معدل التضخم في تركيا يقترب من 25 % للمرة الأولى منذ 15 عاماً

تراجع السياحة الداخلية بسبب أزمة الليرة

مع استمرار المخاوف بشأن السياسة النقدية المحلية تراجعت الليرة 42% منذ بداية العام (رويترز)
مع استمرار المخاوف بشأن السياسة النقدية المحلية تراجعت الليرة 42% منذ بداية العام (رويترز)
TT

معدل التضخم في تركيا يقترب من 25 % للمرة الأولى منذ 15 عاماً

مع استمرار المخاوف بشأن السياسة النقدية المحلية تراجعت الليرة 42% منذ بداية العام (رويترز)
مع استمرار المخاوف بشأن السياسة النقدية المحلية تراجعت الليرة 42% منذ بداية العام (رويترز)

قفز معدل التضخم في تركيا إلى مستوى قياسي غير مسبوق منذ 15 عاما، ليسجل ما يقرب من 25 في المائة في سبتمبر (أيلول) الماضي بحسب بيانات أعلنتها هيئة الإحصاء التركية الرسمية أمس الأربعاء. وجاء ذلك في الوقت الذي واصلت فيه الليرة التركية أداءها المتراجع بشدة أمام الدولار الأميركي، حيث ظلت عند معدل 6 ليرات للدولار، وذلك رغم رفع سعر الفائدة الرئيسي في البنوك إلى 24 في المائة.
وذكر بيان هيئة الإحصاء التركية الصادر أمس أن التضخم في أسعار المستهلكين ارتفع إلى 24.52 في المائة في سبتمبر مقارنة مع الشهر نفسه في العام الماضي، وكانت هذه النسبة بلغت 17.9 في المائة في أغسطس (آب) الماضي.
وتراجع سعر صرف الليرة إلى 6 ليرات مقابل الدولار، أي بخسارة 1.5 في المائة بعد صدور البيانات. وفقدت الليرة أكثر من 42 في المائة من قيمتها مقابل الدولار منذ بداية العام الجاري، وأدى هبوط الليرة إلى ارتفاع أسعار شتى السلع من الغذاء إلى الوقود، وقوض ثقة المستثمرين في اقتصاد تركيا.
وبحسب بيان هيئة الإحصاء التركية، زادت أسعار الأثاث والأدوات المنزلية بنسبة 37.3 في المائة، في حين ارتفعت تكلفة النقل بنسبة 36.6 في المائة، بينما سجلت أسعار المواد الغذائية ارتفاعاً بنسبة 27.7 في المائة.
وتضررت الليرة التركية بشدة بسبب مخاوف المستثمرين من إحكام الرئيس التركي رجب طيب إردوغان قبضته على القرار الاقتصادي، والأزمة الدبلوماسية بين واشنطن وأنقرة بشأن احتجاز تركيا القس الأميركي أندرو برانسون منذ أكثر من عامين بتهم تتعلق بالإرهاب.
ووسط استمرار المخاوف بشأن السياسة النقدية المحلية وتوجيه الحكومة للاقتصاد، تراجعت الليرة بشكل كبير بعد أن فرضت الولايات المتحدة عقوبات على وزيرين تركيين وضاعفت الرسوم على واردات الصلب والألومنيوم من تركيا في أغسطس الماضي.
ورفع البنك المركزي معدلات الفائدة من 17.75 في المائة إلى 24 في المائة، لكن ذلك لم يسهم في استعادة الليرة لما خسرته من قيمتها.
وكانت توقعات سابقة رجحت أن يرتفع معدل التضخم في سبتمبر بنسبة 3.6 في المائة عن شهر أغسطس الماضي، لكن البيانات الرسمية كشفت عن أن الوضع أكثر سوءاً من تقديرات الخبراء، إذ بلغت نسبة الارتفاع أكثر من 6.3 في المائة. ويعد المعدل الذي وصل إليه التضخم في سبتمبر هو الأعلى منذ نهاية عام 2003، أي منذ 15 عاما.
وقد زاد مؤشر أسعار المستهلكين بنسبة 10.88 في المائة على أساس شهري في سبتمبر الماضي، أما الزيادة السنوية فوصلت مستوى مقلقا ناهز 46.15 في المائة.
