الجيش التركي يعزز نقاطه في إدلب ويسيّر دوريات مع الأميركيين بمنبج

إردوغان قال إنه سيبحث الحلول {مع الشعب السوري وليس النظام»

مخيم للنازحين السوريين شمال حماة (أ.ف.ب)
مخيم للنازحين السوريين شمال حماة (أ.ف.ب)
TT

الجيش التركي يعزز نقاطه في إدلب ويسيّر دوريات مع الأميركيين بمنبج

مخيم للنازحين السوريين شمال حماة (أ.ف.ب)
مخيم للنازحين السوريين شمال حماة (أ.ف.ب)

قال الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، إن القوات التركية بدأت عقب اجتماعه في سوتشي مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين، لبحث ملف إدلب، تعزيز قوة نقاط المراقبة الاثنتي عشرة، التي أقامتها تركيا في داخل مدينة إدلب الواقعة في شمال غربي سوريا.
وأضاف إردوغان أن «الروس يتخذون التدابير اللازمة لوقف تهديدات النظام السوري ضدّ إدلب، وتركيا تتخذ التدابير اللازمة ضد المتشددين داخل إدلب، وعندما يستدعي الأمر نتحرك مع روسيا».
وذكر إردوغان، في كلمة أمام اجتماع الكتلة البرلمانية لحزب العدالة والتنمية الحاكم في أنقرة أمس (الثلاثاء)، أن النظام السوري كان يرغب في تفجير إدلب، وإلقاء البراميل المتفجرة على المدنيين، كما فعل في باقي المدن، وهو الأمر الذي قامت تركيا بمنعه.
وشدد على أن بلاده مصممة على منع تهديدات نظام الأسد، وقتل المدنيين في إدلب، وذلك من خلال التنسيق مع الجانب الروسي. وأضاف إردوغان أن مجموعة صغيرة، تضم تركيا وفرنسا وألمانيا وروسيا، ستناقش إيجاد الحلول في سوريا، وتجنيب إزهاق المزيد من أرواح المدنيين، قائلاً: «عليك أن تكون على الطاولة باستمرار، فإن لم تكن على الطاولة، فكلمتك لا تكون مسموعة».
وواصل أن القمة المرتقبة بين تركيا وروسيا وفرنسا وألمانيا، يتوقع انعقادها في إسطنبول في نهاية أكتوبر (تشرين الأول) الحالي، أو مطلع نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، وسنبحث فيها الخطوات التي يمكن الإقدام عليها بشأن أزمات المنطقة. وقال إردوغان إن قرار إنشاء منطقة عازلة منزوعة السلاح في إدلب بين المعارضة والنظام السوري، وهو أحد مخرجات قمة إدلب التي عقدها مع الرئيس الروسي في سوتشي الشهر الماضي، حال دون وقوع مجازر كبيرة في المنطقة، وخلّص تركيا من موجة نزوح ضخمة.
وعن عودة اللاجئين السوريين المقيمين في تركيا إلى ديارهم، قال الرئيس التركي إن تحقيق تلك العودة لا يمكن إلا بعد نشر الأمن والرخاء في المنطقة برمتها، معتبراً أن اتفاق سوتشي الأخير بشأن إدلب بعث الأمل مجدداً في إعداد دستور جديد لسوريا وإجراء انتخابات عادلة وشفافة في هذا البلد.
وتابع: «كما فعلنا منذ البداية، فإننا سنستمر في مخاطبة الشعب السوري، وسنبحث عن الحلول مع الشعب، وليس النظام، فهناك من يخلط بين الشعب والنظام، وأنا أقول الشعب وهذا مهم».
ورأى إردوغان أن جميع الخطوات التي أقدمت عليها تركيا في الشأن السوري اتضح أنها صائبة، معتبراً أنه لا توجد فرصة لنجاح أي خطوة في المنطقة دون موافقة تركيا، و«رأينا أن كافة الخطوات التي أقدمنا عليها في سوريا لم تكن خاطئة»، معرباً عن ثقته في أن تركيا ستخرج من امتحان إدلب، شمال سوريا، بصورة مشرفة.
وأضاف الرئيس التركي: «سيدرك قريباً من يتوهمون أن بوسعهم القيام بأعمال رغماً عن تركيا، بل وضدها وقرب حدودها، أنهم قد أخطأوا». وأشار إلى أن الأزمة السورية باتت مسألة بقاء ووجود بالنسبة لتركيا، وأن أنقرة انخرطت في مسار آستانة بعد أن عجزت محادثات جنيف عن تحقيق أي تقدم لحل الأزمة القائمة في سوريا.
وذكر أن القمم الثلاثية الثلاثة التي عقدها مع نظيريه الروسي والإيراني في سوتشي وأنقرة وطهران، حققت نتائج إيجابية على الساحة السورية، وأن قمته الأخيرة مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين في سوتشي توجت بوقف الهجوم العسكري على إدلب.
