آندي وارهول... أعمال ساذجة خالية من العواطف الإنسانية

معرض فني كبير في روما للفنان الأميركي في الذكرى الـ90 لميلاده

لوحة من المعرض
لوحة من المعرض
TT

آندي وارهول... أعمال ساذجة خالية من العواطف الإنسانية

لوحة من المعرض
لوحة من المعرض

كان من الطبيعي في السنوات التي تلت الحرب العالمية الثانية أن يرفض الفن كثيراً من القيم التقليدية التي كانت سائدة، كي يعيد بناء عوالمه الخاصة، منطلقاً من صلته المباشرة بالأحداث. وجاءت عبارة «البوب أرت» أي الفن الشعبي في منتصف الخمسينات من القرن الماضي لتعلن وقوف كثير من الفنانين الشباب ضد ما كان يسمى بالفن اللاشكلي للتعبير والعودة من جديد للاستجابة لحوار الأساليب الشكلية في العمل الفني، وذلك لأنهم رأوا في الحداثة التي جاءت بها التجريدية ما يشكل انفصالاً في الموقف حيال الواقع الاجتماعي. وبفعل المتغيرات الجذرية التي شهدتها أوروبا الغربية والولايات المتحدة الأميركية، تحول فن الحداثة التشكيلي إلى طقوس وشعائر، ودعاية وإعلانات، وأصبح المهم هو عمل الفنان، وحركته، ومشاركة الجمهور، وبالتالي تحول إلى منشط ثقافي في الوسط الذي يحيا فيه، لأن المهم بالنسبة إليهم، هو «فكرة العمل الفني» وليس العمل الفني بحد ذاته. وهكذا يتم الخلط بين عدة أنظمة فنية في العمل الواحد… (نحت - عمارة - رسم - مسرح - موسيقى... تصوير فوتوغرافي - حفر - طباعة - رقص - نشاط - سياسة)، ما حول العمل الفني إلى استعراض سمعي - بصري - حركي.
وقد ظهرت حركة «البوب أرت» مرتبطة في بداية الأمر بوسائل الإعلام وأساليب الدعاية التي كانت سائدة في الولايات المتحدة الأميركية. وقد احتاجت هذه التجارب الفنية إلى وقت طويل كي تستطيع أن تبني لنفسها موقفاً متماسكاً يقف بالضد من حركة التجريد الكاسحة التي شاعت في عموم العالم.
إلا أن حركة «البوب أرت» لم تكن نفسها في دول أوروبا كما الحال في الولايات المتحدة الأميركية، إذ كان الفنانون الأوروبيون الغربيون يبحثون من خلالها عن أشكال مماثلة، إلا أنها تتسم بدلالة تمثيلية انتقادية أكثر وضوحاً للواقع الاجتماعي ومظاهره الاستهلاكية التي أصبحت أسيرة لطبيعة النظام الرأسمالي.
و«البوب أرت» ارتبط اسمها باستخدام كل الوسائل المتداولة في الحياة اليومية وفي طريقة التعامل المتغيرة مع المواد والألوان كعناصر فاعلة، ومغايرة لكل ما تقتضيه المفاهيم الفنية التقليدية. كل ذلك لتتيح لنفسها التحرر والانفلات من قيود المراقبة وقوانينها التقليدية، ولم تنفصل عن تأثيرات الدادائية خصوصاً اختبارات الفنان الفرنسي مارسيل دي شامب والفنان مان راي وتحركات الفنان غابو وغيرهم، فجاءت العودة لاستخدام الصورة الفوتوغرافية وقصاصات الصحف والمجلات المصورة، وركزت فيما بعد على تكبير الصور الفوتوغرافية بواسطة الفانوس السحري لتضيف لها الألوان.
ويجيء المعرض الكبير، في صالات قصر «الفتوريانو» الكبير في قلب العاصمة الإيطالية روما، للفنان الأميركي آندي وارهول (1928 - 1987) بمناسبة الذكرى 90 لميلاده، ويضم 140 عملاً فنياً من أعماله، إضافة إلى مجاميع من العلب المعدنية للحساء الجاهز، التي كان يرسم إعلاناتها التجارية. ويؤكد هذا المعرض، الذي تحولت جدران صالاته إلى تشكيلات ملونة متحركة لعدد كبير من أعماله الفنية، الاتجاه الأميركي المرتبط بالتصوير الساذج في رؤية العالم، من خلال العمل الفني الخالي من أي تأثر أو عاطفة، بل إن هذه الرؤية شكلت في البداية أحد ثوابت اتجاهات «البوب أرت» الأميركي، فبدايات هذا الفنان التي ارتبطت بالعمل الدعائي الإعلاني الذي مارسه كرسام أزياء ورسام بطاقات الأعياد والتهنئة ومناسبات الزواج والوفاة، والملصقات الجدارية التجارية، ولم تتغير أساليبه في عملية انتقاله من الفن التجاري إلى ممارسة العمل الفني البحت، بل ظل يعتمد على استخدام الصورة الفوتوغرافية التي تعتمد على التكرار مع إضافة بعض التعديلات البسيطة خصوصاً ما يتعلق باللون. واستعان في عمله بطرح إعادة التقييم البصري الذي تحمله الصورة الفوتوغرافية، دون خلق التباين والتناقض في الحالة التي يسخرها أو يستخدمها في خدمة عمله الفني.
