أنقرة تحذر من «قلب التوازن لصالح النظام» في اللجنة الدستورية

البرلمان التركي يمدد تفويض الحكومة بإرسال قوات إلى سوريا والعراق

TT

أنقرة تحذر من «قلب التوازن لصالح النظام» في اللجنة الدستورية

حذرت تركيا من محاولات قلب التوازن في تشكيل اللجنة الدستورية في سوريا لصالح النظام، وجددت في الوقت نفسه مطالباتها لواشنطن بإنهاء وجود «وحدات حماية الشعب» الكردية في منبج ووقف دعمها لها.
وقال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو: «هناك 3 قوائم قدمها: النظام، والمعارضة، والمجتمع المدني في سوريا، بشأن مباحثات تشكيل اللجنة الدستورية، وبعض الدول تحاول قلب التوازن اللازم في هذا الصدد لمصلحة النظام، لكن الأمور لا تسير هكذا».
وأضاف جاويش أوغلو، خلال مشاركته مع نظيره الهولندي ستيف بلوك، في جلسة خاصة بعنوان: «البحث عن سلام عادل في عالم متشرذم» في إطار ملتقى إعلامي في إسطنبول أمس (الخميس)، أن بلاده تؤدي دورا فاعلا في منع حدوث الصراعات، وحلها بالطرق السلمية.
ولفت إلى أن الاتفاق الذي أبرمته تركيا مع روسيا بشأن محافظة إدلب السورية، منع حدوث كارثة إنسانية، وحال في الوقت نفسه دون حدوث موجة نزوح نحو الأراضي التركية وأوروبا. وأضاف: «الآن فتحت نافذة جديدة من أجل الحل السياسي، ونحن نشجع جميع شركائنا للتركيز أكثر على العملية السياسية»، ولفت إلى أنه سيلتقي في إسطنبول في وقت لاحق المبعوث الأممي الخاص إلى سوريا ستيفان دي ميستورا، الذي يعمل على تشكيل اللجنة الدستورية بشأن سوريا.
وقال جاويش أوغلو: «إننا نتحدث عن مستقبل بلد، وهذه فرصة أخيرة من أجل الحل السياسي في سوريا، لذلك علينا أن نستغلها جيدا».
في سياق آخر، جددت تركيا مطالباتها لواشنطن بإنهاء وجود مسلحي «وحدات حماية الشعب» الكردية في منبج وإنهاء دعمها لهم.
وقال وزير الدفاع التركي خلوصي أكار في تصريحات أمس (الخميس) إن تركيا أبلغت أعضاء حلف شمال الأطلسي (ناتو) بضرورة إنهاء وجود «الوحدات» الكردية في منبج.
من جانبه، قال المتحدث باسم الرئاسة التركية إبراهيم كالين إن بلاده تنتظر من الولايات المتحدة إنهاء دعم حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي السوري، مشيرا إلى أن تركيا مستعدة لاتخاذ خطوات في أي لحظة ضد من سماهم «الإرهابيين»، في إشارة إلى مسلحي «الوحدات» الكردية. وقال كالين، عقب اجتماع لمجلس الوزراء برئاسة الرئيس رجب طيب إردوغان في أنقرة مساء أول من أمس، ردا على سؤال بشأن إمكانية تنفيذ عملية عسكرية تركية في شرق الفرات من عدمه، إن بلاده قادرة على اتخاذ خطوات ضد الإرهابيين على الساحة السورية «في أي لحظة» بما يضمن أمن تركيا القومي. وأشار إلى أن تركيا تنتظر من الإدارة الأميركية إنهاء دعمها لـ«تنظيمي (وحدات حماية الشعب) و(حزب الاتحاد الديمقراطي)، في ظل عدم وجود ذريعة مكافحة تنظيم داعش الإرهابي بعد الآن».
وعدّ كالين أن بلاده تخوض في الفترة الأخيرة مكافحة فعالة ضد «حزب العمال الكردستاني»، و«حزب الاتحاد الديمقراطي»، و«وحدات حماية الشعب» الكردية في سوريا، و«داعش»، و«جبهة حزب التحرير الشعبي الثوري».
وقال المتحدث الرئاسي التركي: «نعلم أن الولايات المتحدة تريد، عبر ذرائع أخرى، البقاء في سوريا بسياسة جديدة وتقييم سياسي جديد، خصوصاً أنها ترغب في وجود عسكري لها هناك ضد إيران، ولكن نرى بوضوح أن التوترات في المنطقة ستتصاعد في حال بقائها تحت تلك الذرائع».
وكان رئيس البرلمان التركي بن علي يلدريم دعا أول من أمس إلى وقف تمويل «التنظيمات الإرهابية»، موضحا أن مكافحة الإرهاب تأتي في مقدمة المسائل التي تستوجب التعاون، بصرف النظر عن معتقدات الإرهابيين.
وكان البرلمان وافق، أول من أمس، على مذكرة الحكومة بطلب تمديد فترة تفويضها في إرسال قوات للقيام بعمليات عسكرية في سوريا والعراق لمدة عام جديد.



دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
TT

دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)

مع توجّه الحكومة اليمنية بطلب إلى الأمم المتحدة لعقد مؤتمر للمانحين لجهة دعم خطة الاستجابة الإنسانية في البلاد، بعد تزايد الاحتياجات الإنسانية الملحَّة، جددت منظمات دولية وأممية الدعوة إلى زيادة التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية.

وفي حين تواصل الجماعة الحوثية إعاقة جهود الإغاثة في البلاد، ذكر الإعلام الرسمي أن سفير اليمن لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أكد على ضرورة أن تظل الأزمة الإنسانية في اليمن على رأس أولويات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للحد من المعاناة المتزايدة، داعياً إلى تكثيف الجهود للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المختطَفين والمعتقَلين، ومحاسبة المسؤولين عن مختلف الانتهاكات، في إشارة إلى الجماعة الحوثية.

وفي بيان اليمن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال الجلسة الخاصة بتعزيز تنسيق المساعدات الإنسانية والإغاثية، حذَّر السعدي المجتمع الدولي من خطورة تجاهل الانتهاكات التي ترتكبها الجماعة الحوثية لخدمة أجندتها السياسية، بما في ذلك استخدام المساعدات الإنسانية لخدمة أهدافها العسكرية وتحويل المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى سجون لمن يعارضونها.

أكثر من 19 مليون يمني بحاجة إلى المساعدات خلال العام المقبل حسب تقديرات أممية (الأمم المتحدة)

وأعاد البيان اليمني التذكير بأهمية نقل مقرات الوكالات الأممية والمنظمات الدولية إلى العاصمة المؤقتة عدن لضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني، وتوفير بيئة آمنة للعمل بعيداً عن التدخلات؛ ما يساهم في تحسين القدرة على إيصال المساعدات إلى الفئات المحتاجة في مختلف المناطق. وتتهم الحكومة اليمنية وأوساط إغاثية وحقوقية محلية وأممية ودولية الجماعة الحوثية بالاستمرار في اختطاف العاملين بالمجال الإغاثي، وتبني حملات إعلامية مسيئة للعمل الإنساني، ورفض الاستجابة لطلبات عائلات المختطفين بالسماح بزيارتهم والاطمئنان على صحتهم الجسدية والنفسية، وتقديم الرعاية لهم.

سوء التنظيم والتخطيط

وجدَّدت الحكومة اليمنية التذكير بالأضرار الكبيرة التي تسببت بها الفيضانات والسيول التي ضربت عدة مناطق يمنية هذا العام، إلى جانب مختلف التطرفات المناخية التي ضاعفت من الآثار الناجمة عن الحرب في مفاقمة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية؛ ما زاد من أهمية وضرورة تكثيف دعم المجتمع الدولي لليمن في مواجهة هذه التحديات.

جهات دولية تتهم الجماعة الحوثية بإعاقة أعمال الإغاثة بعد اختطاف موظفي المنظمات (رويترز)

ولا يتوقع جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أن يكون الدعم كبيراً أو كافياً لمواجهة مختلف المتطلبات والاحتياجات، مشيراً إلى أن عملية حشد الأموال لا بد أن تقترن بكيفية تنظيم إدارة العمل الإنساني والإغاثي، وخلق شراكة حقيقية بين الحكومة اليمنية والقطاع الخاص، والمنظمات المحلية والجهات الإغاثية الحالية، لإيصال المساعدات.

