انتعاش سوق الاستثمار العقاري في الساحل الشمالي الغربي في مصر

ارتفاع القيمة التسويقية لعشرات المدن والقرى السياحية

صورة نماذجية لقرية سياحية جديدة بالساحل الشمالي في مصر
صورة نماذجية لقرية سياحية جديدة بالساحل الشمالي في مصر
TT

انتعاش سوق الاستثمار العقاري في الساحل الشمالي الغربي في مصر

صورة نماذجية لقرية سياحية جديدة بالساحل الشمالي في مصر
صورة نماذجية لقرية سياحية جديدة بالساحل الشمالي في مصر

تجتذب سوق الاستثمار العقاري بالساحل الشمالي الغربي لمصر، مئات المواطنين المصريين والعرب الباحثين عن قضاء عطلات رائعة، بجانب الاستثمار وتحقيق أرباح مادية في فترات قصيرة، عبر خوض تجارب تملك العقارات بالقرى السياحية الجديدة.
وانقلبت الأوضاع رأساً على عقب، منذ أسس الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، مشروعات كبرى لخدمة المنطقة، منها البدء في مشروع مدينة «العلمين الجديدة»، ومد محور (الضبعة - روض الفرج) في الصحراء، لاختصار المسافة بين القاهرة والساحل الشمالي، وقبل كل ذلك جرى العمل على إزالة ملايين الألغام التي تركها المتحاربون في الصحراء المصرية الغربية، أثناء الحرب العالمية الثانية.
وتتبع مدن الساحل الشمالي الغربي، محافظة مطروح إدارياً. وتشمل مدن «مرسى مطروح (عاصمة المحافظة)»، و«العلمين»، و«سيدي عبد الرحمن»، و«الضبعة»، بالإضافة إلى عشرات الفنادق والقرى السياحية الآخذة في التنامي بطول الساحل، مثل قرى «مارينا»، و«هايسندا»، و«تلال» و«لافيستا»، و«ماونتن فيو»، وغيرها. وبعض القرى والقصور ملحق بها مهابط للطائرات المروحية؛ خاصة تلك التي تستقبل شخصيات كبيرة.
بمجرد انتهاء موسم الصيف، اشترى محمود أحمد، من القاهرة، وهو مستثمر صغير، ثلاث عمارات وفندقاً على الشاطئ. وتضم هذه العقارات نحو 360 غرفة. ويشير إلى أنه انتهى، منذ الآن، من التعاقد على تأجير أكثر من خمسين في المائة من الغرف لزوار الصيف المقبل.
في السياق نفسه، يسافر مدخرون صغار من القاهرة وما حولها، هذه الأيام، على أمل شراء مصيف دائم في الساحل. ويقول أيمن غازي، خبير استثمار: «منذ اليوم بدأ تنظيم معارض كبيرة للتسويق لمشروعات سياحية هنا، وظهرت أرقام فلكية لبيع قطع أراض، وشقق، وشاليهات». ويضيف: «أعتقد أن النشاط الكبير جعل بعض المستثمرين يقولون: لماذا أبيع المتر بألفي جنيه، إذا كانت هناك فرصة لبيعه بعشرين ألف جنيه!». لافتا: «من وضعوا الأسعار لم يضعوها اعتباطاً. إنهم يدركون أهمية المنطقة ومستقبلها».