إن صلة الفنان وارهول كنموذج لغيره من الفنانين الأميركيين بمظاهر الحياة الواقعية، خصوصاً الصناعية منها، وما يحمله عالم الآلة، كانت تعكس حيادية، أقل ما يمكن أن يقال عنها إنها باردة وتلقائية وفطرية في تحديد الحركة والفعل.
كما أن الموضوعات استخدمت لذاتها لتكون أكثر واقعية في تصوير الواقع، وبصورة وثائقية لا تحمل التنوع أو التباين، إلا في بعض التفاصيل الصغيرة. وفي النهاية إن ما تعكسه هذه اللوحات هي حالة راهنة لا تحتمل دخول عالم الرمز إليها، لأنها كما ذكرنا تعتبر توثيقية مع الواقع.
وجاءت شهرة وارهول الكبيرة من خلال ارتباطه بالعمل التجاري في البداية، ومن خلال حاجة المجتمع الأميركي إلى وسائل جديدة للتعبير عن الواقع الجمالي في حياة اتسمت باللامبالاة والبرودة، وقد جعلت منه الدعاية الأميركية حتى هذه اللحظة أكبر فنان في العصر الحديث، بل إن بعض النقاد الأميركان أطلق عليه تسمية «روفائيل» عصرنا الراهن.
الشهرة أتت لوارهول في البداية باعتماده على إعادة رسم الصور الفوتوغرافية بأحجام كبيرة متكررة تتعارض فيها المناطق الملونة بخلائط لونية شديدة التباين، وعالج سطوح أعماله مشدوداً إلى الامتداد والاستمرارية أكثر من اعتماده على البؤرة داخل سطح العمل الفني، وكان بهذا يطلب من المشاهد الاستجابة الحسية غير المنفعلة التي لا تتطلب التركيز والانفعال، فصوّر شخصيات نجوم السينما البارزين أمثال مارلين مونرو، كما صور شخصيات سياسية أمثال ماوتسي تونغ. واشتهرت أعماله داخل أميركا مثل المسلسل الكارتوني «ديك تراسي» و«كاركراش» و«نقاط القوة» و«كوكا كولا» و«بيبسي كولا» و«جاكلين كيندي» و«الموناليزا» و«ألفيس بريسلي»، واشتهر عمل له باسم «علب الشوربة» وآخر عمل أنجزه «العشاء الأخير».
وهو بكل هذه الأعمال أراد أن يحقق مسألة انتقال ميكانيكية الدعاية التجارية السهلة إلى سطوح العمل الفني من دون محاولة محاكمة الموضوع. وقال في إحدى المرات إن «الدافع الأساسي في عملي الفني هو أن يجعلني أشبه بالآلة»، إلا أن بعض أعماله تتجه إلى تعرية الهالة الصنمية التي تتمتع بها الشخصيات التي كان يرسمها، من خلال إخضاعها لمسيرة الدعاية التجارية العادية جداً، وهو بهذا التوجه حاول أن يبرز طبيعة الواقع الاجتماعي في تمثيل الأشياء الحقيقية الموجودة فعلاً في هذا الواقع شواهد للظاهرة الحياتية التي جلبتها الآلة والتكنولوجيا، وجعلتها تسير داخل دائرة لا تخلو من سخرية تدعو في جانبها الخفي إلى التساؤل، وهذا ما تظهره أعمال وارهول «السيريغرافية» التي أطلق عليها اسم «الكوارث»، فمجموعة هذه الأعمال تصوّر حوادث السير، والكرسي الكهربائي للإعدام، والاضطرابات العنصرية. فمع ميكانيكية ما كان يطمح لتحقيقه، فإن فنه لا يخلو على الإطلاق من تنشيط في مدارات الجدل حول التلقائية الآلية الفطرية.
لقد تميزت مجموعته «السيريغرافية» باستخدام الألوان الحارة الصافية والمتناقضة على سطح صوره الفوتوغرافية المتكررة بغرض تمويه بعض الأجزاء، ولتقتل ميكانيكية التكرار، فركز على استخدام اللون الأحمر البرتقالي والوردي والأسود الفاحم والأصفر الفاقع، وهي ألوان الملصق الدعائي نفسها. كما أن أعماله لا تتسم بالتقنية الدقيقة، وهو بخلاف زميله الفنان الأميركي ويسيلمان الذي سخر فنه لنقد الواقع الاجتماعي الأميركي، كما أن وارهول يختلف عن الفنانين جاسبر، وجونسن، وروبيرت راوشنبرغ اللذين شكلت أعمالهما اقتراباً لعالم الدادائية في تعبيراته واختزالاته وجنونه.
وفن «البوب أرت» هو كلمة مختصرة لكلمة «popular art» وهي تشير إلى «الفن الشعبي»، وهو نوع من أنواع الفنون الجميلة التي تعتمد على السخرية من الواقع، ويتمثل في مجموعة من الصور الفوتوغرافية التي تمثل مجموعة من الناس والأشياء والتقاليد أو الثقافات الشعبية، وأحياناً تمثل هذه الصور الفوتوغرافية والإعلانات والأخبار وغيرها من مجريات أحداث تدور حول ملتقط الصورة.



