حلم توفيق الحكيم الذي هرمنا في انتظاره

كان يطمح إلى فصحى سليمة وسهلة لا يستنكرها الجمهور

حلم توفيق الحكيم الذي هرمنا في انتظاره
TT

حلم توفيق الحكيم الذي هرمنا في انتظاره

حلم توفيق الحكيم الذي هرمنا في انتظاره

وقف أدهم، صغير العائلة، يشاكس برنامج المتصفح الذكي «سيري» على هاتف والده بأسئلة يصعب على المجيب الآلي استيعابها. يصوغ ابن السنوات الخمس أسئلته ويوبخ «سيري» على إخفاقه في التوصل إلى الإجابة الصحيحة بلغة عربية فصيحة. وعندما انتبه إلى مراقبتي ابتسم مستحياً، وتوقف عن جلد «سيري» بالأسئلة والتعليقات المُسكتة!
لا يدين أدهم بلغته السليمة إلى نظام تعليمي يكاد يضع قدمه على أولى عتباته، لكنه ابن قنوات الأطفال التليفزيونية التي تفعل الخير باعتماد الفصحى لغة لها. وسواء كانت الفصحى خياراً آيديولوجياً يرتبط بالتوجهات الدينية للقناة، أو خياراً مهنياً لتخطي حواجز اللهجات، فقد أحرزت في النهاية هدفاً لصالح لغتنا العربية، وحققت حلماً من أحلام توفيق الحكيم، الذي كان يُذيِّل بعض مسرحياته ببيان حول خياراته اللغوية.
كان الحكيم يطمح إلى فصحى سليمة وسهلة لا يستنكرها الجمهور. في ختام مسرحية «الورطة» يضع مقالاً بعنوان «لغة المسرحية» ويكتب: «هذه هي المسرحية الستون... أي أني بها أتم ستين مسرحية منشورة، ومع ذلك فإني لم أزل في مرحلة المحاولة والبحث... خصوصاً فيما يتعلق بمشكلة اللغة المناسبة للتمثيلية العصرية في بلادنا. وعلى الرغم من اصطناعي لغة عربية مبسطة غاية التبسيط، إلا أنني أجد عند التمثيل الحاجة إلى من يحولها أو يترجمها إلى العامية، وهذا وضع عجيب؛ فالاعتراف بوجود لغتين منفصلتين لأمة واحدة، تسعى لإذابة الفوارق بين طبقاتها أمر لا يبشر بخير، ولطالما عيّرنا أهل اللغات الحية بأن لغتنا العربية صائرة إلى زوال لأن الناس في تخاطبهم لا يتكلمونها».
وعلى الرغم من التشاؤم الذي يطبع هذا الاقتباس، إلا أن الحكيم كان يسعى وراء حلمه كأنه يراه، متيقناً من أن عمق الهوة بين الفصحى والعامية مجرد وهم، وأن الفارق بينهما يضيق يوماً بعد يوم، وأن العامية هي المقضي عليها بالزوال.
بعد مسرح الحكيم أتت انتكاسة المسرح والسينما في مصر، انتشرت مسرحيات التنكيت والأفلام التي تسخر من الفصحى في مشاهد مبتذلة تستدر ضحك جمهور مرتبط بعاميته برباط متين. وعلى الرغم من أن ذلك المسرح الهابط والسينما المتدهورة يتوجهان إلى جمهور محدود الثقافة، إلا أن الأمانة تقتضي القول بأن ارتباط المصريين عامة بلهجتهم أقوى من ارتباط العرب الآخرين بعامياتهم، حتى ليندر أن تجد مثقفاً مصرياً يكمل خمس دقائق من الحديث أمام الكاميرا دون أن يزوغ إلى عاميته، ليس بحثاً عن الأمان، كما قد يتصور مشاهد عربي، بل بحثاً عن الواقعية. العامية بالنسبة للمصري هي الواقع، وهناك إحساس يداهم المصري بأنه دخل فيلماً تاريخياً عندما يكون مجبراً على الفصحى.
لكن يبدو أن تأثير «ستيف» الذي يجلس بداخل الهاتف ليرد على أدهم، ابن شقيقي، بدأ يلتقي مع أثر الفضائيات التي تبث بالفصحى، ويبدو أن العامية آخذة بالانكماش.
ليست الفضائيات المخصصة للأطفال وحدها تساهم في انتصار الفصحى، بل حتى فضائيات الكبار. ومن المثير للتأمل أن القنوات التي تساهم في الفُرقة بين الدول العربية (بوصفها دولاً وسياسات) هي نفسها التي تساهم في تقريب اللهجات العربية من بعضها البعض، وتقريبها معاً من الفصحى.
لا يمكن رصد الأثر يوماً بيوم، لكن هناك عبارات عبرت الحدود وعاشت مثلاً عربياً موحداً، مثل صيحة المواطن التونسي أحمد الحفناوي الفصيحة: «لقد هرمنا من أجل هذه اللحظة التاريخية»، وإذا كان لدى كل مواطن عربي من الهموم في بلده ما يشغله عن معرفة ما يجري في تونس منذ ديسمبر (كانون الأول) 2010 إلى اليوم، إلا أن صيحة الحفناوي عاشت كأشهر لحظة فرح، مثلما عاشت قصيدة الشابي «إرادة الحياة» كواحدة من أشهر القصائد العربية.
القنوات التلفزيونية والمنتجات الإلكترونية وإعلانات السلع وخدمات السياحة المتاحة على تطبيقات الإنترنت ومشاركات المواطنين العرب على صفحات «التواصل»، كلها وسائل تساهم في جعل حلم الحكيم والعديد من المثقفين العروبيين حقيقة. وهي لا تفعل ذلك من خلال الالتزام بالفصحى وحدها؛ فلا بأس من أن تنتأ في التقرير أو الحوار كلمة عامية تونسية أو جزائرية، لكي تصنع الألفة مع جمهور مشرقي سيكتشف أن المسافات ليست بعيدة إلى الحد الذي كان يتصوره، وأن الكثير من العامية المغربية فصيح الأصل.
المسلسلات التركية الناطقة باللهجة السورية فعلت فعلها كذلك في جعل عامية مشرقية أخرى مفهومة على امتداد العالم العربي. لم تساهم تلك المسلسلات في تقريب السوريين من المصريين فحسب؛ بل في إدخال الأتراك جامعة الشعوب العربية!
حكى لي صديقٌ باسماً عن قريبة له تعتقد من تلك المسلسلات أن الأتراك عرب، وتقول إنهم «يتكلمون مثلنا بالضبط»، وبصرف النظر عن هذا الخلط البسيط؛ فالسوري في الوعي الشعبي المصري لم يكن يتكلم «مثلنا بالضبط»، على الرغم من المشاركات الشامية المبكرة في المسرح والسينما المصرية، وعلى الرغم من الوحدة السياسية المؤلمة ذات يوم، لكنه صار مثلنا الآن، بفضل الدراما التركية، قبل أن يوحد لجوء أعداد كبيرة من السوريين إلى مصر الشعبين من جديد.
بعض المصائب تخفي وجهاً حسناً، ولو على صعيد اللغة!



