اتخذ رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر السبت موقفاً أكثر ليونة تجاه خطط بريطانيا للخروج من التكتل الأوروبي. وبعد تصريحاته التي أطلقها قبل أيام يسخر من عدم وجود رؤية واضحة لدى لندن، رداً على خطاب ماي في مؤتمر حزبها السنوي عندما تساءلت عما تريده بروكسل منها، قال أمس إن فرص التوصل لاتفاق حول «بريكست» ازدادت في الأيام القليلة الماضية عقب أسابيع من تصاعد القلق إزاء احتمالات خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي دون اتفاق. وكان قد سخر يونكر من ساسة بريطانية وقال إنهم يتصرفون «وكأننا نحن من يريد الخروج من بريطانيا وليس العكس».
وأمس، قال يونكر في تصريحات تناقلتها وسائل الإعلام النمساوية: «لدي أسباب تحملني على الاعتقاد بأن إمكانات التقارب بين الجانبين (ازدادت في الأيام القليلة الماضية)».
وقبل أقل من أسبوعين، على قمة حاسمة في بروكسل وصفها الاتحاد الأوروبي بأنها «ساعة الحقيقة» لمفاوضات «بريكست»، قدم يونكر نبرة متفائلة حول فرص التوصل لاتفاق. وأضاف: «لكن من غير الممكن التنبؤ بما إذا سنتمكن من إنهاء المحادثات في أكتوبر (تشرين الأول)». وقال يونكر إنه في حال عدم التوصل لاتفاق في قمة 17 و18 أكتوبر، نقوم به في نوفمبر (تشرين الثاني). ويأتي التغير في الموقف بعد يومين على توجيه رئيس المجلس الأوروبي دونالد توسك إنذاراً حازماً للندن بأن الوقت يداهم للتوصل لاتفاق قبل خروج بريطانيا من الكتلة الأوروبية في نهاية مارس (آذار). وعرض توسك على لندن مجدداً اتفاقية تجارية شاملة، والمح إلى تقديم تنازلات في قضايا خلافية محورية، مثل تجنب تشديد الحدود بين دولة آيرلندا المنتمية للاتحاد الأوروبي وآيرلندا الشمالية التابعة لبريطانيا العظمى.
ودعت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي لمخاطبة قادة الدول الأخرى في الاتحاد الأوروبي في اجتماع أكتوبر، لمنحها فرصة لإقناع نظرائها الـ27 بإمكانية التوصل لحل للنقاط الشائكة في مفاوضات الانسحاب من الكتلة. واقترح دبلوماسيون أن يجري القادة محادثات مع ماي تستمر حتى يتم الموافقة على أطر اتفاق خلال وجودهم في بروكسل تمهيدا لمحادثات أوسع في اليوم الثاني.
وفي مؤتمرهم السنوي هذا الأسبوع حضت ماي حزب المحافظين الذي تتزعمه والمنقسم بشدة بين متشددين ومعتدلين بشأن «بريكست»، لرص الصفوف خلف موقفها التفاوضي خلال «أصعب مرحلة» من المفاوضات على حد تعبيرها. وقال يونكر إن الاتحاد الأوروبي مصمم على التوصل إلى تفاهم لتجنب انسحاب «بلا اتفاق» ينذر بحسب الخبراء بالفوضى للطرفين. وقال رئيس وزراء لوكسمبورغ السابق: «أعتقد أن علينا أن نبتعد عن سيناريو لا اتفاق». وأضاف يونكر: «لسنا هناك بعد، لكن تصميمنا على التوصل لتفاهم مع الحكومة البريطانية لا يزال قائماً». وترى الحكومة الألمانية أن مفاوضات خروج بريطانيا تمر بمرحلة حاسمة حالياً. وقال المتحدث باسم الحكومة شتيفن زايبرت الجمعة في برلين: «الوقت يضغط... خروج بريطانيا دون اتفاقية لن يكون في مصلحة بريطانيا أو أوروبا أو ألمانيا». وذكر زايبرت أن هدف الحكومة الألمانية لا يزال الوصول إلى إتمام ناجح للمفاوضات، موضحاً أن الهدف هو إحراز «أقصى تقدم بحلول قمة الاتحاد الأوروبي»، رافضاً التكهن بنتائج المفاوضات.
ورد يونكر رفضه فكرة الولايات المتحدة الأوروبية قائلاً: «لا يمكن الدفع بالوحدة الأوروبية للنجاح إذا لم تحدث هذه الوحدة على حساب القوميات». وأضاف يونكر خلال فعالية احتفالية في العاصمة النمساوية فيينا: «لن يصبح الاتحاد الأوروبي أبداً الولايات المتحدة الأوروبية على غرار نموذج الولايات المتحدة الأميركية».
يشار إلى أن فكرة الولايات المتحدة الأوروبية دعا إليها الرئيس السابق للحزب الاشتراكي الديمقراطي مارتن شولتز عام 2017، وأوضح أنه يعتزم تحويل الاتحاد الأوروبي إلى مثل هذا الشكل بحلول عام 2025.
ورفض هذا الاقتراح آنذاك بشكل خاص من قبل الائتلاف المسيحي الألماني المحافظ. وأراد شولتز باقتراحه آنذاك وقف زحف القوميين في أوروبا. وأوضح يونكر هو الآخر أن على الأوروبيين أن يقفوا ضد الشعبوية والقومية وقال: «علينا أن ننهض إذا استمر خطر التطرف اليميني دون أن يجد ما يعوقه».
واتهم نائب رئيس الوزراء الإيطالي ماتيو سالفيني الجمعة رئيس المفوضية الأوروبية بإضعاف أوروبا، وعبَّر عن أمله أن تغير الانتخابات البرلمانية الأوروبية في العام المقبل من التركيبة السياسية في القارة. وقال سالفيني للصحافيين في روما: «الأشخاص أمثال يونكر ومفوض الشؤون المالية بيير موسكوفيتشي خربوا أوروبا وبلدنا». وأضاف: «نحاول تغيير أوروبا هذه من الداخل ونأمل أن تساعدنا الانتخابات الأوروبية المقررة في مايو (أيار). إذا لم يحدث ذلك ستكون الأمور في غاية الصعوبة».
رئيس المفوضية الأوروبية متفائل بمفاوضات إيجابية قريباً حول «بريكست»
رئيس المفوضية الأوروبية متفائل بمفاوضات إيجابية قريباً حول «بريكست»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة