قادة مصر واليونان وقبرص يتعهدون تعزيز التعاون في مجال الطاقة والإرهاب

الرئيس القبرصي (يمين) ورئيس وزراء اليونان والرئيس المصري خلال مؤتمر صحافي في جزيرة كريت أمس (إ.ب.أ)
الرئيس القبرصي (يمين) ورئيس وزراء اليونان والرئيس المصري خلال مؤتمر صحافي في جزيرة كريت أمس (إ.ب.أ)
TT

قادة مصر واليونان وقبرص يتعهدون تعزيز التعاون في مجال الطاقة والإرهاب

الرئيس القبرصي (يمين) ورئيس وزراء اليونان والرئيس المصري خلال مؤتمر صحافي في جزيرة كريت أمس (إ.ب.أ)
الرئيس القبرصي (يمين) ورئيس وزراء اليونان والرئيس المصري خلال مؤتمر صحافي في جزيرة كريت أمس (إ.ب.أ)

جدد قادة مصر واليونان وقبرص، أمس، تأكيدهم دفع مجالات التعاون المشترك بين بلدانهم، خاصة فيما يتعلق بالطاقة والتنقيب عن الغاز الطبيعي وانتقاله في البحر المتوسط، بالإضافة إلى تشكيل «حصن منيع» في مواجهة التطرف والإرهاب.
وفي ختام قمة ثلاثية، تعد السادسة من نوعها خلال أربع سنوات، وحضرها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، ونظيره القبرصي نيكوس أناستاسيادس، ورئيس وزراء اليونان أليكسيس تسيبراس، أمس في جزيرة كريت اليونانية، وقع وزراء ومسؤولون من الجانبين «اتفاقيات تعاون مشتركة في عدة مجالات، مثل الصناعة والتجارة».
وخلال كلمته في ختام قمة التعاون الثلاثي، قال السيسي إن «آلية التعاون بين دولنا الثلاث باتت تمثل أساساً استراتيجياً راسخاً في المنطقة، وانعكاساً لرغبتنا الصادقة في المُضي قدماً في مسيرة شراكتنا الممتدة، التي لا تتأسس على حقائق الجوار الجغرافي فحسب، وإنما تستمد قيمتها وأهميتها المضافة من ميراث تاريخي، وقاسم ثقافي مشترك».
ودعا السيسي إلى «احترام المبادئ المستقرة بين الدول، وإعلاء قيم حسن الجوار والعيش المشترك، في إطار من سعة الأفق، ونبذ العنف والكراهية، واعتماد الحل السلمي للنزاعات، كسبيل وحيد لاستعادة الأمن والاستقرار في منطقتي الشرق الأوسط والبحر المتوسط».
وشهدت مياه المتوسط خلال الشهور الماضية مناوشات متفاوتة بين مصر وتركيا وقبرص، حيث سبق لوزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو أن صرح في فبراير (شباط) الماضي بأن بلاده تخطط للبدء في أعمال تنقيب عن النفط والغاز، شرق المتوسط في المستقبل القريب، مشيراً إلى أن سياسة بلاده تجاه الطاقة «هي توسيع نطاق استثمار الموارد المحلية»، وأن التنقيب عن هذه المصادر وإجراء دراسات عليها «يعد حقا سيديا لتركيا، فيما لا تحمل الاتفاقية المبرمة بين مصر وقبرص أي صفة قانونية»، حسب تصريحه. لكن الخارجية المصرية ردت بشكل مباشر آنذاك على التصريحات التركية، وقالت في بيان رسمي إن «اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين مصر وقبرص لا يمكن لأي طرف أن ينازع في قانونيتها، وهي تتسق مع قواعد القانون الدولي، وقد تم إيداعها بصفتها اتفاقية دولية في الأمم المتحدة».
ونال ملف الطاقة مساحة واسعة في محادثات أمس. ففي حين لفت السيسي إلى سعي أطراف آلية التعاون الثلاثي إلى «تحقيق الاستفادة القصوى، لا سيما في مجال الطاقة ونقل الكهرباء»، أفاد رئيس الوزراء اليوناني أليكسيس تسيبراس بأن «جزيرة كريت سوف تكون في القريب العاجل محور انتقال الغاز الطبيعي في منطقة المتوسط». وكذلك تحدث الرئيس القبرصي نيكوس أناستاسيادس حول «بحث تحقيق الربط الكهربائي مع مصر».
وخلال هذه المباحثات جرى توقيع عدد من مذكرات التعاون بين الدول الثلاث، ومنها مذكرة تعاون بشأن التعاون الجمركي الفني، وقعها وزير الخارجية المصري سامح شكري، وجورج بتسيدس، رئيس الهيئة للإيرادات العامة، وعن قبرص ديميتريس حقوشتيس مدير سلطات الجمارك. كما جرى توقيع مذكرات تعاون في مجال التعليم، والمشروعات الصغيرة وريادة الأعمال، وأخرى بين كل من الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة في مصر ومؤسسة (إنتربرايز بلس إس إيه) في اليونان، والوكالة القبرصية لتشجيع الاستثمار في قبرص، ومع الرئيس الاستشاري لمؤسسة (إنتربرايز) باليونان بريفوريس استرجوليس، ومع رئيس وكالة «إنفست سايبروس» ميخاليس ميخائيل بقبرص.
وبخصوص جهود مكافحة الإرهاب، قال السيسي إن «القمة الثلاثية المصرية - اليونانية - القبرصية ستمثل دائماً حصناً منيعاً في مواجهة التحديات المتصاعدة، وعلى رأسها اتساع دائرة التطرف والإرهاب، الذي يسعى لتحقيق أهدافه باسم الدين، سواء لهدم مفهوم وكيان الدولة الوطنية أو مؤسساتها»، مضيفاً أن «التنظيمات الإرهابية والمتطرفة، تستغل تلك الأزمات للنيل من دولنا وترويع شعوبنا، مستندين في ذلك إلى ما يتلقونه من دعم مالي وسياسي ولوجيستي من بعض الأطراف، التي لا تتردد في الخروج عن القوانين والأعراف الدولية، كي توجد لنفسها موطئ قدم ونفوذ، وتُحقق مصالحها الضيقة على حساب أرواح ومقدرات الشعوب المُسالمة».
وتابع السيسي مبرزا أن «التطورات الجارية في المنطقة استأثرت بجزء مهم من المباحثات، حيث ناقشنا سبل التعامل مع الصعوبات القائمة التي تحيط بالواقع الإقليمي»، مؤكدا أن القمة الثلاثية «شهدت تقاربا معهودا في الرؤى تجاه القضايا والأزمات، التي تمر بها بعض دول المنطقة، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، والأوضاع في كل من سوريا وليبيا».
كما حضرت القضية القبرصية على جدول المباحثات الثلاثية، حيث دعا الرئيس المصري إلى «العمل على استئناف مسار المفاوضات من أجل توحيد البلاد، وفقا لمقررات الشرعية الدولية وقرارات الأمم المتحدة، وبما يراعي شواغل الجميع، ودون فرض وصاية لأحد على الآخر».
من جهته، أبدى رئيس الوزراء اليوناني دعماً لموقف قبرص، التي تنازعها تركيا بشأن السيادة على الجزء الشمالي من أراضيها، فيما تقول أنقرة إنها «قبرص الشمالية»، وقال رئيس الوزراء اليوناني بهذا الخصوص: «نحن ندعم استقرار قبرص وجهود حل المشكلة القبرصية، استنادا على أساس قرارات الأمم المتحدة، وندعم الحوار لحل هذه المشكلة»، مشددا على أنه «لا بد من احترام القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة في هذا الخصوص لدعم الصداقة... ولا بد من إنهاء الاحتلال التركي للجزيرة»، بحسب تعبيره.
وقبل نحو ثمانية أشهر، اعترضت تركيا سفينة للتنقيب عن الغاز في المياه القبرصية، وهي تتبع شركة «إيني» الإيطالية التي ترتبط كذلك بعقود مع القاهرة، وبعدها بأيام نفذت القوات البحرية المصرية عدداً من الأنشطة التدريبية بمسرح عمليات البحر المتوسط، وذلك بإطلاق أربعة صواريخ أرض بحر وسطح بحر، وقال الجيش المصري وقتها إن تلك التحركات جاءت في إطار التدريب على «التعامل مع جميع التهديدات والعدائيات لمياهنا الإقليمية».
بدوره، توجه الرئيس القبرصي بالشكر لمصر واليونان على دعمهما لقبرص حتى يتم حل عادل وشامل للقضية القبرصية، حيث أشار أناستاسيادس إلى ضرورة تنظيم مؤتمر بين العالم العربي والاتحاد الأوروبي، وأن تكون هناك «مبادرات تساعد مصر لأن تكون محورا أساسيا للاستقرار في المنطقة». مبرزا في هذا السياق أنه تم بحث «توسيع التعاون في المنطقة ومع لبنان والأردن، وبالتالي ما سيتم هو توسيع نطاق دعمنا وتعاوننا مع دول المنطقة بوجه عام، ما يؤدي إلى تحقيق السلام في المنطقة، وأعتقد أننا سننجح فيه».



تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

سلطت أحدث التقارير الحقوقية في اليمن الضوءَ على آلاف الانتهاكات التي ارتكبتها الجماعة الحوثية ضد المدنيين في 3 محافظات، هي العاصمة المختطفة صنعاء، والجوف، والحديدة، بما شملته تلك الانتهاكات من أعمال القمع والقتل والخطف والتجنيد والإخضاع القسري للتعبئة.

وفي هذا السياق، رصد مكتب حقوق الإنسان في صنعاء (حكومي) ارتكاب جماعة الحوثيين نحو 2500 انتهاك ضد المدنيين في صنعاء، خلال عامين.