اعتقال موظف بقصر الإليزيه لاتهامه بسرقة أدوات مائدة قيّمة

أدوات مائدة وقائمة طعام في انتظار حضور الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لعشاء الكريسماس مع جنوده في أبوظبي (أ.ف.ب)
أدوات مائدة وقائمة طعام في انتظار حضور الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لعشاء الكريسماس مع جنوده في أبوظبي (أ.ف.ب)
TT

اعتقال موظف بقصر الإليزيه لاتهامه بسرقة أدوات مائدة قيّمة

أدوات مائدة وقائمة طعام في انتظار حضور الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لعشاء الكريسماس مع جنوده في أبوظبي (أ.ف.ب)
أدوات مائدة وقائمة طعام في انتظار حضور الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لعشاء الكريسماس مع جنوده في أبوظبي (أ.ف.ب)

أعلنت النيابة العامة في باريس أن 3 رجال سيمثلون أمام المحكمة، العام المقبل، بعد أن تمَّ اعتقال موظف فضيات يعمل في المقر الرسمي للرئيس الفرنسي، هذا الأسبوع، بتهمة سرقة أدوات فضية وأواني مائدة تقدر قيمتها بآلاف اليوروات.

وأفاد كبير موظفي الفضيات في قصر الإليزيه باختفاء هذه الأدوات، حيث قُدِّرت الخسائر بما بين 15 ألفاً و40 ألف يورو، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس».

وقد تمكَّن «مصنع سيفر»، الذي زوَّد القصر بمعظم الأثاث، من التعرُّف على عدد من القطع المفقودة بعد ظهورها على مواقع المزادات الإلكترونية. وأدت التحقيقات مع موظفي الإليزيه إلى الاشتباه بأحد موظفي الفضيات، إذ أظهرت سجلات الجرد الخاصة به أنه كان يخطط لعمليات سرقة مستقبلية.

