قتل متظاهرين فلسطينيين على حدود غزة «يرقى إلى جريمة حرب»

مقرر شؤون حقوق الإنسان الأممي يتهم إسرائيل بتجاهل الانتقادات الدولية

مسعف فلسطيني ينقل جريحاً أصيب برصاص إسرائيلي على حدود غزة (أ.ف.ب)
مسعف فلسطيني ينقل جريحاً أصيب برصاص إسرائيلي على حدود غزة (أ.ف.ب)
TT

قتل متظاهرين فلسطينيين على حدود غزة «يرقى إلى جريمة حرب»

مسعف فلسطيني ينقل جريحاً أصيب برصاص إسرائيلي على حدود غزة (أ.ف.ب)
مسعف فلسطيني ينقل جريحاً أصيب برصاص إسرائيلي على حدود غزة (أ.ف.ب)

ندد المقرر الخاص للأمم المتحدة لشؤون حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة، مايكل لينك، بالقوات الإسرائيلية، لمواصلتها أعمال القتل والإصابة ضد المتظاهرين الفلسطينيين، بمن فيهم الأطفال، محذراً من أن ما يحصل «يرقى إلى جريمة حرب».
ومع استمرار الاحتجاجات على السياج الحدودي مع قطاع غزة، ضد السياسات التي تعتمدها سلطات الاحتلال، دان لينك، في بيان وزع في نيويورك، العنف باعتباره «إهانة مستمرة لحقوق الإنسان وكرامة الإنسان»، قائلاً إن «مقتل سبعة مشاركين آخرين في مظاهرات غزة، وإصابة أكثر من 200 آخرين يوم الجمعة الماضي، يشير إلى أن قوات الأمن الإسرائيلية لا تستجيب للانتقادات الدولية لاستخدامها للنيران المميتة ضد المتظاهرين الفلسطينيين». وأكد أن المتظاهرين «لا يبدو أنهم يشكلون تهديداً حقيقياً لقوات الأمن الإسرائيلية».
وكان طفلان فلسطينيان يبلغان من العمر 11 و14 سنة قتلا يوم الجمعة، بين القتلى الذين سقطوا. وقدر «مركز الميزان لحقوق الإنسان» الذي يتخذ من غزة مقراً لها، أن 163 من المتظاهرين المصابين أصيبوا بنيران حية. وبدأت المظاهرات على السياج الحدودي ضد الحصار الإسرائيلي الطويل الأمد والظروف المعيشية المتدهورة في غزة - في إطار ما سماه الفلسطينيون «مسيرة العودة العظيمة» - في 30 مارس (آذار) الماضي. ومنذ ذلك الحين، قُتل أكثر من 150 شخصا على أيدي قوات الأمن الإسرائيلية، وأصيب أكثر من 10 آلاف متظاهر.
وأوضح لينك أن «أكثر من النصف أصيبوا بنيران حية. ويترك بعضهم الآن مصابين بجروح مدمرة وطويلة الأمد». وقال: «إن القانون الدولي لحقوق الإنسان يفرض التزامات حازمة على استخدام القوة من جانب الموظفين المكلفين بتنفيذ القانون»، مشدداً على أن «القوة المميتة ضد المتظاهرين محرمة تماماً ما لم يكن هناك مفرط في حالة الخطر الوشيك على الحياة أو التهديد بإصابة خطيرة». وأصر على أن «العديد من القتلى والجرحى لم يظهروا مثل هذا التهديد الوشيك».
وأكد أن «قتل وإصابة المتظاهرين، في غياب أي تبرير مقيد بدقة، وفي سياق الاحتلال، قد يرقى إلى القتل العمد، وهو انتهاك خطير لاتفاقية جنيف الرابعة، وجريمة حرب». وحذر من أنه «يمثل أيضاً انتهاكاً خطيراً للقانون الدولي لحقوق الإنسان وحمايته من أجل الحق في حرية التعبير والتجمع».
وأعرب عن أمله في أن تتمكن لجنة التحقيق المستقلة والدولية، التي أطلقها مجلس حقوق الإنسان في مايو (أيار)، من إجراء تحقيق شامل في الوفيات والإصابات في غزة على مدى الأشهر الستة الماضية، موضحاً أن «المساءلة أمر بالغ الأهمية في السعي العالمي للنهوض بحقوق الإنسان وتقديم الجناة إلى العدالة وفقاً لسيادة القانون».



سكان قطاع غزة يعدون مخيمات للعائدين إلى الشمال بعد وقف إطلاق النار

نُصبت الخيام البيضاء في منطقة لتستقبل الأسر التي تعتزم العودة للشمال (أ.ف.ب)
نُصبت الخيام البيضاء في منطقة لتستقبل الأسر التي تعتزم العودة للشمال (أ.ف.ب)
TT

سكان قطاع غزة يعدون مخيمات للعائدين إلى الشمال بعد وقف إطلاق النار

نُصبت الخيام البيضاء في منطقة لتستقبل الأسر التي تعتزم العودة للشمال (أ.ف.ب)
نُصبت الخيام البيضاء في منطقة لتستقبل الأسر التي تعتزم العودة للشمال (أ.ف.ب)

أعد فلسطينيون في شمال قطاع غزة مخيمات للأسر النازحة، الخميس، قبل عودتهم المتوقعة بعد يومين إلى مناطق كانت فيها منازلهم وفقاً للجدول الزمني لاتفاق وقف إطلاق النار المتفق عليه بين إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس).