ويمكن تقسيم الساحل الشمالي الغربي إلى فئتين: الفئة الثرية، وتكون وجهتها، عادة، القرى السياحية المنتشرة في «العلمين»، و«سيدي عبد الرحمن»، و«الضبعة»، و«رأس الحكمة». ووصل سعر الشاليه على بعض هذه القرى، إلى أكثر من خمسين مليون جنيه (الدولار يساوي نحو 17.70 جنيه). والفئة الثانية من الطبقة الفقيرة والمتوسطة، وتحرص على زيارة «مرسى مطروح»، ذات الشواطئ المفتوحة، والأسعار الأقل في التأجير، والتملك، والخدمات.
ويضيف غازي: «مثل هذه الطبقات ذات الدخل المحدود تستعد، منذ الآن، لموسم الصيف المقبل، من خلال نظام التوفير الخاص بها، والمعروف بنظام (الجمعيات)». ويقول: «الكل يحصي نقوده... الكل يريد أن يجد له مكاناً في صيف 2019، سواء من الطبقات الدنيا، أو من الأثرياء».
من جانبه يوضح جبريل بوخليف، الخبير السياحي، أنه «بالإضافة إلى الإقبال من جانب المقتدرين على إنفاق ملايين الجنيهات في شاليهات وفيلات وشقق الساحل الشمالي، ظهرت طبقة جديدة لم يكن معظمها يرتاد مصايف مرسى مطروح، يمكن تسميتها بـ(طبقة وسط الدلتا المصرية)».
وفقاً لبعض التقديرات، وصل عدد زوار ساحل البحر الممتد من غرب الإسكندرية إلى مرسى مطروح، إلى نحو سبعة ملايين زائر. ويقول بوخليف: «عدد من تعاقبوا على زيارة شواطئ مدينة مرسى مطروح، وحدها، يتراوح بين 3 ملايين و4 ملايين زائر».
وبدأ بناء قرى الساحل الشمالي في ثمانينات القرن الماضي. وأول من تملك فيها كانت طبقة رجال الأعمال، والوزراء، والفنانين. وبمرور الوقت أقيمت عشرات القرى السياحية الأخرى؛ لكنها ظلت، كعادتها، تعمل لمدة ثلاثة شهور فقط في فصل الصيف، ثم تغلق أبوابها باقي السنة.
وبدأت الدولة تفكر في طريقة لتنشيط هذا القطاع، الذي تبلغ كلفته مئات المليارات من الجنيهات؛ لكي يعمل طوال العام. وحرك الرئيس السيسي المياه الراكدة، ووضع حجر الأساس لمدينة «العلمين الجديدة»، قبل أشهر، وشجع على تحويلها لمدينة مخططة تخطيطاً عصرياً، مع إقامة المراسي لليخوت على الساحل، ومد طرق برية، وإعادة الحياة لمطارات جوية قريبة، منها «برج العرب»، و«العلمين»، إضافة لمطار «مرسى مطروح».
ويقول بوخليف: «المتر المربع في مدينة (العلمين الجديدة) وصل إلى 38 ألف جنيه، ما يعني أن ثمن الشقة التي مساحتها 100 متر، هو 3.8 مليون جنيه. من لديه أموال يفضل استثمارها هنا، سواء كانوا عرباً أو مصريين».