شكوك حول أسباب وفاة الملحن المصري محمد رحيم

الملحن المصري الراحل محمد رحيم خاض تجربة الغناء (حسابه على «فيسبوك»)
الملحن المصري الراحل محمد رحيم خاض تجربة الغناء (حسابه على «فيسبوك»)
TT

شكوك حول أسباب وفاة الملحن المصري محمد رحيم

الملحن المصري الراحل محمد رحيم خاض تجربة الغناء (حسابه على «فيسبوك»)
الملحن المصري الراحل محمد رحيم خاض تجربة الغناء (حسابه على «فيسبوك»)

أثار خبر وفاة الملحن المصري محمد رحيم، السبت، بشكل مفاجئ، عن عمر يناهز 45 عاماً الجدل وسط شكوك حول أسباب الوفاة، كما تصدر اسم رحيم «ترند» موقعي «غوغل»، و«إكس»، خلال الساعات الأخيرة.

وكان الفنان المصري تامر حسني قد أعلن عن موعد مراسم الجنازة عبر خاصية «ستوري» بصفحته الرسمية بموقع «إنستغرام»، لكنه سرعان ما أعلن تأجيل المراسم، لافتاً إلى أن طاهر رحيم، شقيق الفنان الراحل، سيعلن عن موعد الجنازة مجدداً، وكان الأخير أعلن تأجيلها «حتى إشعار آخر»، وفق ما كتب عبر حسابه بـ«فيسبوك».