وفي منطقة مفتوحة محيطة ببنايات تم تفجيرها، بدأت مجموعة من الرجال في نصب خيام بيضاء في صفوف لتستقبل الأسر التي تعتزم العودة للشمال يوم السبت عندما تفرج حركة «حماس» عن المجموعة الثانية من الرهائن مقابل إطلاق سراح العشرات من الفلسطينيين من السجون الإسرائيلية.

ومن المتوقع أن يعود مئات الآلاف من الفلسطينيين إلى شمال قطاع غزة إلى منازل تحولت أطلالاً بعد الحملة العسكرية الإسرائيلية التي استمرت 15 شهراً وحولت أغلب القطاع أنقاضاً وقتلت أكثر من 47 ألفاً من سكانه.

وفي أكتوبر (تشرين الأول)، عادت القوات الإسرائيلية برياً إلى مناطق في الشمال في عملية كبرى ضد عناصر «حماس» ركزت على مخيم جباليا للاجئين قرب مدينة غزة وبيت حانون وبيت لاهيا، وأخلت مناطق كاملة من سكانها وهدمت أغلب البنايات.

تساءل وائل جندية وهو يجهز خيمة لأبنائه الذين سيعودون من منطقة المواصي الساحلية التي لجأوا إليها في الجنوب كيف ستكفيهم مساحات تلك الخيام «هاي الخيمة اللي بنحلم فيها؟ هتكفي 8 أنفار 10 أنفار. هذا لولادنا من الجنوب... هاي مساحة هادي؟»

وتابع قائلاً لـ«رويترز»: «المفروض مساحة أكبر من هيك... طب يوم السبت هييجوا من الجنوب هيغمروا غزة كلها. وين هيروحوا؟ هذا المخيم كام نفر بده ياخد؟ ميه متين؟ طب والباقي. مليون ونص إحنا جايين من الجنوب».

الخيام الجديدة تحيطها الأبنية المدمَّرة جراء الحرب (رويترز)

وشنت إسرائيل حملتها العسكرية على قطاع غزة بعد أن اقتحم مسلحون من حركة «حماس» الحدود في السابع من أكتوبر 2023. وتقول إحصاءات إسرائيلية إن ذلك الهجوم أسفر عن مقتل 1200 واحتجاز أكثر من 250 رهينة.

ونشرت «حماس» بياناً، الخميس، تقول إن عودة الأسر النازحة ستبدأ بعد استكمال التبادل يوم السبت وبمجرد انسحاب القوات الإسرائيلية من الطريق الساحلية إلى الشمال، ومن المتوقع تسليم أربعة رهائن على الأقل لإسرائيل يوم السبت.

وجاء في بيان «حماس»: «من المقرر في اليوم السابع للاتفاق (25 يناير/كانون الثاني 2025) وبعد انتهاء عملية تبادل الأسرى يومها، وإتمام الاحتلال انسحابه من محور شارع الرشيد (البحر)... سيُسمح للنازحين داخلياً المشاة بالعودة شمال دون حمل السلاح ودون تفتيش عبر شارع الرشيد، مع حرية التنقل بين جنوب قطاع غزة وشماله».

وأضاف البيان: «سيتم السماح للمركبات (على اختلاف أنواعها) بالعودة شمال محور نتساريم بعد فحص المركبات».

العودة سيراً على الأقدام

قالت «حماس» إنها ستسمح للناس بالعودة سيراً على الأقدام على طول الطريق الساحلية؛ وهو ما يعني المشي لكيلومترات عدة حتى المنطقة الرسمية في الشمال من حيث يمكنهم محاولة استقلال مركبات سيتم تفتيشها عند نقاط التفتيش.

وشددت الحركة على عدم حمل العائدين أسلحة.

وذكر سامي أبو زهري القيادي الكبير في «حماس» أن الحركة على اتصال بأطراف عربية ودولية عدة للمساعدة في عملية العودة والإغاثة بطرق، من بينها توفير الخيام.

وأضاف أن «حماس» ستبدأ العمل فوراً على ترميم المنازل التي لم تدمر بالكامل.

وقال لـ«رويترز»: «سنقوم بتوظيف كل إمكاناتنا من أجل مساعدة أهلنا، البلديات لديها خطة معدّة لاستقبال العائلات العائدة إلى الشمال وتوفير خيام لهم».

وعاد كثيرون للعيش داخل منازلهم المدمرة في جباليا، أكبر مخيمات اللاجئين الثمانية القديمة في قطاع غزة الذي كان محط تركيز الحملة الإسرائيلية في الأشهر الثلاثة الماضية، وأشعلوا نيراناً محدودة في محاولة لتدفئة أطفالهم.

وقال محمد بدر، وهو أب لعشرة أطفال: «بيقولك هدنة ووقف إطلاق النار وإدخال مساعدات، هاي إلنا تالت يوم مروحين، الماي (المياه) مش لاقيين نشربها، ولا (أغطية) لاقين نتغطى فيه إحنا وأطفالنا، طول الليل نتناوب على أي اشي، على النار، والنار يا ريت عندنا حطب، بنولع بلاستيك، قتلنا خلى معانا أمراض».

وقالت زوجته إنها لا تستطيع أن تصدق حجم الدمار.

وأضافت: «اتصدمت، ولا في دار واحد، كله ردم، مفيش ولا حاجة، الشوارع ما تعرفش تمرق (تسير) منها، كله فوق بعضه، أصلاً انت بتوه هايدي داري ولا مش داري؟ وريحة الجتت والشهداء في الشوارع».