فكروا خارج الصندوق فوصلوا إلى الملايين... قصص نجاح مؤثري «يوتيوب»

لقطة من فيديو لويس وهو يثني الآيفون يستقطب أكثر من 70 مليون مشاهدة
لقطة من فيديو لويس وهو يثني الآيفون يستقطب أكثر من 70 مليون مشاهدة
TT

فكروا خارج الصندوق فوصلوا إلى الملايين... قصص نجاح مؤثري «يوتيوب»

لقطة من فيديو لويس وهو يثني الآيفون يستقطب أكثر من 70 مليون مشاهدة
لقطة من فيديو لويس وهو يثني الآيفون يستقطب أكثر من 70 مليون مشاهدة

يستمد «يوتيوب»، المنصة الكبرى على وجه الأرض، قوته من صنّاع المحتوى المميزين الذين أثروا المنصة بجميع أنواع الفيديوهات، التعليمية والترفيهية. وبرز على الساحة كثير من المؤثرين بأفكارهم وآرائهم القيمة ليقوم بمتابعتهم الملايين ويكونوا قدوتهم ومثلهم الأعلى. والسؤال يطرح نفسه هنا؛ كيف وصل هؤلاء إلى هذه الشهرة وكيف جذبوا الناس لمشاهدة مقاطعهم؟ الجواب يختلف من «يوتيوبر» إلى آخر، ولعل القاسم المشترك بينهم أنهم «فكروا خارج الصندوق»، كما ستلاحظون خلال الأسطر التالية التي تلخص أمثلة قصص نجاح «يوتيوبية»...

لويس هيلسينتيغر
و«الآيفون» المنحني
انضم لويس لعائلة «يوتيوب» في عام 2010 وقد كان وقتها يملك شركة صغيرة لإصلاح منتجات «آبل»، ولاحظ أن كثيرا من الأشخاص يفتقرون لأساسيات التعامل مع الأجهزة التقنية الحديثة. وحينها، قرر إنشاء قناته الخاصة في أكبر منصة فيديو في العالم، ولم يكن يخطر بباله أنها ستكون في يوم من الأيام إحدى أكبر القنوات على المنصة. استمر لويس في صناعة محتوى مميز لزواره وركز أكثر على فتح صناديق الأجهزة (Unboxing) أمام الكاميرا لينقل ردة فعله مباشرة لمشتركي القناة، ومنها جاء اسم القناة «Unbox Therapy». في عام 2014 أعلنت «آبل» عن هاتفها «آيفون 6»، الهاتف الأنجح في تاريخ الشركة حتى هذه اللحظة، ولكنه - كغيره من الهواتف الحديثة - لم يخلُ من العيوب. وهنا فكر لويس خارج الصندوق وفعل ما لم يجرؤ عليه أحد ونشر فيديو غيّر حياته للأبد. ورد إلى مسامع لويس أن الهاتف الجديد سهل الثني ويعوّج حتى بمجرد وضعه في جيب البنطلون فقرر شراء الهاتف بعد إطلاقه مباشرة بنحو 600 دولار وقام بثني الهاتف أمام الكاميرا، ما تسبب في انحنائه عند المنتصف بكل سهولة. انتشر هذا الفيديو كالنار في الهشيم وقام باستقطاب أكثر من 70 مليون مشاهدة، وكان السبب المباشر في شهرة لويس ووصول مشتركي قناته إلى أكثر من 12 مليون مشترك حتى كتابة هذه الكلمات.

