مصر: توسع في «الإسكان الاجتماعي» لإيواء محدودي الدخل

الانتهاء من 600 ألف وحدة سكنية بتكلفة 100 مليار جنيه

نماذج من عمارات الإسكان الاجتماعي في مصر (وزارة الإسكان المصرية)
نماذج من عمارات الإسكان الاجتماعي في مصر (وزارة الإسكان المصرية)
TT

مصر: توسع في «الإسكان الاجتماعي» لإيواء محدودي الدخل

نماذج من عمارات الإسكان الاجتماعي في مصر (وزارة الإسكان المصرية)
نماذج من عمارات الإسكان الاجتماعي في مصر (وزارة الإسكان المصرية)

أكثر من 3 أعوام قضاها الشاب المصري محمود محروس في إجراءات الحصول على إحدى شقق الإسكان الاجتماعي في مصر، وهو المشروع الذي تتبناه الحكومة المصرية الحالية تنفيذاً لوعدها بتوفير نحو مليون شقة لمحدودي الدخل خلال خمس سنوات، نفذت منها حتى الآن نحو 600 ألف وحدة سكنية.
وروى محروس لـ«الشرق الأوسط»، رحلته مع شقق الإسكان الاجتماعي، التي بدأت قبل نحو 3 سنوات ونصف السنة، مع الإعلان عن المرحلة الثامنة من المشروع، إذ أعطى الإعلان أملاً لمحروس وغيره من الشباب في الحصول على شقة، وبالفعل قدم محروس أوراقه بالبريد الإلكتروني وفقاً للشروط، ووصلته رسالة بقبول أوراقه، فبدأ في سداد دفعة الحجز، والأقساط، وقال: «دفعت نحو 25 ألف جنيه، مقدم حجز وأقساطاً، وبعد عامين ونصف العام، توقفت عن الدفع لأنني لم أجد أي اتصال من جانب وزارة الإسكان، ولم أكن أعلم أين شقتي».
لم يكن محروس متزوجاً عندما تقدم للحصول على الشقة، لكنه الآن متزوج ولديه طفلة، وقال: «بعد زواجي وإنجابي ابنتي مريم، توجهت لوزارة الإسكان للسؤال عن الشقة التي حجزتها قبل عامين ونصف العام، وأخبرتهم قصتي، وبعد أسبوعين بدأت وزارة الإسكان في الاستعلام عني، لتبدأ الإجراءات الفعلية لحصولي على الشقة».
كانت أزمة الدولار الأميركي، وتحرير سعر صرف الجنيه المصري، أحد الأسباب التي أخرت حصول محروس على شقته، لكنه أخيراً بدأ الإجراءات الفعلية، ووقع عقد الشقة مع البنك الذي سيتولى تمويلها، وبموجبه تحددت الأقساط التي سيدفعها، التي ستبدأ العام الحالي بمبلغ 500 جنيه، لتنتهي بعد 20 عاماً بمبلغ 1500 جنيه، فقيمة القسط تزيد مع مرور الوقت، مراعاة للتضخم، وقال: «وعدوني بتسلم الشقة نهاية العام الحالي».
قصة محروس لا تختلف كثيراً عن قصص غيره من الشباب المصري الحالم بالحصول على شقة، ليأتي مشروع الإسكان الاجتماعي ويحقق هذا الحلم، حتى وإن استغرق وقتاً طويلاً إلى حد ما، فعدد المتقدمين لحجز وحدات الإسكان الاجتماعي أكبر بكثير من عدد الوحدات التي تم تنفيذها. ووفقاً لتصريحات صحافية لمي عبد الحميد، المدير التنفيذي لصندوق الإسكان الاجتماعي وصندوق التمويل العقاري، فإن «عدد المتقدمين للمشروع منذ الإعلان الأول وحتى الإعلان التاسع بلغ نحو مليون مواطن، وانطبقت الشروط على نحو 962 ألفاً»، مشيرة إلى أن «هناك 694 ألف عميل مدرجون على قوائم نظام الإسكان الاجتماعي، وتم تخصيص وحدات سكنية لعدد 178 ألف مواطن، بدعم يصل إلى 3 مليارات و6 ملايين جنيه مصري»، وأوضحت أن «إجمالي قيمة التمويل لوحدات الإسكان الاجتماعي التي تم تخصيصها لنحو 201 ألف عميل، وصل إلى 16 ملياراً و768 مليون جنيه».
