العراق: انتقال سلس للسلطة يغطي أزمات المكونات

فؤاد معصوم حذر برهم صالح من «قنابل موقوتة» في الدستور

برهم صالح يصافح سلفه فؤاد معصوم خلال مراسم تسليم وتسلم مهام الرئاسة في بغداد أمس (رويترز)
برهم صالح يصافح سلفه فؤاد معصوم خلال مراسم تسليم وتسلم مهام الرئاسة في بغداد أمس (رويترز)
TT

العراق: انتقال سلس للسلطة يغطي أزمات المكونات

برهم صالح يصافح سلفه فؤاد معصوم خلال مراسم تسليم وتسلم مهام الرئاسة في بغداد أمس (رويترز)
برهم صالح يصافح سلفه فؤاد معصوم خلال مراسم تسليم وتسلم مهام الرئاسة في بغداد أمس (رويترز)

تسلم الرئيس العراقي الجديد، برهم أحمد صالح، مهام منصبه من سلفه فؤاد معصوم، في حين تلقى رئيس الوزراء المكلف عادل عبد المهدي رسالة تهنئة من سلفه حيدر العبادي تمنى له فيها «التوفيق في المهمة الصعبة».
هكذا جرت عملية تسليم وتسلم «سلسة» للسلطة من رئيس سابق إلى رئيس جديد، وهكذا تمت عملية تكليف مرشح جديد لرئاسة الوزراء لأربع سنوات مقبلة بحيث أنهى هذا التكليف أي أمل للعبادي بالتجديد له لولاية ثانية.
العبادي تلقى رسالة تحية من الولايات المتحدة بخط يد المبعوث الرئاسي بريت ماكغورك، الذي لم يتمكن من فرضه مرشحاً وحيداً لواشنطن أمام خصوم كانوا أقوياء إلى حد المناورة، بحيث أتوا في النهاية بمرشح تسوية مقبول من الجميع هو عبد المهدي، أستاذ الاقتصاد عراقي الأب سوري الأم.
أما معصوم، فاستغل كلمته الأخيرة في الرئاسة ليشدد على الحاجة إلى تعديل الدستور. وقال أثناء مراسم تسليمه مقاليد المنصب لخلفه، أمس، إن «ممارسة صلاحياتنا خلال السنوات الأربع الماضية، وبعيداً عن أي تدخل خارجي، كشفت جملة من الثغرات الدستورية كانت سبباً في عرقلة وإعاقة عمل الدولة ومؤسساتها بشكل سليم».
ورأى أن «الدستور باعتباره القانون الأساسي والأعلى في حاجة ماسة إلى المراجعة والتعديل بهدف التطوير ومعالجة الثغرات والنواقص ومواكبة التطورات القانونية العالمية». وشدد على أن «كل أزماتنا السياسية الحالية هي أساساً ذات جذر دستوري أو قانوني، وفاقمها غياب لجنة التعديلات الدستورية عن الوجود من دون أن تنجز مهامها، ووجود تفسيرات متباينة حول هذه المادة الدستورية أو تلك ما سمح بالتدخل في إساءة توظيفها أحياناً».
رغم هذا التحذير، فإن المشهد في بغداد، أمس، بدا ساحراً وأخاذاً إلى حد لفت أنظار العالم، وأصبحت عملية انتخاب ثالث رئيس كردي للعراق الذي تبلغ نسبة سكانه العرب نحو 80 في المائة خبراً رئيسياً في وكالات الأنباء. لكن ما وراء هذا المشهد الرومانسي في جزء منه، التنافسي على المستوى السياسي في جزئه الآخر؛ ما هو أعقد وأخطر في ظل ولادات بدت قيصرية للرئاسات الثلاث تعكس أزمات المكونات الرئيسية الثلاثة.
فالعرب السنة الذين كانت حصتهم من المناصب السيادية رئاسة البرلمان وجدوا أنفسهم بعد فوز الشاب محمد الحلبوسي (37 سنة) بالمنصب، متفرقين ومتخاصمين بسبب ما يعدونه صفقات ومساومات أدت إلى فوز هذا وخسارة ذاك.
