للحصول على فهم أشمل حول تصميم ساعة آبل الذكية الجديدة «سيريز 4»، التي طرحت في الأسواق، خصوصا وظائفها الصحية، أخضع أحد الخبراء الأميركيين لتجربة جهاز التخطيط الكهربائي للقلب، الذي يستخدم لتشخيص المشكلات القلبية كاضطراب النبض القلبي والنوبات القلبية.
تخطيط القلب
ولأوّل مرّة، تقدّم ساعة ذكية لمستخدميها جهاز استشعار للقلب سيعمل أخيراً مع تطبيق يعرض تخطيطات كهربائية للقلب. وبعد أن يتمّ إطلاق التطبيق المخصص للتخطيط القلبي الكهربائي خلال هذا العام، والذي تمّ ترخيصه من قبل إدارة الغذاء والدواء، سيصبح بإمكان المستخدم وضع إصبعه على رأس الساعة لقياس الشحنات الكهربائية حول قلبه.
ولكن التخطيط الصادر عن ساعة آبل لن يكون شاملاً طبعاً كذلك الذي تجريه آلات التخطيط التقليدية، التي يستخدمها اختصاصيو القلب وتتصل بأجزاء كثيرة من جسم الإنسان. تعتبر ساعة آبل الجديدة جهاز استشعار قلبي أحادي الجانب، ما يعني أنّها تسجّل الإشارات الكهربائية الصادرة من زاوية واحدة من زوايا القلب، أي ما يكفي لجمع البيانات حول حالة الخفقان وليس لتشخيص نوبة قلبية.
ومع ذلك، تعتبر ساعة آبل الذكية الجديدة أكبر تقدّم شهده مجال الأجهزة القابلة للارتداء في السنوات الأخيرة. يستطيع الأشخاص الذين يعانون من مشكلات القلب أن يستخدموا تطبيق التخطيط الكهربائي القلبي لإجراء تخطيط بسهولة تامة وفي أي وقت شعروا فيه باضطراب ما، دون أي إجراءات معقّدة. كما يمكنهم أن يشاركوا البيانات التي حصلوا عليها بشكل فوري مع طبيبهم، ما قد يساعدهم في خطوتهم التالية، سواء لناحية تحديد موعد في العيادة أو لتغيير الدواء مثلاً.
لهذا السبب، فإنّ أي شخص لا يعاني من مشكلة قلبية مؤكّدة، لن يشعر بأي رغبة بشراء الساعة.
وفي حديث للدكتور إيثان ويس، طبيب متخصص في القلب من جامعة كاليفورنيا سان فرنسيسكو، لوسائل الإعلام الأميركية والذي اطّلع على اختبار التخطيط القلبي الذي أجراه ذلك الخبير عبر الساعة: «لا أعتبر هذه الساعة أكثر من مجرّد تطوّر تقني آخر كغيره».
ولكنّه لفت إلى أنّ خلاصات البحث القلبي كانت عميقة، وأضاف: «يوجد الكثير من الأشياء التي لا نعرفها. نحن نحصل فقط على القليل من المعلومات». إذ تزوّد التخطيطات القلبية التي تجرى في العيادات عادة الأطباء المختصين بما يقارب 90 ثانية من البيانات.
ساعة الجيل الرابع
تبدو الكثير من خصائص ساعة «آبل سيريز 4» الجديدة الأخرى مملّة على الورق. فمقارنة بما سبقها من إصدارات، يمكن القول إنّ الجيل الرابع من الساعة الذكية يتميّز بشاشة أكبر بقليل وبسرعة أكبر في أداء مهام كتحميل التطبيقات.
ومع ذلك، فإنّ التطوّر الذي شهدته هذه الساعة من جهاز لمتابعة الرشاقة إلى جهاز لمتابعة الأمور الصحية يجعلها أداة مثيرة جداً للاهتمام على المدى الطويل. غالباً ما تحدّد آبل معايير الأجهزة الإلكترونية الاستهلاكية، أي أنّ هذه الساعة قد تشجّع شركات أخرى على ابتكار جيل جديد من الأجهزة القابلة للارتداء مهمتها مساعدة الناس في جمع المعلومات حول أوضاعهم الصحية.
حتى اليوم، يقول الخبراء الذين اختبروا ساعة آبل الجديدة لأسبوع كامل أنّها أفضل من الإصدارات السابقة. إليكم أهمّ ما توصلوا إليه:
- سعر أعلى، شاشة أوسع، وسرعة أكبر. يبدو اختلاف ساعة آبل الجديدة عن سابقاتها واضحاً في سعرها المرتفع وشاشتها وإطارها الواسعين. يبدأ سعر الإصدار الجديد من 399 دولاراً مقابل 329 دولاراً للإصدارات السابقة. وتأتي «سيريز 4» بمقاسي 40 ملم و44 ملم مقارنة بـ38 ملم و42 ملم في الموديلات السابقة. أمّا إطار الساعة الجديدة، فيأتي أكثر طولاً وعرضاً بقليل، ولكنه أرقّ من السابق. كما أنني شعرت أنّ الموديل الذي يأتي بمقاس 40 ملم ليس أكبر بكثير من موديل الـ38 ملم الذي كنت أستخدمه في الماضي.
والأهمّ، هو أنّ الشاشة تمتدّ من حافة إلى الأخرى، مما يتيح للتطبيقات الحصول على مساحة أكبر من واجهة الساعة. هذا الاتساع في العرض يظهر كلّ ما نراه على الساعة، كالنصوص مثلاً، أكثر وضوحاً.
يمكن القول إنّ التغيير الذي طرأ على سرعة الساعة أقلّ بروزاً من التغييرات الأخرى على الرغم من فعاليته. فقد أكّدت شركة آبل أنّ الساعة الجديدة أسرع بمرّتين من موديل الجيل الثالث، التي اشتهر بسرعة كبيرة بدوره.
هذا الاختلاف في السرعة بدا جليّاً أكثر عند استخدام مساعد آبل الصوتي «سيري». فيمكنك إصدار توجيه أمر كـ«اضبط المؤقّت على 20 دقيقة» بمجرّد رفع الساعة باتجاه فمك، إذ تمتثل الساعة دون أي تأخير. وتعود ميزة تحريك «سيري» صوتياً دون الحاجة إلى استخدام اليدين إلى نظام تشغيل ساعات آبل الجديد «واتش أو إس 5» (WatchOS 5).
لياقة بدنية
- جهاز مذهل لمتابعة الرشاقة. لاختبار إمكانات الساعة في مجال متابعة الرشاقة، ارتدى أحد الخبراء الساعة خلال رحلة سيراً على الأقدام لمسافة 12.3 كلم في باسيفيكا، كاليفورنيا. وعند فتح تطبيق «وورك أوت» (Workout)، واختار «المشي» من بين التمارين وراقب باهتمام بالغ متابعة الجهاز للمسافة التي مشيتها ولمعدل ضربات قلبه.
وقد بددت ساعة آبل القلق من خلال تحديث المعلومات حول المسافة التي مشاها الخبير كلّ 0.16 كم. وفي دقّة مذهلة، أبلغته الساعة في نهاية رحلته بأنه أنهى سير الـ12.3 كم المحددّة.
وفي الانحدارات الشديدة، كان ينظر إلى الساعة للتحقق من معدّل ضربات القلي. في ساعات آبل السابقة، كان هناك بعض التأخير قبل عرض البيانات على الشاشة. ولكن في «سيريز 4»، وبفضل تقدّمها على صعيد السرعة، يحصل المستخدم على تحديثات معدّل ضربات القلب بشكل فوري.
- للقلقين على صحتهم، انتبهوا. في حال كنتم من الأشخاص الذين يقلقون كثيراً على صحتهم، هل يجب أن تشتروا هذه الساعة؟ لم يتمكّن الخبير من اختبار تطبيق التخطيط القلبي لأنه لم يصدر بعد. لهذا السبب، يفضّل أن ينتظر الأشخاص الذين يعانون من مشكلات في القلب صدوره هذا العام لمعرفة ما إذا كانت هذه التقنية تعمل جيداً.
كما يجب عدم اعتبار الساعة الجديدة كجهاز لمتابعة جميع الحالات الصحية. فقد لفت الطبيب ويس إلى أنّه حتى ولو تمكّن تطبيق تخطيط القلب في ساعة آبل من رصد اضطراب نبضات القلب لدى شاب يافع مثلاً، لن تكون هذه المعلومات مفيدة بالضرورة لأنّ هذه الحالة قد لا تعتبر مشكلة في سن صغيرة، أي أنّ الساعة في هذه الحالة ستولّد قلقا لا سبب له.
وقال ويس: «ما سيفعله هذا التطبيق هو الانتباه إلى معاناتكم من هذه الحالة، مما قد يؤثر على تأمينكم الصحي، ووضعكم النفسي، وشعوركم بالسعادة».
- هناك شريحة من الناس قد تكون مهتمّة بهذه الساعة أكثر من غيرها لأسباب صحية وهم كبار السن. فبعيداً عن جهاز الاستشعار الكهربائي للقلب، تستطيع الساعة الجديدة رصد أي سقطة مفاجئة يتعرّض لها مستخدم الساعة... تعمل هذه الميزة بشكل غيابي لمن بلغوا سنّ الخامسة والستين وتجاوزوها (بناء على تاريخ الولادة الذي يجب إدخاله إلى برنامج الساعة)، وفي حال بقي الشخص دون حركة لدقيقة كاملة بعد السقطة، تبادر الساعة أوتوماتيكياً إلى الاتصال بخدمات الطوارئ وإرسال رسالة إلى الشخص المحدد للتواصل معه في الحالات الطارئة.