كايسي نايستات يكسر حاجز المليار
يعتبره البعض أفضل «يوتيوبر» على وجه الأرض، وسواء أكان ذلك مبالغة أم لا، فلا شك أنه من أكبر المؤثرين في «يوتيوب»، خصوصا إن علمت أن مشتركي قناته تجاوزوا 10 ملايين، ومشاهدات مقاطعه فاقت 3 مليارات. كايسي في الأصل مخرج أفلام ناجح، ولكنه في عام 2010 اتخذ قرارا ربما يعتبره البعض مجنونا حين قرر التخلي عن مهنته التي كانت تدر له أرباحا هائلة، ليتجه إلى «يوتيوب» ويكون أحد أوائل صناع المحتوى فيه. ومنذ ذلك الحين لم يتوقف كايسي عن رفع فيديوهاته بشكل دوري، ولكنه تميز في شيء لم يسبقه له كثيرون. ربما تكون قد سمعت عن مصطلح الفلوغ (vlog) من قبل، ولكن هل تدري من كان له الفضل في انتشار هذا النوع من الفيديوهات؟ نعم تخمينك في محله؛ إنه كايسي. اشتهر كايسي بتصويره لـ«فلوغ» واحد على الأقل يوميا، وفي كل مرة يتطرق لموضوع مختلف، فتارة يتحدث عن رحلته الطويلة من دبي إلى نيويورك عبر الخطوط الإماراتية، وتارة عن مشكلات قيادة العجلات في أميركا، وتارة عن لعبه للبولينغ داخل أسوار البيت الأبيض.

محمد عواد يدخل
قلوب مشجعي «المستديرة»
تعتبر كرة القدم اللعبة الأكثر شعبية في الوطن العربي حيث يفوق عدد محبيها الملايين، يعشقون هذه اللعبة ويتتبعون أخبارها وأخبار أنديتهم ولاعبيهم، ولكن دائما ما كانوا يحتاجون لمعرفة تفاصيل أكثر عن فرقهم المفضلة كتحليل أدائهم وفهم تكتيك مدربهم وما إلى ذلك من الأمور الفنية. وهنا برز نجم الشاب الأردني محمد عواد، الذي قام بـ«معالجة الجرح» عن طريق إنشائه قناة «سيلفي سبورت» حيث يظهر لمتابعيه بعد كل مباراة مهمة عن طريق كاميرا هاتفه بطريقة «السيلفي» ليقوم بتحليل اللقاء وطرح آرائه القيمة التي لا طالما لاقت استحسان الجميع. محمد عواد مثال للإنسان المجتهد، المثابر والصبور، إذ لم يتوقف عن إثراء متابعيه بمقاطعه المفيدة منذ 2015 ليصل عدد مشتركي قناته لأكثر من 390 ألفا، عدا 275 ألفا آخرين في «تويتر».
الطفلة بي تشارك يومياتها
لا يتجاوز عمر بي أكثر من 13 عاما ولكنها استطاعت أن تتصل بقناتها «B2cutecupcakes» إلى 1.8 مليون مشترك منذ أن افتتحتها برعاية أمها في عام 2013. تقوم بي بنشر فيديوهات مقاطع فيديو ممتعة ومسلية عن رحلاتها المدرسيّة، وروتينها الصباحي وعطلاتها، بالإضافة إلى بعض التحديات وكثير من الأنشطة الممتعة الأخرى التي يحبها الأطفال. ولعل أهم ما اشتهرت به هو شراؤها الألعاب وفتح علبهم أمام الكاميرا ليتمكن متابعوها من أخذ فكرة عن اللعبة قبل شرائها، وهذا ما ساعد على انتشار القناة حيث كانت من أوائل الأطفال الذين قرروا سلوك هذا الدرب. أصبحت بي مشهورة جدا الآن ولديها حساب على «إنستغرام» بعدد متابعين يفوق 24 ألفا، كما قامت بإنشاء قناة «يوتيوب» جديدة تختص أكثر بـ«الفلوغ» والأزياء والمناسبات العائلية.


مقالات ذات صلة

لماذا تم حظر ظهور «المنجمين» على التلفزيون الرسمي في مصر؟

يوميات الشرق مبنى التلفزيون المصري «ماسبيرو» (تصوير: عبد الفتاح فرج)

لماذا تم حظر ظهور «المنجمين» على التلفزيون الرسمي في مصر؟

أثار إعلان «الهيئة الوطنية للإعلام» في مصر حظر ظهور «المنجمين» على التلفزيون الرسمي تساؤلات بشأن دوافع هذا القرار.

