المصورات الصحافيات... لقطات ترصدها عين نسوية تجسد المعاناة وتخاطب القضايا

استطعن التغلب على التحديات في العالم العربي والوصول إلى العالمية

الجمال الممنوع للمصورة هبة خميس
الجمال الممنوع للمصورة هبة خميس
TT

المصورات الصحافيات... لقطات ترصدها عين نسوية تجسد المعاناة وتخاطب القضايا

الجمال الممنوع للمصورة هبة خميس
الجمال الممنوع للمصورة هبة خميس

تزخز الصحافة العربية بأسماء لامعة لمصورات صحافيات التقطن بعدساتهن أحداث الحروب والمظاهرات، وجسَّدن موضوعات إنسانية نابضة بالحياة. «الشرق الأوسط» حاورت عدداً من المصورات في الوطن العربي من «المملكة العربية السعودية ومصر وفلسطين ولبنان». وبدا أن هناك قواسم مشتركة في تجارب المصورات الصحافيات اللاتي عملن في غرف الأخبار المحلية والعالمية، تمثَّلت في التحدي والمثابرة وحب المغامرة والرغبة في إلقاء الضوء على القضايا التي تجسد معاناة المرأة العربية جراء ويلات الحروب والثورات.

عدسة نجلاء تتحدى حواجز اللغة
من السعودية، تقول المصورة الصحافية، نجلاء خليفة لـ«الشرق الأوسط»: «لدى شغف كبير بالفنون البصرية كالرسم والتصوير والخط العربي، وأهداني والدي كاميرا صغيرة والتي صورت بها مناسباتنا العائلية، ورحلاتنا في الإجازة الصيفية»، مضيفة أن الصورة لغة عالمية تتخطى حواجز المكان والزمان واللغة، ولا تحتاج إلى وسيط بينها وبين المتلقي، وهناك كثير من الصور محفورة في ذاكرة الشعوب مثل صورة «محمد الدرة»... وأهوى تصوير الموضوعات الثقافية كالتراث العمراني والمباني، والتراث الحضاري، والحرف اليدوية، وغيرها من الموضوعات.
وقالت نجلاء: «تكللت مسيرتي بالنجاح بالحصول على 41 جائزة ووساماً في مسابقات عالمية ومحلية، كان آخرها الميدالية الذهبية في مسابقة طوكيو العالمية... وتم تكريمي في كثير من المسابقات مثل، (مسابقة الوطن في عيون الفوتوغرافيات)، و(المهرجان العربي الأوروبي)». مقدمةً نصيحة للفتيات اللاتي يرغبن في احتراف التصوير الفوتوغرافي بكثرة الاطلاع، والالتحاق بالدورات التدريبية وحضور المعارض المختلفة.

إيمان توثق فتنشر لها أعرق الصحف

أما المصورة الصحافية إيمان الدباغ، من السعودية، فتقول: «تكونت ذائقتي الفنية والبصرية منذ تنفيذ مشروع تخرجي في قسم (التصميم الغرافيكي) بإحدى الجامعات في أميركا، ثم بدأت في توثيق حياتي اليومية بالكاميرا، وسافرت إلى مصر لزيارة جدتي وبدأت أنظر إلى العالم المحيط بي بنظرة مختلفة؛ فكنت أصور إيقاع حياة المواطنين في المواصلات والشارع، ثم قمت بتصوير أفراح صديقاتي اللاتي أثنوا عليها، فقررت أن يكون التصوير الفوتوغرافي مهنتي، وعملت لدى كثير من الصحف في كاليفورنيا بين 2006 و2009»، مضيفة لـ«الشرق الأوسط» تعلمت كيفية حكي الموضوعات بطريقة وثائقية عن طريق الكاميرا، فقد عايشت رحلة «نسرين»، وهي بنت فلسطينية سافرت إلى كاليفورنيا لتلقي العلاج، وقد مكثتُ معها في المستشفى لمعايشة حالتها.
إيمان تقول: «عملت في كثير من الصحف، مثل: (لوس أنجليس تايمز)، و(وول ستريت)، و(واشنطن بوست)، و(الغارديان)، و(التايمز)، و(دير شبيغل)... ومن أبرز قصصي المصورة هي القصة التي نشرت لي في (واشنطن بوست) عن مجموعة من النساء السعوديات من خلفيات وثقافات وآراء متعددة... وفزتُ أخيرا بجائزة هي (Arab Fund For Arts and Culture)».

الأحداث تصحب لورا وكاميرتها
في جولة عالمية
المصورة الصحافية الفلسطينية، لورا بوشناق، قالت لـ«الشرق الأوسط»: «درستُ علوم اجتماعية في الجامعة اللبنانية، ودرست تصويراً بالمراسلة مع (معهد التصوير) بنيويورك، وبعد تخرجي عملت بمهنة التصوير في أحد الاستوديوهات، ولكن روتين العمل اليومي حال دون تحقيق طموحي وقدرتي على التخيل والابتكار فغادرت العمل، وبدأت التدريب مع مصور كان يعمل سابقاً أيام الحرب الأهلية بلبنان مع وكالة الصحافة الفرنسية، وكان يمتلك وكالة خاصة به، ثم عملت كمصورة صحافية لدى مكتب (أسوشييتد برس) في بيروت لمدة عام، ثم عملت ضمن أعضاء الجهاز التحريري لـ(وكالة الصحافة الفرنسية) بمركزهم في نيقوسيا لمدة ثماني سنوات، وعملت في مكتب الوكالة في باريس لمدة عامين، وقمت خلالها بكثير من التغطيات الإخبارية المهمة، كتغطية الحرب في العراق، كذلك الحرب ما بين إسرائيل و(حزب الله) في 2006... وأعمل حالياً مراسلة لدى (نيويورك تايمز)، لأنني أفضل العمل مصورةً حرةً لكي أصور الموضوعات بعمق وأركز على مشاريعي الخاصة».
وحول طبيعة الموضوعات التي تجسدها لورا، ذكرت: «أفضل تجسيد الموضوعات النسائية، وأعمل حالياً على مشروع (المرأة العربية والتعليم) الذي بدأته منذ عام 2009، وخلال هذه الفترة قمت بتغطية 7 دول عربية من أجل إلقاء الضوء على الصعوبات التي تواجه المرأة في تحقيق أحلامها وإكمال دراستها، وهذا المشروع مميز لأن السيدات كتبن بخطهن على الصور، كما جسدت قضية (محمد) وهو لاجئ فلسطيني من مخيم الراشدية، وأصيب بقنبلة عنقودية وفقد رجليه عام 2006، ولم أكتف بتجسيد معاناته، بل أنشأت حملة لجمع التبرعات على أحد مواقع الإنترنت في العام الماضي لجلب أطراف صناعية متطورة له، وخلال 3 أيام قمنا بتجميع مبلغ 26 ألف دولار، حتى تمكَّن (محمد) من السير باستخدام هذه الأطراف وعثر على فرصة عمل مناسبة».
لورا حصلت على كثير من الجوائز من أهمها، منحة مؤسسة «Getty Images» للتمكين الصحافي، والحصول على المركز الأول في جائزة «تيري أونيل» للتصوير الفوتوغرافي في لندن، واختيار إصداراتها «أنا أقرأ... أنا أكتب» للعرض في المتحف البريطاني... كما شاركت في تأسيس مجموعة «راوية» وهي أول مجموعة نسائية للصور في منطقة الشرق الأوسط.
وحول أسباب قلة عدد المصورات الصحافيات في الوطن العربي، أشارت لورا إلى أن الفتيات والسيدات يواجهن معارضة شديدة من الأهل للعمل في هذه المهنة، التي يظنها كثيرون مقتصرة على الرجال فقط، كما أن مهنة التصوير تتطلب مجهوداً بدنياً كبيراً، والوجود خارج المنزل لساعات طويلة، فضلاً عن حتمية الحصول على تصاريح من الجهات المسؤولة.

