قذائف تنتهك هدنة طرابلس... ومطار معيتيقة يستأنف رحلاته

السراج يطالب بمواصلة الجهود لتوحيد المؤسسة العسكرية

مسافر ليبي وسط مطار معيتيقة الذي أعيد تشغيله بعد تعرضه للقصف (رويترز)
مسافر ليبي وسط مطار معيتيقة الذي أعيد تشغيله بعد تعرضه للقصف (رويترز)
TT

قذائف تنتهك هدنة طرابلس... ومطار معيتيقة يستأنف رحلاته

مسافر ليبي وسط مطار معيتيقة الذي أعيد تشغيله بعد تعرضه للقصف (رويترز)
مسافر ليبي وسط مطار معيتيقة الذي أعيد تشغيله بعد تعرضه للقصف (رويترز)

استؤنفت الرحلات الجوية في مطار معيتيقة الدولي، أمس، وهو المطار الوحيد العامل في العاصمة الليبية طرابلس، بعد أن أدى إطلاق صواريخ صوبه إلى إغلاقه لبضع ساعات.
ونقل بيان مقتضب أصدرته إدارة المطار عن هشام بوشكيوات، وكيل وزارة المواصلات بحكومة الوفاق الوطني، عقب انتهاء اجتماعه الطارئ مع رئيس مصلحة الطيران المدني ومصلحة المطارات ومدير مطار معيتيقة الدولي ومدير محطة شركة الخطوط الجوية الليبية، أنه تم الاتفاق على عودة الرحلات للمطار.
وكانت إدارة المطار قد أعلنت صباح أمس، عبر صفحتها الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك» أنه «نظرا لتكرر سقوط القذائف ليلا على مطار معيتيقة الدولي من جهة غير مسؤولة، لا تراعي حرمة الدم أو تعب وإرهاق المسافرين، من المرضى والشيوخ والنساء والأطفال، وسلامة المسافرين والعاملين، وكذلك الطائرات، فقد صدرت تعليمات بتعليق الرحلات من وإلى مطار معيتيقة الدولي لحين إشعار آخر».
ويعد الإغلاق الأخير للمطار الثالث في أقل من شهر، منذ اندلاع الاشتباكات المسلحة في جنوب طرابلس، بين قوات اللواء السابع وقوات موالية لحكومة الوفاق نهاية الشهر الماضي، وخلفت سقوط مئات القتلى والجرحى، قبل إعلان بعثة الأمم المتحدة عن اتفاق لوقف إطلاق النار بين الأطراف المتحاربة.
يشار إلى أن المطار الذي كان في السابق قاعدة جوية استخدمت للرحلات التجارية منذ تدمير المطار الدولي الرئيسي بسبب اقتتال الفصائل عام 2014 أغلق أبوابه في وجه الزوار وأعيد فتحه عدة مرات، منذ احتدام العنف نهاية الشهر الماضي، حيث تتقاتل جماعات مسلحة متناحرة داخل مدينة طرابلس وخارجها على أراض وموارد في الدولة، العضو في منظمة البلدان المصدرة للبترول، (أوبك) منذ الإطاحة بحكم العقيد الراحل معمر القذافي عام 2011.
إلى ذلك، تجاهل رئيس فائز السراج، رئيس حكومة الوفاق الوطني، إعلان الجيش مؤخرا عن مقتل وإصابة عدد من جنوده في اشتباكات ضد جماعات مسلحة في الجنوب، وأعلن في المقابل عن «اعتزازه وتقديره لوقفة أهالي مدينة الكفرة في مواجهتهم لعصابات المرتزقة القادمة من خارج الحدود».
وعبر السراج في بيان أول من أمس عن دعمه الكامل لأهالي المدينة: «الذين تصدوا وقدموا التضحيات في سبيل الوطن، ومن أجل حماية حدود الوطن ودحر كل من يحاول العبث بأمنه واستقراره أو انتهاك سيادته»، معلناً عن اتخاذ الإجراءات اللازمة لمعالجة التداعيات الإنسانية لأحداث الكفرة، التي تشمل علاج الجرحى وتوفير الأدوية والمستلزمات الطبية.
كما طالب السراج مجددا بمواصلة الجهود لتوحيد المؤسسة العسكرية، باعتبارها ضرورة قصوى لتأمين الحدود، ووقف الانتهاكات، ومواجهة التحديات التي تعصف بالبلاد، مؤكدا أن ذلك مسؤولية وطنية يجب أن يدركها الجميع.
وكان العميد بالقاسم الأبعج، قائد منطقة الكُفرة العسكرية، قد توعد برد قاس قريبا لإنهاء من وصفها بالعصابات المارقة في الجنوب الليبي بالكامل، عقب الاشتباكات الأخيرة.
من جانبها، أعلنت الإدارة العامة للأمن المركزي بوزارة الداخلية في حكومة الوفاق، إعادة تفعيل وتنظيم آلية عملها، عبر توحيد زيها وشعارها الرسمي. وقالت الوزارة في بيان أول من أمس إن القرار يستهدف تحقيق المظهر الحسن، والالتزام بالضبط والربط من قبل الجميع، ولمنع أي خروقات أو تجاوزات محتمل حدوثها، مشيرة إلى أنه تم إعادة تفعيل غرفة العمليات بالإدارة، وربطها بكافة الدوريات. كما خصصت أرقاما هاتفية لتلقي البلاغات من المواطنين.
من جهة ثانية، أعلنت بعثة الأمم المتحدة، أمس، أنها وثقت خلال الشهر الماضي سقوط 18 حالة وفاة، و22 مصابا في صفوف المدنيين أثناء سير الأعمال العدائية في جميع أنحاء ليبيا، وتعهدت البعثة بمواصلة سعيها للتأكد عما إذا كان هناك مزيد من الضحايا المدنيين في سياق الأعمال العدائية الجارية في طرابلس.
وكان المبعوث الأممي قد هدد بتجاوز حكومة الوفاق الوطني، التي يترأسها فائز السراج، بالإضافة إلى مجلس النواب والأعلى للدولة، إذا لم يتم اتخاذ إجراءات تنقل البلاد إلى الانتخابات المقبلة. وقال سلامة بهذا الخصوص: «على هذه المؤسسات أن تقوم بعملها، وإلا فلدينا خطط أخرى. آمل أن تقوم هذه الأجسام بعملها وهذا هو الطبيعي، وأتوقع إنتاج قانون انتخابات رئاسية ونيابية»، مضيفا: «على الجميع ألا يعتقدوا أن الكراسي كتبت باسمهم حتى نهاية حياتهم، لأن هذا الأمر غير شرعي وغير ديمقراطي، وغير مقبول، ونحن في البعثة لا نقبل به، والأمم المتحدة لم تقبل به يوما».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».