«وول ستريت» تحقق 100 رقم قياسي في عهد ترمب

صعودها مستمر منذ 3500 يوم... فهل اقتربت من الفقاعة؟

«وول ستريت» تحقق 100 رقم قياسي في عهد ترمب
TT

«وول ستريت» تحقق 100 رقم قياسي في عهد ترمب

«وول ستريت» تحقق 100 رقم قياسي في عهد ترمب

حققت مؤشرات «وول ستريت» هذا الأسبوع المستوى القياسي رقم 100 منذ وصول دونالد ترمب إلى الرئاسة الأميركية قبل أقل من عامين. واستفادت تلك المؤشرات من جملة ظروف وعوامل، أبرزها الخفض الضريبي الذي أجرته إدارة ترمب، والسياسات الحمائية التي اتبعتها... وبذلك واصلت البورصة مسيرة أطول صعود في تاريخها كان بدأ في مارس (آذار) 2009. ولم تعرف منذ ذلك الحين أي هبوط بأكثر من 20 في المائة؛ وبالتالي تكون «وول ستريت» قد واصلت صعودها في مدى 3500 يوم من دون أن تشهد أي هزة عنيفة، لا بل راكمت مؤشراتها أرقاما قياسية تاريخية.
ويسأل المحللون: هل من صعود إضافي... أم أن الدورة وصلت نهايتها؟ وهل هناك فقاعة أسعار... أم أن أسعار الأسهم مستمرة في جذب المستثمرين؟ وإلى متى؟
الإجابات تختلف بين محلل وآخر، لكن الجميع متفق الآن على أن الاقتصاد الأميركي مزدهر وأرباح الشركات ترتفع، وأن 2019 ليس العام الذي قد تقع فيه الكارثة السوقية التي يخافها البعض ويحذر منها.
على الصعيد الاقتصادي، يسجل النمو أفضل معدلاته منذ 4 سنوات، والتضخم مقبول. في وقت لا تسجل فيه الاقتصادات الأوروبية واليابانية والصينية مؤشرات تفاؤل كالتي يسجلها الاقتصاد الأميركي.
ويضيف المحللون أن «الخفض الضريبي وزيادة الإنفاق العام وتخفيف قيود قواعد عمل بعض القطاعات، ستجعل من العام 2019 عام الاستمرار في تحقيق الشركات لمعدلات أرباح جيدة.
في المقابل هناك من يعتقد أن الأثر الإيجابي لخفض ضرائب الأرباح والدخل سيتراجع اعتباراً من ربيع العام القادم، وأن مواصلة الاحتياطي الفيدرالي لسياسة رفع الفائدة سيجعل من العام القادم محور جملة تساؤلات حول إمكان وصول الدورة الإيجابية إلى نهايتها».
لكن تقريراً لبنك «غولدمان ساكس» يهدئ المخاوف؛ إذ أكد بناء على دراسة سوقية واسعة النطاق، أن احتمال الركود في السنوات الثلاث المقبلة لا يتجاوز نسبة 36 في المائة.
أما على صعيد أرباح الشركات، فإن استبياناً أجراه «ميريل لينش - بنك أوف أميركا» أكد أن 69 في المائة من مديري الأصول والثروات يعتقدون جازمين بأن السوق الأميركية تبقى الأفضل على المستوى العالمي، ونسبة التفاؤل هذه هي الأعلى منذ 17 عاماً. ويتوقع المستثمرون والمحللون نمواً لأرباح الشركات الأميركية المدرجة في مؤشر «أس أند بي 500» بنسبة 20 في المائة في الفصل الثالث من العام الحالي.
ويقول محلل في «مورغان ستانلي»: «نادراً ما تهبط الأسواق عندما ترتفع الأرباح»، ويضيف أن «الأثر الإيجابي للخفض الضريبي مستمر، وهناك برامج متواصلة للشركات لإعادة شراء أسهمها، وهذا يجمِّل المشهد أكثر. ومن دون العاملين المذكورين تبقى الأرباح نامية بنحو 9 في المائة أو أقل قليلاً». ويرد محلل مصرفي أوروبي بالقول: «سترتفع كلفة التمويل مع صعود الفوائد، وسيتأثر النمو الأميركي بالحروب التجارية، وستتراجع شهية شراء الشركات لأسهمها... ما سيخفف من قوة محرك صعود «وول ستريت» نحو قمم قياسية جديدة».
إلى ذلك، هناك عامل آخر مؤثر في الأرباح، ألا وهو ارتفاع الأجور والرواتب. فبعدما أقبلت شركة «أمازون» على زيادة مرتبات 2500 من موظفيها في الولايات المتحدة، ستحذو حذوها شركات أخرى في القطاع نفسه وفي قطاعات أخرى رديفة. تلك الزيادات ستضغط على هوامش أرباح الشركات في وقت تنخفض فيه البطالة ويزداد البحث عن موظفين وعمال في عدد من القطاعات، ما يدفع للتنافس وبالتالي زيادة المرتبات... وسيرفع ذلك كلفة الإنتاج في وقت بدأت فيه تلك الكلفة تتأثر أيضاً بارتفاع أسعار النفط وارتفاع الرسوم الجمركية الحمائية التي فرضتها سياسات ترمب.
لكن تقريراً صادراً عن بنك «يو بي إس» السويسري يقلل من أهمية تلك المخاوف، مشيراً إلى أن ارتفاع الكلفة لن يؤثر كثيراً في المدى المنظور. ويتناول التقرير قطاعاً أميركياً مزدهراً بقوة، هو قطاع التكنولوجيا وتقنية المعلومات. ويقول: «لا مبالغة في أسعار أسهم ذلك القطاع، فلشركاته سيطرة سوقية عالمية لا تنافسها فيها شركات أخرى».
لكن يبقى السؤال عن أسعار أسهم شركات قطاعات أخرى... وما إذا كانت تتمتع بنفس مناعة أسهم التكنولوجيا وتقنيات المعلومات.
ويقول المحللون: «سادت في 2017 مخاوف لدى المستثمرين من المستويات السعرية التي سجلتها الأسهم الأميركية، وخاف البعض من فقاعة قد تنفجر، لكن سرعة نمو الأرباح بمعدلات أعلى من سرعة نمو مؤشرات أداء البورصة بددت تلك المخاوف، والتفاؤل مستمر حتى الآن».
على صعيد آخر، يتناول المحللون أثر الخطر السياسي أو الجيوسياسي، لا سيما تداعيات الحرب التجارية مع الصين، وأزمة كوريا الشمالية، وأزمة إيران. فالرئيس ترمب على كل الجبهات وبشكل يومي تقريباً. ويقول مصرفي أوروبي: «اللافت أنه كلما اشتدت تلك الأزمات نشهد نزوح المزيد من الرساميل والاستثمارات باتجاه الولايات المتحدة الأميركية. فالمستثمرون يرون أميركا بعين «المخاطر القليلة» إذا اشتدت الأزمات ووقعت الصدمات، وهذا من حظ الأسهم الأميركية. لكن هناك الانتخابات النصفية للكونغرس المتوقعة الشهر المقبل، التي يرى البعض أنها ستعيد إلى السياسة الأميركية بعض التوازن، ومن غير المعروف بعد كيف سيتصرف المستثمرون إذا شاهدوا أن سياسات الرئيس ترمب تتغير قليلاً أو كثيراً وفقاً لنتائج تلك الانتخابات».
تبقى الإشارة إلى ما ذكره متابع لأداء مؤشر «إس أند بي 500»، إذ يقول: «ارتفع ذلك المؤشر في الفترة من مطلع عام 2018 حتى تاريخه بنسبة 9 في المائة، وهذا بفضل 3 قطاعات فقط، هي التكنولوجيا والاستهلاك والصحة... وهي قطاعات دفاعية، ما يعني أن المستثمرين لا يغامرون كثيراً؛ بل يتحوطون من خلال تركيزهم على أسهم دون أخرى».