ويضيف: «آخر الصفقات، مع مطلع هذا الخريف، كان بيع شاليه على ساحل (رأس الحكمة) بقيمة 15 مليون جنيه. والمشتري مصري. بالطبع هناك مشترون من الخليج ومن ليبيا؛ لكن توجد شرائح في المجتمع المصري لديها إمكانات مالية أيضا».
ويرى غازي أن هذا مؤشر على «انتعاش سوق الاستثمار العقاري السياحي في مصر بشكل عام، إلى جانب جهود الدولة في إعادة استراتيجية استغلال الساحل الشمالي، وتحويله من مورد معطل، في غير شهور الصيف، إلى مورد نشط طوال العام». ويضيف: «أسعار التملك الفلكية في الساحل الشمالي، التي نسمع عنها اليوم، أسعار حقيقية».
من جهته، يقول محسن عبد المجيد، مدير تسويق سياحي بمنطقة «سيدي عبد الرحمن»: «بدأنا في الترتيب للموسم الجديد، الإقبال على الساحل الشمالي في صيف 2018 لم يكن متوقعاً. بمجرد أن انتهى تلقينا ألوف الطلبات التي تبحث عن فرص لشراء عقارات».
ويضيف أن «سعر تأجير الفيلا وصل في بعض قرى الساحل في (العلمين) و(سيدي عبد الرحمن)، في وقت الذروة، أي في أغسطس (آب) إلى أكثر من ثلاثين ألف جنيه (نحو 1500 دولار) في الليلة الواحدة. وفي هذه الأيام نستقبل مستأجرين؛ لكن بأسعار أقل. كثيرٌ من الناس يبحثون عن مكان لنسيان هموم الحياة».
ويقول غازي: «الرواج في الساحل الشمالي، يؤثر بالتبعية على شواطئ مرسى مطروح. الطبقات الفقيرة والمتوسطة تعمل منذ الآن، هي أيضاً، لكي تجد لها مكاناً في المصيف المقبل. العدد سيزداد، مع العلم أن زوار هذا العام كانوا أكثر من أي سنة مضت، رغم ارتفاع أسعار الفنادق والشقق الفندقية والخدمات، كالمطاعم والكافيتريات، وتأجير الشماسي والسيارات وغيرها».
وبينما ظهرت مكاتب تسويق للكبار في مدن مصرية وعربية، للاستثمار في مشروعات الساحل، يقول بوخليف، إن مكاتب مماثلة لكنها مختصة بالطبقات الدنيا، انتشرت في وسط الدلتا، لجذب مزيد من الزوار إلى مرسى مطروح، الأقل كلفة من القرى السياحية الخاصة.
ويضيف: «نحن نطلق عليها (شريحة كبيرة العدد قليلة الإنفاق)؛ لكن وجودها يسهم بشكل أو بآخر في إغراء آخرين، من المقتدرين، على الدخول إلى سوق مرسى مطروح، والمنافسة. لقد بدأ بعض رجال الأعمال في تأسيس منتجعات هنا أيضاً. فمرسى مطروح ترتبط بعبق تاريخي قديم، وهناك من يعشق شواطئها، بغض النظر عن مستواه المادي».
وتعد الأسعار في مدينة مرسى مطروح أقل من مثيلتها في باقي الساحل. فيمكن شراء فيلا مسجلة على مساحة 200 متر مربع، على شاطئ الأبيض مثلاً (نحو 15 كيلومتراً غرب المدينة) بنحو ثلاثة ملايين جنيه».


