معركة الحقائب انطلقت في لبنان: الصحة لـ«حزب الله» وباسيل وزير دولة لشؤون رئاسة الجمهورية

نتائج جهود رئيس الحكومة المكلف ستظهر الأسبوع المقبل

TT

معركة الحقائب انطلقت في لبنان: الصحة لـ«حزب الله» وباسيل وزير دولة لشؤون رئاسة الجمهورية

رغم أجواء التفاؤل التي تحيط بمسار تشكيل الحكومة لا تزال أطراف العقدتين الرئيسيتين الدرزية والمسيحية تقول إنها لم تتلقَّ حتى الآن أي طرح رسمي حول الحقائب الوزارية التي بدأت المعارك حولها بين الفرقاء، ودعت هذه الأطراف إلى ترقّب ما ستُظهره نتائج المفاوضات الأسبوع المقبل.
وأمس، أكّد كل من حزب «القوات اللبنانية» و«الحزب التقدمي الاشتراكي» أنّ رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري لم يقدّم إليهما إلى الآن أي صيغة رسمية. ووصف مصدر في «القوات» الأجواء بـ«لا سلبية ولا إيجابية» وقال لـ«الشرق الأوسط»: «هناك محاولة جديدة من الحريري لحلّ العقد، ونتائجها ستظهر الأسبوع المقبل، إما أن تنجح وإما أن تفشل وتعود الأمور إلى ما كانت عليه في السابق».
وأوضح: «يمكن القول: إننا لم نتلقَّ لغاية الآن طرحاً رسمياً، لكنّ هناك نقاشاً بشكل غير مباشر حول الوزارات الثلاث التي سيحصل عليها (القوات) إضافة إلى نائب رئيس الحكومة». مع العلم أنه ووفق المعلومات التي تم تداولها أخيراً فإن حصة «القوات حسب الصيغة التي يعمل عليها ستتألف من أربعة وزراء: نائب رئيس الحكومة وثلاث وزارات، على الأرجح تتراوح بين وزارة دولة ووزارة الشؤون الاجتماعية ووزارة الثقافة ووزارة التربية، وقد أتت ردة فعل (القوات) عليها سلبية».
وفي الإطار نفسه، قال النائب في «القوات» جورج عدوان، إن «الرئيس المكلف يتعرض لعراقيل عديدة وللتعدي على صلاحياته»، سائلاً: «ما دوره إذا أرادوا أن يحددوا له شكلَ الحكومة التي يريدون»؟ وأضاف: «لن نقبل بحكومة لا تنجز ولا نتمكن أن ننتج داخلها»، مشيراً إلى أنه لم يُعرض على «القوات» طرح واضح بالحقائب حتى الآن ولا تصور واضح، قائلاً: «إذا كان العرض مناسباً ندعمه، وإن لم يكن فسنأخذ الموقف الذي يناسبنا». وأكد أن «القوات» تضغط مع الحريري وتشد على يده إلا أن العراقيل والعقبات لا تزال تعترضه».
وما يقوله ممثلو «القوات» لا يختلف عما أعلنه «الاشتراكي» على لسان النائب في «اللقاء الديمقراطي» بلال عبد الله. واعتبر عبد الله في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «العقدة الأهم التي يعمل عليها الآن هي العقدة المسيحية خصوصاً بعد مواقف رئيس (الاشتراكي) النائب السابق وليد جنبلاط التي أبدى خلالها استعداده للتنازل». وربط الحسم في حصة «الاشتراكي» الذي كان يتمسّك بالحصول على الوزراء الدروز الثلاثة، بما ستؤول إليه نتائج المفاوضات خصوصاً في توزيع الوزارات بين «القوات» و«التيار الوطني الحر» وحصّة رئيس الجمهورية.
وفيما لفت إلى أنه «لم يعرض على (الاشتراكي) حتى الآن أي طرح واضح بالنسبة إلى المقعد الدرزي الثالث كما الحقائب»، دعا عبد الله كل الأطراف «إلى التنازل على غرار ما فعله جنبلاط، وليس فقط دعوة الآخرين إلى التنازل وتحميل غيرهم مسؤولية تأخير التأليف». وأكد أن تنازل «الاشتراكي» لن يحصل إذا بقي الآخرون متمسكين بمطالبهم ومعاييرهم التي يطبقونها على أنفسهم ويرفضونها لغيرهم. وعن الصيغة التي يتم التداول بها لجهة حصول «الاشتراكي» على وزيرين درزيين ووزير مسيحي أو سنّي، وعما إذا كانت مقبولة بالنسبة إليه، قال عبد الله: «إذا أتى هذا الأمر في سياق تواضع كل القوى وتدوير الزوايا لتسهيل مهمة الرئيس المكلّف لن يكون لدينا مانع، أما إذا بقي الآخرون على مواقفهم فسيكون السير بها صعباً».
في المقابل وفي تفاصيل توزيع الحقائب، نقلت «وكالة الأنباء المركزية» عن مصادر قولها إنها باتت شبه محسومة، والنقاش الدائر حالياً يتمحور حول طبيعة الحقائب التي ستذهب لكل فريق، علماً بأن الحريري كان يفضّل إبقاء التوزيع كما هو في حكومة تصريف الأعمال.
من جهة أخرى، تؤكد المصادر أن حقيبة «الصحة» حُسمت لـ«حزب الله» الذي اختار لتوليها طبيباً غير حزبي من بعلبك، مشيرة إلى أن «الحزب» لا يريد أن «يورّط» لبنان، لذا سيسمي وزراء غير حزبيين للوزارات التي سيشغلها. أما «المستقبل» فسيحتفظ بالداخلية والاتصالات والعمل، ويميل «التيار» إلى توزير سيدات ربما في الطاقة والخارجية، فيما يتردّد أن وزير الخارجية جبران باسيل يرغب في الحصول على وزارة الدولة لشؤون رئاسة الجمهورية.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».