وقال هاني يونس، المستشار الإعلامي لرئيس الوزراء والمتحدث الرسمي باسم وزارة الإسكان، لـ«الشرق الأوسط»، إن الوزارة تعمل على سرعة إنجاز مشروعات الإسكان الاجتماعي تنفيذاً لتوجيهات الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، حيث تم إنشاء 600 ألف وحدة سكنية بتكلفة إجمالية 100 مليار جنيه.
وتتولى هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة التابعة لوزارة الإسكان المصرية، اقتراح وتخطيط وطرح مشروعات الإسكان الاجتماعي، والإشراف على تنفيذها، بغرض توفير مسكن ملائم للمواطنين محدودي الدخل، وبناءً على ذلك تم تنفيذ وحدات سكنية مساحتها 90 متراً في عدد 22 محافظة، ويتم تنفيذ هذه المشروعات في المدن الجديدة التي تتولى الوزارة تنفيذها.
وتستعد وزارة الإسكان للإعلان عن المرحلة العاشرة من الإسكان الاجتماعي، التي ستتضمن إنشاء 100 ألف وحدة سكنية أخرى في عدد من المدن الجديدة، وفقاً ليونس، الذي أكد أن «توفير إسكان لمحدودي الدخل يحظى بأولوية في أجندة عمل الوزارة».
لكن الإعلان هذه المرة مختلف عن الإعلانات السابقة، إذ من المقرر أن يتم تنفيذ الوحدات السكنية الجديدة، حسب الطلب، ووفقاً للمدن التي يرغب المواطنون في السكن فيها، على عكس الإعلانات السابقة التي كانت تطرح وحدات سكنية محددة العدد والمكان. ويفسر مراقبون هذا التغير في طبيعة الإعلان بضعف الإقبال على حجز وحدات الإسكان الاجتماعي الحر، التي تم الإعلان عنها مؤخراً، نتيجة لارتفاع سعرها، ولعدم جاذبية المدن التي تم الإعلان عن توافر وحدات سكنية بها.
وقالت عبد الحميد إن «الإعلان العاشر سيتميز بتنفيذ وحدات سكنية بناءً على عدد المتقدمين، وعلى الأماكن التي تشهد إقبالاً، لأن بناء الوحدات السكنية وطرحها للحجز لم يعد مناسباً الآن، كما تدرس الوزارة تنفيذ وحدات سكنية غير مدعومة مساحتها 120 متراً».
وقال الدكتور ماجد عبد العظيم، أستاذ الاقتصاد والخبير العقاري، لـ«الشرق الأوسط»، إن «ارتفاع أسعار الوحدات السكنية في الإسكان الاجتماعي الحر، وربما طول الفترة التي يستغرقها الحصول على الوحدة السكنية، وكثرة الإجراءات، قد تكون أسباب ضعف الإقبال على حجز هذه الوحدات»، مؤكداً أن «السوق المصرية لم تشبع عقارياً، فهناك 600 ألف حالة زواج سنوياً، ومع ازدياد عدد السكان وارتفاع أسعار العقارات يصبح توفير سكن لمحدودي الدخل بأسعار معقولة ضرورة ملحة». ويختلف الإسكان الاجتماعي الحر عن الإسكان الاجتماعي العادي، فوفقاً ليونس، «الأخير له شروط وقواعد، حيث تدعمه الدولة بشكل كبير، أما الأول، فإنه دون قواعد وتبيعه الدولة للمواطن بسعر أقرب إلى سعر التكلفة، وأقل نسبياً من سعر السوق، ويهدف إلى دعم من لم تنطبق عليه شروط الإسكان الاجتماعي»، ويصل سعر الوحدة إلى 400 ألف جنيه، ومساحتها 90 متراً.