نتالي تصّور معاناة اللاجئات
وتكسر الصور النمطية
أما المصورة الصحافية اللبنانية، نتالي نقاش، لديها 7 سنوات خبرة في التصوير الفوتوغرافي، وترتكز قصصها المصورة على توثيق قضايا المرأة العربية، واللاجئات في منطقة الشرق الأوسط، وذلك بهدف كسر الصور النمطية عن المرأة، وتصحيح صورة العالم العربي في عيون الدول الغربية، وتسليط الضوء على معاناة اللاجئات السوريات اللاتي انقلبت حياتهن رأساً على عقب جراء ويلات الحروب والثورات.
وتقول نتالي لـ«الشرق الأوسط»: «درستُ التصوير الفوتوغرافي في لندن، وخلال دراستي الجامعية حصلت على منحة في (صانداي تايمز)، و(الغارديان)، وبعد تخرجي نشرت أعمالي في كثير من الصحف العالمية مثل، (نيويورك تايمز)، و(لوموند)، و(دير شبيغل)».
ووثقت نتالي أحوال معيشة عدد من اللاجئات، والصعوبات التي يواجهونها، فقد انقلبت حياة مجموعة من الصديقات السوريات (ديانا، ونادية، ودانيلا، وعليا) رأساً على عقب أحداث الحرب، بسبب ويلات الحروب فانتقلت إحداهن إلى المعيشة في دبي، وسافرت الأخرى إلى قطر، والثالثة إلى نيويورك، وأقامت الرابعة في لبنان... وقد أعدت نتالي هذه القصة بالتعاون مع «برنامج التصوير الفوتوغرافي الوثائقي العربي».

لقطات هبة تجسد المعاناة وتخاطب القضايا
ومن مصر، تحدثت المصورة الصحافية هبة خميس، قائلة لـ«الشرق الأوسط»: «تخرجتُ في كلية الفنون الجميلة بجامعة الإسكندرية عام 2011، ثم عملت كمصورة لدى كثير من المواقع الإلكترونية مثل (التحرير)، و(محيط)، وعملت مراسلة أيضاً لدى وكالة (أسوشييتد برس)، ووكالة التصوير الأوروبية».
وأضافت: «راودتني فكرة قصة (الجمال الممنوع) التي أهَّلتني للفوز بالمركز الأول في مسابقة (World Press Photo)، وذلك عندما قرأت خبراً في موقع (الإندبندنت)، حول عادة (كيِّ أثداء فتيات الكاميرون) حماية لهن من خطر الاغتصاب والاختطاف، فسافرت إلى الكاميرون ومكثت شهراً لتجسيد معاناة الفتيات اللاتي تعرضن لهذه التجربة القاسية... وتعتبر هذه القصة ضمن مشروع التخرج للنجاح في دبلوم التصوير الفوتوغرافي الذي حصلت عليه من الدنمارك».
هبة تعمل حالياً على تصوير مجموعة من الموضوعات الحساسة والشائكة مثل «المتحولين جنسياً في مصر»، تخطط لتصوير قصة عن «اختطاف العرائس في كردستان العراق».

قصة سماح وروز وحياة
أما المصورة الصحافية المصرية سماح زيدان، فلديها كاميرا تطلق عليها اسم روز، وأخرى اسمها حياة ترافقها أينما ذهبت. وتقول سماح، وهي رئيس قسم التصوير ببوابة مؤسسة «روز اليوسف» الصحافية لـ«الشرق الأوسط»، «بدأت رحلتي مع عالم التصوير بعد تخرجي في كلية الآداب جامعة عين شمس، وعملت في عدة صحف ومواقع إلكترونية، وواجهتني كثير من الصعوبات والتحديات، منها أنني نجوتُ من الموت بأعجوبة أثناء تغطية أحداث المظاهرات، وتحطمت أيضاً عدسات الكاميرا الخاصة بي، لكن فزتُ العام الماضي بجائزة التميز الصحافي من نقابة الصحافيين لتغطية (قضايا التعليم الفني والتدريب المهني)».


