«فصائل التسويات» في درعا تشكّل قوات تابعة لقاعدة حميميم الروسية

TT

«فصائل التسويات» في درعا تشكّل قوات تابعة لقاعدة حميميم الروسية

أفادت مصادر ميدانية في درعا (جنوب سوريا) بأن وجهاء وممثلين عما يُعرف بـ«فصائل التسويات» في ريف درعا الغربي عقدوا قبل أيام اجتماعاً مع جنرال روسي يعمل بوصفه «ضابط ارتباط المنطقة الجنوبية» في قاعدة حميميم الروسية (في اللاذقية، شمال غربي البلاد)، مشيرة إلى أن المشاركين في الاجتماع ناقشوا شكاوى من تجاوزات تقوم بها قوات النظام في الجنوب، وبعض المسائل المدنية والخدمية في المنطقة. وأوضحت المصادر أن «فصائل التسويات» بريف درعا الغربي عرضت على ضابط الارتباط الروسي تشكيل قوات جديدة تابعة لحميميم مباشرة جنوب سوريا.
ويُطلق وصف «فصائل التسويات» على مجموعات معارضة وافقت قبل شهور على السماح بعودة سلطة الحكومة السورية إلى ريف درعا، لقاء ضمانات ووعود قدّمها الجانب الروسي.
وأكد مصدر ميداني أن أبو مرشد البردان، القيادي السابق في «جيش الثورة» والمسؤول السابق أيضاً عن «الفيلق الخامس» بريف درعا الغربي، طرح خلال الاجتماع مطلباً للجانب الروسي يقضي بتشكيل قوات من «فصائل التسويات» في ريف درعا الغربي بإدارة مباشرة من قاعدة حميميم ومستقلة عن «الفيلق الخامس - اقتحام» الذي تشرف عليه روسيا في سوريا، والسماح للمدنيين بالانتساب إلى هذا الفصيل الجديد، سواء من المتطوعين أو المتخلفين عن الخدمة الإلزامية أو الاحتياطية في جيش النظام السوري، وأن يتلقى التشكيل الجديد أوامره مباشرة من قاعدة حميميم الروسية.
وأشار المصدر إلى موافقة الجانب الروسي على مطالب «فصائل التسويات» التي نقلها القيادي البردان، مضيفاً أن من المتوقع أن يكون الأخير مسؤولاً عن هذا التشكيل في ريف درعا. وتابع أن الجانب الروسي طالب الفصائل بالمشاركة في قتال تنظيم داعش في كافة الأراضي السورية، وأوكل إليهم مهمة الالتحاق بالمعارك الدائرة في تلول الصفا ببادية السويداء الشرقية، جنوب سوريا، ومحاسبة عناصر المعارضة الذين يرفضون المشاركة في قتال «داعش». وقال المصدر إن الروس يريدون أن يلعب التشكيل الجديد دوراً في حماية أمن المنطقة الغربية في درعا - التي تشرف عليها «فصائل التسويات» - من المخربين أو بقايا «داعش»، وهي مهمة مماثلة لما يقوم به فرع الأمن العسكري التابع للنظام السوري في المنطقة.
وقالت مصادر أخرى إن وجهاء المنطقة الغربية وقادة «فصائل التسويات» تطرقوا خلال الاجتماع إلى حملة الترويج الكبيرة للانضمام إلى «الفرقة الرابعة» التي يقودها ماهر الأسد، شقيق الرئيس السوري. وكانت روسيا رفضت انضمام فصائل بريف درعا الغربي إلى «الفيلق الخامس» على خلفية رفض كثيرين من عناصر «فصائل التسويات» أن يتم نقلهم للقتال في شمال سوريا (خلال التحضيرات لـ«معركة إدلب»)، ما دفع عشرات منهم إلى الانضمام إلى «الفرقة الرابعة»، أو جعلهم عرضة لمن يروّج للانضمام إلى ميليشيات «حزب الله» أو ميليشيات أخرى مرتبطة بإيران. وكان لافتاً أن عناصر من «فصائل التسويات» طلبوا أخيراً قوافل تتولى تهجيرهم إلى شمال سوريا، بعد أن شعروا بتغير الموقف الروسي تجاههم ولحظوا إصراراً على زجهم في المعركة التي كان يروّج إعلام النظام السوري لها في محافظة إدلب، قبل إعلان تشكيل المنطقة العازلة فيها بين تركيا وروسيا.
وأكد مصدر أن التشكيل الجديد سيكون مستقلاً تماماً عن التشكيلات العسكرية التابعة للنظام السوري و«الفيلق الخامس - اقتحام» الذي تشرف عليه روسيا أيضاً، وأنه سيتلقى أوامره من الروس مباشرة. وأوضح أن النظام السوري لن يملك أي سلطة عسكرية على التشكيل، إلا أن عناصره سيقاتلون إلى جانب قوات النظام ضد «داعش» على كامل الأراضي السورية. ولاقى التشكيل الجديد قبولاً بين عناصر «فصائل التسويات» والشباب المطلوبين للخدمة الإلزامية، إذ وصل عدد الراغبين في الانتساب إليه في ريف درعا الغربي، في أول يوم من إعلان قبول قاعدة حميميم عرض الفصائل، إلى 600 عنصر من عناصر «الفيلق الخامس» المفصولين سابقاً. ولفت مصدر إلى أن عدد عناصر التشكيل الجديد لا يتجاوز 1500 من «فصائل التسويات»، لكن لم يتحدد رقم نهائي لعدد الراغبين بالتعاقد مع التشكيل.
وقال الناشط السياسي مهند العبد الله لـ«الشرق الأوسط» إن روسيا تسعى إلى كسب «فصائل التسويات» في جنوب سوريا نظراً إلى الأعداد الكبيرة لعناصرها التي بقيت في المنطقة ورفضت التهجير إلى الشمال السوري، وكذلك لإبعاد خطر كسب ميليشيات «حزب الله» والميليشيات الإيرانية شباب المنطقة إلى صفها وبينهم عناصر «فصائل التسويات». وتابع أن روسيا كانت قد تعهدت لدول إقليمية، قبيل اتفاق تسليم الجنوب للحكومة السورية، بضمان إبعاد ميليشيات إيران و«حزب الله» عن المنطقة، مشيراً إلى أن الروس سعوا إلى الاحتفاظ بعلاقة جيدة مع «فصائل التسويات» لأهداف تخدم مصالحهم في سوريا. وزاد أن الخطوة الروسية الأخيرة بإعادة هذه الفصائل في درعا إلى إدارتها يمكن فهمها بوصفها محاولة لاستعادة التوازن وعدم ترك الساحة في الجنوب لأطراف أخرى، مشيراً إلى أن موسكو تسعى في مناطق الجنوب السوري حالياً إلى امتصاص الغضب الشعبي تجاه تجاوزات تقوم بها قوات النظام.
وأضاف العبد الله أن روسيا تسابق الإيرانيين و«حزب الله» وحتى النظام السوري من أجل كسب مزيد من الحلفاء في المناطق التي سُيطر عليها مؤخراً، سواء في درعا أو حمص، حيث بدأت قوات روسية نشر حواجز في «مناطق المصالحات» وغيرها من مناطق النظام من أجل الحد من حركة الميليشيات التابعة لإيران و«حزب الله» التي تحاول بدورها تطويع الشبان في صفوفها.