قصر الإليزيه في باريس بفرنسا (رويترز)

وكشفت التحقيقات عن أن الرجل كان على علاقة بمديرة شركة متخصصة في بيع الأدوات المنزلية عبر الإنترنت، خصوصاً أدوات المائدة.

يأتي ذلك بعدما تمكَّن لصوص من الاستيلاء على 8 قطع مجوهرات «لا تُقدَّر بثمن» كانت مملوكة سابقاً لملكات وإمبراطورات فرنسيات، من بينها تيجان مرصعة بالأحجار الكريمة، وقلائد، وأقراط، وبروشات، قبل أن يضطروا إلى الفرار بعد تدخل موظفي المتحف.


«نوابغ العرب» تختار البروفسور اللبناني بادي هاني لجائزة «الاقتصاد»

حصل البروفسور اللبناني بادي هاني على جائزة فئة الاقتصاد لإسهاماته العلمية في الاقتصاد القياسي وتطوير نماذج تحليل البيانات الاقتصادية (الشرق الأوسط)
حصل البروفسور اللبناني بادي هاني على جائزة فئة الاقتصاد لإسهاماته العلمية في الاقتصاد القياسي وتطوير نماذج تحليل البيانات الاقتصادية (الشرق الأوسط)
TT

«نوابغ العرب» تختار البروفسور اللبناني بادي هاني لجائزة «الاقتصاد»

حصل البروفسور اللبناني بادي هاني على جائزة فئة الاقتصاد لإسهاماته العلمية في الاقتصاد القياسي وتطوير نماذج تحليل البيانات الاقتصادية (الشرق الأوسط)
حصل البروفسور اللبناني بادي هاني على جائزة فئة الاقتصاد لإسهاماته العلمية في الاقتصاد القياسي وتطوير نماذج تحليل البيانات الاقتصادية (الشرق الأوسط)

اختارت مبادرة «نوابغ العرب» البروفسور اللبناني بادي هاني للفوز بالجائزة عن فئة الاقتصاد، تقديراً لإسهاماته العلمية في الاقتصاد القياسي وتطوير نماذج تحليل البيانات الاقتصادية.

وهنّأ الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس دولة الإمارات رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، البروفسور هاني، مؤكداً أن استدامة النمو الاقتصادي المرن والمتوازن تُعد ركناً أساسياً لتقدم المجتمعات وازدهار الحضارة الإنسانية. وقال في منشور على منصة «إكس» إن هاني، أستاذ الاقتصاد في جامعة سيراكيوز، قدّم «إسهامات استثنائية» في الاقتصاد القياسي وتطوير نماذج تحليل البيانات الاقتصادية، لافتاً إلى أنه نشر أكثر من 200 بحث علمي، وأن كتابه في تحليل نماذج البيانات الاقتصادية بات مرجعاً للباحثين حول العالم.

وأشار الشيخ محمد بن راشد إلى حاجة المجتمعات العربية إلى اقتصاديين محترفين، مؤكداً أن السياسات الفاعلة تُبنى على علم راسخ وبيانات دقيقة، وأن «اقتصاد الأمة يُصنع بعقولها»، معبّراً عن تطلعه إلى «فصل عربي جديد» في مسيرة استئناف الحضارة العربية.

وجاء منح جائزة الاقتصاد هذا العام للبروفسور بادي هاني تقديراً لإسهاماته في تطوير أدوات التحليل الاقتصادي، خصوصاً في مجال «تحليل لوحة البيانات الاقتصادية»، الذي يعزز دقة دراسة البيانات عبر دمج معلومات من فترات زمنية ومصادر متعددة. وأسهمت ابتكاراته، بحسب المبادرة، في تحسين تقييم آثار السياسات الاقتصادية على المدى البعيد وعبر مناطق مختلفة، ما دفع حكومات ومؤسسات إلى تبنّي أساليبه في قياس كفاءة السياسات والإنفاق العام والأطر التنظيمية.

كما قدّم هاني دورات تدريبية لمختصين اقتصاديين ضمن مؤسسات دولية، بينها البنك المركزي الأوروبي وصندوق النقد الدولي، وبنوك مركزية عدة. ونشر أكثر من 200 بحث علمي، وله مؤلفات أكاديمية مؤثرة، أبرزها كتاب «تحليل نماذج البيانات الاقتصادية» المرجعي. وهو يحمل درجة البكالوريوس في الإحصاء من الجامعة الأميركية في بيروت، والماجستير من جامعة كارنيجي ميلون، والدكتوراه في الاقتصاد من جامعة بنسلفانيا.