فتحية الدخاخني (القاهرة )
شمال افريقيا الكاتب أحمد المسلماني رئيس الهيئة الوطنية للإعلام (موقع الهيئة)

مصر: «الوطنية للإعلام» تحظر استضافة «العرّافين»

بعد تكرار ظهور بعض «العرّافين» على شاشات مصرية خلال الآونة الأخيرة، حظرت «الهيئة الوطنية للإعلام» في مصر استضافتهم.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
يوميات الشرق قرارات «المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام» أثارت جدلاً (تصوير: عبد الفتاح فرج)

​مصر: ضوابط جديدة للبرامج الدينية تثير جدلاً

أثارت قرارات «المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام» بمصر المتعلقة بالبرامج الدينية جدلاً في الأوساط الإعلامية

محمد الكفراوي (القاهرة )
الولايات المتحدة​ ديبورا والدة تايس وبجانبها صورة لابنها الصحافي المختفي في سوريا منذ عام 2012 (رويترز)

فقد أثره في سوريا عام 2012... تقارير تفيد بأن الصحافي أوستن تايس «على قيد الحياة»

قالت منظمة «هوستيدج إيد وورلدوايد» الأميركية غير الحكومية إنها على ثقة بأن الصحافي أوستن تايس الذي فقد أثره في سوريا العام 2012 ما زال على قيد الحياة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
المشرق العربي شخص يلوّح بعلم تبنته المعارضة السورية وسط الألعاب النارية للاحتفال بإطاحة الرئيس السوري بشار الأسد في دمشق (رويترز)

فور سقوطه... الإعلام السوري ينزع عباءة الأسد ويرتدي ثوب «الثورة»

مع تغيّر السلطة الحاكمة في دمشق، وجد الإعلام السوري نفسه مربكاً في التعاطي مع الأحداث المتلاحقة، لكنه سرعان ما نزع عباءة النظام الذي قمعه لعقود.

«الشرق الأوسط» (دمشق)

هل تنجح مساعي دمج صُنّاع المحتوى داخل غُرف الأخبار؟

صحف سعت لاجتذاب صُنّاع المحتوى (متداولة)
صحف سعت لاجتذاب صُنّاع المحتوى (متداولة)
TT

هل تنجح مساعي دمج صُنّاع المحتوى داخل غُرف الأخبار؟

صحف سعت لاجتذاب صُنّاع المحتوى (متداولة)
صحف سعت لاجتذاب صُنّاع المحتوى (متداولة)

يبدو أن ثمة تطوراً جديداً ربما يظهر داخل «غرف الأخبار»، بعدما سعت صحف بارزة، مثل «واشنطن بوست»، لاجتذاب صُنّاع المحتوى بهدف «تعزيز التواصل مع الجمهور»، في حين أثارت مساعي دمج صُنّاع المحتوى (المؤثرون) داخل غُرف الأخبار تساؤلات بشأن «ضمانات التوازن بين المعايير المهنية والتكيّف مع تطلّعات الجمهور».

ووفق تقرير معهد «رويترز لدراسة الصحافة»، العام الماضي، فإن «الجمهور من الفئات الأقل من أربعين عاماً يعيرون اهتماماً أكبر لصُنّاع المحتوى، أو ما يطلقون عليهم لقب (مؤثرون)، بوصفهم مصدراً للمعلومات وكذلك الأخبار».

كما أشارت دراسة استقصائية ضمن مبادرة «بيو-نايت» الأميركية، المعنية برصد التغيرات في كيفية استهلاك الأخبار والمعلومات، في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، إلى أن أكثر من خُمس البالغين في الولايات المتحدة يعتمدون بانتظام على «المؤثرين» للحصول على الأخبار.

ومع ذلك، فإن معظم هؤلاء «المؤثرين» الذين ينشرون الأخبار لا ينتمون إلى مؤسسات إخبارية ولا يخضعون لتدريب صحافي. وحسب دراسة أجرتها منظمة «اليونيسكو» ونُشرت نتائجها، نهاية نوفمبر الماضي، فإن غالبية هؤلاء المؤثرين (62 في المائة) لا يتحقّقون من صحة المعلومات التي يشاركونها مع جمهورهم، ما يُثير مخاوف من انتشار «المعلومات الزائفة».

ومعروف أن ثمة تجارب بدأت تخوضها أخيراً غرف الأخبار للدمج بين الصحافي المدرب وصانع المحتوى صاحب الكاريزما والجمهور. وظهرت، في هذا الإطار، نماذج؛ مثل: «واشنطن بوست»، والمنصة الأميركية «مورنينغ بيرو» التي أطلقت بالفعل مبادرات يقودها صُنّاع محتوى على منصات التواصل الاجتماعي، غير أن الاتجاه لا يزال قيد التجربة والتقييم، حسب ما يبدو.

