن المصالحة بين «تيار المردة» و«القوات»، معتبرة في الوقت عينه أنه يضع معايير تناسبه بهدف تقليص حجم تمثيل «القوات» في الحكومة.
وأوضحت في بيان لها نقاطا عدة، مؤكدة أن «اتفاق معراب» وخلافاً لما تحدث عنه باسيل، ينص على «أن تتولى «القوات» و«التيار الوطني الحر» مناصفة المقاعد الوزارية المخصصة للطائفة المسيحية، بما فيها السيادية منها والخدماتية، والموزعة على المذاهب المسيحية المختلفة، وفي كل حكومات العهد، وذلك بعد احتساب الحصة المسيحية التي جرت العادة أن تكون لرئيس الجمهورية».
ووصفت ستريدا جعجع كلام باسيل بأنه يرغب في أن تتولى «القوات» حقيبة سيادية لكن الاعتراض جاء من مختلف القوى السياسية بـ«التضليل» مشيرة إلى أنه في «استعراض مواقف كل الأطراف منذ بدء تشكيل الحكومة تأكيد أنه لا يوجد أي موقف معارض لتسلم القوات حقيبة سيادية باستثناء الوزير باسيل».
وأضافت «إذا سلمنا جدلا بمقياس وزير لكل 5 نواب يكون بادئ ذي بدء لرئيس الجمهورية كما هو متفق عليه في اتفاق معراب 3 وزراء في حكومة ثلاثينية ويكون لباسيل 4 وزراء لأن نواب «تيار الوطني الحر» هم عشرون نائبا وسائر النواب هم لرئيس الجمهورية وحصة الرئيس قد احتسبت أساسا بثلاثة وزراء».
وفي الإطار نفسه، قالت مصادر «القوات» لـ«الشرق الأوسط»: يبدو واضحا أن باسيل مصمم على عرقلة تشكيل الحكومة. الأسبوع الماضي نسف إيجابية الحريري بعد لقائه عون والآن عاد ليقوم بالخطوة نفسها محاولا نسف كل ما عمل ويعمل عليه الرئيس المكلف خلال هذا الأسبوع محاولا تدوير الزوايا والقفز فوق العراقيل. وأضافت «كلامه أثبت أنه لا يريد حكومة عبر تمسكه بالعقد نفسها، إن حيال حصة القوات أو فيما يتعلّق بالحصة الدرزية رغم أن رئيس حزب الديمقراطي اللبناني، النائب طلال أرسلان نفسه قدّم تنازلا، بل حتى وأضاف إليها عقدة جديدة عبر مطالبته بوزارة الأشغال التي كان شبه متفق عليها بأنها من حصة «تيار المردة»، كما أنه يدخل نفسه في صلاحيات رئيس الحكومة المكلف من باب فرض المعايير والشروط».
ونقلت «وكالة الأنباء المركزية» عن مصادر مقرّبة من رئيس تيار «المردة»، الوزير السابق سليمان فرنجية، ردا على مطالبة باسيل بالأشغال إلى جانب الطاقة، قولها «متمسكون بـ«الأشغال» ونرفض أن نخضع لابتزاز أحد». وأضافت «بتنا في مرحلة متقدمة من التفاوض والوزير باسيل يضع أوراقه كافة على الطاولة، في محاولة لرفع سقف مكاسبه التي لن تكون على حسابنا».
وأوضحت «حلفاؤنا وعدونا بـ«الأشغال»، ونحن متمسكون بها حتى إشعار آخر، وأي عرض بديل يجب أن يكون محصورا بـ«الطاقة» أو «الاتصالات» ولن نقبل بأقل من ذلك»، مضيفة «مطالبنا في عهدة الرئيس الحريري الذي نتواصل معه بشكل دائم، والمفاوضات وصلت إلى مرحلة متقدمة وعند حصول أي عرض جديد ينسجم مع طروحاتنا، سنختار الأنسب بدعم من حلفائنا»، مؤكدة في الوقت نفسه «أن «المردة» لن يكون خارج الحكومة بأي شكل من الأشكال».



رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
TT

رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

حظيت رسائل «طمأنة» جديدة أطلقها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال احتفال الأقباط بـ«عيد الميلاد»، وأكد فيها «قوة الدولة وصلابتها»، في مواجهة أوضاع إقليمية متوترة، بتفاعل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي.

وقال السيسي، خلال مشاركته في احتفال الأقباط بعيد الميلاد مساء الاثنين، إنه «يتابع كل الأمور... القلق ربما يكون مبرراً»، لكنه أشار إلى قلق مشابه في الأعوام الماضية قبل أن «تمر الأمور بسلام».

وأضاف السيسي: «ليس معنى هذا أننا كمصريين لا نأخذ بالأسباب لحماية بلدنا، وأول حماية فيها هي محبتنا لبعضنا، ومخزون المحبة ورصيدها بين المصريين يزيد يوماً بعد يوم وهو أمر يجب وضعه في الاعتبار».