ويحق للمواطن أن يحجز أكثر من وحدة في الإسكان الاجتماعي الحر، حيث يمكن أن يحجز الأب شقة لابنه القاصر، وهو أمر غير متوفر في الإسكان الاجتماعي العادي، كما أنه يسدد دفعة مقدمة تبلغ 30 ألف جنيه، ويمكنه أن يختار بين دفع ثمن الوحدة كاملاً، أو تقسيطه على 3 سنوات بفوائد، بينما تصل مدة القسط في الإسكان الاجتماعي العادي إلى 20 عاماً.
وبسبب ارتفاع أسعار مواد البناء، فإنه من المتوقع أن يرتفع سعر الشقة في الإعلان العاشر من الإسكان الاجتماعي، ليصل إلى 220 ألف جنيه، وفقاً لتقديرات مصادر بوزارة الإسكان، وكان سعر الوحدة في الإعلانات الثلاثة الأولى يصل إلى 135 ألف جنيه، ثم زاد إلى 145 ألف جنيه، ووصل في الإعلانات الأخيرة إلى 184 ألف جنيه.
ويعد توفير مساكن لمحدودي الدخل واحداً من المشروعات الدائمة على أجندة رؤساء مصر منذ عام 1952، بدأه الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، وكان الأسلوب المتبع في عهده الإيجار وليس التمليك، واستمر في عهد الرئيس الراحل أنور السادات، وفي عهد الرئيس الأسبق حسني مبارك، وإن اختلف المسمى الذي يطلق على المشروع كل مرة، إذ أطلق عليه في عهد مبارك عدة أسماء، من بينها «إسكان الشباب»، و«إسكان المستقبل»، و«ابني بيتك»، وهي مشروعات كانت تهدف في مجملها إلى توفير سكن بأسعار معقولة لمحدودي الدخل، في ظل الارتفاع المتزايد الذي تشهده أسعار العقارات في مصر، وإن اختلفت أسعارها ومساحاتها وطرق الحصول عليها، حيث ظهرت مشروعات في عهد مبارك بمساحات تصل إلى 63 متراً، بينما تبلغ مساحة الوحدات الحالية 90 متراً، وإذا مررت بأي مدينة مصرية يمكنك التعرف على هذه الوحدات السكنية التي بنيت عبر العصور، فهي عادة ما تكون في عمارات سكنية متجاورة، باللون نفسه والارتفاعات، على غرار عمارات الاتحاد السوفياتي الاشتراكية.
ويستهدف مشروع الإسكان الاجتماعي، الذي تتبناه الحكومة المصرية حالياً، توفير مليون وحدة سكنية في 5 سنوات بواقع 200 ألف وحدة سكنية في العام، بتكلفة تصل إلى 130 مليار جنيه، ويشترط فيمن يتقدم له ألا يزيد دخله على 3 آلاف جنيه، وألا يقل عمره عن 21 عاماً، ولا يزيد عن 50 عاماً، وهو ما أكده عبد العظيم، موضحاً أن «توفير إسكان لمحدودي الدخل يأتي في إطار الدور الأبوي للدولة، وبدأ في عهد عبد الناصر، بهدف توفير حياة وسكن كريم لمحدودي الدخل».
وعلى مدار سنوات كانت المشكلة الرئيسية في الإسكان الاجتماعي تكمن في حصول بعض الأفراد على هذه الوحدات السكنية، بهدف الاستثمار فيها وبيعها، أو «تسقيعها» حتى يرتفع سعرها، على اعتبار أن العقارات من أكثر أنواع الاستثمار أماناً في مصر، ولذلك تم تشديد إجراءات الحصول على هذه الوحدات السكنية، كما تم فرض عقوبات على من يقوم ببيعها أو تأجيرها، وما زال كثير من الشباب في انتظار تحقيق حلمه، والحصول على شقة بالإسكان الاجتماعي.


