واشنطن تقرر الانسحاب من ملحق بمعاهدة فيينا... والسلطة مستمرة في مقاضاتها

عشرات الأعضاء في الكونغرس يحتجون على تقليص المساعدات للفلسطينيين

TT

واشنطن تقرر الانسحاب من ملحق بمعاهدة فيينا... والسلطة مستمرة في مقاضاتها

أعلن مستشار الأمن القومي الأميركي جون بولتون، أمس، أن بلاده ستنسحب من البروتوكول الاختياري الملحق بمعاهدة فيينا، على خلفية القضية التي رفعها الفلسطينيون أمام محكمة العدل الدولية ضد قرار أميركا نقل سفارتها لدى إسرائيل إلى القدس.
وكانت فلسطين رفعت قضية ضد الولايات المتحدة في محكمة العدل الدولية التابعة للأمم المتحدة، بسبب نقل السفارة. ورفعت الدعوى أمام الجهاز القضائي الرئيسي للأمم المتحدة، بسبب انتهاك الولايات المتحدة للقانون الدولي.
وقال الدكتور عمر عوض الله، رئيس دائرة الأمم المتحدة في وزارة الخارجية الفلسطينية لـ«الشرق الأوسط»: «لسنا متفاجئين». وأضاف: «نحن درسنا جميع السيناريوهات حين قررنا التوجه لمقاضاة الولايات المتحدة على خطوتها غير القانونية، وجزء من هذه السنياريوهات، أن تنسحب الولايات المتحدة خوفا من أن يتم مقاضاتها أمام أهم جهاز قضائي في الأمم المتحدة».
وتابع: «هذا الانسحاب لن يغير شيئا. لن يمنعنا من مواصلة مقاضاة الولايات المتحدة، ويفترض أنه لا يؤثر على القضية».
وأردف: «حين تسلمت الولايات المتحدة الدعوى كانت عضوا في البروتوكول، ولدينا قناعة كبيرة بإحقاق الحق».
وأكدت محكمة العدل الدولية الجمعة، تلقيها الشكوى من دولة فلسطين ضد الولايات المتحدة.
وكان الرئيس الأميركي دونالد ترمب، أعلن في سبتمبر (أيلول)، أنه قرر نقل السفارة الأميركية لدى إسرائيل من تل أبيب إلى القدس، وافتتحت السفارة في مايو (أيار) الماضي. وتطالب الدعوى الفلسطينية المحكمة «بإصدار أمر للولايات المتحدة الأميركية بسحب بعثتها الدبلوماسية من مدينة القدس».
من جهة أخرى، قالت وزارة الخارجية الفلسطينية، إنها تابعت باهتمام كبير، الرسالة التي بعث أعضاء في الكونغرس الأميركي إلى وزير الخارجية مايك بومبيو، لمطالبة إدارة الرئيس دونالد ترمب بالتراجع عن قرارات تقليص المساعدات للفلسطينيين، مؤكدة أنها ترى في الرسالة {محاولة لتصحيح المسار}.
وأضافت الخارجية الفلسطينية في بيان، أن الرسالة التي حذرت من أن يؤدي تقليص المساعدات إلى تهديد استقرار المنطقة، وتقويض قدرة الولايات المتحدة الأميركية نفسها على تسيير المفاوضات، تعد «إشارة مهمة، تعكس وجود أصوات ناقدة لقرارات الحكومة الأميركية وغير راضية عن سياسات الإدارة الشرق أوسطية، وبخاصة إذا كانت هذه الأصوات الناقدة خارجة من الكونغرس الأميركي».
وكان نحو 150 نائباً من الحزب الديمقراطي، 34 من مجلس الشيوخ و112 من مجلس النواب، أرسلوا إلى الرئيس الأميركي دونالد ترمب ووزير الخارجية بومبيو، يطالبونهما بالتراجع عن قرارات تقليص المساعدات الأميركية للفلسطينيين، بما في ذلك المستشفيات الفلسطينية في القدس الشرقية، والمنظمات التي تعمل على تعزيز العلاقات بين الإسرائيليين والفلسطينيين.
وجاء في الرسالة «نحن قلقون جداً من محاولة إجبار السلطة الفلسطينية على الجلوس حول طاولة المفاوضات، من خلال منع المساعدات الإنسانية عن النساء والأطفال. التقليصات التي تقومون بتعزيزها، سوف تضعف فقط القوى داخل المجتمع الفلسطيني التي تطالب بتعزيز السلام وستقوي (حماس) وجهات متطرفة أخرى».
ومن الأسماء البارزة الموقعة على الرسالة، ديان فينستين من كاليفورنيا، ومرشح الرئاسة بيرني ساندرس، وكوري بوكر من نيو جرسي، وكامالا هاريس من كاليفورنيا. وأضافت الرسالة «من خلال تكثيف الكابوس الإنساني في غزة، فإن تقليص المساعدات هناك، يعزز عدم الاستقرار ويزيد من التهديد الأمني ضد إسرائيل».
واتهم الموقعون على الرسالة إدارة ترمب، بالسير في طريق تعزيز سياسة مشابهة للتي ينتهجها اليمين المتطرف في إسرائيل، التي تلحق الضرر باحتمالات تحقيق حل الدولتين.
وكانت الإدارة الأميركية اتخذت في الأسابيع الماضية، سلسلة قرارات مالية لمحاصرة السلطة الفلسطينية، من بينها إغلاق مكتب منظمة التحرير في واشنطن، وقطع استحقاقات وكالة غوث وتشغيل اللاجئين «أونروا»، ووقف المساعدات لمستشفيات القدس الشرقية المحتلة، والمساعدات التي تقدمها وكالة التنمية الدولية الأميركية، وتجميد أموال كانت مخصصة لمنظمات أهلية تعنى بالتعايش السلمي بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وبعضها يركز على تطوير العلاقات بين الأطفال في الجانبين.
وتبلغ قيمة المساعدات المجمدة نحو 500 مليون دولار.
وتقول الولايات المتحدة، إن وقف المساعدات للفلسطينيين يأتي في سبيل إرغامهم - أي الفلسطينيين - على العودة إلى المفاوضات. لكن السلطة الفلسطينية تقول، إنها لن تقايض القضايا الوطنية بالأموال، في إشارة إلى رفضها خطة السلام الأميركية المرتقبة، القائمة على شطب ملفي القدس واللاجئين. ووصلت العلاقة بين السلطة وواشنطن إلى أسوأ مراحلها، مع إصرار السلطة على كسر الاحتكار الأميركي وسيطاً للعملية السياسية، وطلبها تشكيل آلية دولية لرعاية المفاوضات تتشكل، خلال عقد مؤتمر دولي للسلام.
ويأمل الفلسطينيون أن تشكل رسالة أعضاء الكونغرس «بادرة إيجابية وخطوة في الاتجاه السليم لتصحيح المسار».
وقالت الخارجية، إنها تأمل في انضمام مجموعات أخرى إلى موقعي الرسالة، «ليرتفع صوت الشعب الأميركي في معارضة مواقف إدارته المعادية لشعبنا وحقوقه ومقدراته». وتأمل أيضاً، في أن تتعزز تلك الخطوة بخطوات أخرى؛ إذ إن كتابة رسالة ليس كافياً لتحقيق الضغط المطلوب على الإدارة الأميركية للتراجع عن تلك القرارات».
وجاءت الرسالة بعد نحو أسبوع من اقتراح الرئيس الفلسطيني محمود عباس في خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة ببدء حوار استراتيجي مع الكونغرس الأميركي، واستغرابه استمرار الكونغرس في اعتبار منظمة التحرير كياناً إرهابياً، على الرغم من التزامها بكل الاتفاقيات مع الولايات المتحدة، بما فيها محاربة الإرهاب. وطالبت الخارجية من الكونغرس بضرورة إجراء مراجعة أعمق في طبيعة العلاقة مع فلسطين، وأن تتوج بتغيير موقف الكونغرس من منظمة التحرير، وإلغائه القوانين كافة التي صدرت عنه والمرتبطة بتلك النظرة.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.