هل ستواجه بلاد الرافدين «حرب مياه إيرانية»؟

بعد إعلان طهران قطع ما يقارب 7 مليارات متر مكعب عنها

صورة توضح انخفاضا كبيرا بمياه نهر دجلة في العراق
صورة توضح انخفاضا كبيرا بمياه نهر دجلة في العراق
TT

هل ستواجه بلاد الرافدين «حرب مياه إيرانية»؟

صورة توضح انخفاضا كبيرا بمياه نهر دجلة في العراق
صورة توضح انخفاضا كبيرا بمياه نهر دجلة في العراق

عانى العراق (بلاد الرافدين – دجلة والفرات) خلال السنوات الماضية، من نقص حاد في مصادر المياه سواء الصالحة للشرب أو للاستخدام الزراعي، ويشهد انخفاضا ملحوظا في مستويات مياه نهري دجلة والفرات بسبب السياسيات المائية المتبعة من قبل تركيا وايران، خاصة بعد ان قطعت طهران المياه الجارية صوب الأراضي العراقية، والمقدرة بأكثر من 7 مليارات متر مكعب، بالاضافة إلى الأضرار التي سيسببها سد "اليسو التركي"، الذي خفض حصة العراق من مياه دجلة إلى أقل من النصف بعد أن وصلت إلى 9 مليارات متر مكعب سنوياً بعد أن كانت تصل الى 21 مليار متر مكعب سنوياً، وحرمان أكثر من 695 ألف هكتار من الأراضي الزراعية في العراق من مياه الري.
وانخفضت مناسيب مياه نهر دجلة في مدينتي بغداد والموصل، بشكل غير مسبوق، لدرجة بات من الممكن عبور النهر سيرا على الأقدام، وذلك بعدما أعلنت الحكومة التركية بدء ملء سد "إليسو" الذي أنشئ على منبع النهر في الأراضي التركية، ما انعكس مباشرة على النهر في الجانب العراقي وانخفاض منسوب مياهه.
وفي هذه الأثناء، أقدمت السلطات الإيرانية على قطع مياه نهر "الزاب الصغير" عن محافظة السليمانية في إقليم كردستان العراق مجددا، ما تسبب بأزمة لمشروع المياه في قضاء قلعة دزة بالمحافظة، وفق ما أعلنته مديرية السدود في إقليم كردستان، وإن الإجراء الإيراني تسبب في أزمة توفير مياه الشرب.
ولتزداد مشاكل العراق من المياه، أعلنت إيران، أمس (الثلاثاء)، قطع المياه الجارية صوب الأراضي العراقية، والمقدرة كميتها بـ7 مليارات متر مكعب، مما يزيد من تفاقم مشكلة نقص وتلوث المياه التي تعاني منها بالفعل بعض المدن العراقية، وعلى رأسها البصرة.
وقال معاون وزير الزراعة الإيراني علي مراد أكبري إن بلاده ستقطع نحو 7 مليارات متر مكعب صوب الحدود الغربية والشمالية الغربية العراقية، بأمر من المرشد الإيراني علي خامنئي. وأكد أن هذه الكميات من المياه ستستخدم في ثلاثة مشاريع رئيسة على مساحة 550 ألف هكتار في عربستان (جنوب غربي البلاد)، و220 ألف هكتار فيها أيضا، وإيلام (غرب).
وأشار أكبري إلى تأثير هذه المشاريع على زيادة استدامة الإنتاج الزراعي في البلاد، موضحا أن "ندرة المياه هي أحد التهديدات الخطيرة التي تواجهنا ونفكر في حلها والتحكم فيها".
وكانت إيران قطعت المياه، في وقت سابق، من معظم الروافد الموجودة في أراضيها والمغذية لنهر دجلة في العراق، مما تتسبب في انخفاض مناسيب المياه بشكل كبير.
وذكرت حكومة إقليم كردستان، في وقت سابق، أن إيران "غيرت مجرى نهر الكارون بالكامل، وأقامت ثلاثة سدود كبيرة على نهر الكرخة، بعدما كان هذان النهران يمثلان مصدرين رئيسيين لمياه الإقليم والعراق ككل".
ويضع انخفاض منسوب المياه العراق أمام مشكلة حقيقية، خصوصا بعد أن ظهر تأثير تحويل إيران لمجرى الروافد على المدن والمناطق المحيطة، ولاسيما البصرة التي شهدت تظاهرات عارمة منذ يوليو (تموز) الماضي بسبب أزمة نقص المياه وتلوثها وتردي الخدمات.
وأدى معدل الانخفاض في مناسيب المياه من تركيا وايران إلى مخاوف في العراق من نقص كمية مياه نهر دجلة إلى نصف الكمية، بعد أن بدأت تركيا بتشغيل سد إليسو الذي انتهت من بنائه في يناير(كانون الثاني) من العام الحالي.
ويتكون شط العرب من التقاء نهري دجلة والفرات شمال محافظة البصرة، ونتيجة لقراري تركيا وإيران انخفض منسوب المياه في النهر، الأمر الذي سمح له بزيادة استقبال مياه الخليج العربي المالحة.
ونتيجة لهذه الاسباب بات شبح الجفاف يزداد في العراق شيئا فشيئا بل أصبح هاجسا يدق ناقوس الخطر بعد ان قررت الحكومة العراقية الاستغناء عن زراعة نصف المحاصيل بسبب شح المياه. كما سيؤدي نقص المياه الى أضرار بيئية تتمثل بزيادة رقعة التصحر، بالاضافة إلى حرمان أعداد كبيرة من السكان من مياه الشرب، وستتدهور الزراعة والرعي وتتراجع أعداد الثروة الحيوانية، كما سيؤثر على منظومات توليد الطاقة الكهربائية المقامة على طول نهر دجلة، وخصوصاً في سدي الموصل وسامراء، بالاضافة الى التأثير على النشاط الصناعي والبنى التحتية كمحطات تصفية المياه ومصافي النفط والمستشفيات.
يذكر ان برنامج الأمم المتحدة للبيئة حذر من موجة نزوح جديدة سيشهدها العراق خلال المرحلة المقبلة في حال عدم قيام الحكومة بإجراءات جذرية لمعالجة أزمة المياه التي تعاني منها محافظات الجنوب
من جانبها، نقلت صحيفة "إندبندنت" البريطانية، تحذير خبراء من أن الأزمة الأمنية المقبلة فى العراق يمكن أن يثيرها دمار الأرض الزراعية بسبب النقص المزمن فى المياه لاسيما فى المناطق القروية، لافتة إلى أن هذا النقص يمكن أن يجبر أربعة ملايين شخص على الفرار من منازلهم.
وفى الحلقة الثانية من سلسلة حروب المياه التى تنشرها الصحيفة، تحدثت عن نقص المياه الذى يضر بالكثير من الأراضى الزراعية، وقالت إنه طبقا لتقدير برنامج البيئة التابع للأمم المتحدة، يخسر العراق حاليا حوالى 250 كيلومترا مربعا من الأرض سنويا، أغلبها فى الجنوب، كما أن هناك زيادة فى التصحر.
وفي تقرير لمنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (FAO)، حذر من أزمة المياه في العراق بعد انخفاض منسوب المياه في نهري دجلة والفرات في العراق؛ بنسبة أكثر من (60%) خلال عقدين من الزمن.
ويشكل نهر دجلة بمناسيب مياهه الوفيرة القسم الأكبر من نصيب المياه المتدفقة والمتاحة للعراق يليه نهر الفرات، والكارون إضافة إلى الأنهر القادمة من إيران، وتعتمد عليها المناطق الحدودية في الري.
وينبع نهر دجلة من جبال طوروس، جنوب شرقي الأناضول في تركيا ويمر في سوريا 50 كيلومتراً في ضواحي مدينة القامشلي ليدخل بعد ذلك أراضي العراق عند بلدة فيشخابور. وللنهر روافد تنبع من أراضي تركيا وإيران وكذلك في العراق وأهمها الخابور، والزاب الكبير، والزاب الصغير، والعظيم، ونهر ديالى، ويتفرع دجلة إلى فرغين عند مدينة الكوت هما نهر الغراف والدجيلة، ويلتقي نهر دجلة بنهر الفرات عند القرنة في جنوب العراق بعد رحلته عبر أراضي العراق ليكونا شط العرب الذي يصب في الخليج العربي.



حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
TT

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)

فرضت الجماعة الحوثية خلال الأيام الماضية إتاوات جديدة على مُلاك مناجم الحجارة وسائقي ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة في العاصمة المختطفة صنعاء ومدن أخرى؛ ما تَسَبَّبَ أخيراً في ارتفاع أسعارها، وإلحاق أضرار في قطاع البناء والتشييد، وزيادة الأعباء على السكان.

وذكرت مصادر محلية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن قيادات حوثية تُدير شؤون هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لسيطرة الجماعة، فرضت زيادة سعرية مفاجئة على ناقلات الحصى تتراوح ما بين 300 و330 دولاراً (ما بين 160 ألفاً و175 ألف ريال) لكل ناقلة.

ووصل إجمالي السعر الذي يُضطر مُلاك مناجم الحجارة وسائقو الناقلات إلى دفعه للجماعة إلى نحو 700 دولار (375 ألف ريال)، بعد أن كان يقدر سعرها سابقاً بنحو 375 دولاراً (200 ألف ريال)، حيث تفرض الجماعة سعراً ثابتاً للدولار بـ 530 ريالاً.

مالكو الكسارات في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية يشتكون من الابتزاز والإتاوات (فيسبوك)

وتذهب الزيادة المفروضة، وفقاً للمصادر، لمصلحة أحد المشرفين الحوثيين، الذي يُكنى بـ«الجمل»، ويواصل منذ أيام شن مزيد من الحملات التعسفية ضد مُلاك كسارات وسائقي ناقلات بصنعاء وضواحيها، لإرغامهم تحت الضغط والترهيب على الالتزام بتعليمات الجماعة، وتسديد ما تقره عليهم من إتاوات.

واشتكى مُلاك كسارات وسائقو ناقلات في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، من حملات الابتزاز الحوثي لفرض الزيادة المفاجئة في أسعار بيع ونقل الخرسانة المستخدمة في البناء والتشييد، ما يزيد من أعبائهم ومعاناتهم.

وقال بعضهم إن الجماعة لم تكتفِ بذلك، لكنها فرضت إتاوات أخرى عليهم تحت أسماء متعددة منها تمويل تنظيم الفعاليات بما تسمى ذكرى قتلاها في الحرب، ورسوم نظافة وتنمية مجتمعية وأجور مشرفين في الجماعة بذريعة تنفيذ الرقابة والمتابعة والإشراف على السلامة البيئية.

وتحدث مالك كسارة، اشترط إخفاء اسمه، عن لجوئه وآخرين يعملون في ذلك القطاع، لتقديم عدة شكاوى لسلطة الانقلاب للمطالبة بوقف الإجراءات التعسفية المفروضة عليهم، لكن دون جدوى، وعدّ ذلك الاستهداف لهم ضمن مخطط حوثي تم الإعداد له مسبقاً.

الإتاوات الجديدة على الكسارة وناقلات الحصى تهدد بإلحاق أضرار جديدة بقطاع البناء (فيسبوك)

ويتهم مالك الكسارة، المشرف الحوثي (الجمل) بمواصلة ابتزازهم وتهديدهم بالتعسف والإغلاق، عبر إرسال عناصره برفقة سيارات محملة بالمسلحين لإجبارهم بالقوة على القبول بالتسعيرة الجديدة، كاشفاً عن تعرُّض عدد من سائقي الناقلات خلال الأيام الماضية للاختطاف، وإغلاق نحو 6 كسارات لإنتاج الحصى في صنعاء وضواحيها.

ويطالب مُلاك الكسارات الجهات الحقوقية المحلية والدولية بالتدخل لوقف التعسف الحوثي المفروض على العاملين بذلك القطاع الحيوي والذي يهدد بالقضاء على ما تبقى من قطاع البناء والتشييد الذي يحتضن عشرات الآلاف من العمال اليمنيين.

وسبق للجماعة الحوثية، أواخر العام قبل الفائت، فتح مكاتب جديدة تتبع هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لها، في أغلبية مناطق سيطرتها بغية التضييق على مُلاك الكسارات وسائقي ناقلات الحصى، ونهب أموالهم.

وأغلقت الجماعة الحوثية عبر حملة استهداف سابقة نحو 40 كسارة في محافظات صنعاء وعمران وحجة وإب والحديدة وذمار، بحجة مخالفة قانون المناجم، رغم أنها كانت تعمل منذ عقود وفق القوانين واللوائح المنظِّمة لهذا القطاع.

إتاوات جديدة فرضتها الجماعة الحوثية على ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة (فيسبوك)

وسبق أن فرضت الجماعة في ديسمبر (كانون الأول) من العام قبل الماضي، على مُلاك المناجم في صنعاء وبقية المناطق رسوماً تقدر بـ 17 دولاراً (8900 ريال) على المتر الواحد المستخرج من الحصى، والذي كان يباع سابقاً بـ5 دولارات ونصف الدولار (2900 ريال) فقط.

وتفيد المعلومات بإقدامها، أخيراً، على مضاعفة الرسوم المفروضة على سائقي ناقلات الحصى، إذ ارتفعت قيمة الرسوم على الناقلة بحجم 16 متراً، من 181 دولاراً (64 ألف ريال)، إلى 240 دولاراً (128 ألف ريال)، في حين ارتفع سعر الحمولة ليصل إلى 750 دولاراً، (400 ألف ريال).