مقالات ذات صلة

«الأبحاث والإعلام» تتصدّر مهرجان «أثر» للإبداع بـ6 جوائز مرموقة

يوميات الشرق «SRMG Labs» أكثر الوكالات تتويجاً في مهرجان «أثر» للإبداع بالرياض (SRMG)

«الأبحاث والإعلام» تتصدّر مهرجان «أثر» للإبداع بـ6 جوائز مرموقة

حصدت «SRMG Labs»، ذراع الابتكار في المجموعة السعودية للأبحاث والإعلام (SRMG)، 6 جوائز مرموقة عن جميع الفئات التي رُشّحت لها في مهرجان «أثر» للإبداع.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
يوميات الشرق تضم المنطقة المتكاملة 7 مباني استوديوهات على مساحة 10.500 متر مربع (تصوير: تركي العقيلي)

الرياض تحتضن أكبر وأحدث استوديوهات الإنتاج في الشرق الأوسط

بحضور نخبة من فناني ومنتجي العالم العربي، افتتحت الاستوديوهات التي بنيت في فترة قياسية قصيرة تقدر بـ120 يوماً، كواحدة من أكبر وأحدث الاستوديوهات للإنتاج.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
العالم سيارة عليها كلمة «صحافة» بالإنجليزية بعد تعرض فندق يقيم فيه صحافيون في حاصبيا بجنوب لبنان لغارة إسرائيلية في 25 أكتوبر (رويترز)

اليونيسكو: مقتل 162 صحافياً خلال تأديتهم عملهم في 2022 و2023

«في العامين 2022 و2023، قُتل صحافي كل أربعة أيام لمجرد تأديته عمله الأساسي في البحث عن الحقيقة».

«الشرق الأوسط» (باريس)
المشرق العربي صحافيون من مختلف وسائل إعلام يتشاركون موقعاً لتغطية الغارات الإسرائيلية على مدينة صور (أ.ب)

حرب لبنان تشعل معركة إعلامية داخلية واتهامات بـ«التخوين»

أشعلت التغطية الإعلامية للحرب بلبنان سجالات طالت وسائل الإعلام وتطورت إلى انتقادات للإعلام واتهامات لا تخلو من التخوين، نالت فيها قناة «إم تي في» الحصة الأكبر.

حنان مرهج (بيروت)
يوميات الشرق الملتقى يُعدُّ أكبر تجمع في السعودية للمؤثرين والخبراء وصناع المحتوى الرقمي (واس)

السعودية تطلق أول ملتقى لـ«صناع التأثير» في العالم

أعلن وزير الإعلام السعودي سلمان الدوسري إطلاق الملتقى الأول لصناع التأثير (ImpaQ)، الذي تستضيفه العاصمة الرياض يومي 18 و19 ديسمبر المقبل.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

«واشنطن بوست» لن تؤيد أي مرشح للرئاسة الأميركية

باتريك سون شيونغ (أ.ب)
باتريك سون شيونغ (أ.ب)
TT

«واشنطن بوست» لن تؤيد أي مرشح للرئاسة الأميركية

باتريك سون شيونغ (أ.ب)
باتريك سون شيونغ (أ.ب)

في كل انتخابات رئاسية وعامة تشهدها الولايات المتحدة، كان للمؤسسات الإعلامية الأميركية على الدوام نصيب من تداعياتها. وفي العادة أن جلّ المؤسسات الاعلامية كانت تنحاز لأحد طرفي السباق، حتى في بعض الانتخابات التي كانت توصف بأنها «مفصلية» أو «تاريخية»، كالجارية هذا العام. بل وكان الانحياز يضفي إثارة لافتة، لا سيما إذا «غيّرت» هذه المؤسسة أو تلك خطها التحريري المألوف، في محاولة للظهور بموقف «حيادي».

