قتيلان وعشرات الجرحى في «مسيرات العودة» على حدود غزة

طفلة فلسطينية تشرب عصيراً خلال مواجهات جارية قربها بين المحتجين وجنود الاحتلال شرق مدينة غزة أمس (أ.ف.ب)
طفلة فلسطينية تشرب عصيراً خلال مواجهات جارية قربها بين المحتجين وجنود الاحتلال شرق مدينة غزة أمس (أ.ف.ب)
TT

قتيلان وعشرات الجرحى في «مسيرات العودة» على حدود غزة

طفلة فلسطينية تشرب عصيراً خلال مواجهات جارية قربها بين المحتجين وجنود الاحتلال شرق مدينة غزة أمس (أ.ف.ب)
طفلة فلسطينية تشرب عصيراً خلال مواجهات جارية قربها بين المحتجين وجنود الاحتلال شرق مدينة غزة أمس (أ.ف.ب)

قُتل ما لا يقل عن فلسطينيين اثنين وأصيب عشرات آخرون أمس الجمعة خلال مظاهرات اندلعت على الحدود الشرقية لقطاع غزة في الجمعة الثامنة والعشرين من «مسيرات العودة» التي أطلقت عليها اللجنة الوطنية المنظّمة لها اسم «جمعة الثبات والصمود».
وأعلنت وزارة الصحة في قطاع غزة مساء أمس أن فلسطينيين اثنين قتلا برصاص الجيش الإسرائيلي. وذكرت الوزارة في بيان: «شهيدا غزة هما: الطفل فارس حافظ السرساوي 12 عاماً والشاب محمود أكرم أبو سمعان 24 عاماً». وأضافت أن 124 شخصاً آخرين أصيبوا بينهم مسعف في حالة حرجة بعد إصابته برصاصة في الصدر وصحافية أصيبت برصاصة في القدم.
وشهدت مسيرات أمس مشاركة جماهيرية واسعة أشعل خلالها الفلسطينيون آلاف الإطارات المطاطية على طول الحدود الشرقية للقطاع وذلك من أجل حجب الرؤية عن قناصة الجيش الإسرائيلي الذي أنشأ نقاطاً رملية جديدة في إطار التعزيزات على طول الحدود الشرقية، بالإضافة إلى نشر عدد من الدبابات.
ودعت «اللجنة الوطنية لمسيرات العودة وكسر الحصار» الجماهير الفلسطينية إلى المشاركة الواسعة في جمعة «الثبات والصمود» في مخيمات العودة على السياج الأمني بقطاع غزة. وقال رئيس «الهيئة الوطنية العليا لمسيرات العودة» القيادي في حركة «الجهاد الإسلامي» خالد بطش: «لن ندفع ثمن الحصار الظالم المفروض على غزة وحدنا بل سيدفعه العدو ومن يحاصرنا». كذلك قال زياد النخالة الأمين العام لحركة «الجهاد الإسلامي» في كلمة متلفزة بثت على شاشات كبيرة، حيث يوجد الفلسطينيون في مخيمات «مسيرات العودة» شرق قطاع غزة، إن «التغول الصهيوني على مسيرات العودة وهذا القتل المتكرر... كما حدث الجمعة الماضية يجب أن يتوقف، إن مقاومتنا الباسلة تملك القدرة والإمكانات لتجعل أيضاً غلاف غزة والمستوطنات المحيطة مكانا لا يصلح للحياة»، بحسب ما أوردت وكالة الصحافة الفرنسية. وأضاف النخالة أن «قوى المقاومة وعلى رأسها سرايانا (سرايا القدس الجناح العسكري للجهاد) وكتائب القسام (الجناح العسكري لحركة حماس) وكل فصائل المقاومة لن تستمر بصمتها، وسوف تتقدم في الوقت المناسب لتلجم هذا الاستهتار بدماء شعبنا». واعتبر «أن المصالحة الفلسطينية أولوية وطنية في صراعنا مع العدو وهي مفتاح لتجاوز الخلافات والصراعات داخل المجتمع الفلسطيني، فجميع الشعب الفلسطيني ضحية لهذا الخلاف».
وتمكّن عدد من الشبان من قص السلك الشائك في مناطق عدة من قطاع غزة مثل معبر كارني ومنطقة أبو صفية، بينما أطلق شبان عشرات البالونات الحارقة صوب الأراضي المحتلة شرق قطاع غزة.
من جانبها، قالت حركة «حماس» إن الجماهير الفلسطينية التي خرجت في «جمعة الثبات والصمود» تؤكد القدرة على «الصمود الأسطوري أمام آلة القتل الإسرائيلية». وقال حازم قاسم الناطق باسم «حماس»: «تهديدات قادة الاحتلال ضد مسيرات العودة محاولة فاشلة لوقفها. شعبنا على الدوام لا يلتفت لهذه الأسطوانة المشروخة».



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.