مقالات ذات صلة

«جي إف إتش» تطلق «OUTLIVE» لتقديم حلول عقارية مبتكرة بمجالات الصحة والرفاهية

عالم الاعمال «جي إف إتش» تطلق «OUTLIVE» لتقديم حلول عقارية مبتكرة بمجالات الصحة والرفاهية

«جي إف إتش» تطلق «OUTLIVE» لتقديم حلول عقارية مبتكرة بمجالات الصحة والرفاهية

مجموعة «جي إف إتش» المالية تعلن إطلاق «أوت لايف» (OUTLIVE)، وهي شركة عقارية مبتكرة تهدف إلى وضع معايير جديدة  للصحة والرفاهية في منطقة الشرق الأوسط وأوروبا.

عالم الاعمال «أنكس للتطوير» تكشف عن مشروع «إيفورا ريزيدنسز» في دبي

«أنكس للتطوير» تكشف عن مشروع «إيفورا ريزيدنسز» في دبي

أعلنت شركة «أنكس للتطوير»، التابعة لمجموعة «أنكس القابضة»، إطلاق مشروعها الجديد «إيفورا ريزيدنسز» الذي يقع في منطقة الفرجان.

الاقتصاد العاصمة السعودية الرياض (واس)

بفضل النمو السكاني... توقعات باستمرار ارتفاع الطلب على العقارات السعودية

تتوقع وكالة «ستاندرد آند بورز غلوبال» للتصنيف الائتماني، أن يظل الطلب على العقارات السكنية في السعودية مرتفعاً، لا سيما في الرياض وجدة، وذلك بفضل النمو السكاني.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد جناح سلطنة عمان في معرض «سيتي سكيب العالمي 2024» بالرياض (وزارة الإسكان العمانية)

سلطنة عمان تعرض مشروعات استثمارية في معرض «سيتي سكيب» بالرياض

عرضت سلطنة عمان خلال مشاركتها في أكبر معرض عقاري عالمي، «سيتي سكيب 2024» الذي يختتم أعماله الخميس في الرياض، مشروعاتها وفرصها الاستثمارية الحالية والمستقبلية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد ارتفعت الإيجارات السكنية بنسبة 11 % في أكتوبر (واس)

التضخم في السعودية يسجل 1.9 % في أكتوبر على أساس سنوي

ارتفع معدل التضخم السنوي في السعودية إلى 1.9 في المائة خلال شهر أكتوبر على أساس سنوي.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

هل تعزز زيادة الإيجار من مستقبل جزيرة كوني في نيويورك؟

أصبحت مجريات العمل شديدة الغرابة في كوني آيلاند ومجبرة على الدخول إلى حالة من عدم اليقين بشأن المستقبل
أصبحت مجريات العمل شديدة الغرابة في كوني آيلاند ومجبرة على الدخول إلى حالة من عدم اليقين بشأن المستقبل
TT

هل تعزز زيادة الإيجار من مستقبل جزيرة كوني في نيويورك؟

أصبحت مجريات العمل شديدة الغرابة في كوني آيلاند ومجبرة على الدخول إلى حالة من عدم اليقين بشأن المستقبل
أصبحت مجريات العمل شديدة الغرابة في كوني آيلاند ومجبرة على الدخول إلى حالة من عدم اليقين بشأن المستقبل