وفي إطار الإعلان عن الجائزة، أجرى محمد القرقاوي، وزير شؤون مجلس الوزراء ورئيس اللجنة العليا لمبادرة «نوابغ العرب»، اتصالاً مرئياً بالبروفسور بادي هاني أبلغه خلاله بفوزه بجائزة «نوابغ العرب 2025» عن فئة الاقتصاد، مشيراً إلى أهمية الأبحاث والنظريات والأدوات التي طورها على مدى عقود، والتي أصبحت ركيزة أساسية في التحليل الاقتصادي الاستراتيجي القائم على المعطيات والبيانات الدقيقة لاستشراف مستقبل التنمية وتعظيم فرصها.

واعتبر القرقاوي أن فوز هاني يمنح «دافعاً قوياً» لجيل جديد من الباحثين والمحللين والاقتصاديين العرب للإسهام في رسم المرحلة المقبلة من التنمية الشاملة في المنطقة.


آلاف يحتفلون بشروق شمس الانقلاب الشتوي عند «ستونهنج» في إنجلترا

أشخاص يحتفلون بشروق شمس الانقلاب الشتوي عند موقع «ستونهنج» في إنجلترا (أ.ب)
أشخاص يحتفلون بشروق شمس الانقلاب الشتوي عند موقع «ستونهنج» في إنجلترا (أ.ب)
TT

آلاف يحتفلون بشروق شمس الانقلاب الشتوي عند «ستونهنج» في إنجلترا

أشخاص يحتفلون بشروق شمس الانقلاب الشتوي عند موقع «ستونهنج» في إنجلترا (أ.ب)
أشخاص يحتفلون بشروق شمس الانقلاب الشتوي عند موقع «ستونهنج» في إنجلترا (أ.ب)

احتشد آلاف الأشخاص ورقصوا حول «ستونهنج» في إنجلترا، بينما ارتفعت الشمس فوق الدائرة الحجرية ما قبل التاريخ، اليوم (الأحد)، في الانقلاب الشتوي.

وتجمعت الحشود، العديد منهم مرتدون زي الدرويد والمشعوذين الوثنيين، قبل الفجر، منتظرين بصبر في الحقل البارد والمظلم في جنوب غربي إنجلترا. وغنى بعضهم، وضربوا الطبول، بينما أخذ آخرون وقتهم للتأمل بين الأعمدة الحجرية الضخمة.

أشخاص يحتفلون بشروق شمس الانقلاب الشتوي عند موقع «ستونهنج» في إنجلترا (أ.ب)

يقوم كثيرون بزيارة هذه الدائرة الحجرية كل صيف وشتاء، معتبرين ذلك تجربة روحية. ويعد النصب القديم، الذي بني بين 5000 و3500 سنة مضت، مصمماً ليتوافق مع حركة الشمس خلال الانقلابات، وهي تواريخ رئيسية في التقويم بالنسبة للمزارعين القدماء.

وقالت منظمة إنجلش هيريتاج، المسؤولة عن إدارة «ستونهنج»، إن نحو 8500 شخص احتفلوا يوم السبت بالموقع في سالزبوري بلين، على بعد نحو 75 ميلاً (120 كيلومتراً) جنوب غربي لندن. وأضافت أن البثّ المباشر للاحتفالات جذب أكثر من 242 ألف مشاهدة من جميع أنحاء العالم.

أشخاص يحتفلون بشروق شمس الانقلاب الشتوي عند موقع «ستونهنج» في إنجلترا (أ.ب)

واليوم (الأحد)، هو أقصر يوم في السنة شمال خط الاستواء، حيث يشير الانقلاب الشتوي إلى بداية الشتاء الفلكي. أما في نصف الكرة الجنوبي، فهو أطول يوم في السنة ويبدأ الصيف.

ويحدث الانقلاب الشتوي عندما تصنع الشمس أقصر وأدنى قوس لها، لكن العديد من الأشخاص يحتفلون به كوقت للتجديد، لأن الشمس بعد يوم الأحد ستبدأ بالارتفاع مجدداً، وستزداد مدة النهار يوماً بعد يوم حتى أواخر يونيو (حزيران).