أما الأكراد الذين نجحوا في الاحتفاظ بمنصب رئاسة الجمهورية رغم رمزيته، فإن فوز برهم صالح (58 سنة) بالمنصب بأغلبية ساحقة ضد منافسه الكردي الآخر فؤاد حسين (69 سنة) كانت نتيجته غضباً غير مسبوق من قبل «الحزب الديمقراطي الكردستاني» الذي يتزعمه مسعود بارزاني، بحيث بدا أن الشراكة الاستراتيجية مع حزب برهم «الاتحاد الوطني الكردستاني» انتهت أول من أمس تحت قبة البرلمان الاتحادي؛ ما يعني أن جولة قادمة من المشكلات ستعصف بالبيت الكردي، في حين يتعين على صالح ترميم البيت العراقي.
شيعياً، لا تبدو الصورة أفضل منها لدى الأكراد والسنة. فعلى رغم التوافق السريع على مرشح التسوية عبد المهدي رئيساً للوزراء، فإن ذلك جاء بناءً على مخاض في غاية الصعوبة عبر التنافس بين كتلتين برلمانيتين ادعت كل منهما أنها الأكثر عدداً التي يجب أن يخرج رئيس الوزراء منها. غير أن المقادير كانت بالمرصاد لهما حين أتى رئيس الوزراء المكلف من خارج كلتيهما في سابقة لا يزال يدور حولها جدل دستوري، خصوصاً أن النص الدستوري يقول بتكليف رئيس الجمهورية مرشح الكتلة الأكثر عدداً بتشكيل الحكومة.
كتلتا «الإصلاح والإعمار» بزعامة مقتدى الصدر وحيدر العبادي وعمار الحكيم، و«البناء» بزعامة نوري المالكي وهادي العامري، وجدتا نفسيهما حيال أمر واقع بعدما اتفق من الأولى زعيم «سائرون» مقتدى الصدر ومن الثانية زعيم «الفتح» هادي العامري على رئيس وزراء من خارج الكتلتين. هذا الحل التوافقي بدا مرضياً مؤقتاً لكبار المتخاصمين الداخليين، ولم يشكل صدمة للمتخاصمين الدوليين، ولا سيما الولايات المتحدة وإيران. ولفت النائب السابق في البرلمان العراقي حسن العلوي إلى أن «عادل عبد المهدي من بيئة سياسية محاطة بخصوم كثيرين، لكنه رغم توجهاته الإسلامية، فإن جذوره عربية التوجه بدءاً من والده الوزير في العهد الملكي الذي كان من رواد الحركة العربية ضد الأتراك». وفيما يخص رئيس الجمهورية، اعتبر العلوي الذي يصف صالح بأنه «صديق قديم»، أن انتخاب الأخير «يشكل نصراً للسليمانية على أربيل. ولا أعرف إن كان العراق هو المنتصر، أم أن الوقت ما زال مبكراً للحكم؟». وأضاف في اتصال مع «الشرق الأوسط» من مقر إقامته في قبرص، أن «صالح شخصية حيوية ويمتاز ببعد دولي من حيث العلاقات، إضافة إلى أنه ليست لديه عنصرية قومية أو ميول مذهبية، ولديه القدرة على التكيف مع أي محيط جديد عليه، فضلاً عن أن شخصيته ذات كاريزما تجبر الناس على التعاون معه».
لكنه رأى أن «عيبه هو أن محيطه في الغالب من كبار الرأسماليين ورجال الأعمال، وهو ما يفرض عليه أخذ الحذر من هذه الأجواء وهو في مهمته الجديدة والصعبة معاً؛ إذ يتعين عليه إحاطة نفسه بمستشارين من ذوي الاختصاص».
وأشار إلى أن «شخصية برهم صالح كان لها تأثير في أرجحيته بالقياس إلى شخصية منافسه، وأتوقع أنه سيعيد للرئاسة حيويتها التي كانت عليها على عهد جلال طالباني».
وأوضح، أن «صالح محاط بمجموعة من الخصوم الكبار، سواء في بغداد أو في أربيل، وحتى السليمانية معقله الحزبي الرئيس، لكنه قادر على تخطي معظم هذه الصعاب بما يمتلكه من قدرة على الاحتواء. كما أنه لن يقبل أن يكون رئيساً بروتوكولياً وسيستخدم صلاحياته الدستورية إلى أقصى مدى».



مصر: الإفراج عن الناشط السوري ليث الزعبي وترحيله

سوريون يغادرون مصر بعد سقوط بشار (مواني البحر الأحمر)
سوريون يغادرون مصر بعد سقوط بشار (مواني البحر الأحمر)
TT

مصر: الإفراج عن الناشط السوري ليث الزعبي وترحيله

سوريون يغادرون مصر بعد سقوط بشار (مواني البحر الأحمر)
سوريون يغادرون مصر بعد سقوط بشار (مواني البحر الأحمر)

أفرجت السلطات الأمنية المصرية عن الناشط السوري الشاب ليث الزعبي، بعد أيام من القبض عليه وقررت ترحيله عن مصر، و«هو ما توافق مع رغبته»، بحسب ما كشف عنه لـ«الشرق الأوسط» صديقه معتصم الرفاعي.

وكانت تقارير إخبارية أشارت إلى توقيف الزعبي في مدينة الغردقة جنوب شرقي مصر، بعد أسبوع واحد من انتشار مقطع فيديو له على مواقع التواصل الاجتماعي تضمن مقابلة أجراها الزعبي مع القنصل السوري في القاهرة طالبه خلالها برفع علم الثورة السورية على مبنى القنصلية؛ ما تسبب في جدل كبير، حيث ربط البعض بين القبض على الزعبي ومطالبته برفع علم الثورة السورية.

لكن الرفاعي - وهو ناشط حقوقي مقيم في ألمانيا ومكلف من عائلة الزعبي الحديث عن قضية القبض عليه - أوضح أن «ضبط الزعبي تم من جانب جهاز الأمن الوطني المصري في مدينة الغردقة حيث كان يقيم؛ بسبب تشابه في الأسماء، بحسب ما أوضحت أجهزة الأمن لمحاميه».

وبعد إجراء التحريات والفحص اللازمين «تبين أن الزعبي ليس مطلوباً على ذمة قضايا ولا يمثل أي تهديد للأمن القومي المصري فتم الإفراج عنه الاثنين، وترحيله بحرياً إلى الأردن ومنها مباشرة إلى دمشق، حيث غير مسموح له المكوث في الأردن أيضاً»، وفق ما أكد الرفاعي الذي لم يقدّم ما يفيد بسلامة موقف إقامة الزعبي في مصر من عدمه.

الرفاعي أوضح أن «أتباع (الإخوان) حاولوا تضخيم قضية الزعبي والتحريض ضده بعد القبض عليه ومحاولة تصويره خطراً على أمن مصر، وربطوا بين ضبطه ومطالبته برفع علم الثورة السورية في محاولة منهم لإعطاء القضية أبعاداً أخرى، لكن الأمن المصري لم يجد أي شيء يدين الزعبي».

وشدد على أن «الزعبي طوال حياته يهاجم (الإخوان) وتيار الإسلام السياسي؛ وهذا ما جعلهم يحاولون إثارة ضجة حول قضيته لدفع السلطات المصرية لعدم الإفراج عنه»، بحسب تعبيره.

وتواصلت «الشرق الأوسط» مع القنصلية السورية في مصر، لكن المسؤولين فيها لم يستجيبوا لطلب التعليق، وأيضاً لم تتجاوب السلطات الأمنية المصرية لطلبات توضيح حول الأمر.

تجدر الإشارة إلى أن الزعبي درس في كلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة، وبحسب تقارير إعلامية كان مقيماً في مصر بصفته من طالبي اللجوء وكان يحمل البطاقة الصفراء لطلبات اللجوء المؤقتة، وسبق له أن عمل في المجال الإعلامي والصحافي بعدد من وسائل الإعلام المصرية، حيث كان يكتب عن الشأن السوري.

وبزغ نجم الزعبي بعد انتشار فيديو له يفيد بأنه طالب القنصل السوري بمصر بإنزال عَلم نظام بشار الأسد عن مبنى القنصلية في القاهرة ورفع عَلم الثورة السورية بدلاً منه، لكن القنصل أكد أن الأمر مرتبط ببروتوكولات الدبلوماسية، وأنه لا بد من رفع عَلم الثورة السورية أولاً في مقر جامعة الدول العربية.

ومنذ سقوط بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، ولم يحدث بين السلطات في مصر والإدارة الجديدة بسوريا سوى اتصال هاتفي وحيد بين وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي ووزير خارجية الحكومة المؤقتة السورية أسعد الشيباني، فضلاً عن إرسال مصر طائرة مساعدات إغاثية لدمشق.