يتعين على ديانا كارلين الانتهاء من تأليف الكتاب الذي تعمل عليه بشأن متعة امتلاك بوتيك لولا ستار، ذلك المتجر الصغير والساحر للغاية في ممشى كوني آيلاند، على مدى السنوات الـ19 الماضية. لكن بدلا من ذلك، انتابت السيدة كارلين حالة من الخوف والتوتر منذ أن عرض عليها مالك المتجر الذي تعمل فيه عقدا جديدا للإيجار منذ عدة أسابيع - تزيد فيه القيمة الإيجارية بنسبة 400 في المائة دفعة واحدة. وقالت: «إنني أتساءل إن كان ينبغي علي أن أطلب لافتات (التوقف عن العمل!)».
وفي الصيف الماضي، كانت كوني آيلاند في حي بروكلين بمدينة نيويورك تزدحم بالباحثين عن الاستمتاع على الشواطئ ومختلف أشكال الترفيه الأخرى، ولكنها تميل لأن تكون أكثر هدوءا في فصل الشتاء. وقبل أكثر من عشر سنوات مضت، تعهدت مدينة نيويورك بإنشاء وجهة سياحية ذات حديقة مائية، وساحة كبيرة، وحلبة للتزلج على الجليد، تعمل على مدار السنة، مع ملايين الدولارات من الاستثمارات السكنية والتجارية.
وفي الأثناء ذاتها، قال مايكل بلومبيرغ - عمدة مدينة نيويورك آنذاك، إنه سوف تتم حماية مطاعم الأكل والمتاجر الرخيصة في المنطقة. وكان مارتي ماركويتز رئيس مقاطعة بروكلين قد أعلن في عام 2005 أن الخطة المزمعة سوف تحافظ على الروعة التي تنفرد بها كوني آيلاند مع روح المحبة والمرح المعهودة. ولكن على غرار الكثير من الخطط الكبرى في مدينة نيويورك، لم تتحقق الرؤية الكاملة للمشروع بعد. فلقد بدت كوني آيلاند خالية بصورة رسمية بعد ظهيرة يوم من أيام يناير (كانون الثاني) الماضي، وصارت بعيدة كل البعد عما تعهدت به إدارة المدينة عن الجاذبية والنشاط على مدار العام كما قالت. إذ تهب الرياح الصاخبة على منشآت مدن الملاهي الشهيرة مثل لونا بارك وستيبلشيز بارك، ولكن لا وجود لحلبة التزلج أو الحديقة المائة، حيث لم يتم إنشاء هذه المنشآت قط.
والآن، وفي مواجهة آلة التحسين التي تتحرك بوتيرة بطيئة للغاية، أصبحت مجريات العمل شديدة الغرابة في كوني آيلاند مجبرة على الدخول إلى حالة من عدم اليقين بشأن المستقبل. تقول السيدة كارلين: «إنهم يحاولون الآن تحويل ساحة اللعب المخصصة لعوام الناس إلى ملعب خاص بالأثرياء فقط».
وكانت السيدة كارلين، رفقة 5 آخرين من أصحاب الشركات الصغيرة في كوني آيلاند - وهم: ناثان فاموس، وروبي بار آند جريل، وبولز دوتر، ومطعم توم، وبيتش شوب - يتفاوضون على عقود جديدة للإيجار تمتد لمدة 10 سنوات مع شركة «زامبيرلا»، وهي الشركة المالكة للمتنزه الإيطالي التي تعاقدت معها مدينة نيويورك قبل عشر سنوات لبناء وإدارة منطقة لونا بارك الترفيهية في كوني آيلاند، والتي تعد الشركات الصغيرة المذكورة جزءا لا يتجزأ منها.
وجاءت شركة «زامبيرلا» بشروط جديدة: زيادة القيمة الإيجارية من 50 إلى 400 في المائة لكل شركة من الشركات المذكورة. وتقول السيدة كارلين عن ذلك: «إنني أعشق كوني آيلاند، والحصول على هذا المتجر على الممشى السياحي كان من أحب أحلام حياتي. ولكن ليست هناك من طريقة أتمكن بها من تحمل الشروط الجديدة».
وفي رسالة وصلت إلى صحيفة «نيويورك تايمز» من أليساندرو زامبيرلا رئيس الشركة المذكورة، جاء فيها: «نحن نهتم بشؤون كوني آيلاند ومستقبلها، ونحن ملتزمون بتحويلها إلى أقوى مجتمع يمكن بناؤه. وذلك هو السبب في تواصلنا مع المستأجرين لضمان نجاح أعمالهم ضمن المحافظة على شخصية كوني آيلاند المميزة».
