مسرح كركلا يعود بأبهته إلى باريس مع «ألف ليلة وليلة»

لليلتين، ستعيش باريس أجواء «ألف ليلة وليلة» الأسطورية مع فرقة كركلا الشهيرة التي تعود إليها للمرة الأولى بعد ثماني سنوات من الغياب الذي يرى عبد الحليم كركلا وكذلك ابنه أيفان أنه كان «طويلا» ولكنه «لن يتكرر». والعودة الجديدة ستحل في «قصر المؤتمرات» الذي يستضيف كبريات الأعمال الغنائية والمسرحية الفرنسية والعالمية. وسبق لفرقة ابن بعلبك الذي تخطت شهرته العالم العربي وجالت فرقته على كبريات المدن العالمية من اليابان إلى روسيا والولايات المتحدة ناهيك عن العواصم والمدن العربية أن حلت قبل سنوات في «قصر المؤتمرات» ما يعني أن هذه العودة تحمل الكثير من الحنين.
ليست «ألف ليلة وليلة» مسرحية موسيقية غنائية راقصة عادية. إنها «باليه» بالمعنى الكامل للكلمة. وتعود ولادتها كما روى عبد الحليم وأيفان لـ«الشرق الأوسط»، التي التقتهما أول من أمس، لسنوات خلت عند لقاء الفنان الأب بالفنان الإيطالي زافريلي في جزيرة صقلية وهو من اقترح على مؤسس فرقة كركلا الانطلاق نحو العالمية والاستفادة من الروائع الموسيقية الغربية وإعطاءها «طابعا مستلهما من سحر الشرق». وأضاف أيفان الذي هو اليوم مخرج المسرحية الغنائية المكونة من ثلاث لوحات، أن العمل المقدم في باريس «ليس سردا لقصة شهرزاد والملك شهريار التي يعرفها الجميع ولكنه في الواقع تعبير عن هوية مسرح كركلا الجامعة بين الشرق والغرب». وأضاف أيفان الذي درس في لندن ويتمتع بثقافة تقنية واسعة أن مسرح كركلا «انتقل من المحلية إلى العالمية» حيث إن مسرحية ألف ليلة وليلة تستفيد من موسيقى الفنان العالمي ريمسكي كورساكوف ومن الفنان التاريخي الآخر رافل وورائعته «بوليرو». لذا، فإن موسيقى «ألف ليلة وليلة» عالمية ولكنها مطعمة بالألوان الشرقية من حيث الآلات الشرقية إلى جانب السيمفونية الغربية».
وتنقسم المسرحية الغنائية إلى ثلاث لوحات تنقل المشاهد والسامع من مكان إلى مكان لكن ضمن الفضاء الشرقي - الغربي المتناغم. وبرأي ابن عبد الحليم كركلا الذي تسلم القيادة مع أخته عن والدهما أن المشاهد الغربي ستتعرف أذناه على الأنغام الغربية لدى ريمسكي - كروساكوف ورافيل «لكنها بصيغة جديدة وردة فعله الإيجابية تجعلنا نشعر بالفرح».
ليست المرة الأولى التي تقدم فيها «ألف ليلة وليلة» على مسرح غربي. لكن مع كل عرض ثمة تجديد وتطوير وإضافات: هذا ما يؤكده عبد الحليم وأيفان كركلا وما توافق عليه أليسار المسؤولة عن «الكوريغراف» أي تصميم الرقصات وهي الراقصة الأولى في فرقة كركلا.
يؤكد أيفان أن هوية مسرح كركلا الراقص «مبنية على التقنية الغربية فيما يتعلق بلغة الجسد وذلك بتأثير من مدرسة مارتا غراهام التي كان عبد الحليم أحد تلامذتها». ويضيف أيفان أن النتيجة «تبقى شرقية بحيث إنها تظهر من خلال تقاليدنا الفولكلورية وفي الثياب والموسيقى التي تتجاوز عتبة الموسيقى الاستعراضية». والخلاصة التي يتوصل إليها هي أن المسرحية «تروي قصة أن في الموسيقى أو الحركية أو الثياب» وكل ذلك بالارتكاز إلى أفضل ما توصلت إليه التقنيات المسرحية المعاصرة في الإضاءة والتنقل والحركة والتفاعل بين كافة مكونات المسرحية.
ليلتان استثنائيتان «السبت والأحد» ستعيشهما عاصمة النور مع فرقة كركلا التي ألهبت منذ تأسيسها المشاعر وأطلقت ألوانا جديدة في المسرح الاستعراضي والغنائي. لم تنغلق في الفولكلورية بل إنها اتكأت إليها لتنطلق منها إلى رحاب أوسع، إلى العالمية وما تختزنه من روائع. استفادت من جانب، من القصص والأساطير في منطقتنا لتطورها وتحدثها وتطعمها. وهي في المرحلة الثانية تغرف من الإبداعات العالمية وهذا ليس تقليدا أو انتحالا وإنما تفاعل مع عالم يزداد كل يوم عولمة وتداخلا. وهذا التداخل يبرز بأجل صوره في اللوحات الثلاث التي تتشكل منها مسرحية «ألف ليلة وليلة» التي تعيدنا عبر الموسيقى والصور والرقصات إلى أزمنة خلت ولكنها معاصرة. وهنا المفارقة.