وزاد الوضع الاقتصادي في تركيا تأزما بسبب ما اعتبره مراقبون اقتصاديون تعنتا من إردوغان، الذي ظل يصف نفسه بالعدو اللدود لرفع نسب الفوائد، رغم توصيات الخبراء. ووافق البنك المركزي التركي على رفع نسب الفائدة في وقت لاحق بعدما فشلت حسابات إردوغان الاقتصادية، لكن الليرة تعافت بصورة محدودة جدا ولم تعد إلى ما كانت عليه في وقت سابق.
واعتبر حزب الشعب الجمهوري، أكبر أحزاب المعارضة في تركيا، أن الأزمة الاقتصادية في البلاد أعمق من خلاف عابر مع واشنطن. ويشير خبراء إلى خلل هيكلي تراكم أعواما في ظل إنفاق مبالغ فيه على مشاريع البنية التحتية وتقديم دعم سخي لشركات مقربة من الحكومة وإردوغان.
وكان إردوغان أعرب أول من أمس عن ثقته في أن حكومته ستتمكن من تخليص اقتصاد البلاد مما سماه «محور الشر الثلاثي» المتمثل في الفائدة والتضخم وارتفاع أسعار صرف العملات الأجنبية مقابل الليرة التركية.
وقال، في كلمة أمام اجتماع الكتلة البرلمانية لحزبه (العدالة والتنمية الحاكم) بمقر البرلمان في العاصمة أنقرة، إن الاقتصاد التركي بدأ بالتخلص من الضغوط الخارجية التي تمارس ضده. داعياً رجال الأعمال والصناعيين إلى التحلي بقليل من الصبر.
واعتبر أن أفضل رد على الهجمات الاقتصادية الخارجية على تركيا هو الإصرار على زيادة الإنتاج والعمل الدؤوب، مشيراً في هذا السياق إلى الرقم القياسي الذي تحقق في صادرات سبتمبر الماضي، والتي وصلت قيمتها إلى 14.5 مليار دولار.
وحث الرئيس التركي مواطنيه، الذين يعانون جراء انهيار الليرة، باستدعاء الشرطة عند اكتشاف زيادة غير طبيعية في الأسعار بالمتاجر.. لكنه لم يوضح الإجراءات التي يُمكن أن تتخذها الشرطة ضد المتاجر أو أصحاب المحلات الذين يرفعون الأسعار بسبب هبوط الليرة، ونتيجة ارتفاع أسعار المنتجات المستوردة، أو المصنعة بمساعدة مكونات أجنبية.
وكانت وزارة التجارة أعلنت الشهر الماضي، أنها ستحقق وستفرض غرامات على الشركات التي رفعت الأسعار على نحو «غير طبيعي»، أو لجأت إلى «الزيادات غير الرسمية للأسعار»، رغم أنها لم تُحدد أيضاً، أي نوع من أنواع الزيادة سيكون «إجرامياً».
في سياق مواز، قال رئيس اتحاد وكالات السفر التركية، فيروز باجلي كايا، إن تراجع الليرة المستمر عصف بقطاع السياحة الداخلية، حيث يضطر المواطنون الأتراك لتحمل مصروفات إضافية تقدر بنسبة 40 في المائة من أجل حجز غرف فندقية، تعادل نسبة انخفاض العملة المحلية تقريباً.
ونقلت صحيفة «حرييت» التركية عن باجلي أن الفنادق التركية خفضت الحصص المخصصة للسياحة المحلية ولا ترغب الآن في تأجير غرف للمواطنين، نظراً لارتفاع تكاليف التشغيل التي تعتمد على العملات الأجنبية لتوفير العديد من احتياجاتها. ولفت إلى أن الفنادق تعاني حاليا بشكل أكبر في ظل تراجع أعداد السياح الأجانب الذين يستخدمون العملات الأجنبية وعلى رأسها اليورو لتسوية معاملاتهم.
وتسعى تركيا لجذب 40 مليون سائح أجنبي خلال 2018 لتعويض جانب من الخسائر الهائلة التي ضربت البلاد، وبخاصة قطاع السياحة خلال 3 سنوات، والتي قدرتها أويا نارين، رئيسة اتحاد صناعة السياحة بتركيا، بأنها تناهز 30 مليار يورو نتيجة الاضطراب السياسي.



«المركزي الباكستاني» يخفض الفائدة إلى 13 % للمرة الخامسة

شعار البنك المركزي الباكستاني على مكتب الاستقبال بالمقر الرئيس في كراتشي (رويترز)
شعار البنك المركزي الباكستاني على مكتب الاستقبال بالمقر الرئيس في كراتشي (رويترز)
TT

«المركزي الباكستاني» يخفض الفائدة إلى 13 % للمرة الخامسة

شعار البنك المركزي الباكستاني على مكتب الاستقبال بالمقر الرئيس في كراتشي (رويترز)
شعار البنك المركزي الباكستاني على مكتب الاستقبال بالمقر الرئيس في كراتشي (رويترز)

خفض البنك المركزي الباكستاني، الاثنين، سعر الفائدة الرئيس بمقدار 200 نقطة أساس ليصل إلى 13 في المائة، في خامس خفض متتال منذ يونيو (حزيران)، في إطار جهود البلاد المستمرة لإنعاش اقتصادها المتعثر من خلال تخفيف التضخم.

وتجعل هذه الخطوة باكستان واحدة من أكثر الأسواق الناشئة عدوانية في خفض أسعار الفائدة هذا العام، مع استثناءات مثل الأرجنتين، وفق «رويترز».

وقالت لجنة السياسة النقدية في البنك في بيانها: «بشكل عام، تعد اللجنة أن النهج المتمثل في خفض أسعار الفائدة بشكل مدروس يساعد في الحفاظ على ضغوط التضخم والضغوط على الحساب الخارجي تحت السيطرة، بينما يدعم النمو الاقتصادي بشكل مستدام».

وأضاف البنك أنه يتوقع أن يكون متوسط التضخم «أقل بكثير» من نطاق توقعاته السابقة، الذي يتراوح بين 11.5 في المائة و13.5 في المائة في عام 2025، كما أشار إلى أن توقعات التضخم لا تزال عُرضة لعدة مخاطر، بما في ذلك الإجراءات اللازمة لمعالجة العجز في الإيرادات الحكومية، بالإضافة إلى التضخم الغذائي، وارتفاع أسعار السلع العالمية. وأوضح البنك قائلاً: «قد يظل التضخم متقلباً على المدى القريب قبل أن يستقر ضمن النطاق المستهدف».

وخلال مكالمة مع المحللين، أشار رئيس البنك المركزي الباكستاني، جميل أحمد، إلى أن المركزي لم يحدد مستوى معيناً لسعر الفائدة الحقيقي عند اتخاذ قرار خفض سعر الفائدة يوم الاثنين. ومع ذلك، أوضح أن البنك المركزي كان قد استهدف في الماضي معدل تضخم يتراوح بين 5 و7 في المائة على المدى المتوسط، وأن هذا الهدف بات في متناول اليد خلال الاثني عشر شهراً المقبلة.

وتسير باكستان، الواقعة في جنوب آسيا، على مسار تعافٍ اقتصادي صعب، وقد تلقت دعماً من تسهيل بقيمة 7 مليارات دولار من صندوق النقد الدولي في سبتمبر (أيلول). وأشار البنك إلى أن «جهوداً كبيرة وتدابير إضافية» ستكون ضرورية لتمكين باكستان من تحقيق هدف الإيرادات السنوية، وهو عنصر أساسي في اتفاقها مع صندوق النقد الدولي.

وكان جميع المحللين الـ12 الذين استطلعت «رويترز» آراءهم يتوقعون خفضاً بمقدار 200 نقطة أساس، بعد أن شهد التضخم انخفاضاً حاداً إلى 4.9 في المائة في نوفمبر (تشرين الثاني)، وهو ما جاء أقل من توقعات الحكومة، وأقل بكثير من ذروة التضخم التي بلغت نحو 40 في المائة في مايو (أيار) من العام الماضي. وتأتي هذه الخطوة بعد سلسلة من التخفيضات المتتالية، بما في ذلك خفض بمقدار 150 نقطة أساس في يونيو، و100 نقطة في يوليو (تموز)، و200 نقطة في سبتمبر، و250 نقطة في نوفمبر، مما أدى إلى انخفاض سعر الفائدة من أعلى مستوى لها على الإطلاق عند 22 في المائة في يونيو 2023، الذي ظل ثابتاً لمدة عام. وبذلك يبلغ إجمالي التخفيضات منذ يونيو 900 نقطة أساس.