فصائل معارضة تبدأ سحب «السلاح الثقيل» من إدلب

اتفاق لوقف النار بين «تحرير الشام» و«الجبهة الوطنية»

سورية ترتشف قهوتها على شرفة منزلها في حي باب شرقي في دمشق القديمة أول من أمس (أ.ب)
سورية ترتشف قهوتها على شرفة منزلها في حي باب شرقي في دمشق القديمة أول من أمس (أ.ب)
TT

فصائل معارضة تبدأ سحب «السلاح الثقيل» من إدلب

سورية ترتشف قهوتها على شرفة منزلها في حي باب شرقي في دمشق القديمة أول من أمس (أ.ب)
سورية ترتشف قهوتها على شرفة منزلها في حي باب شرقي في دمشق القديمة أول من أمس (أ.ب)

شهد ريف حلب الغربي بشمال سوريا أمس قتالاً لليوم الثاني بين «هيئة تحرير الشام» («جبهة النصرة» سابقاً) و{الجبهة الوطنية للتحرير» المدعومة من تركيا، في وقت قال مسؤولان في المعارضة لوكالة «رويترز» إن جماعات المعارضة المسلحة التي تدعمها أنقرة بدأت صباح أمس السبت سحب الأسلحة الثقيلة من المنطقة المنزوعة السلاح في شمال غربي سوريا.
وقال مسؤول في المعارضة المسلحة لـ «رويترز»: «بدأت عملية سحب السلاح الثقيل صباح اليوم (أمس) وستستمر أياماً عدة».
وسحب «جيش إدلب الحر» و«فيلق الشام» مدافع ميدان وعربات نقل جنود من منطقة أبو الظهور في ريف إدلب الشرقي التي تقع تقريباً على حدود المنطقة المنزوعة السلاح. وأشار مسؤول معارض لـ «رويترز» إلى أن «عملية سحب الأسلحة الثقيلة من المنطقة المنزوعة السلاح تشمل جميع الفصائل الثورية، التي التزمت باتفاق سوتشي، على أن يتم ذلك بحلول 15 من الشهر الجاري».
في غضون ذلك توصلت هئية تحرير الشام والجبهة الوطنية للتحرير إلى اتفاق لوقف الاقتتال بعد ان اندلع أمس لليوم الثاني في القطاع الغربي من ريف محافظة حلب بينهما، نتيجة هجوم شنته «الهيئة» على قسم من قرية ميزناز وعلى منطقة كفر نوران، ما تسبب في تجدد الاشتباكات بينها وبين «الجبهة الوطنية للتحرير» بعد هدوء استمر لساعات. وسقط ثلاثة قتلى من «الهيئة»، وثلاثة من «جبهة التحرير»، بينهم قيادي عسكري، كما قتل ثلاثة مواطنين، بينهم طفلتان من العائلة ذاتها.
ويتصاعد التوتر في القطاع الغربي من ريف حلب، بالتزامن مع استنفار تشهده المنطقة من قبل «الجبهة الوطنية للتحرير»، حيث أكدت مصادر لـ«المرصد السوري لحقوق الإنسان» أن ثلاثة أرتال مؤلفة من أكثر من 40 سيارة وآلية تحمل العشرات من عناصر «الجبهة الوطنية للتحرير» توجهت من ريف عفرين وريف حلب الشمالي الشرقي إلى القطاع الغربي من ريف حلب، لمواجهة «هيئة تحرير الشام»، التي هاجمت منذ الجمعة قرية كفر حلب الواقعة في القطاع الغربي من الريف الحلبي، حيث تستمر الاشتباكات في مناطق تلعادة وتديل وكفر حلب ومحور كفر نوران - ميزناز.
وتوسعت الاشتباكات، أمس، نتيجة تصاعد حدة التوتر على خلفية هجوم «هيئة تحرير الشام» على قرية كفر حلب، فيما استقدمت «الجبهة الوطنية للتحرير» تعزيزات عسكرية وأسلحة ثقيلة إلى منطقة كفر نوران وسط اشتباكات بين «الهيئة» و«الحركة» في محوري كفر نوران وتديل ومنطقة تلعادة. وجاء الاقتتال على خلفية محاولة «هيئة تحرير الشام» اعتقال شخص من القرية يوم الجمعة الماضية، وسط توتر في المنطقة القريبة من المنطقة المزمع نزع السلاح منها، وفقاً للاتفاق الروسي - التركي، الذي تم التوصل إليه بعد توافق بين الرئيس التركي رجب طيب إردوغان والرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
ونقل «المرصد السوري لحقوق الإنسان» عن مصادر موثوقة، أن «هيئة تحرير الشام» تعمّدت محاصرة قرية كفر حلب، ومنعت عملية التنقل منها وإليها، وسط معلومات أولية عن التوصل إلى توافق يقضي بخروج مقاتلي «حركة نور الدين الزنكي» من القرية، فيما أكدت مصادر أخرى أن قوات «الجبهة الوطنية للتحرير» المستنفرة في محيط المنطقة تحاول فتح طريق إلى القرية بعد أن حاصرتها «هيئة تحرير الشام». وتأتي هذه الاشتباكات في ظل التوترات الأخيرة بين الطرفين، وهي المرة الخامسة خلال الأيام القليلة الماضية والأعنف منذ التوتر الذي شهدته دارة عزة.
إلى ذلك، أفاد مصدر طبي سوري بمقتل 9 أشخاص وإصابة أكثر من 20 آخرين في انفجار سيارة بمدينة عزاز بريف حلب الشمالي أمس. وقال طبيب في مستشفى الهلال الأزرق في مدينة عزاز، طلب عدم الكشف عن اسمه، لوكالة الأنباء الألمانية، إن أربعة من الجرحى حالتهم حرجة جراء إصابتهم في انفجار داخل مستودع محروقات في المنطقة الصناعية بمدينة عزاز. وأضاف أن فرق الدفاع المدني والإطفاء والأهالي يعملون على إخماد الحريق خوفاً من وصوله إلى محال أخرى في المنطقة الصناعية. ونفى مصدر في الدفاع المدني التابع للمعارضة السورية في مدينة عزاز أن «يكون الانفجار ناجماً عن عمل إرهابي»، مضيفاً: «بدأت الجهات المختصة التحقيق في الحادث». وشهدت مدينة عزاز عدة انفجارات منذ بداية العام الحالي، واتهمت فصائل المعارضة الموالية لتركيا، تنظيم داعش و«وحدات الحماية الكردية»، بالوقوف خلفها.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.