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، يصف بلفقيه الأزمة الإنسانية في بلاده بالأشد قسوة؛ ما يجعل من غير الممكن على اليمنيين الصمود أمام متطلبات معيشتهم، في ظل استمرارها وتصاعدها، منوهاً بأن حجم الأموال التي يمكن الحصول عليها ليس مهماً إذا لم يتم تنظيم عمليات الإغاثة للوصول بكفاءة إلى كل المستحقين.

وانتقد بلفقيه، وهو أيضاً مستشار وزير الإدارة المحلية، التوجهات الأممية الموسمية لزيادة التمويل، عند نهاية عام وبداية عام جديد، مع غياب التخطيط والتنظيم الفاعلين، وعدم مراعاة الاحتياجات المحلية للمتضررين من الأزمة الإنسانية في كل محافظة.

فيضانات الصيف الماضي في اليمن فاقمت من الأزمة الإنسانية وزادت من احتياجات الإغاثة (الأمم المتحدة)

من جهتها، أكدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن اليمن أصبح يعيش «واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم»، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة؛ ما يزيد من احتياجات التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية، بما فيها الغذاء والمياه والإمدادات الطبية.

واتهمت المنظمة، في بيان حديث لها، الجماعة الحوثية، باحتجاز وإخفاء 17 شخصاً على الأقل من موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى عشرات الموظفين من المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والشركات الخاصة، ومواصلة احتجازهم دون تهم.

إيقاف التمويل

نقلت «هيومن رايتس ووتش» عن الأمم المتحدة، أن 24.1 مليون يمني، أي ما يساوي 80 في المائة من السكان، بحاجة إلى المساعدات الإنسانية والحماية».

ونبهت المنظمة الدولية إلى أن الحكومة السويدية أقرَّت، أواخر الشهر الماضي، «الإنهاء التدريجي» لمساعداتها الإنمائية لليمن، على خلفية الإجراءات التدميرية المتزايدة للجماعة الحوثية في الأجزاء الشمالية من اليمن، ومنها اختطاف موظفي الأمم المتحدة.

كما دعت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تصعيد مطالبة الحوثيين بالإفراج عن المعتقلين، وتنسيق جهودهما بشكل أفضل في هذا الهدف المشترك. وقالت: «يجب أن تضاعف وكالات الأمم المتحدة الجهود لحماية ودعم موظفيها المتبقين في اليمن».

رغم تراجع تمويل الإغاثة في اليمن لا تزال وكالات أممية تقدم مساعدات للنازحين والمحتاجين (الأمم المتحدة)

ويتفق الباحث الاقتصادي، عادل السامعي، مع مسؤول الإغاثة اليمني، بلفقيه، حول سوء إدارة أموال الإغاثة في اليمن، وتسبب ذلك في حلول جزئية ومؤقتة للأزمة الإنسانية في البلاد. ويوضح السامعي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً ملحوظاً في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن بسبب «الفساد» الذي أضر بالعملية الإغاثية وتجيير كثير من أوجه الدعم والمساعدات لصالح الجماعة الحوثية.

ويلفت إلى أن هناك تراكماً للفجوات بين الاحتياجات التي تفرضها الأزمة الإنسانية في اليمن والتمويل الموجَّه لها؛ فبعد أن كانت متطلبات الاستجابة الإنسانية خلال الـ12 عاماً الماضية تزيد على 33 مليار دولار، جرى تحصيل أقل من 20 مليار دولار فقط.

وخلال الأسبوع الماضي، كشفت الأمم المتحدة عن حاجتها إلى 2.5 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل (2025).

بسبب اختطاف الجماعة الحوثية موظفي الإغاثة في اليمن تراجعت عدد من الدول عن تمويل الاستجابة الإنسانية (أ.ف.ب)

وحذَّر «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)»، في بيان له، من أن الظروف المعيشية لمعظم اليمنيين ستظل مزرية في عام 2025. ومن المتوقَّع أن تؤدي فرص كسب العيش المحدودة وانخفاض القدرة الشرائية إلى تعميق عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

ووفقاً للمكتب الأممي، فإن 19.54 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى المساعدة خلال العام المقبل، من بينهم 17 مليون شخص (49 في المائة من السكان) سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد، مع معاناة 5 ملايين شخص من ظروف «الطوارئ». بينما يؤثر سوء التغذية الحاد على نحو 3.5 مليون شخص، بمن في ذلك أكثر من 500 ألف شخص يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد.