انتخابات الرئاسة الأكثر انقساماً في تاريخ البرازيل

أكبر بلد في أميركا الجنوبية قد يتزعمه اليمين المتطرف للمرة الأولى

مرشح حزب العمال اليساري فرناندو حداد إلى جانب يافطة عليها صورة الرئيس السابق لولا الذي يقبع بالسجن بعد إدانته بالفساد (رويترز)
مرشح حزب العمال اليساري فرناندو حداد إلى جانب يافطة عليها صورة الرئيس السابق لولا الذي يقبع بالسجن بعد إدانته بالفساد (رويترز)
TT

انتخابات الرئاسة الأكثر انقساماً في تاريخ البرازيل

مرشح حزب العمال اليساري فرناندو حداد إلى جانب يافطة عليها صورة الرئيس السابق لولا الذي يقبع بالسجن بعد إدانته بالفساد (رويترز)
مرشح حزب العمال اليساري فرناندو حداد إلى جانب يافطة عليها صورة الرئيس السابق لولا الذي يقبع بالسجن بعد إدانته بالفساد (رويترز)

مع انتهاء حملات انتخابات الرئاسة البرازيلية رسمياً، أي قبل 3 أيام من موعد تنظيمها غداً (الأحد)، في أكبر اقتصاد في جنوب أميركا، أظهرت استطلاعات الرأي تقدم جايير بولسونارو اليميني المتطرف، تحت راية حزبه الصغير «الحزب الاجتماعي الليبرالي»، على خصومه اليساريين، في أكثر الاستحقاقات الانتخابية انقساماً في تاريخ البرازيل. التأييد لبولسونارو ازداد في الأيام القليلة الماضية، حتى أن بعض المراقبين قالوا إنه قد يستطيع الفوز بالرئاسة من الجولة الأولى، نظراً لانقسام المرشحين الذين يميلون لليسار، ومن بينهم (والأوفر حظاً) مرشح حزب العمال اليساري، فرناندو حداد. وتُجرى الدورة الأولى للانتخابات الرئاسية والحكام والنواب وثلثي أعضاء مجلس الشيوخ في اليوم نفسه، وسط أجواء من الاستقطاب الشديد، وفي إطار من الأزمات الكثيرة العميقة لأكبر بلد في أميركا اللاتينية.
وأظهر استطلاع معهد «داتافولها» تقدماً لبولسونارو على حداد بفارق كبير، قبيل الجولة الأولى من الانتخابات، رغم أنه ما زال يحتاج المزيد من الأصوات للفوز، وتجنب خوض جولة إعادة.
وأظهر استطلاع الرأي أن بولسونارو حصل على تأييد 35 في المائة، بزيادة 3 نقاط مئوية عن يوم الثلاثاء، وحصل حداد (أقرب منافسيه) على نسبة تأييد 22 في المائة. وبهذا، فإنه يتقدم بفارق 13 نقطة على حداد، الذي أحرز تقدماً طفيفاً من نيات التصويت. والثلاثاء، كان الفارق 11 نقطة مئوية بين المرشحَين، مع 32 في المائة لبولسونارو، و21 في المائة لحداد. ولا يزال بولسونارو وحداد يتقدمان بفارق كبير على مرشح يسار الوسط سيرو غوميز (11 في المائة).
وقالت «داتافولها» إن هناك احتمالاً لإجراء جولة إعادة. وإذا فشل أي مرشح في الحصول على الأغلبية المطلوبة، سيخوض المرشحان الحاصلان على أعلى نسبة تصويت جولة إعادة يوم 28 أكتوبر (تشرين الأول)، كما نقلت «رويترز» عن المؤسسة. وكان بولسونارو قد تعرض لحادث طعن في تجمع انتخابي قبل شهر، مما أبعده عن حملته بسبب وضعه الصحي، إلا أن بعض المراقبين يعتقدون أن حادث الطعن زاد من التعاطف الشعبي معه، على الرغم من سياساته اليمينية المتطرفة، ولم يعد قادراً على القيام بحملة في الشارع، بعدما بقي في المستشفى أكثر من 3 أسابيع.
لكن فيما يبدو أنه بلغ سقفاً منذ بضعة أسابيع، رأى آخر استطلاع للرأي (إيبوب)، نشر مساء الاثنين، أنه حقق تقدماً واضحاً في الدورة الأولى، وسيتعادل (42 في المائة) مع حداد في الدورة الثانية.
وهاجمت الحملة الانتخابية لحداد، الخميس، بولسونارو بشدة، حيث استخدمت آخر يوم من الدعاية التلفزيونية لمقارنة بولسونارو، ضابط الجيش السابق الذي عبر عن إعجابه بالديكتاتورية العسكرية في البرازيل خلال 1964 - 1985، بأدولف هتلر.
وفي محاولة أخيرة لكسب التأييد، قال بولسونارو لمحطة إذاعية في شمال شرقي البرازيل، كما نقلت عنها الصحافة الفرنسية، حيث تتراجع شعبيته لصالح حداد، إنه سيجعل الجيش يشارك في إنهاء بعض مشروعات البنية التحتية الكبيرة المتوقفة منذ فترة في تلك المنطقة، وأضاف: «نريد التخلص من مركزية الإيرادات الحكومية، وإرسالها إلى الولايات، حيث يعلم الحكام ورؤساء البلديات بشكل أفضل كيفية إنفاق الموارد محلياً».
وإذا ما انتُخب بولسونارو رئيساً للدولة، فستكون البرازيل قد اختارت للمرة الأولى رئيساً من اليمين المتطرف. أما حداد، الرئيس السابق لبلدية ساو باولو، فقد حقق هو الآخر مزيداً من التقدم في نيات التصويت، على الرغم من دخوله المتأخر الحملة، في 11 سبتمبر (أيلول)، بعد إبطال ترشيح الرئيس السابق لويس إيناسيو لولا دا سيلفا، المسجون بتهمة الفساد.
ويبدو حداد متأكداً من الوصول إلى الدورة الثانية. وللمرة الأولى الأسبوع الماضي، أشار استطلاع للرأي إلى فوزه متخطياً هامش الخطأ، لكن استطلاعاً آخر، نشرت نتائجه مساء الاثنين، كشف تعادله مع بولسونارو.
وإذا ما انتخب حداد رئيساً، سيكون حزب العمال قد فاز في خامس انتخابات رئاسية على التوالي منذ 2002، بعد انتخاب لولا (2002 و2006)، ثم ديلما روسيف (2010 و2014). وكان الرئيس المنتهية ولايته ميشال تامر (يمين وسط) قد وصل إلى الحكم بعد إقالة روسيف التي كان نائبها.
ولولا الذي كان الأوفر حظاً، رغم وجوده في السجن بتهمة الفساد منذ أبريل (نيسان) (نحو 40 في المائة من نيات التصويت)، تم استبعاده من السباق. والغموض حول مصير لولا جعل من هذا الاقتراع طوال أشهر الأكثر غموضاً في تاريخ البرازيل الحديث، ووضع حزبه وجميع الأحزاب الأخرى في حالة غموض.
وباستثناء لولا، الذي استبعد بتهمة الفساد، من المتوقع أن يبقى في سدة الحكم القسم الأكبر من النخبة البرازيلية التي أدرجت في القائمة السوداء. وسيعاد انتخاب كبار القدامى الإقليميين، كما جاء في الصحافة الفرنسية. وبذلك، يكون التحقيق في قضية «الغسل السريع» قد أتاح توجيه التهمة، أو حتى التوصل إلى أحكام بالسجن على عشرات المسؤولين في جميع الأحزاب تقريباً، لكنه لم يحدث ثورة على صعيد العمل السياسي في البرازيل.
وسيكون وصول بولسونارو إلى الحكم أقل ضرراً في نظر الأسواق، وإن اعترف بعجزه الكامل على صعيد الاقتصاد. وقد عين منذ الآن «وزيره الخارق للاقتصاد»، الليبرالي باولو غيديس، مع إعطاء دفع جدي، بفضل إصلاحات تقشفية شجاعة، لاقتصاد لا ينجح في الانتعاش بعد سنتين من الركود التاريخي (2015 - 2016)، ولديه نحو 13 مليون عاطل عن العمل. كذلك عليه وقف دوامة العنف المسلح، وهو مصدر قلق آخر للبرازيليين، مع الصحة والتعليم والإسكان، وهي قطاعات تفتقر بشدة إلى الموارد.



