سكان عفرين يتهمون فصائل موالية لأنقرة بانتهاكات

TT

سكان عفرين يتهمون فصائل موالية لأنقرة بانتهاكات

يروي سكان عفرين أنهم يتعرضون لانتهاكات مختلفة على أيدي فصائل سورية موالية لأنقرة منذ سيطرتها على المنطقة ذات الغالبية الكردية قبل أشهر، متحدثين عن عمليات خطف مقابل فدية، واستيلاء على منازل وممتلكات واعتقالات وتعذيب.
ويسرد سكان التقت بهم وكالة «الصحافة الفرنسية»، تفاصيل عن مضايقات واسعة يعانون منها في مدينة عفرين، تدفعهم إلى ملازمة منازلهم وعدم الخروج إلا في حالة الضرورة. وقال أحمد (55 عاماً): «سرقوا بيت ابني ولم يتركوا شيئاً. حتى الثياب أخذوها، كما أخذوا دراجتي النارية و20 عبوة زيت واستولوا على محل المشروبات (الروحية) الذي كنا نملكه».
وسيطرت القوات التركية مع فصائل سورية موالية لها على منطقة عفرين في مارس (آذار) الماضي، إثر عملية عسكرية ضد المقاتلين الأكراد استمرت نحو شهرين.
ومنذ ذلك الحين، وثقت منظمات حقوقيّة عدة، بينها منظمة العفو الدولية، انتهاكات واسعة وعمليات نهب.
وأجبرت العمليات العسكرية، وفق الأمم المتحدة، نصف عدد السكان البالغ 320 ألفاً، بينهم أحمد وعائلته، على الفرار. ولم يتمكن العدد الأكبر منهم من العودة إلى منازلهم.
أما من تمكنوا من العودة، فقد وجدوا أن منازلهم تحولت إلى مأوى لسكان تم إجلاؤهم من الغوطة الشرقية قرب دمشق، أو تعرضت للنهب و«جُردت من الأثاث والأجهزة الكهربائية وكل أدوات الزينة»، وفق ما أوردت لجنة التحقيق حول سوريا التابعة للأمم المتحدة في تقرير الشهر الماضي.
وروى سليم (50 عاماً)، الذي بقي في عفرين مع عائلته، أن المسلحين «عندما دخلوا إلى المدينة، لم يتركوا آلية إلا وسرقوها، حتى كابلات الكهرباء نزعوها» لبيعها.
واضطر سكان آخرون، وفق لجنة التحقيق الدولية إلى إعادة شراء سياراتهم بعد سلبها منهم، مقابل دفع مبلغ يراوح بين ألفين و5 آلاف دولار. كما دفع البعض رشى للمقاتلين على الحواجز مقابل السماح لهم بالعودة إلى قراهم.
ويواجه سليم صعوبة في الوصول إلى حقول الزيتون التي تحيط بعفرين من كل ناحية وصوب وتعرف بجودة زيتها. وقال: «إذا لم تحصل على ورقة من المجلس المحلي (الذي أنشأته أنقرة والفصائل لإدارة المنطقة)، لا يمكنك أن تدخل إلى أرضك. لكن الحصول على هذه الموافقة لا يعني بالضرورة أن من يحملها بات بأمان، فقد تلاقيك مجموعة (مسلحة) على الطريق إلى أرضك وتخطفك مقابل طلب فدية تتراوح بين 15 و50 ألف دولار».
ووثقت الأمم المتحدة والمرصد السوري لحقوق الإنسان حصول عمليات خطف مقابل فدية. وأفاد المرصد بقيام فصيل موالٍ لتركيا بخطف 40 شخصاً خلال الأسابيع الثلاثة الأخيرة، واقتيادهم إلى «مراكز خطف» تابعة له.
وبحسب المرصد، يتعرض «المخطوفون في تلك المراكز للتعذيب والضرب قبل أن يُطالَب ذووهم بدفع مبالغ مالية مقابل الإفراج عنهم».
وغالباً ما تتهم الفصائل السكان الأكراد بالانتماء إلى «حزب الاتحاد الديمقراطي» الذي تعد «وحدات حماية الشعب» جناحه العسكري، أو إلى «حزب العمال الكردستاني» الذي تعده أنقرة «إرهابياً» أو حتى بموالاة النظام.
وتنفي تركيا الاتهامات حول حصول أي انتهاكات، بينما تؤكد قيادة الفصائل أن مرتكبي الجرائم والسرقات يعاقبون بانتظام.



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.