تصاعد التوتر في السويداء بعد إعدام «داعش» شابة مخطوفة

TT

تصاعد التوتر في السويداء بعد إعدام «داعش» شابة مخطوفة

تصاعد التوتر في محافظة السويداء، جنوب سوريا، صباح أمس (الأربعاء)، بعد ساعات على قيام تنظيم داعش بقتل شابة من ضمن مجموعة من المختطفات من أهالي السويداء. وجاء قتل الشابة في وقت يزداد ضغط قوات النظام السوري على جيب «داعش» الأخير المتبقي في ريف السويداء الشرقي، بالتزامن مع ضغط مماثل على آخر جيب للتنظيم شرق الفرات على الحدود مع العراق على أيدي مقاتلي «قوات سوريا الديمقراطية» المدعومين أميركياً.
وقام عدد من الأهالي ورجال الدين بقطع الطرق في محيط مبنى محافظة السويداء، ومنع حركة السير في أجزاء من المدينة، مع إطلاق النار في شكل عشوائي في الشوارع، وذلك قبل اعتصامهم عند مقام ديني للمطالبة بالتحرك لأجل إعادة المخطوفين والمخطوفات لدى «داعش» أحياء.
وكانت صفحة «صدى السويداء» الإخبارية قد بثت مقطع فيديو، مساء الثلاثاء، يظهر لحظة إعدام «داعش» الشابة ثروت فاضل أبو عمار (25 عاماً) رمياً بالرصاص. وبحسب المقطع المصوّر، تم الإعدام داخل غرفة سكنية، وقام بالتنفيذ مقاتلان بملابس عسكرية مرقطة ويحملان أسلحة فردية. وقبل تنفيذ القتل وجّه أحدهما تهديداً بأنه إذا لم يتم إيقاف الحملة ضد «داعش» في منطقة تلول الصفا، شرق السويداء، وإخراج نساء معتقلات في سجون النظام السوري «خلال ثلاثة أيام»، فإن مصير بقية المختطفات سيكون كمصير الشابة ثروت التي وصفها المتحدث بـ«المرتدة والكافرة». وأكد المتحدث «الداعشي»، أنه «بعد شهرين من المفاوضات... لم يتم تحقيق أي مطلب من مطالب (داعش)». وبعد انتهاء تلاوة رسالة التهديد أطلق العنصر الثاني النار على رأس الشابة مباشرة.
وجاء ذلك بعد ساعات من إعلان لجنة «مشيخة العقل» في السويداء انسحابها من المفاوضات مع «داعش»، معتبرة أن قضية المخطوفين من النساء والأطفال هي شأن وطني وإنساني وأخلاقي، وليست شأناً عائلياً أو محلياً. وأشارت اللجنة إلى أن عمل اللجنة تعرّض إلى معوقات، لكنها رفضت الإفصاح عنها، مبيّنة أنها عملت على إيصال صوت المخطوفين وذويهم إلى كل المنابر الداخلية والخارجية التي استطاعت الوصول إليها.
وسبق انسحاب لجنة «مشيخة العقل» إطلاق الشيخ الحجار و«مشايخ الكرامة» سراح مختطفين من العشائر البدو (من النساء والأطفال) كان قد تم خطفهم رداً على هجوم شنه «داعش» في 25 يوليو (تموز) الماضي على قرى درزية. وأسفر هجوم التنظيم آنذاك عن مقتل نحو 240 شخصاً وخطف 30 شخصاً غالبيتهم من النساء والأطفال.
وقالت مصادر متابعة لقضية مختطفي السويداء لـ«الشرق الأوسط» إن ضغوطاً كبيرة مورست من قبل ضباط روس وضباط في النظام على الشيخ الحجار و«مشايخ الكرامة» (معارضة) لإطلاق سراح مختطفي العشائر بزعم أن لا علاقة لهم بـ«داعش»، وذلك مقابل وعود بمواصلة العمل لإطلاق سراح مختطفي السويداء لدى التنظيم الإرهابي. وتابعت المصادر «استجاب مشايخ الكرامة كبادرة حسن نية وأطلقوا سراح 12 طفلاً و15 امرأة من العشائر، إلا أن تنظيم داعش باغتهم بإعدام إحدى المختطفات مساء الثلاثاء». ورأت المصادر في ذلك السلوك الداعشي «استفزازاً يرمي إلى إضعاف موقف مشايخ الكرامة والشيخ الحجار أمام أهل الجبل»؛ الأمر الذي يعزز «شكوكاً» لدى بعض أهالي السويداء بأن النظام هو وراء هجوم «داعش» على السويداء؛ لأن الأهالي ما زالوا يرفضون التحاق أبنائهم بالخدمة العسكرية الإلزامية والاحتياط (نحو 50 ألف شاب).
وقبل إعدام الشابة ثروت كان «داعش» قد أعدم الشاب مهند ذوقان بداية أغسطس (آب) الماضي ذبحاً بالسكين، وفق ما أظهره مقطع فيديو بثه التنظيم.
من جانبه، أكد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» أن عملية التفاوض ما زالت مستمرة بين «سلطات النظام» و«داعش» حول مصير المختطفين والمختطفات من أبناء ريف السويداء.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».