توقعات بإقدام بوتفليقة على حل البرلمان الجزائري

«تمرد» غالبية النواب على رئيس «المجلس الشعبي الوطني»

بوتفليقة (رويترز)
بوتفليقة (رويترز)
TT

توقعات بإقدام بوتفليقة على حل البرلمان الجزائري

بوتفليقة (رويترز)
بوتفليقة (رويترز)

أبلغت وزارة الخارجية الجزائرية السفارات الأجنبية بوقف تعاملها مع البرلمان في إطار «لجان الصداقة البرلمانية»، وذلك على خلفية الأزمة الخطيرة التي تهز البرلمان منذ نحو أسبوعين، فيما تروج أوساط سياسية وإعلامية بأن رئيس الجمهورية سيلجأ إلى حل البرلمان في حال تفاقمت الأزمة.
وصرح البرلماني الإسلامي لخضر بن خلاف لصحافيين بأن سفارة اليابان أبلغته بإلغاء نشاط كان سيجمعه أمس بسفير اليابان، من موقعه كرئيس لـ«لجنة الصداقة البرلمانية الجزائرية - اليابانية». ونقل بن خلاف عن السفارة أن وزارة الخارجية الجزائرية راسلتها لإعلامها بأن الأعمال، التي تشترك فيها كل الممثليات الدبلوماسية الأجنبية مع البرلمان، مجمدة في الوقت الحالي، لكن من دون توضيح الأسباب، وإن كان معروفا بأنها مرتبطة بـ«تمرد» غالبية النواب على رئيس «المجلس الشعبي الوطني» (الغرفة البرلمانية الأولى) سعيد بوحجة، الذي يطالبونه بالتنحي.
يشار إلى أن وزير الخارجية عبد القادر مساهل، القيادي في «جبهة التحرير الوطني»، التي يتزعم نوابها حركة الإطاحة ببوحجة، والموقف الذي اتخذته الخارجية بشأن «لجان الصداقة»، يفهم على أنه انخراط في موجة السخط التي تستهدف رئيس البرلمان.
ويجتمع نواب «جبهة التحرير» يوميا في مقر الحزب مع أمينه العام جمال ولد عباس، بغرض بحث زيادة الضغط على بوحجة، المنتمي لنفس الحزب، قصد دفعه إلى الاستقالة. غير أن رئيس «المجلس» يرفض الرحيل بحجة أن الأسباب التي بلغها له الغاضبون منه «غير مقنعة».
وسبق أن صرح بوحجة لـ«الشرق الأوسط»، بأنه لن يخضع لإرادة النواب إلا إذا أمرته رئاسة الجمهورية بالتخلي عن منصبه، على أن يحتفظ بصفته كنائب منتخب عن ولاية سكيكدة (شرق) لأنها الجهة، التي وضعته على رأس البرلمان، رغم أن «مبدأ الفصل بين السلطات» مكرس - نظريا - في الدستور، ويشدد عليه كل المسؤولين الحكوميين.
ويعيب النواب على بوحجة «سوء تسييره» للبرلمان، و«تبذير أمواله في سفريات إلى الخارج»، وهو ما ينفيه المعني بشدة، حيث صرح للصحافة بأنه يحمّل أمين عام الهيئة التشريعية مسؤولية سوء التسيير، موضحا أنه قام بعزله لهذا السبب. وقد دعا ولد عباس خصمه في الحزب بوحجة إلى التنحي «حفاظاً على تماسك البرلمان وتفاديا لتعطيل أشغاله». والتحق بوحجة أمس بمكتبه في الطابق الخامس من مبنى البرلمان، لكنه ظل في عزلة بسبب مقاطعة نواب الأغلبية له. أما النواب «الإسلاميون»، الذين ينتمون لما يعرف بالتيار الديمقراطي، فيرفضون التدخل فيما يعتبرونه «شأنا حزبياً داخلياً»، وإن كان الكثير منهم يستهجن الطريقة المتبعة في تنحيته.
وراجت أمس داخل الأوساط السياسية والإعلامية أخبار عن احتمال استعمال رئيس الجمهورية حقه الدستوري في حل البرلمان إذا طالت الأزمة، إذ تقول المادة 147 من الدستور بهذا الخصوص إنه «يمكن لرئيس الجمهورية أن يحل المجلس الشعبي الوطني، وإجراء انتخابات تشريعية قبل أوانها، بعد استشارة رئيس مجلس الأمة (الغرفة الثانية) ورئيس المجلس الشعبي الوطني، ورئيس المجلس الدستوري ورئيس الوزراء».
ولا يحدد الدستور الأسباب التي تدفع الرئيس إلى حل البرلمان، لكن المبرر الوحيد لهذه الخطوة، بحسب خبراء في القانون، هي أن يواجه الرئيس استحالة للتعايش مع أغلبية تعارض كل مشاريعه وسياساته، غير أن هذه الحالة تنتفي مع الوضع الذي آل إليه البرلمان، الذي يعاني أصلا من الضعف أمام هيمنة السلطة التنفيذية، التي تعد مصدر غالبية مشاريع القوانين، بينما هامش مقترحات القوانين من جانب النواب ضعيف. كما أن حريتهم محدودة في تأسيس «لجان التحقيق» رغم أن القانون ينص عليها.
ويستبعد مراقبون حل البرلمان على اعتبار أن ذلك لن يخدم رئيس الجمهورية، خاصة إذا تأكدت رغبته في الترشح لولاية خامسة، في انتخابات ستنظم بعد ستة أشهر، لأن هذا السيناريو المحتمل سيدخل البلاد في اختلالات مؤسساتية، بينما يدافع الرئيس بشدة على «استقرار الهيئات»، الذي تحقق حسبه، بفضل سياساته.



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.