التضخم في السعودية يسجل 2 % خلال نوفمبر الماضي على أساس سنوي

إحدى أسواق المنتجات الغذائية في السعودية (الشرق الأوسط)
إحدى أسواق المنتجات الغذائية في السعودية (الشرق الأوسط)
TT

التضخم في السعودية يسجل 2 % خلال نوفمبر الماضي على أساس سنوي

إحدى أسواق المنتجات الغذائية في السعودية (الشرق الأوسط)
إحدى أسواق المنتجات الغذائية في السعودية (الشرق الأوسط)

ارتفع معدل التضخم في السعودية إلى 2 في المائة خلال نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، على أساس سنوي، مسجلاً أعلى مستوى منذ 15 شهراً، وذلك عطفاً على ارتفاع أسعار قسم السكن والمياه والكهرباء، والغاز وأنواع الوقود الأخرى بنسبة 9.1 في المائة وأسعار أقسام السلع والخدمات الشخصية المتنوعة بنسبة 2.7 في المائة، مقابل انخفاض أسعار قسم النقل بنسبة 2.5 في المائة.

وعلى الرغم من ذلك الارتفاع فإن هذا المستوى جعل السعودية البلد الأقل ضمن مجموعة العشرين، في الوقت الذي عدَّه اقتصاديون معتدلاً نسبياً.

ووفق مؤشر الرقم القياسي لأسعار المستهلك، الصادر عن الهيئة العامة للإحصاء، الأحد، ارتفع قسم السكن والمياه والكهرباء والغاز وأنواع الوقود الأخرى بنسبة 9.1 في المائة، وقد تأثر بارتفاع مجموعة الإيجارات المدفوعة للسكن 10.8 في المائة خلال نوفمبر الماضي، بسبب زيادة في أسعار إيجارات الشقق 12.5 في المائة.