غير أن الواقع كان دائماً يشير إلى أن العوامل التي تقف وراء هذا «التغيير» تتجاوز مسألة الحفاظ على الحياد والربحية وتعزيز المردود المالي. إنها سياسية بامتياز، خصوصاً في لحظات «الغموض والالتباس» كالتي يمر بها السباق الرئاسي المحتدم هذا العام بين نائبة الرئيس كامالا هاريس مرشحة الحزب الديمقراطي والرئيس السابق دونالد ترمب مرشح الحزب الجمهوري.

مقر «اللوس أنجليس تايمز» (أ.ب)

«واشنطن بوست» لن تؤيد أي مرشح!

يوم الجمعة، أعلن ويليام لويس، الرئيس التنفيذي وناشر صحيفة «واشنطن بوست»، التي يملكها الملياردير جيف بيزوس، رئيس شركة «أمازون» العملاقة، أنها لن تؤيد أي مرشح رئاسي لا في هذه الانتخابات، ولا في أي انتخابات رئاسية مستقبلية. وأضاف لويس، في مقال: «نحن نعود إلى جذورنا بالإحجام عن تأييد المرشحين الرئاسيين... هذا من تقاليدنا ويتفق مع عملنا في 5 من الانتخابات الـ6 الأخيرة». وتابع لويس: «ندرك أن هذا سيُفسَّر بطرق مختلفة، بما في ذلك اعتباره تأييداً ضمنياً لمرشح واحد، أو إدانة لمرشح آخر، أو تنازلاً عن المسؤولية... هذا أمر لا مفر منه. لكننا لا نرى الأمر بهذه الطريقة. إننا نرى ذلك متوافقاً مع القِيَم التي طالما دافعت عنها صحيفة (واشنطن بوست)». واختتم: «إن وظيفتنا في الصحيفة هي أن نقدّم من خلال غرفة الأخبار، أخباراً غير حزبية لجميع الأميركيين، وآراءً محفزة على التفكير من فريق كتّاب الرأي لدينا لمساعدة قرائنا على تكوين آرائهم الخاصة». إلا أنه في بيان وقّعه عدد من كبار كتّاب الرأي في الصحيفة، بينهم ديفيد إغناتيوس ويوجين روبنسون ودانا ميلبنك وجينيفر روبن وروث ماركوس، وصف الموقّعون القرار بأنه «خطأ فادح». وتابع البيان أن القرار «يمثّل تخلّياً عن المُعتقدات التحريرية الأساسية للصحيفة... بل في هذه لحظة يتوجّب على المؤسسة أن توضح فيها التزامها بالقيَم الديمقراطية وسيادة القانون والتحالفات الدولية والتهديد الذي يشكله دونالد ترمب على هذه القيم...». ومضى البيان: «لا يوجد تناقض بين الدور المهم الذي تلعبه (واشنطن بوست) بوصفها صحيفة مستقلة وممارستها المتمثّلة في تقديم التأييد السياسي... وقد تختار الصحيفة ذات يوم الامتناع عن التأييد، لكن هذه ليست اللحظة المناسبة، عندما يدافع أحد المرشحين عن مواقف تهدّد بشكل مباشر حرية الصحافة وقِيَم الدستور».

مقر «الواشنطن بوست» (آ. ب.)

... وأيضاً «لوس أنجليس تايمز»

في الواقع خطوة «واشنطن بوست» سبقتها، يوم الأربعاء، استقالة مارييل غارزا، رئيسة تحرير صحيفة «لوس أنجليس تايمز»، كبرى صحف ولاية كاليفورنيا، احتجاجاً على منع مالك الصحيفة، الملياردير باتريك سون شيونغ، مجلس التحرير من إعلان تأييد هاريس. وهذه الخطوة أشاد بها ترمب، وعلّقت حملته، في بيان، بأن «زملاء هاريس في كاليفورنيا يعرفون أنها ليست مؤهلة للوظيفة». غارزا كتبت في رسالة استقالتها «أن الصمت ليس مجرد لامبالاة، بل هو تواطؤ»، معربة عن قلقها من أن هذه الخطوة «تجعلنا نبدو جبناء ومنافقين، وربما حتى متحيّزين جنسياً وعنصريين بعض الشيء». وأردفت: «كيف يمكننا أن نمضي 8 سنوات في مهاجمة ترمب والخطر الذي تشكّله قيادته على البلاد ثم نمتنع عن تأييد المنافس الديمقراطي اللائق تماماً الذي سبق لنا أن أيدناه لعضوية مجلس الشيوخ؟»، في إشارة إلى هاريس. من جانبه، كتب سون شيونغ، في منشور على وسائل التواصل الاجتماعي، أن هيئة التحرير «أتيحت لها الفرصة لصياغة تحليل واقعي» للسياسات التي يدعمها كل مرشح خلال فترة وجوده في البيت الأبيض، وعلى مسار الحملة الانتخابية، كي يتمكّن «القراء (أنفسهم) من تحديد مَن يستحق أن يكون رئيساً»، مضيفاً أن الهيئة «اختارت الصمت»!

هل الدافع تجاري؟

بالمناسبة، سون شيونغ يُعد من الداعمين للديمقراطيين عموماً، يرجح البعض أن يكون الدافع وراء موقفه الاعتبارات التجارية، ومنها جذب مزيد من القراء، بمَن فيهم الموالون للجمهوريين، لرفع نسبة الاشتراكات والدعايات والإعلانات، عبر محاولة تقديم الصحيفة بمظهر وسطي غير منحاز. كذلك، سون شيونغ، الطبيب والقطب في مجال التكنولوجيا الحيوية من منطقة لوس أنجليس، الذي ليست له أي خبرة إعلامية، كان قد اشترى الصحيفة التي يزيد عمرها على 140 سنة والشركات التابعة لها، مقابل 500 مليون دولار عام 2018. لكن خسائر الصحيفة استمرت، ما دفعه إلى تسريح نحو 20 في المائة من موظفيها هذا العام. وذكرت الصحيفة أن مالكها اتخذ هذه الخطوة بعد خسارة «عشرات الملايين من الدولارات» منذ شرائها.

ترمب يدعو لإلغاء تراخيص الأخبار

ما حصل في «واشنطن بوست» و«لوس أنجليس تايمز» سلّط حقاً الضوء على التحديات التي تواجهها المؤسسات الإعلامية الأميركية وسط الضغوط المتزايدة عليها، وتحويلها مادة للسجال السياسي.

وفي الواقع، تعرّضت وسائل الإعلام خلال العقد الأخير للتهديدات ولتشويه صورتها، وبالأخص من الرئيس السابق ترمب، الذي كرر اتهام منافذ إخبارية كبرى بالتشهير، ومنع الصحافيين من حضور التجمّعات والفعاليات التي تقام في البيت الأبيض، وروّج لمصطلح «الأخبار المزيفة»، الذي بات يتبناه الآن العديد من قادة اليمين المتطرف في جميع أنحاء العالم.

وفي حملات ترمب الجديدة على الإعلام، اقترح أخيراً تجريد شبكات التلفزيون من قدرتها على بث الأخبار، إذا كانت تغطيتها لا تناسبه. وكتب على منصته «تروث سوشال» في الأسبوع الماضي «يجب أن تخسر شبكة (السي بي إس) ترخيصها. ويجب وقف بث برنامج (60 دقيقة) على الفور». وكرّر مطالبه في الخطب والمقابلات، مردداً دعواته السابقة لإنهاء ترخيص شبكة «الإيه بي سي» بسبب استيائه من الطريقة التي تعاملت بها مع المناظرة الوحيدة التي أُجريت مع هاريس.

وقال في مقابلة مع قناة «فوكس نيوز» الداعمة له: «سنستدعي سجلاتهم»، مجدداً ادعاءه أن تحرير الشبكة لمقابلتها مع هاريس في برنامج «60 دقيقة»، كان «مضللاً» ورفض عرض الشبكة إجراء مقابلة معه. وأيضاً رفض الإجابة عما إذا كان إلغاء ترخيص البث «عقاباً صارماً»، ليشن سلسلة من الإهانات لهاريس، قائلاً إنها «غير كفؤة» و«ماركسية».