كافح دومينيكو لوكانو لأكثر من 10 سنوات، من أجل الحفاظ على قرية رياشي الجنوبية الإيطالية الفقيرة والخالية تقريبا من السكان، على قيد الحياة. وباعتباره عمدة القرية، دعا المهاجرين وطالبي اللجوء السياسي إلى الانتقال إليها وملء الفراغ السكاني فيها.
ويعيش مئات المهاجرين اليوم في قرية رياشي، التي تستقر على تلال كالابريا، وهي واحدة من أفقر المناطق في إيطاليا. وباتوا يشكلون ربع سكان القرية تقريبا، وقد سمح تدفق الأطفال بالإبقاء على مدرسة القرية مفتوحة.
ولكن في صبيحة يوم الثلاثاء، ألقي القبض على العمدة لوكانو بتهمة المساعدة والتحريض على الهجرة غير الشرعية في البلاد. ويخشى أنصار العمدة لوكانو أن تكون هناك دوافع سياسية وراء الأمر باعتقاله، فقد توعدت الحكومة اليمينية الشعبوية في إيطاليا بقمع المهاجرين وأولئك الذين يساعدونهم، وتصويرهم للشعب على أنهم مجرمون مستحقون للعقاب. وفي وقت سابق من العام الحالي، ألقت السلطات الإيطالية القبض على أعضاء جهات مناصرة للمهاجرين وحاكمتهم بتهم المساعدة في الهجرة غير الشرعية، رغم تبرئة ساحة عمال الإغاثة من الاتهامات نفسها. ويعتبر لوكانو من الأهداف البارزة لهذه الحملة الحكومية من معارضي الهجرة بشكل خاص. ولقد أشادت وسائل الإعلام المختلفة بتجربته الفريدة من نوعها، بل أنتج فيلم قصير عنها مؤخرا. وأدرج اسم لوكانو على قائمة أكبر 50 قائدا في العالم لعام 2016 من قبل مجلة «فوربس». وخلال الأشهر القليلة الماضية، هاجم وزير الداخلية الإيطالي ماتيو سالفيني، المعارض الشديد للهجرة، لوكانو باعتباره بشدة رمزا من الرموز السياسية المؤيدة للهجرة داخل البلاد، وسارع إلى الإشادة باعتقاله في صفحته على «تويتر»، وكتب يقول: «أتساءل ما الذي يفكر به الآن جميع الذين يريدون إغراق إيطاليا بالمهاجرين؟!».
واتهم رئيس هيئة الادعاء لوكانو في مدينة لوكري القريبة، بالمساعدة في الهجرة غير الشرعية من خلال ترتيب الزيجات الملائمة بين الرجال المحليين والنساء الأجانب، وفقا لوكالة «آغي» الإخبارية. ويقبع دومينيكو لوكانو حاليا قيد الإقامة المنزلية الجبرية.
ويعتبر كثير من المراقبين أن قرار الاعتقال يعد شكلا من أشكال العقاب على سياسات دومينيكو لوكانو المناصرة للمهاجرين. وكتب روبرتو سافيانو، الكاتب اليساري، في صفحته على «فيسبوك» يقول: «لقد بدأت الحكومة في تحويل إيطاليا من دولة ديمقراطية إلى دولة سلطوية استبدادية».
وشغل دومينيكو لوكانو منصب عمدة قرية رياشي منذ عام 2004. ودعم فكرة الترحيب بالمهاجرين في قريته منذ عام 1998، عندما علم بأنباء وصول قارب مليء باللاجئين إلى ساحل كالابريا. وهناك كثير من المنازل الخالية في قرية رياشي، تخلّى عنها سكانها. وتحصل حكومة القرية على 35 يورو في اليوم عن كل مهاجر أو طالب لجوء من الحكومة الإيطالية حال النظر والفصل في طلبات اللجوء التي يرفعونها.
ونجحت التجربة نجاحا جيدا، إذ قرر بعض المهاجرين وطالبي اللجوء السياسي البقاء ومواصلة الحياة في قرية رياشي، وفتح متاجر ومطاعم هناك، وفي بعض الأحيان الزواج من السكان المحليين. وتضم القرية الآن نحو 800 مهاجر من 20 دولة مختلفة، بما في ذلك أفغانستان، وإريتريا، والعراق، وفقا لصحيفة «لا ريبوبليكا» المحلية.
وشهد كثير من البلدات والقرى المجاورة في كالابريا هجرة أدمغة مع ارتفاع معدلات البطالة بين الشباب، حتى تجاوزت 55 في المائة مع انتقال الشباب من هناك إلى الشمال الإيطالي الثري أو مغادرة البلاد بأسرها.
وبدلا من أن تتحول المنطقة إلى ساحة للأشباح، تبنت 4 بلدات أخرى على الأقل خطة دومينيكو لوكانو بتوطين المهاجرين واللاجئين بين سكانها.
*خدمة «واشنطن بوست»
إيطاليا توقف عمدة {أنقذ} قريته باستقبال مهاجرين
السلطات اتهمته بالتحريض على الهجرة غير الشرعية
إيطاليا توقف عمدة {أنقذ} قريته باستقبال مهاجرين
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة