تشويه الوعي

تشويه الوعي
TT

تشويه الوعي

تشويه الوعي

مؤخراً، حضرتُ اجتماعاً لعدد من رؤساء الصحف الخليجية في الكويت، كان أغلب الحضور قلقين على مصير الصحافة الورقية، ويحملون تصوراً موحشاً لمستقبلها...
برأيي، الصحافة باقية ما بقيت الحاجة إلى التواصل بين الناس. فمهما تغيرت وسيلة النشر فإن مهنة الصحافة باقية، لأنها حاجة، ولأنها ضرورة، تنمو وتتمدد، فالقلق ينبغي أن يتجه نحو تطوير المهنة وآليات العمل واستيعاب التحولات السريعة في وسائل التعبير، والتحول من الخطاب التلقيني إلى الخطاب التفاعلي مع الجمهور، والأهم هو احترام حق الناس في الحصول على المعلومة الصحيحة، وإيجاد منصات تواصل متعددة تتيح لهم ليس فقط التلقي وإنما التعبير أيضاً... هذه كلها تمثل تغييراً في نمط الخطاب الإعلامي ليصبح أكثر حداثة وواقعية وإيماناً بالحرية.
حسناً، لديّ ما أُطمْئن به هؤلاء السادة، بأن البديل ما زال بعيد المنال... الوسائل الرقمية تنمو ولكن أغلبها لا يقدم بديلاً يُعتّد به. هناك فوضى وانفلات أعمى في الفضاء الإعلامي، وهو لن يسهم سريعاً في تقديم البديل عن الصحافة التقليدية. هناك فورة في منصات النشر الإخبارية على شبكة الإنترنت غير خاضعة لمعايير المهنة، وقليل منها يمكن الوثوق به. قبل أيام حضرتُ لقاء مع وزير الإعلام السعودي الدكتور عواد العواد، أعلن خلاله أن «هناك نحو 700 صحيفة إلكترونية»، (في السعودية)، وأن «الوزارة بصدد إعادة تقييمها وفق متطلبات جديدة»، هذه الصحف تتغذى في الغالب من الإعلام التقليدي وبعضها من بعض، وأيضاً من وسائل التواصل غير الآمن... والنتيجة طوفان من الأخبار والصور والفيديوهات التي يصعب التأكد من مصداقيتها.
الموضوع ليس وسائل الإعلام والنشر، بل المصداقية التي أضحت أكبر خسائرنا في زمن الانفجار المعلوماتي. آلاف الرسائل تضخّ إلينا كل حين أخباراً زائفة وملفقة ومفبركة، ثم يجري تدويرها كحقائق ثابتة. أصبحت الإشاعة تتمدد في فضاء مفتوح ثم تتحول إلى وعي زائف في عملية أشبه بغسيل الدماغ.
هناك من يغذّي وسائل التواصل بأمواج من القصص الزائفة، بعضها لأهداف سياسية، وبعضها لمجرد العبث بالوعي العام، وهي تعتمد على عقول محترفة في فنون الخداع والتضليل.
في كتابه «المثقفون المزيفون» يكشف المفكر الفرنسي باسكال بونيفاس، دور الإعلام في تقديم خبراء محترفين في الخداع والكذب، وتوجيه الرأي العام نحو قناعات محددة، في هذا الكتاب تصدى بونيفاس لماكينة إعلامية وثقافية استخدمت أدوات الحداثة الغربية، واستخدمت التقنية، ومبادئ الحرية والديمقراطية، لتمارس تزييفاً ممنهجاً للحقيقة، وتضليلاً متعمداً للجمهور، كما استخدمت الثقافة ومنتجاتها لبث الرعب والتخوين والتخويف، وهيمنت على الرأي العام وسعت لتطويعه لصالح المؤسسات المتنفذة.
مع ذلك، ما زالت الثورة الرقمية خصوصاً في مجال الإعلام والاتصال أهم أدوات التغيير الإيجابي في حياة المجتمعات حول العالم، وهي أعطت صوتاً للمهمشين للتعبير عن آرائهم، وساهمت في تحسين ظروف الناس الأقل نمواً، وكسرت الاحتكار والهيمنة على وسائل التعبير، وأصبحت وسائل التواصل الاجتماعي، ووسائل الإعلام البديل منصات للتعبير...
لكنها أيضاً وسائل جاذبة، للحكواتية ومروّجي المعلومات والسرديات عبر وسائل التواصل دون التزام، وأيضاً للمحترفين في صناعة الأخبار الزائفة والقصص المفبركة لتشويه الوعي عن سابق إصرار وتصميم.



«إقامة جبرية» يراهن على جاذبية «دراما الجريمة»

هنا الزاهد بطلة المسلسل (الشركة المنتجة)
هنا الزاهد بطلة المسلسل (الشركة المنتجة)
TT

«إقامة جبرية» يراهن على جاذبية «دراما الجريمة»

هنا الزاهد بطلة المسلسل (الشركة المنتجة)
هنا الزاهد بطلة المسلسل (الشركة المنتجة)

تطلب «سلمى» التي تجسد دورها هنا الزاهد من زوجها الذي يلعب دوره الفنان أحمد حاتم الطلاق، لكنه يصطحبها لقضاء الليلة الأخيرة لهما بأحد الفنادق لعلها تعيد النظر في قراراها، يُلح عليها ويعترف لها بخطئه في غيرته المجنونة عليها، تُصر على قرارها ما يدفعه للقفز أمامها من ارتفاع شاهق، تنتهي التحقيقات إلى أنه «حادث انتحار».

وتشعر سلمى بمسؤوليتها عن انتحاره وتعيش حالة صدمة وحزن، تستعيد مشاهد من قصة حبهما وزواجهما على وقع إصرار صديقتها دينا «ثراء جبيل» لإخراجها من حالة الحزن بعد 3 أشهر من الحادث.

وتلجأ لطبيبة نفسية «الدكتورة عايدة» التي تجسد دورها الفنانة صابرين، تروي لها حكاية مغايرة عن قصتها مع زوجها وأنها هي من دفعته بيديها من أعلى المبنى، يتكرر نفس الحوار الذي جاء في مشهد يجمعها وزوجها قبل انتحاره، لكن هذه المرة يرفض هو استمرار حياته معها، ويكتنف الغموض تصرفات «سلمى»، فيما تقرر الطبيبة تسجيل اعترافها بدفع زوجها للانتحار وتكتشف «سلمى» الأمر.

فيما تعيش «الدكتورة عايدة» أزمة مع ابنها موسى بطل السباحة «محمد الشرنوبي» الذي تخفي عنه أن والده على قيد الحياة. تتصارع الأحداث وتنبئ بأن «سلمى» ستصبح مصدر خطر يهدد الطبيبة.

الزاهد تقدم دوراً جديداً عليها (الشركة المنتجة)

المسلسل الذي يعرض عبر منصة «Watch It» من تأليف أحمد عادل وإخراج أحمد سمير فرج ويشارك في بطولته محمد الدسوقي، جالا هشام، أحمد والي، مع ظهور خاص لعايدة رياض، وأحمد حاتم كضيفي شرف، وخضع العمل لمراجعة طبية من د. مينا إيميل، وتدور أحداثه في 10 حلقات تُعرض كل أربعاء بواقع حلقتين أسبوعياً.

مؤلف المسلسل أحمد عادل له باع طويل في كتابة دراما الإثارة والغموض عبر مسلسلات عدة من بينها «خيانة عهد»، «حرب أهلية»، «أزمة منتصف العمر»، والمسلسل السعودي اللبناني «كسرة قلب» الذي عرضته منصة «نتفليكس»، كما يشارك المؤلف أيضاً في إنتاج المسلسل مع كل من عامر الصباح وشريف زلط.

وحول تفضيله لدراما الجريمة والإثارة يقول أحمد عادل في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إنه يكتب الدراما التي تستهويه مشاهدتها والتي تجعله كمشاهد لا يستطيع أن يرفع عينيه من على الشاشة طوال مشاهدة الحلقة، وأنه يضع المشاهد في هذه الحالة عبر أعماله الدرامية.

صابرين تجسد دور طبيبة نفسية بالمسلسل (الشركة المنتجة)

ويفسر عادل أسباب تزايد إنتاج هذه النوعية من المسلسلات في السنوات الأخيرة إلى ظهور المنصات التي أتاحت تقديم القصة في 10 حلقات مكثفة، معتمدة على الإيقاع السريع.

ويؤكد المؤلف أنه لا يحاول إثارة الغموض بدليل أنه كشف في الحلقة الثانية عن أن «سلمي» هي من قتلت زوجها، مؤكداً أن هناك كثيرات مثل «سلمى» في الحياة، مشيداً بتعاونه الأول مع المخرج أحمد سمير فرج الذي يصفه بأنه من أكثر الناس المريحة نفسياً وقد أضاف كثيراً للسيناريو.

ويؤكد أحمد عادل الذي عمل 15 عاماً بمجال الإنتاج مع شركة «العدل غروب» أنه يكتب أعماله أولاً ثم يقرر إذا كان يمكنه إنتاجها بعد ذلك أم لا، لأن كلاً من الكتابة والإنتاج يتطلب تفرغاً.

وأفاد بأن عنوان المسلسل «إقامة جبرية» سيتكشف مع توالي حلقات العمل.

وبحسب الناقد أحمد سعد الدين فإن المسلسل صدم مشاهديه من أول مشهد بحادث الانتحار ما يجذبهم لمشاهدته لافتاً إلى ما ذكره الكاتب الراحل أسامة أنور عكاشة من أن «الحلقة الأولى إما تنجح في جذب المشاهد لاستكمال حلقاته أو التوقف عن مشاهدته»، مؤكداً أن «المسلسل نجح في الاستحواذ على المشاهد من اللقطات الأولى».

لقطة من العمل (الشركة المنتجة)

ويلفت سعد الدين إلى أن مسلسلات الجريمة والغموض تحقق تشويقاً كبيراً للمشاهد خاصة مع ظهور المنصات التي دفعت لإنتاجها وعرضها فترة «الأوف سيزون» بعيداً عن موسم رمضان، ودفعت لموسم موازٍ بأعمال مختلفة ومثيرة.

ويشير الناقد المصري إلى أن أحداث الحلقات الأولى كشفت أيضاً عن أزمة تعيشها الطبيبة النفسية لأن الطبيب النفسي إنسان أيضاً ولديه همومه ومشكلاته.

فيما ذكرت هنا الزاهد في تصريحات صحافية إلى حماسها الكبير لهذا المسلسل الذي تقدم من خلاله دوراً جديداً تماماً عليها، وأنها تراهن على هذا الاختلاف.