ورفض السيد زامبيرلا، الذي كان في رحلة سفر إلى إيطاليا، الإجابة عن أسئلة محددة طرحتها عليه صحيفة «نيويورك تايمز»، غير أنه أضاف يقول إن ثلاثة من أصل ست شركات قد وافقت بالفعل على عقود الإيجار الجديدة ووقعت عليها، وإن الشركات الأخرى تحقق تقدما ملموسا على هذا المسار.
أثارت الزيادات المقترحة في القيمة الإيجارية على الشركات الست الصغيرة حالة من الشد والجذب الشديدة المستمرة منذ سنوات داخل كوني آيلاند.
ففي عام 2009، وبعد مواجهة استغرقت 4 سنوات كاملة حول أفضل خطط إحياء وتجديد المنطقة، ابتاعت المدينة تحت رئاسة مايكل بلومبيرغ 7 أفدنة في منطقة الترفيه المضطربة من المطور العقاري جوزيف سيت مقابل 95.6 مليون دولار.
وأراد مايكل بلومبيرغ استعادة المنطقة إلى سابق عهدها، والتي بدأت تواجه الانخفاض منذ ستينات القرن الماضي، من خلال تعزيز تطوير المتاجر والشقق على طول طريق سيرف في المنطقة. وكانت الشركات التي افتتحت في فصل الصيف تنتقل إلى جدول زمني للعمل على مدار العام، مما يساعد على تعزيز رؤية مايكل بلومبيرغ باعتبار كوني آيلاند أكبر مدينة للملاهي الترفيهية والحضرية في البلاد.
ثم استأجرت شركة «زامبيرلا» الأرض من المدينة، مما أتاح لها افتتاح مدينة لونا بارك الترفيهية في عام 2010، مع إملاء عقود الإيجار الخاصة بالشركة مع أصحاب الشركات الصغيرة، ومطالبة هذه الشركات بتسليم جانب من الأرباح المحققة إلى المدينة.
وتعرضت الشركات العاملة على الممشى السياحي في المنطقة للإغلاق، حيث عجزت عن الاتساق مع الرؤية الجديدة للشركة الإيطالية. وكانت شركات صغيرة أخرى، مثل متجر السيدة كارلين، قد عاد للعمل بعد قرار الإخلاء الذي تعرضت له في عهد المطور العقاري جوزيف سيت.
وبحلول عام 2012، كانت جهود الانتعاش جارية على قدم وساق، وشهدت المنطقة نموا في الجماهير والإيرادات. وقالت السيدة كارلين إنها حققت أرباحا بنسبة 50 في المائة تقريبا بعد تولي شركة «زامبيرلا» مقاليد الأمور.
وقال سيث بينسكي، الرئيس الأسبق لمؤسسة التنمية الاقتصادية، حول المنطقة: «يعتقد أغلب الناس أنه قد جرى تطوير المنطقة لتتوافق مع التاريخ المعروف عن كوني آيلاند». ومع ذلك، فإن منطقة الملاهي لا تعمل على مدار السنة. وقال مارك تريغر، عضو مجلس المدينة الممثل لقطاع بروكلين الذي يضم كوني آيلاند، إنه يعتقد أن الوضع الراهن نابع من ندرة الاستثمارات من قبل مجلس المدينة وعمدة نيويورك بيل دي بلاسيو ضمن أهداف المدينة لعام 2009. وقال السيد تريغر: «لا تعرف الشركات إلى أين تذهب كوني آيلاند في ظل إدارة دي بلاسيو للمدينة. فهناك قصور واضح في الرؤية ولا وجود للخطط الشاملة بشأن تحسين المنطقة». وأضاف أن الوعود غير المتحققة منحت شركة «زامبيرلا» قدرا من النفوذ لإضافة المزيد من الأعباء على المستأجرين للمساعدة في استرداد الأرباح المهدرة. وقال إن هؤلاء المستأجرين قد استثمروا أموالهم هناك تحت فكرة تحول هذه المنطقة إلى وجهة سياحية تعمل طوال العام، مع حركة السير على الممشى طيلة السنة، على العكس من 3 إلى 4 أشهر من العمل فقط في العام بأكمله. ولا يمكن لأحد السماح بتحويل الأراضي العامة إلى سلاح باسم الجشع لإلحاق الأضرار بالشركات الصغيرة.
ولقد أعربت السيدة كارلين رفقة العشرات من العمال الآخرين في كوني آيلاند عن اعتراضهم على زيادة القيمة الإيجارية وذلك بالوقوف على درجات سلم مجلس المدينة في أوائل شهر ديسمبر (كانون الأول) الماضي.