«كايسيد»: نستثمر في مستقبل أكثر سلاماً

الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
TT

«كايسيد»: نستثمر في مستقبل أكثر سلاماً

الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)

أكد الدكتور زهير الحارثي، أمين عام مركز الملك عبد الله العالمي للحوار «كايسيد»، أن برامجهم النوعية تستثمر في مستقبل أكثر سلاماً بجمعها شخصيات دينية وثقافية لتعزيز الحوار والتفاهم وسط عالم يعاني من الانقسامات.

واحتفى المركز بتخريج دفعة جديدة من برنامج «الزمالة» من مختلف المجموعات الدولية والعربية والأفريقية في مدينة لشبونة البرتغالية، بحضور جمع من السفراء والممثلين الدبلوماسيين المعتمدين لدى جمهورية البرتغال.

وعدّ الحارثي، البرنامج، «منصة فريدة تجمع قادة من خلفيات دينية وثقافية متنوعة لتعزيز الحوار والتفاهم، وهو ليس مجرد رحلة تدريبية، بل هو استثمار في مستقبل أكثر سلاماً»، مبيناً أن منسوبيه «يمثلون الأمل في عالم يعاني من الانقسامات، ويثبتون أن الحوار يمكن أن يكون الوسيلة الأقوى لتجاوز التحديات، وتعزيز التفاهم بين المجتمعات».

جانب من حفل تخريج دفعة 2024 من برنامج «الزمالة الدولية» في لشبونة (كايسيد)

وجدَّد التزام «كايسيد» بدعم خريجيه لضمان استدامة تأثيرهم الإيجابي، مشيراً إلى أن «البرنامج يُزوّد القادة الشباب من مختلف دول العالم بالمعارف والمهارات التي يحتاجونها لبناء مجتمعات أكثر شموليةً وتسامحاً».

وأضاف الحارثي: «تخريج دفعة 2024 ليس نهاية الرحلة، بل بداية جديدة لخريجين عازمين على إحداث تغيير ملموس في مجتمعاتهم والعالم»، منوهاً بأن «الحوار ليس مجرد وسيلة للتواصل، بل هو أساس لبناء مستقبل أكثر وحدة وسلاماً، وخريجونا هم سفراء التغيير، وسنواصل دعمهم لتحقيق رؤيتهم».

بدورها، قالت ويندي فيليبس، إحدى خريجات البرنامج من كندا، «(كايسيد) لم يمنحني فقط منصة للتعلم، بل فتح أمامي آفاقاً جديدة للعمل من أجل بناء عالم أكثر عدلاً وسلاماً»، مضيفة: «لقد أصبحت مستعدة لمواجهة التحديات بدعم من شبكة متميزة من القادة».

الدكتور زهير الحارثي يتوسط خريجي «برنامج الزمالة الدولية» (كايسيد)

وحظي البرنامج، الذي يُمثل رؤية «كايسيد» لبناء جسور الحوار بين أتباع الأديان والثقافات، وتعزيز التفاهم بين الشعوب؛ إشادة من الحضور الدولي للحفل، الذين أكدوا أن الحوار هو الوسيلة المُثلى لتحقيق مستقبل أفضل للمجتمعات وأكثر شمولية.

يشار إلى أن تدريب خريجي «برنامج الزمالة الدولية» امتد عاماً كاملاً على ثلاث مراحل، شملت سان خوسيه الكوستاريكية، التي ركزت على تعزيز مبادئ الحوار عبر زيارات ميدانية لأماكن دينية متعددة، ثم ساو باولو البرازيلية وبانكوك التايلاندية، إذ تدربوا على «كيفية تصميم برامج حوار مستدامة وتطبيقها»، فيما اختُتمت بلشبونة، إذ طوّروا فيها استراتيجيات لضمان استدامة مشاريعهم وتأثيرها الإيجابي.