في المقابل، جدد إردوغان إصرار تركيا على إنهاء وجود «وحدات حماية الشعب الكردية» (الذراع العسكرية لحزب الاتحاد الديمقراطي الكردي السوري) في مناطق شرق نهر الفرات في سوريا. وشدد على أن تركيا لا تستطيع التعاون مع الدول الداعمة لفكرة إقامة ما سماه «ممراً إرهابياً» قرب الأراضي التركية، إلّا بعد الاستغناء عن هذه الفكرة (في إشارة إلى دعم أميركا لـ«الوحدات الكردية» في إطار الحرب على تنظيم داعش الإرهابي). وتابع إردوغان أن «الولايات المتحدة أرسلت 19 ألف شاحنة محملة بالأسلحة والذخائر إلى (الوحدات الكردية) في الشمال السوري، وقدمت تلك الأسلحة للإرهابيين بالمجان، بينما امتنعوا عن تزويدنا بتلك الأسلحة، رغم أننا كنا مستعدين لدفع ثمنها».
في سياق متصل، قال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، إن الوقت حان لإخراج مسلحي «الوحدات الكردية» من مدينة منبج السورية بشكل تام، وتسليمها لسكانها الأصليين. وأشار في تصريحات للصحافيين في سويسرا، أمس (الثلاثاء)، تطرق فيها إلى الدوريات المشتركة التي من المنتظر أن يسيرها الجيش التركي والقوات الأميركية في منبج، بحسب ما أعلن وزير الدفاع الأميركي جيم ماتيس أول من أمس، إلى حدوث تأخر في الجدول الزمني بهذا الصدد.
وشدد الوزير التركي على أهمية الدوريات التي سيرتها تركيا والولايات المتحدة بشكل منفصل في منطقة منبج خلال الفترة الأخيرة، والإجراءات التي قامت بها قوات الأمن هناك. وقال إنه «حان وقت إخراج مسلحي (الوحدات الكردية) من منبج السورية بشكل تام، وتسليمها لسكانها الأصليين، من ناحيتي الإدارة والوحدات الأمنية».
وأكد ضرورة تطبيق اتفاق خريطة الطريق مع واشنطن حول منبج حرفياً، مضيفاً: «هناك تأخر الأميركيون من جانبهم، لكن لا يمكننا القول إن الاتفاق (تم التوصل إليه في 4 يونيو /حزيران/ في اجتماع بين وزير الخارجية التركي والأميركي في واشنطن) يسير بشكل سيئ، أو لا يسير أبداً».
في السياق ذاته، قالت مصادر عسكرية تركية، أمس، إن التحضيرات للقيام بتدريبات مع القوات الأميركية لإجراء دوريات مشتركة في منبج السورية باتت في المرحلة الأخيرة، وإن الخطوات اللازمة تتخذ للبدء بالتدريبات خلال وقت قصير جداً، دون ذكر مزيد من التفاصيل.
والأحد الماضي، سيّرت القوات التركية الدورية 53 على طول الخط الفاصل بين منطقة عملية «درع الفرات» ومدينة منبج شمال سوريا.
وفي 18 يونيو الماضي، أعلنت رئاسة الأركان التركية بدء الجيشين التركي والأميركي تسيير دوريات مستقلة ومنسقة على طول الخط الواقع بين منطقة عملية «درع الفرات» بريف حلب الشمالي ومنبج، تنفيذاً لاتفاق خريطة الطريق التي توصلت إليها أنقرة مع واشنطن حول منبج، الذي يقضي بإخراج مسلحي «الوحدات الكردية» من المنطقة، وتوفير الأمن والاستقرار فيها لحين تشكيل مجلس محلي لإدارتها. وكان وزير الدفاع الأميركي جيم ماتيس، قال إن الولايات المتحدة وتركيا بدأتا تدريبات معاً للقيام بدوريات مشتركة قريباً في منطقة منبج بشمال سوريا، رغم توتر العلاقات بين البلدين.
وتقوم قوات تركية وأخرى أميركية حالياً بدوريات منفصلة في منبج وفقاً لاتفاق خريطة الطريق. وقالت أنقرة، الشهر الماضي، إن الدوريات المشتركة والتدريبات ستبدأ قريباً. وقال ماتيس لمجموعة من الصحافيين المرافقين له خلال زيارته إلى باريس أول من أمس: «التدريب جار في الوقت الحالي، وعلينا انتظار ما ستؤول إليه الأمور بعد ذلك».
وأضاف: «لدينا كل الأسباب التي تجعلنا نعتقد أن القيام بدوريات مشتركة سيتم في الوقت المحدد بعد اكتمال التدريب، وبالتالي ينفذ بطريقة صحيحة». وأوضح أن الولايات المتحدة تعمل حالياً مع المدربين وبعدها ستُجرى تدريبات على مدى أسابيع مع القوات التركية قبل بدء القيام بدوريات مشتركة. وسيتم التدريب في تركيا.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.