الخبير في إدارة وتحليل بيانات «السوشيال ميديا»، مهران كيالي، رهن نجاح تجربة دمج صُنّاع المحتوى في غرف الأخبار بـ«تنظيم العلاقة بين الطرفين»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إنه «على غرف الأخبار أن توفّر لصُنّاع المحتوى أدوات؛ مثل: التحقق من المصادر، والالتزام بأخلاقيات الصحافة، في حين يقدّم صُنّاع المحتوى خبراتهم في الإبداع الرقمي وفهم الجمهور على المنصات الحديثة». وأضاف: «كما يجب تقنين العلاقة من خلال وضع إطار واضح يحدّد المسؤوليات وأسلوب العمل».

غير أن كيالي أشار إلى «تحديات أمام تجربة دمج صُنّاع المحتوى في غرف الأخبار»، قائلاً: «هناك نظرة سلبية من قِبل بعض الصحافيين التقليديين تجاه صُنّاع المحتوى، بل هم يعدونهم دخلاء على المهنة، رغم امتلاكهم جمهوراً واسعاً وتأثيراً كبيراً». وأضاف: «بعض المؤسسات الصحافية تعاني صعوبة التكيّف مع أسلوب المحتوى السريع والبسيط الذي يتناسب مع منصات التواصل الاجتماعي، خشية خسارة الصورة الوقورة أمام الجمهور».

وعدّ كيالي أن غرف الأخبار قبل أن تستعين بصُنّاع المحتوى، هي بحاجة إلى «التجهيزات والإجراءات التي تمكّن الصحافيين من إنتاج ونشر محتوى رقمي جذاب بسرعة».

وعن الحلول لتجاوز هذه التحديات، أوضح الخبير في إدارة وتحليل بيانات «السوشيال ميديا» أنه «يجب على المؤسسات تحديث سياساتها وتوفير الدعم الفني والتدريب اللازم للصحافيين، مع تغيير النظرة السلبية تجاه صُنّاع المحتوى والبحث عن تعاون».

وأشار كذلك إلى أهمية تحقيق التوازن بين المهنية والتطوير، قائلًا: «بعض غرف الأخبار تحتاج إلى تعزيز مصداقيتها بالالتزام بمبادئ الصحافة، من خلال تجنّب المصادر غير الموثوقة وتدقيق المعلومات قبل نشرها»، و«لجذب الجمهور، يجب تقديم محتوى يلامس اهتماماته بأسلوب مبسط مع استخدام أدوات حديثة مثل الفيديوهات القصيرة؛ مما يضمن الجمع بين الدقة والجاذبية لتعزيز الثقة بعصر المنافسة الرقمية».

المحاضرة في الإعلام الرقمي بالجامعة البريطانية في القاهرة، ياسمين القاضي، ترى أن بعض المؤسسات الإخبارية لا تزال تعتمد الاستراتيجيات «القديمة» نفسها على وسائل التواصل الاجتماعي، وقالت لـ«الشرق الأوسط»: «منذ سنوات تبنّت بعض وسائل الإعلام مفهوم (التحويل إلى منصات) من خلال جمع المعلومات وتدقيقها، وهو الدور الأصيل للصحافة، ثم نشرها بأسلوب يحاكي وسائل التواصل الاجتماعي، غير أن هذا الاتجاه ربما لن يكون كافياً في ضوء احتدام المنافسة مع صُنّاع المحتوى، مما أفرز اتجاه الاستعانة بـ(المؤثرين)».

وأوضحت القاضي أن «الغرض من دمج صُنّاع المحتوى في غرف الأخبار، هو تقديم المعلومات المدققة بأسلوب مبتكر». وأضافت أن «الاستعانة بشخصية مؤثرة لنقل المعلومات لا تعني بالضرورة المساس بمصداقية المحتوى ودقته، فالأمر يعتمد على مهارة كُتّاب المحتوى، فكلما كان الكُتاب صحافيين محترفين يسعون لتطوير أدواتهم ضمنت منصة الأخبار تقديم معلومات دقيقة وموثوقة».