مقالات ذات صلة

«ستيك» منصة تتيح للأفراد من مختلف أنحاء العالم الاستثمار في العقارات السعودية

عالم الاعمال خالد الحديثي الرئيس التنفيذي لشركة «وصف» ورامي طبارة الشريك المؤسس والرئيس التنفيذي المشارك في «ستيك» ومنار محمصاني الشريك المؤسس والرئيس التنفيذي المشارك في المنصة ويزيد الضويان المدير التنفيذي للعمليات بـ«الراجحي السابعة» وهنوف بنت سعيد المدير العام للمنصة بالسعودية

«ستيك» منصة تتيح للأفراد من مختلف أنحاء العالم الاستثمار في العقارات السعودية

أعلنت «ستيك» للاستثمار العقاري في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا إطلاقها منصتها الرسمية بالسعودية

الاقتصاد «دار غلوبال» أعلنت إطلاق مشروعين في العاصمة السعودية الرياض بالشراكة مع منظمة ترمب (الشرق الأوسط)

«دار غلوبال» العقارية و«منظمة ترمب» تطلقان مشروعين جديدين في الرياض

أعلنت شركة «دار غلوبال» إطلاق مشروعين في العاصمة السعودية الرياض، بالشراكة مع «منظمة ترمب».

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد منازل سكنية في جنوب لندن (رويترز)

أسعار المنازل البريطانية تشهد ارتفاعاً كبيراً في نوفمبر

شهدت أسعار المنازل في المملكة المتحدة ارتفاعاً كبيراً في نوفمبر (تشرين الثاني)، متجاوزة التوقعات؛ مما يعزّز من مؤشرات انتعاش سوق العقارات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
خاص تصدرت «سينومي سنترز» أعلى شركات القطاع ربحيةً المدرجة في «تداول» خلال الربع الثالث (أ.ب)

خاص ما أسباب تراجع أرباح الشركات العقارية في السعودية بالربع الثالث؟

أرجع خبراء ومختصون عقاريون تراجع أرباح الشركات العقارية المُدرجة في السوق المالية السعودية، خلال الربع الثالث من العام الحالي، إلى تركيز شركات القطاع على النمو.

محمد المطيري (الرياض)
عالم الاعمال «جي إف إتش» تطلق «OUTLIVE» لتقديم حلول عقارية مبتكرة بمجالات الصحة والرفاهية

«جي إف إتش» تطلق «OUTLIVE» لتقديم حلول عقارية مبتكرة بمجالات الصحة والرفاهية

مجموعة «جي إف إتش» المالية تعلن إطلاق «أوت لايف» (OUTLIVE)، وهي شركة عقارية مبتكرة تهدف إلى وضع معايير جديدة  للصحة والرفاهية في منطقة الشرق الأوسط وأوروبا.