وفي مقابلة أجريت مع صحيفة «نيويورك تايمز»، وصف نورمان سيغيل محامي الحقوق المدنية قرار شركة «زامبيرلا» بأنه غير مقبول تماما، وأضاف أنه ينبغي على عمدة نيويورك بيل دي بلاسيو التدخل في الأمر. وأضاف المحامي سيغيل أن إدارة مجلس المدينة يجب أن تطالب الشركة الإيطالية طرح شروط إيجارية معقولة، وإذا لم يحدث ذلك، فينبغي على المدينة التفكير جديا في سحب عقد الإيجار من شركة «زامبيرلا»، التي أفادت في محاولة لتحسين النوايا بأنها سوف تمدد الموعد النهائي للسيدة كارلين لتوقيع عقد الإيجار الخاص بها حتى يوم الأربعاء المقبل.
وقالت السيدة كارلين عن ذلك: «يقضي صاحب الشركة عطلته في إيطاليا في حين أنني أبذل قصارى جهدي لمجرد إنقاذ متجري الصغير ومصدر معيشتي الوحيد». ورفض السيد زامبيرلا وأصحاب الشركات الخمس الأخرى التعليق على عقود الإيجار الخاصة بهم، برغم أن الكثير من الشخصيات المطلعة على الأمر أكدوا أن الزيادة تتراوح بين 50 في المائة للمتاجر الكبيرة و400 في المائة لمتجر السيدة كارلين الصغير، والتي قالت إنها تعتقد أن الشركات الأخرى لم تتحدث عن المشكلة علنا خشية الانتقام من الشركة الإيطالية ومخافة قرارات الطرد.
وأضافت السيدة كارلين تقول: للتعامل مع الزيادات المطلوبة في الإيجار قرر أصحاب المتاجر رفع الأسعار، وإن أحد المطاعم أجرى تغييرات للانتقال من مطعم للجلوس وتناول الطعام إلى مطعم للوجبات السريعة للحد من التكاليف.
واستطردت السيدة كارلين تقول: «حاولت تقديم الالتماس إلى مجلس المدينة مرارا وتكرارا من خلال المكالمات الهاتفية ورسائل البريد الإلكتروني والاحتجاجات خلال الشهر الماضي - ولكن لم يتغير شيء حتى الآن. وقال لها مجلس المدينة إنه غير قادر على المساعدة وليس هناك الكثير مما يمكن القيام به، ولكنني لا أوافق على ذلك، فهم أصحاب الأرض التي يستأجرها منهم زامبيرلا».
وقال المحامي سيغيل إن الزيادات باهظة للغاية لدرجة أنها قد تكون سببا وجيها للتقاضي، وأضاف: «هناك عدد من السوابق القضائية في ذلك إذا قررت المحكمة أن ما تقوم به الشركة غير معقول، ويمكن أن يكون ذلك من المطالب القانونية المعتبرة في حد ذاتها».
وليست هناك مؤشرات عامة في مجلس المدينة بشأن خطط سحب عقد الإيجار من زامبيرلا، أو التدخل، إذ إن زيادة القيمة الإيجارية لا تنتهك الاتفاقية المبرمة بين مجلس المدينة وبين شركة زامبيرلا. ونفت السيدة جين ماير، الناطقة الرسمية باسم عمدة نيويورك، الادعاءات القائلة بأن إدارة المدينة تفتقد للرؤية الواضحة أو الخطة الشاملة حيال كوني آيلاند. وقالت إن المدينة أنفقت 180 مليون دولار على تطوير البنية التحتية في كوني آيلاند خلال السنوات العشر الماضية، مع التخطيط لتوسيع نظام النقل بالعبّارات في نيويورك إلى كوني آيلاند بحلول عام 2021.
وأضافت السيدة ماير تقول: «تلتزم إدارة المدينة بالمحافظة على شخصية كوني آيلاند مع ضمان الإنصاف والمساواة والاستعداد للمستقبل». في حين تساءل المحامي سيغيل: لمن يُخصص هذا المستقبل؟ وهو من مواطني المدينة ونشأ في حي بروكلين، واعتاد قضاء فترات من الصيف على الممشى السياحي هناك، ويتذكر إنفاق دولار واحد لدخول مدينة الملاهي ثم العودة لتناول وجبة العشاء الشهية لدى مطعم ناثان فاموس المعروف، وقال: «علينا مواصلة الكفاح لإنقاذ كوني آيلاند التي نحبها».
- خدمة «نيويورك تايمز»