رئيسة وزراء بريطانيا مصممة على البقاء في منصبها «لفترة طويلة»

بوريس جونسون يهاجمها ولا يهدئ التكهنات بطموحه في الزعامة

ذكرت ماي أنها تستعد لتقديم عرض جديد للاتحاد الأوروبي  لكسر الجمود في مفاوضات خروج بريطانيا من التكتل (أ.ف.ب)
ذكرت ماي أنها تستعد لتقديم عرض جديد للاتحاد الأوروبي لكسر الجمود في مفاوضات خروج بريطانيا من التكتل (أ.ف.ب)
TT

رئيسة وزراء بريطانيا مصممة على البقاء في منصبها «لفترة طويلة»

ذكرت ماي أنها تستعد لتقديم عرض جديد للاتحاد الأوروبي  لكسر الجمود في مفاوضات خروج بريطانيا من التكتل (أ.ف.ب)
ذكرت ماي أنها تستعد لتقديم عرض جديد للاتحاد الأوروبي لكسر الجمود في مفاوضات خروج بريطانيا من التكتل (أ.ف.ب)

رغم المصاعب التي تواجهها داخل حزبها المنقسم حول «بريكست»، والتي قد تفقدها الدعم اللازم لبقائها في السلطة، فإن رئيسة الوزراء تيريزا ماي مصممة على البقاء في منصبها «لفترة طويلة»، حيث دعت حزبها لتوحيد الصفوف، ودعم خطتها في الخروج من التكتل الأوروبي، موضحة: «رسالتي: دعونا نتحد ونتأكد من أننا سنتوصل لأفضل اتفاق لبريطانيا».
وشن وزير الخارجية البريطاني السابق بوريس جونسون، أمس، هجوماً عنيفاً على خطتها لـ«بريكست»، ومزج بين النكات والعبارات اللاذعة، إلا أنه لم يهاجم ماي شخصياً، ووصف استراتيجيتها للخروج بأنها «خطيرة، وغير مستقرة»، كما أنها «ذل سياسي»، وأضاف: «رفاقي المحافظين، هذه ليست ديمقراطية؛ ليس هذا ما صوتنا لأجله. هذا أمر فظيع».
ولم تصدر عن جونسون مؤشرات تهدئ التكهنات بأنه يسعى إلى منصب القيادة، حيث استخدم حضوره لتفنيد العيوب في خطة ماي، دون أن يذكر بديلاً لها. ويحظى بوريس جونسون، الذي يتمتع بحضور قوي لكنه يثير الانقسام، بدعم واسع بين ناشطي الحزب.
ووجهت «هيئة الإذاعة البريطانية» (بي بي سي) سؤالاً لماي في أثناء المؤتمر السنوي لحزب المحافظين المنعقد حالياً، بشأن المدة التي تتوقع البقاء خلالها في منصبها في رئاسة الوزراء والحزب، فقالت ماي: «قلت إنني سأظل لمدة طويلة، ليس فقط من أجل اتفاق خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وإنما الأجندة المحلية (أيضا)».
وذكرت ماي أنها تستعد لتقديم عرض جديد للاتحاد الأوروبي، بهدف كسر الجمود في مفاوضات خروج بريطانيا من التكتل، وقالت لـ«بي بي سي»: «سنطرح هذه الاقتراحات. هل يمكنني شرح سبب طرح اقتراحاتنا الخاصة؟ لأن الخطة التي طرحها الاتحاد الأوروبي ليست مقبولة لنا»، وأضافت: «لأن الخطة التي طرحها الاتحاد الأوروبي تبقي آيرلندا الشمالية في الاتحاد الجمركي».
وقال جونسون، في خطابه خلال المؤتمر السنوي، إنه يريد «دعم تيريزا ماي»، من خلال إجبارها على العودة عن محاولاتها للإبقاء على العلاقات الاقتصادية الوثيقة مع الاتحاد الأوروبي بعد خروج بريطانيا من الاتحاد في مارس (آذار) المقبل.
وقاد جونسون حملة للخروج من الاتحاد الأوروبي في أثناء الاستفتاء. وحتى بعد تعيينه وزيراً للخارجية، واصل تحدي استراتيجية ماي بشأن الاتحاد الأوروبي.
وفي يوليو (تموز) الماضي، استقال جونسون احتجاجاً على خطتها بأن تطبق بريطانيا أنظمة الاتحاد الأوروبي بالنسبة للسلع بعد «بريكست»، قائلة إن ذلك سيحمي التجارة عبر الحدود، إلا أن جونسون يقول إن ذلك سيبقي لندن مرتبطة بالاتحاد في المستقبل.
يعرف جونسون بأسلوبه الذي يميل إلى المواجهة، ولكن تصريحاته الأخيرة التي وصف فيها خطة «بريكست» التي طرحتها ماي بأنها «متخلفة»، وبمثابة سترة انتحارية على صدر الدستور البريطاني، أغضبت كثيراً من النواب.