غيابات القمة العربية «الطارئة»... هل تؤثر على مخرجاتها؟

الصورة التذكارية لقادة الدول العربية في قمة المنامة الأخيرة (بنا)
الصورة التذكارية لقادة الدول العربية في قمة المنامة الأخيرة (بنا)
TT

غيابات القمة العربية «الطارئة»... هل تؤثر على مخرجاتها؟

الصورة التذكارية لقادة الدول العربية في قمة المنامة الأخيرة (بنا)
الصورة التذكارية لقادة الدول العربية في قمة المنامة الأخيرة (بنا)

أثار إعلان زعيمي الجزائر وتونس غيابهما عن حضور القمة العربية الطارئة في القاهرة، الثلاثاء، حول غزة والقضية الفلسطينية، تساؤلات حول مستوى مشاركات الدول العربية في القمة وتأثير ذلك على مخرجاتها، بينما أكد مصدر مصري مطلع لـ«الشرق الأوسط» أن بلاده «وجهت الدعوة لجميع زعماء الدول العربية الأعضاء في الجامعة، وكان هناك حرص على مشاركة الجميع للتشاور واتخاذ موقف بشأن هذه القضية المصيرية في تلك اللحظة الحرجة بالمنطقة».

ومساء الأحد، أفادت وكالة الأنباء الجزائرية بأن رئيس الجزائر عبد المجيد تبون، قرر عدم المشاركة في القمة العربية الطارئة التي تستضيفها مصر يوم 4 مارس (آذار)، لبحث تطورات القضية الفلسطينية.

وبحسب ما نقلته الوكالة عن مصدر، «كلف تبون وزير الشؤون الخارجية والجالية الوطنية بالخارج والشؤون الأفريقية أحمد عطاف، لتمثيل الجزائر»، وأرجعت القرار إلى «اختلالات ونقائص شابت المسار التحضيري للقمة»، ومنها «احتكار مجموعة محدودة من الدول العربية إعداد مخرجات القمة دون تنسيق مع بقية الدول العربية المعنية كلها بالقضية الفلسطينية»، وفق تقرير وكالة الأنباء الجزائرية.

والاثنين، قبل ساعات من انعقاد القمة، أعلنت الرئاسة التونسية أن الرئيس التونسي قيس سعيد، كلف وزير الخارجية، محمد علي النفطي، بترؤس الوفد التونسي المشارك في القمة الطارئة.

وحسب الرئاسة التونسية، فإن تونس «ستجدد موقفها الثابت والداعم للحقوق الفلسطينية، وفي مقدمتها إقامة دولة مستقلة ذات السيادة على كامل أرض فلسطين وعاصمتها القدس الشريف».