وحسب مواقع إخبارية محلية، فقد تم تأجيل مراسم الجنازة عقب توقيع الكشف الطبي على جثمان الملحن الراحل، ووجود شكوك في شبهة جنائية حول وفاته، إذ تضمن تقرير طبي متداول إعلامياً ومنسوب لإحدى الإدارات الصحية بمحافظة الجيزة وجود «خدوش وخربشة»، و«كدمات» في الجثمان.

يذكر أن رحيم كان قد أعلن في شهر فبراير (شباط) الماضي عبر حسابه بموقع «فيسبوك» عن اعتزاله الفن، لكنه تراجع عن قراره ونشر مقطعاً مصوراً أكد خلاله عودته مجدداً من أجل جمهوره.

الملحن محمد رحيم والفنانة نانسي عجرم (حسابه على «فيسبوك») ‫‬

كان الراحل قد تعرض لذبحة صدرية في شهر يوليو (تموز) الماضي، دخل على أثرها إلى العناية المركزة، حسبما أعلنت زوجته مدربة الأسود المصرية أنوسة كوتة.

من جانبها، أعلنت أرملة رحيم قبل ساعات عبر صفحتها الشخصية بموقع «فيسبوك»، عن موعد الجنازة مجدداً بعد صلاة عصر اليوم (السبت)، من مسجد الشرطة بمدينة الشيخ زايد، لكنها قامت بحذف المنشور.

الشاعر والناقد الموسيقي المصري فوزي إبراهيم أكد أن «وفاة رحيم شكلت صدمةً لجمهوره ومحبيه حيث كان بصحة جيدة، وخرج من محنته المرضية الأخيرة وتعافى تماماً وذهب لأداء العمرة قبل شهر».

الملحن المصري محمد رحيم (حسابه على «فيسبوك»)

وتحدث فوزي لـ«الشرق الأوسط» عن رحيم الملحن، لافتاً إلى أن «إنتاجاته لها مذاق مختلف، وهذه السمة نادرة الوجود حيث عُرف بالتفرد والإبداع والابتكار الذاتي».

وذكر فوزي أن تعاونه مع رحيم بدأ مطلع الألفية الحالية واستمر حتى رحيله، حيث كان على موعد لتسجيل أحدث أغاني «الكينج» محمد منير من كلماته وتلحين رحيم.

ووصف فوزي، رحيم، بأنه «أحد عباقرة العصر وإحدى علامات الأغنية المصرية في الربع قرن الأخير»، لكنه كان يعاني بسبب تجاهله وعدم تقديره إعلامياً.

ويستكمل فوزي حديثه قائلاً: «إحساسه بعدم التقدير جعله يوظف طاقته بالعمل، ويبتعد عن السلبيات، حتى صار مؤخراً في المرتبة الأولى في قائمة التحصيل وحق الأداء العلني بالأرقام الرسمية من جمعية (المؤلفين والملحنين المصرية - الساسيرو)، حتى أن اسمه فاق اسم الموسيقار بليغ حمدي في التحصيل، كما جرى تكريمه بالعضوية الذهبية».

الملحن محمد رحيم والفنان محمد منير (حساب الملحن الراحل على «فيسبوك»)

وتعاون رحيم مع عدد من الفنانين، من بينهم نانسي عجرم، وعمرو دياب، ومحمد منير، وأصالة، وإليسا، ونوال الزغبي، وأنغام، وآمال ماهر، وروبي، ومحمد حماقي، وتامر حسني، وساندي، وكارول سماحة، وبهاء سلطان، وتامر عاشور، وجنات، وهيفاء وهبي، وغيرهم.

ومن بين الألحان التي قدمها محمد رحيم منذ بدايته قبل 26 عاماً أغنيات «وغلاوتك» لعمرو دياب، و«أنا لو قلت» لمحمد فؤاد، و«الليالي» لنوال الزغبي، و«يصعب علي» لحميد الشاعري، و«ياللي بتغيب» لمحمد محيي، و«أحلف بالله» لهيثم شاكر، و«جت تصالحني» لمصطفى قمر، و«مشتاق» لإيهاب توفيق»، و«أنا في الغرام» لشيرين، و«بنت بلادي» لفارس، و«ليه بيداري كده» لروبي، و«في حاجات» لنانسي عجرم.