تأثيرات «كورونا» تظهر على العقارات المصرية

سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
TT

تأثيرات «كورونا» تظهر على العقارات المصرية

سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس

بعد الانتشار المتزايد لفيروس «كورونا المستجد» في معظم أنحاء العالم، يحذّر خبراء الاقتصاد من التداعيات السلبية التي يشهدها الاقتصاد العالمي خصوصاً بعد الإجراءات الاحترازية التي اتخذتها الدول ومن بينها إغلاق الحدود وتعليق الرحلات الجوية والبحرية، وهو ما امتد بدوره إلى قطاع العقارات في مصر، حيث تشهد السوق العقارية في البلاد حالياً تراجعاً في نسب المبيعات، بالإضافة إلى إلغاء فعاليات ومؤتمرات تسويقية عقارية.
ويؤكد مستثمرون عقاريون مصريون من بينهم المهندس ممدوح بدر الدين، رئيس مجلس إدارة شعبة الاستثمار العقاري بالاتحاد العام للغرف التجارية، أن «القطاعات الاقتصادية تشهد تباطؤاً وجموداً حاداً في الآونة الأخيرة، وهذا سيكون له تبعاته على سوق العقار»، ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «أتوقع أن تخرج مصر من الأزمة سريعاً، وبأقل الخسائر نتيجة للإجراءات الاحترازية التي اتخذتها أخيراً للحد من انتشار المرض».
وشهدت سوق مبيعات العقارات في مصر «تراجعاً نسبياً منذ بداية أزمة كورونا»، وفق الخبير والمسوق العقاري محمود سامي، الذي قدّر «نسبة التراجع في مستويات البيع والشراء، بنسبة تتراوح من 20 إلى 30%، في بداية الأزمة، لتصل إلى 50% مع نهاية الأسبوع الماضي، مع اتخاذ مصر وعدد من الدول العربية إجراءات احترازية جريئة للحد من انتشار المرض».
ورغم أن مؤشرات الطلب على شراء العقارات التي تقاس وفق حجم الطلب على المواقع الإلكترونية المخصصة لبيع وشراء العقارات، لم تعكس هذا التراجع في شهر فبراير (شباط) الماضي، وفقاً لمؤشر موقع «عقار ماب» المتخصص في السوق العقارية، بعدما سجل ثبات مستوى الطلب على العقارات في شهري يناير (كانون الثاني) وفبراير الماضيين، لكن المؤشر أوضح أنه «كان هناك تزايد في الطلب في النصف الأول من شهر فبراير، إلا أن هذا التزايد تراجع في الأسبوعين الأخيرين ليستقر المؤشر عند نفس معدل الشهر السابق»، ولا توجد إحصائيات واضحة عن شهر مارس (آذار) الجاري، والذي تفاقمت فيه أزمة «كورونا».
وعكس ما يؤكده المسوق العقاري محمود سامي، من وجود تراجع في نسب مبيعات العقارات في مصر، يقول الدكتور ماجد عبد العظيم، أستاذ الاقتصاد والخبير العقاري، أن «السوق العقارية في مصر لم تتأثر حتى الآن بأزمة (كورونا)»، وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «لا يوجد ارتباط بين فيروس (كورونا) والعقارات، فمن يريد شراء شقة سيفعل ذلك»، مشيراً إلى أن «السوق العقارية المصرية تعاني من حالة ركود بدأت منذ نحو أربعة أشهر، وتظهر ملامحها في العروض التسويقية التي تقدمها شركات العقارات، ومن بينها زيادة عمولة المسوقين العقاريين، والإعلان عن تسهيلات في السداد تصل إلى عشر سنوات من دون مقدم، والدفعة الأولى بعد التسلم»، لافتاً إلى أن «حالة الركود هذه سببها الرئيسي زيادة المعروض، وارتفاع الأسعار بشكل مبالغ فيه».
ورغم أن العاملين في التسويق العقاري لا ينكرون وجود حالة ركود في السوق، فإنهم يرون أن المسألة تزايدت مع الخوف من انتشار «كورونا»، حتى حدث «انكماش في السوق العقارية»، على حد تعبير سامي الذي أوضح أن «شركات التسويق العقاري تأقلمت مع حالة الركود، ونفّذت عمليات إعادة هيكلة وتقليص لعدد الموظفين والمقرات»، مضيفاً: «ما نشهده الآن مختلف، فهناك حالة شلل لم نشهدها من قبل إلا مع ثورتي 30 يونيو (حزيران) 2013، و25 يناير 2011. وإن كان ما نشهده حالياً أكثر حدة، فهناك إلغاء لحجوزات ومواعيد معاينات للوحدات العقارية، وتأجيل لقرارات الشراء بشكل عام حتى انتهاء الأزمة واتضاح الرؤية».
ولا يقتصر تأثير انتشار «كورونا» على حركة البيع والشراء في قطاع العقارات، بل من المتوقع أن «ينعكس التأثير على اقتصاد الشركات العقارية واستثماراتها» حسب بدر الدين، الذي أشار إلى أن «قطاع النفط تأثر بصورة كبيرة خصوصاً بعد إصرار منظمة (أوبك) على عدم تقليل إنتاجها، ليهبط سعر البرميل إلى أقل من 30 دولاراً، ما سبب خسائر للمستثمرين والصناديق العالمية، وترتبت على ذلك انخفاضات في أسعار مواد البناء وبالتالي فإن أي مستثمر لديه مخزون من هذه السلع، سيحقق خسائر بلا شك».
وتماشياً مع قرارات الحكومة المصرية إلغاء التجمعات، تم تأجيل مؤتمر ومعرض «سيتي سكيب مصر للتسويق العقاري»، الذي يعده الخبراء أحد أكبر معارض التسويق العقاري في مصر، والذي كان من المقرر عقده في منتصف الشهر الجاري، لتكتفي الشركات العقارية بالعروض التسويقية التي تقدمها وتعلن عنها إلكترونياً أو تلفزيونياً.
والتأجيل يحمي شركات العقارات من خسائر متوقعة، نظراً لصعوبة حضور العملاء، مما سيؤثر بشكل سلبي على صورة القطاع العقاري، حسب بدر الدين.
ويخشى العاملون في السوق العقارية من استمرار الأزمة فترة طويلة، وهو ما سيؤدي إلى خسائر كبيرة في القطاع، قد تضطر الشركات إلى عمليات إعادة هيكلة وتخفيض عمالة -على حد تعبير سامي- الذي قال إن «الشركات تأقلمت مع انخفاض المبيعات خلال الشهور الماضية، لكن لو استمر الوضع الحالي لمدة شهر، فالمسألة ستكون صعبة وقد تؤدي إلى إغلاق شركات وتسريح موظفين، حيث ستحتاج كل شركة إلى تخفيض نفقاتها بنسبة 40% على الأقل».
ورغم تأكيدات عبد العظيم أنه لا يوجد تأثير لأزمة «كورونا» على السوق العقارية حتى الآن، فإنه يقول: «إذا تفاقمت أزمة (كورونا) فستكون لها تأثيرات على جوانب الحياة كافة، ومنها العقارات»، وهو ما يؤكده بدر الدين بقوله إن «العالم كله سيشهد تراجعاً في معدلات النمو الاقتصادي».