المطاعم والفنادق

وكان لارتفاع هذا القسم أثر كبير في استمرار وتيرة التضخم السنوي لنوفمبر 2024، نظراً للوزن الذي يشكله هذا القسم، الذي يبلغ 25.5 في المائة، وفي السياق ذاته، ارتفعت أسعار قسم السلع والخدمات الشخصية المتنوعة بنسبة 2.7 في المائة خلال نوفمبر السابق، متأثرة بارتفاع أسعار المجوهرات والساعات بأنواعها والتحف الثمينة 23.7 في المائة.

وسجلت أسعار قسم المطاعم والفنادق ارتفاعاً بنسبة 1.5 في المائة، مدفوعةً بارتفاع أسعار الخدمات الفندقية والشقق المفروشة بنسبة 5.9 في المائة، أما قسم التعليم فقد شهد ارتفاعاً بنسبة 1.1 في المائة، متأثراً بزيادة أسعار الرسوم لمرحلتي المتوسط والثانوي 1.8 في المائة.

الأغذية والمشروبات

في حين سجلت أسعار الأغذية والمشروبات ارتفاعاً طفيفاً بنسبة 0.3 في المائة، مدفوعةً بارتفاع أسعار اللحوم والدواجن، 1.9 في المائة. من جهة أخرى، انخفضت أسعار قسم تأثيث وتجهيز المنزل بنسبة 2.9 في المائة، متأثرةً بانخفاض أسعار الأثاث والسجاد وأغطية الأرضيات بنسبة 4.4 في المائة.

وتراجعت أسعار قسم الملابس والأحذية بنسبة 2.3 في المائة، متأثرةً بانخفاض أسعار الملابس الجاهزة 4.6 في المائة، وكذلك سجلت أسعار قسم النقل تراجعاً بنسبة 2.5 في المائة، متأثرةً بانخفاض أسعار شراء المركبات بنسبة 3.9 في المائة.

تنويع الاقتصاد

وقال كبير الاقتصاديين في بنك الرياض، الدكتور نايف الغيث، لـ«الشرق الأوسط»، إن ارتفاع معدل التضخم في المملكة إلى 2 في المائة خلال نوفمبر الماضي، مقارنة بالشهر نفسه من العام السابق، يعكس التغيرات الاقتصادية التي تمر بها المملكة في إطار «رؤية 2030»، التي تهدف إلى تنويع الاقتصاد وتقليل الاعتماد على النفط.

وبيَّن الغيث أن العامل الرئيسي وراء هذا الارتفاع كان قطاع السكن والمرافق، حيث شهد زيادة كبيرة بنسبة 9.1 في المائة. وكان لارتفاع أسعار إيجارات المساكن، وخصوصاً الشقق التي ارتفعت بنسبة 12.5 في المائة، الدور الأكبر في هذه الزيادة، موضحاً أن هذا القطاع يشكل 25.5 في المائة من سلة المستهلك، وبالتالي فإن تأثيره على معدل التضخم العام كان ملحوظاً.

ووفق الغيث، أسهم ارتفاع أسعار السلع والخدمات الشخصية المتنوعة بنسبة 2.7 في المائة في زيادة معدل التضخم، وأن هذا الارتفاع يعكس تغيرات في أنماط الاستهلاك وزيادة الطلب على بعض السلع والخدمات في ظل التحولات الاقتصادية والاجتماعية التي تشهدها المملكة.

تحسين البنية التحتية

على الجانب الآخر، يرى كبير الاقتصاديين في بنك الرياض، أن قطاع النقل شهد انخفاضاً بنسبة 2.5 في المائة، ما أسهم في تخفيف الضغط التضخمي إلى حد ما، وأن هذا الانخفاض قد يكون نتيجة لتحسن البنية التحتية للنقل وزيادة كفاءة الخدمات اللوجيستية، وهو ما يتماشى مع أهداف «رؤية 2030» في تطوير قطاع النقل والخدمات اللوجيستية.

وفي سياق «رؤية 2030»، يؤكد الغيث أنه من الممكن النظر إلى هذه التغيرات في معدلات التضخم كجزء من عملية التحول الاقتصادي الشاملة، مضيفاً أن الارتفاع في أسعار السكن، «على سبيل المثال»، قد يكون مؤشراً على زيادة الاستثمارات في القطاع العقاري وتحسن مستويات المعيشة.

وأبان أن الزيادة في أسعار السلع والخدمات الشخصية قد تعكس تنوعاً متزايداً في الاقتصاد وظهور قطاعات جديدة.

ولفت الغيث النظر إلى أن معدل التضخم الحالي البالغ 2 في المائة يعتبر معتدلاً نسبياً، ما يشير إلى نجاح السياسات النقدية والمالية في الحفاظ على استقرار الأسعار.