من جانبه، قال المصدر المصري المطلع إنه «لا يمكن اعتبار موقف الجزائر وتونس غياباً عن المشاركة في القمة، لأن إيفاد ممثل لرئيس الدولة وبتكليف منه يعدُّ مشاركة رسمية للدولة، وهذا هو الهدف، أن تكون هناك مواقف ومشاركة رسمية من الدول».

ونوه المصدر بأن «هناك عدداً من الدول سواء في هذه القمة أو قمم سابقة درج على إرسال ممثلين للرؤساء والملوك، ولم يقلل هذا من مشاركة تلك الدول، لأن الممثلين يعبرون عن مواقف دولهم، مثلهم مثل الرؤساء، حتى إن كان ممثل الرئيس يغيب عن بعض الاجتماعات التي تعقد على مستوى الزعماء، لكن في النهاية يتم عرض ما تم الاتفاق عليه على الجلسة الختامية للقمة لاتخاذ موقف جماعي بشأنه من كل الوفود المشاركة».

وزير خارجية مصر بدر عبد العاطي مع نظيره التونسي محمد علي النفطي الذي سيمثل بلاده في القمة بالقاهرة الاثنين (إ.ب.أ)

وحول ما ساقته الجزائر من أسباب لغياب رئيسها عن القمة، أوضح المصدر أن «القاهرة من اللحظة الأولى حرصت على إطلاع الجميع على خطة إعادة الإعمار التي أعدتها لقطاع غزة، لأن هذه هي النقطة الرئيسية والهدف من وراء تلك القمة، ومن المصلحة أن يكون هناك موقف موحد واتفاق حولها، ولم يكن هناك تجاهل أو إقصاء لأحد، فضلاً عن أن هذه قضية كل العرب ولا يمكن تصور أن دولة أو عدة دول يمكن أن تمنع دول أعضاء من أن يكون لها دور في القضية».

وشدد المصدر على أنه «ليس هناك قلق من مستوى التمثيل في القمة، لأن الاجتماع يحيط به الزخم المطلوب منذ الإعلان عنه، فضلاً عن كون الدول التي تأكدت مشاركتها سواء عبر زعمائها أو ممثلين لها هي من الدول الفاعلة والمشتبكة مع القضية، التي لا تنتظر من أحد أن يحدد لها دورها الطبيعي والمطلوب».

يأتي ذلك بينما بدأ قادة عرب، الاثنين، التوجه إلى القاهرة للمشاركة في القمة، حيث أفادت وكالة الأنباء العراقية الرسمية (واع)، بأن الرئيس العراقي عبد اللطيف رشيد غادر البلاد متوجهاً إلى مصر للمشاركة بالقمة العربية.

وفي البحرين، أعلن الديوان الملكي أن الملك حمد بن عيسى آل خليفة، رئيس الدورة الحالية للقمة العربية، سيغادر المملكة الاثنين، متوجهاً إلى مصر. وأضاف الديوان أن الملك سيرأس وفد البحرين المشارك في القمة، لبحث تطورات القضية الفلسطينية، كما سيرأس أعمال القمة، بحسب وكالة الأنباء البحرينية الرسمية (بنا).

كما ذكرت وكالة الأنباء الكويتية الرسمية (كونا) أن ممثل أمير البلاد مشعل الأحمد الجابر الصباح، ولي العهد صباح خالد الحمد الصباح «يغادر أرض الوطن، الثلاثاء، متوجهاً إلى مصر لترؤس وفد الكويت في القمة العربية غير العادية».

ويرى مندوب مصر السابق لدى الأمم المتحدة، السفير معتز أحمدين، أن «المشاركة في القمم الدولية تكون بمن تحدده الدول ممثلاً لها، فإن حضر الرئيس فهذا جيد، وإن كان رئيس الحكومة فهذا جيد أيضاً، وإن كان وزير فهذا معقول، وإن لم يكن وكان المندوب الدائم أو سفير الدولة في بلد القمة فهذا لا ينقص من تمثيلها».

أحمدين أكد لـ«الشرق الأوسط» أنه «حتى غياب تمثيل الدولة تماماً بالقمة، فهذا لا يعطل صدور القرارات، لأن القرارات تصدر بالإجماع، والغياب يعني أن الدولة تنازلت عن صوتها، لكن إن شاركت بأي مستوى من التمثيل وسجلت موقفها، فهذا هو الأفضل في الدبلوماسية».

وبحسب جدول أعمال القمة الطارئة المرسل من المندوبية الدائمة لمصر إلى أمانة الجامعة العربية، يبدأ استقبال رؤساء الوفود المشاركة، الثلاثاء في الثالثة عصراً بتوقيت القاهرة، وتنطلق أعمال الجلسة الافتتاحية في الرابعة والنصف، وبعد مأدبة الإفطار الرمضاني المقامة على شرف الوفود المشاركة، ويتم عقد جلسة مغلقة، ثم جلسة ختامية وتنتهي أعمال القمة في الثامنة والنصف مساء، بإعلان البيان الختامي والقرارات التي تم الاتفاق عليها.