واستغل كثير من زملاء جونسون السابقين المؤتمر لإطلاق النكات عليه، بينما قال وزير الدفاع فيليب هاموند إن خطة «بريكست» البديلة «مجرد خيال». وحتى وزير «بريكست» السابق ديفيد ديفيس نأى بنفسه عن مواقف جونسون، وقال إن «أفكاره تشكل مادة جيدة لعناوين صحف، ولكنها ليست بالضرورة سياسات جيدة».
ويشعر أعضاء الحزب كذلك بالانزعاج من الخلافات بين جونسون وماي. وقال مايك كاي (34 عاماً)، من مانشستر في شمال غربي إنجلترا، للصحافة الفرنسية: «لديه حضور لا يمتلكه سوى القليلين، ولكنه مثير للانقسام.. وهذه مشكلة»، وأضاف: «جزء كبير من البريطانيين يعتقدون أنه مهرج».
واعتبر جون كلود يونكر، رئيس المفوضية الأوروبية، في منتدى عام في مدينة فرايبورغ الألمانية الاثنين، أن النقاش الدائر في بريطانيا حول خروجها من الاتحاد الأوروبي ما زال بعيداً عن الواقع، وأضاف أمام جمهور يتألف من عدة آلاف تعلو وجوههم الضحكات، كما كتبت الوكالة الألمانية: «أحياناً، يأتيني انطباع بأن البريطانيين يعتقدون أننا نحن الذين نخرج من بريطانيا، وإن كان الواقع في الاتجاه المعاكس تماماً»، موضحاً أن الجمهور البريطاني لم يتم إبلاغه مطلقاً، وبشكل صحيح، بعواقب الخروج من التكتل.
وقال رداً على سؤال حول إمكانية إجراء تصويت بريطاني ثانٍ على عضوية الاتحاد الأوروبي: «لم تكن هناك قط حملة استفتاء حقيقية في بريطانيا، بمعنى حملة إعلامية.. البريطانيون، بمن فيهم وزراء الحكومة، لم يكتشفوا سوى الآن كم التساؤلات التي يثيرها».
وأضاف: «إذا سارت الأمور بشكل خاطئ، فلن يصبح بإمكان الطائرات البريطانية الهبوط في القارة. لم يعرف الناس ذلك، وكان ينبغي على الأرجح إخبارهم بهذا مسبقاً». وقال يونكر، وهو رئيس وزراء سابق في لوكسمبورغ، إن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي «مسألة من الماضي»، وإنه يريد التعامل مع مستقبل الاتحاد الأوروبي المؤلف من 27 دولة.
كما تعهدت ماي بالحد من أعداد المهاجرين الأقل مهارة بعد الخروج من الاتحاد الأوروبي، وإنهاء حرية الحركة بالنسبة للمواطنين الأوروبيين. وقال مكتب ماي إن السياسة الجديدة سوف تسفر عن «أكبر تغيير منذ عقود» لنظام الهجرة البريطاني.
وقالت ماي، في بيان، إنه عقب الفترة الانتقالية التي تمتد لـ21 شهراً «بعد خروج بريطانيا رسمياً من الاتحاد الأوروبي، في مارس المقبل، سوف تكون بريطانيا هي الدولة التي تسيطر، وتختار من تريد أن يأتي إليها»، وأضافت أن الحكومة سوف تطبق «نظاماً يعتمد على المهارات، حيث تكون مهارات العامل هي المهمة، وليس من أين جاء».
وكانت الهجرة من المسائل الرئيسية في حملة «بريكست» قبل الاستفتاء في 2016 على الخروج من الكتلة الأوروبية. وقالت ماي إن حرية تنقل مواطني الاتحاد الأوروبي ستتوقف مع «بريكست»، مضيفة: «للمرة الأولى في عقود، سيتولى هذا البلد مراقبة واختيار من يريد القدوم إلى هنا»، وتابعت: «لفترة طويلة شعر الناس أنه قد تم تجاهلهم في مسألة الهجرة، وأن السياسيين لم ينظروا إلى مخاوفهم بدرجة كافية من الجدية».
وأوضحت أن «النظام الجديد القائم على المهارات سيضمن خفض الهجرة التي لا تتمتع بكفاءات، ووضع المملكة المتحدة على طريق خفض الهجرة إلى مستويات قابلة للاستمرار، كما وعدنا»، وأضافت: «وفي الوقت نفسه، نقوم بتدريب بريطانيين على الوظائف المستقبلية التي تحتاج لمهارة».
وقالت رئيسة الحكومة إن «كفاءة الأشخاص، من الشركاء التجاريين (...) إلى برامج تبادل الطلاب، ستمثل جزءاً من اتفاقات التجارة المستقبلية». وقد وعدت الحكومة بحماية حقوق أكثر من 3 ملايين مواطن من الاتحاد الأوروبي يقيمون حالياً في بريطانيا بعد «بريكست»، حتى في حال عدم التوصل لاتفاق حول الانسحاب. ومن المتوقع أن تركز ماي اليوم على الهجرة في خطابها، في ختام المؤتمر السنوي لحزبها الذي ينتهي الأربعاء.



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».