شروط أميركية على المستثمرين الأجانب لحماية قطاع التكنولوجيا

واشنطن: عاطف عبد اللطيف

TT

شروط أميركية على المستثمرين الأجانب لحماية قطاع التكنولوجيا

أصدرت وزارة الخزانة الأميركية، أول من أمس، قواعد جديدة أكثر صرامة لإحكام السيطرة على الاستثمارات الأجنبية في القطاعات التي ترتبط بالأمن القومي الأميركي. وتشترط الإجراءات الجديدة على جميع المستثمرين الأجانب، خاصة في قطاع التكنولوجيا، تقديم مراجعات للجنة الاستثمار الأجنبي، لأغراض الأمن القومي، أو مواجهة غرامات تصل إلى قيم معاملاتهم.
وتعتبر اللوائح الجديدة، التي تم إصدارها في إطار قانون تشديد مراجعات الاستثمار الأجنبي، أكثر توسعا مما نادى به البعض. ومن المتوقع أن يتم تقديم عدد غير مسبوق من المراجعات إلى لجنة الاستثمار الأجنبي خلال الفترة المقبلة. وسيتم تطبيق اللوائح الجديدة، بشكل مؤقت، خلال 30 يوما، وستحل محلها لوائح دائمة بعد نحو 15 شهرا من تاريخ التطبيق.
وتشترط اللوائح على جميع المستثمرين الأجانب أن ينبّهوا لجنة الاستثمار الأجنبي، التي تقودها وزارة الخزانة، إلى جميع الصفقات التي تتيح لهم الوصول إلى التكنولوجيا الحيوية في 27 صناعة داخل الولايات المتحدة، بما في ذلك صناعات المواصلات والاتصالات والدفاع، التي تعتقد اللجنة أنها يمكن أن تهدد الأمن القومي الأميركي وأن تؤدي إلى التفوق التكنولوجي على الولايات المتحدة.
وطبقا للوائح المعمول بها سابقا، كانت لجنة الاستثمار الأجنبي تركز فقط على صفقات الحصص والاندماج، التي يتولى فيها المستثمرون الأجانب حصصا في الشركات الأميركية، بينما ظل إجراء تقديم المراجعات أمرا اختياريا بالنسبة للمستثمرين الأجانب. وكان يتم تحفيز المستثمرين على تقديم طلب للحصول على موافقة لجنة الاستثمار، بصورة طوعية، تجنّبا لأي مخاطر محتملة إذا قامت اللجنة بفحص ومراجعة الصفقات.
وتوسع القواعد الجديدة من تفويض لجنة الاستثمار الحالي الذي تراقب بمقتضاه الاستثمارات الأجنبية غير المسيطرة في الولايات المتحدة، والذي يمنح الأشخاص الأجانب إمكانية الوصول إلى المعلومات الفنية غير العامة، أو حقوق العضوية أو المراقبة في مجلس إدارة الشركات، أو أي مشاركة أخرى، بخلاف المشاركة عبر التصويت طبقا لحصة الأسهم، في صنع القرارات الرئيسية المتعلقة بالتكنولوجيا الحرجة في تلك الشركات.
ويعتقد المسؤولون أن كثيرا من الصفقات التي تنطوي على تكنولوجيا أميركية مهمة تمت الموفقة عليها في ظل اللوائح السابقة، ما شكل تهديدا للأمن القومي، خاصة سلسلة صفقات التكنولوجيا الصينية التي تمت مؤخرا في وادي السليكون. وتشترط اللوائح الجديدة على جميع المستثمرين الأجانب، سواء أكانوا مدعومين من حكومات أجنبية أم غير مدعومين، أن يقدموا مراجعات بجميع الصفقات التي يقومون بها وتدخل فيها أنواع التكنولوجيا الحرجة. وبرغم أن الاستثمارات الصينية والروسية تتصدر مخاوف السلطات الأميركية، فإن اللوائح الجديدة لم تذكر هذه البلدان بشكل صريح.