بقايا منازل فجرها الحوثيون في اليمن انتقاماً من ملاكها (إكس)

وتنوّعت الانتهاكات التي طالت المدنيين في صنعاء بين القتل والاعتداء الجسدي والاختطافات والإخفاء القسري والتعذيب ونهب الممتلكات العامة والخاصة وتجنيد الأطفال والانتهاكات ضد المرأة والتهجير القسري وممارسات التطييف والتعسف الوظيفي والاعتداء على المؤسسات القضائية وانتهاك الحريات العامة والخاصة ونهب الرواتب والتضييق على الناس في سُبل العيش.

وناشد التقرير كل الهيئات والمنظمات الفاعلة المعنية بحقوق الإنسان باتخاذ مواقف حازمة، والضغط على الجماعة الحوثية لإيقاف انتهاكاتها ضد اليمنيين في صنعاء وكل المناطق تحت سيطرتها، والإفراج الفوري عن المخفيين قسراً.

11500 انتهاك

على صعيد الانتهاكات الحوثية المتكررة ضد السكان في محافظة الجوف اليمنية، وثق مكتب حقوق الإنسان في المحافظة (حكومي) ارتكاب الجماعة 11500 حالة انتهاك سُجلت خلال عام ضد سكان المحافظة، شمل بعضها 16 حالة قتل، و12 إصابة.

ورصد التقرير 7 حالات نهب حوثي لممتلكات خاصة وتجارية، و17 حالة اعتقال، و20 حالة اعتداء على أراضٍ ومنازل، و80 حالة تجنيد للقاصرين، أعمار بعضهم أقل من 15 عاماً.

عناصر حوثيون يستقلون سيارة عسكرية في صنعاء (أ.ف.ب)

وتطرق المكتب الحقوقي إلى وجود انتهاكات حوثية أخرى، تشمل حرمان الطلبة من التعليم، وتعطيل المراكز الصحية وحرمان الموظفين من حقوقهم وسرقة المساعدات الإغاثية والتلاعب بالاحتياجات الأساسية للمواطنين، وحالات تهجير ونزوح قسري، إلى جانب ارتكاب الجماعة اعتداءات متكررة ضد المناوئين لها، وأبناء القبائل بمناطق عدة في الجوف.

ودعا التقرير جميع الهيئات والمنظمات المحلية والدولية المعنية بحقوق الإنسان إلى إدانة هذه الممارسات بحق المدنيين.

وطالب المكتب الحقوقي في تقريره بضرورة تحمُّل تلك الجهات مسؤولياتها في مناصرة مثل هذه القضايا لدى المحافل الدولية، مثل مجلس حقوق الإنسان العالمي، وهيئات حقوق الإنسان المختلفة، وحشد الجهود الكفيلة باتخاذ موقف حاسم تجاه جماعة الحوثي التي تواصل انتهاكاتها بمختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها.

انتهاكات في الحديدة

ولم يكن المدنيون في مديرية الدريهمي بمحافظة الحديدة الساحلية بمنأى عن الاستهداف الحوثي، فقد كشف مكتب حقوق الإنسان التابع للحكومة الشرعية عن تكثيف الجماعة ارتكاب مئات الانتهاكات ضد المدنيين، شمل بعضها التجنيد القسري وزراعة الألغام، والتعبئة الطائفية، والخطف، والتعذيب.

ووثق المكتب الحقوقي 609 حالات تجنيد لمراهقين دون سن 18 عاماً في الدريهمي خلال عام، مضافاً إليها عملية تجنيد آخرين من مختلف الأعمار، قبل أن تقوم الجماعة بإخضاعهم على دفعات لدورات عسكرية وتعبئة طائفية، بغية زرع أفكار تخدم أجنداتها، مستغلة بذلك ظروفهم المادية والمعيشية المتدهورة.

الجماعة الحوثية تتعمد إرهاب السكان لإخضاعهم بالقوة (إ.ب.أ)

وأشار المكتب الحكومي إلى قيام الجماعة بزراعة ألغام فردية وبحرية وعبوات خداعية على امتداد الشريط الساحلي بالمديرية، وفي مزارع المواطنين، ومراعي الأغنام، وحتى داخل البحر. لافتاً إلى تسبب الألغام العشوائية في إنهاء حياة كثير من المدنيين وممتلكاتهم، مع تداعيات طويلة الأمد ستظل تؤثر على اليمن لعقود.

وكشف التقرير عن خطف الجماعة الحوثية عدداً من السكان، وانتزاعها اعترافات منهم تحت التعذيب، بهدف نشر الخوف والرعب في أوساطهم.

ودعا مكتب حقوق الإنسان في مديرية الدريهمي المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لإيقاف الانتهاكات التي أنهكت المديرية وسكانها، مؤكداً استمراره في متابعة وتوثيق جميع الجرائم التي تواصل ارتكابها الجماعة.