السيسي يحيّي بعض الأقباط لدى وصوله إلى قداس عيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

وللمرة الثانية خلال أقل من شهر، تحدث الرئيس المصري عن «نزاهته المالية» وعدم تورطه في «قتل أحد» منذ توليه المسؤولية، قائلاً إن «يده لم تتلوث بدم أحد، ولم يأخذ أموال أحد»، وتبعاً لذلك «فلا خوف على مصر»، على حد تعبيره.

ومنتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي، قال السيسي في لقاء مع إعلاميين، إن «يديه لم تتلطخا بالدم كما لم تأخذا مال أحد»، في إطار حديثه عن التغييرات التي تعيشها المنطقة، عقب رحيل نظام بشار الأسد.

واختتم السيسي كلمته بكاتدرائية «ميلاد المسيح» في العاصمة الجديدة، قائلاً إن «مصر دولة كبيرة»، مشيراً إلى أن «الأيام القادمة ستكون أفضل من الماضية».

العبارة الأخيرة، التي كررها الرئيس المصري ثلاثاً، التقطتها سريعاً صفحات التواصل الاجتماعي، وتصدر هاشتاغ (#مصر_دولة_كبيرة_أوي) «التريند» في مصر، كما تصدرت العبارة محركات البحث.

وقال الإعلامي المصري، أحمد موسى، إن مشهد الرئيس في كاتدرائية ميلاد المسيح «يُبكي أعداء الوطن» لكونه دلالة على وحدة المصريين، لافتاً إلى أن عبارة «مصر دولة كبيرة» رسالة إلى عدم مقارنتها بدول أخرى.

وأشار الإعلامي والمدون لؤي الخطيب، إلى أن «التريند رقم 1 في مصر هو عبارة (#مصر_دولة_كبيرة_أوي)»، لافتاً إلى أنها رسالة مهمة موجهة إلى من يتحدثون عن سقوط أو محاولة إسقاط مصر، مبيناً أن هؤلاء يحتاجون إلى التفكير مجدداً بعد حديث الرئيس، مؤكداً أن مصر ليست سهلة بقوة شعبها ووعيه.

برلمانيون مصريون توقفوا أيضاً أمام عبارة السيسي، وعلق عضو مجلس النواب، محمود بدر، عليها عبر منشور بحسابه على «إكس»، موضحاً أن ملخص كلام الرئيس يشير إلى أنه رغم الأوضاع الإقليمية المعقدة، ورغم كل محاولات التهديد، والقلق المبرر والمشروع، فإن مصر دولة كبيرة وتستطيع أن تحافظ علي أمنها القومي وعلى سلامة شعبها.

وثمّن عضو مجلس النواب مصطفى بكري، كلمات السيسي، خاصة التي دعا من خلالها المصريين إلى التكاتف والوحدة، لافتاً عبر حسابه على منصة «إكس»، إلى مشاركته في الاحتفال بعيد الميلاد الجديد بحضور السيسي.

وربط مصريون بين عبارة «مصر دولة كبيرة» وما ردده السيسي قبل سنوات لقادة «الإخوان» عندما أكد لهم أن «الجيش المصري حاجة كبيرة»، لافتين إلى أن كلماته تحمل التحذير نفسه، في ظل ظهور «دعوات إخوانية تحرض على إسقاط مصر

وفي مقابل الكثير من «التدوينات المؤيدة» ظهرت «تدوينات معارضة»، أشارت إلى ما عدته تعبيراً عن «أزمات وقلق» لدى السلطات المصرية إزاء الأوضاع الإقليمية المتأزمة، وهو ما عدّه ناجي الشهابي، رئيس حزب «الجيل» الديمقراطي، قلقاً مشروعاً بسبب ما تشهده المنطقة، مبيناً أن الرئيس «مدرك للقلق الذي يشعر به المصريون».

وأوضح الشهابي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أنه «رغم أن كثيراً من الآراء المعارضة تعود إلى جماعة الإخوان وأنصارها، الذين انتعشت آمالهم بعد سقوط النظام السوري، فإن المصريين يمتلكون الوعي والفهم اللذين يمكنّانهم من التصدي لكل الشرور التي تهدد الوطن، ويستطيعون التغلب على التحديات التي تواجههم، ومن خلفهم يوجد الجيش المصري، الأقوى في المنطقة».

وتصنّف السلطات المصرية «الإخوان» «جماعة إرهابية» منذ عام 2013، حيث يقبع معظم قيادات «الإخوان»، وفي مقدمتهم المرشد العام محمد بديع، داخل السجون المصرية، بعد إدانتهم في قضايا عنف وقتل وقعت بمصر بعد رحيل «الإخوان» عن السلطة في العام نفسه، بينما يوجد آخرون هاربون في الخارج مطلوبون للقضاء المصري.

بينما عدّ العديد من الرواد أن كلمات الرئيس تطمئنهم وهي رسالة في الوقت نفسه إلى «المتآمرين» على مصر.