وقال مستثمرون إنه في الوقت الذي يمثل فيه مسار الإجراءات الجديدة نهجا مختلفا بشكل حاد تجاه الاستثمار الأجنبي في الولايات المتحدة، فإن النطاق الحقيقي لهذه القواعد وتأثيرها العملي على الأعمال التجارية لن يتم الكشف عنه إلا خلال عملية الكتابة التنظيمية لها. فعلى سبيل المثال، تشترط اللوائح أن يقدم المستثمرون مراجعات مختصرة لصفقات الاستثمارات غير المسيطرة، إذا كانت الصفقات مدعومة من قبل حكومات أجنبية وتندرج فيها تكنولوجيا حرجة. وفي الوقت نفسه، ترك التشريع الجديد للجنة الاستثمار حرية الاختيار لتحديد أنواع الصفقات الأخرى التي يجب على أصحابها تقديم مراجعات.
ووقّع الرئيس الأميركي دونالد ترمب على هذه اللوائح الجديدة، في أغسطس (آب) الماضي، لتصبح قانونا، وهو جزء من قانون التفويض السنوي الأوسع نطاقا لوزارة الدفاع الأميركية «البنتاغون». وتحظى الإجراءات الجديدة بدعم واسع من الحزبين في الكونغرس، وتم تقديمها تحت قيادة كل من السيناتور الجمهوري جون كورنين (تكساس)، والنائب الجمهوري روبرت بيتنجر (شمال كارولاينا)، إلا أن بعض الأعضاء في الكونغرس سعوا إلى إبقاء الإجراءات الجديدة في أضيق نطاق لمخاوف تتعلق بتراجع الاستثمارات الأجنبية، التي تعتبر مصدرا رئيسيا للنمو الاقتصادي وخلق فرص العمل في الولايات المتحدة.
وتزامنت هذه الإجراءات مع تسلم الولايات المتحدة عميلا صينيا أوقف في بلجيكا، ووجهت إليه تهمة محاولة الاستيلاء على أسرار صناعية لشركات طيران أميركية، وفق ما أعلنت وزارة العدل الأربعاء. وأوردت الوزارة في بيان أن عميلا في الاستخبارات الصينية اسمه يانجون زو أوقف في بلجيكا في الأول من أبريل (نيسان) وسُلم الثلاثاء للولايات المتحدة حيث تم اتهامه بـ«محاولة القيام بتجسس اقتصادي».
ويُتهم الصيني بأنه سعى، اعتبارا من 2013 حتى توقيفه، إلى الحصول على معلومات عن كثير من شركات الطيران، بينها «جنرال إلكتريك أفييشن». وقد تعرف إلى خبراء تستخدمهم هذه الشركات ودعاهم إلى الصين بحجة المشاركة في مؤتمرات جامعية.
وستتم محاكمته في سينسيناتي بولاية أوهايو حيث مقر «جنرال إلكتريك أفييشن». وهو يواجه عقوبة السجن حتى 15 عاما.
وقال جون ديمرز، مساعد وزير العدل الأميركي لشؤون الأمن القومي: «ليس هذا حادثا معزولا، إنه يندرج في إطار السياسة الاقتصادية للصين التي تتطور على حساب الولايات المتحدة». وأضاف: «لا يمكننا أن نقبل بأن تحصد دولة ما لا تزرعه».
ونهاية سبتمبر (أيلول)، أوقف شرطيون أميركيون في شيكاغو صينيا يشتبه بأن استخبارات بلاده كلفته جمع معلومات عن 8 أشخاص، يعمل بعضهم في قطاع الدفاع بموجب عقود. ويبدو أن أجهزة الاستخبارات الصينية أرادت أن تشتري عبره وثائق من الأشخاص الثمانية المولودين في تايوان أو الصين، الذين باتوا مواطنين أميركيين.
وتستمر الحرب التجارية بين واشنطن وبكين، رغم أن الرئيس دونالد ترمب أجرى تقاربا ملحوظا مع الصين ورئيسها شي جينبينغ في مستهل ولايته العام 2017.



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».