أول «ورشة» لتأهيل المرتبطات بـ«داعش» في الموصل

أغلبهن ما زلن غاضبات على الحكومة

TT

أول «ورشة» لتأهيل المرتبطات بـ«داعش» في الموصل

مرَّ أكثر من عام على تحرير مدينة الموصل ومناطق محافظة نينوى من قبضة «داعش»، لكنَّ كثيراً من الآثار التي تركها التنظيم المتطرف والحرب التي شنَّتها القوات الحكومية على المدينة والمحافظة عموماً ما زالت ماثلة ولا تخطئها العين على مستوى الأبنية والشوارع ومختلف الأماكن، خصوصاً في الضفة اليمنى لمدينة الموصل.
أما على مستوى الخراب الذي تركه التنظيم المتطرف على المستوى النفسي والبدني والعائلي على السكان، فليس من السهل رؤيته أو التعرف عليه إلا في حدود ضيقة جدا، تكشف عنها بعض الأرقام والتقديرات غير الرسمية بشأن عدد الضحايا من المدنيين والأسر التي فقدت ابنها، وأعداد الأرامل من النساء البعيدات عن «داعش»، أو حتى المرتبطات به.
واستناداً إلى معلومات شبه رسمية حصلت عليها «الشرق الأوسط»، من مصادر موصلية، فإن مجموع النساء اللاتي ترملن بعد سيطرة «داعش» على المدينة في يونيو (حزيران) 2014، وطرده منها في يوليو (تموز) 2017، يناهز العشرين ألف امرأة، منهن نحو 4 آلاف مرتبطات بصلات معينة في «داعش»، سواء بالعمل المباشرة معه أو ارتباطهن بصلات قربى مع عناصره، والعدد الأخير من الأرامل يمثلن «قنبلة موقوتة قابلة للانفجار في أي لحظة، إن لم تتم معالجتها من السلطات»، كما تقول سكينة محمد علي مسؤولة المرأة والطفل في ديوان محافظة نينوى.
وفي إطار سعيها لمعالجة النساء المرتبطات بـ«داعش» بهدف «تمكينهن وإعادة دمجهن في المجتمع ومساعدتهن على التخلص من الأفكار المتطرفة»، نظمت سكينة محمد علي أول ورشة في الموصل لهذا الغرض في غضون الأيام الأخيرة. ولا تخفي سكينة مخاوفها من ملامسة هذا النوع من المواضيع لنساء مرتبطات بـ«داعش»، خصوصاً بعد موجة الاغتيالات التي طالت ناشطات في بغداد والبصرة في الأسابيع الأخيرة كما تقول لـ«الشرق الأوسط»، لكنها تعتقد أنها تمارس نوعاً من «الأعمال المهمة والجادة التي تجب معالجتها قبل فوات الأوان وعودة الإرهاب إلى الموصل من جديد، فأغلب النساء التي تعاملنا معهن غاضبات على الحكومة وما زلن يفضلن فترة وجود (داعش) على الفترة الحالية». وتؤكد أن «الحديث عن (داعش) والإعجاب به بات يتردد ضمن حلقات ضيقة في الموصل نتيجة غياب التوعية وانعدام الثقة بين المواطنين والحكومة».
وعن طبيعة النساء المستفيدات من ورشة التوعية والتمكين، تقول سكينة محمد علي: «هن نساء ارتبطن بطريقة وأخرى بـ(داعش)، كأنْ يكنّ زوجات أو قريبات أو حتى متعاونات، لكنهن ينكرن ذلك، تتراوح أعمارهن بين 20 سنة فما فوق، وأكثرهن من الأرامل». وتشير إلى أنها «قامت بالاتصال بتلك النسوة وإقناعهن بحضور الورشة عبر شبكة علاقات ومصادر بطريقة صعبة، لأنهن خائفات من أن يتعرضن للاعتقال، لكننا نتعامل معهن بثقة ونحاول تقديم المساعدة الممكنة، وهن غير معروفات أساساً لأنهن كن يخفين وجوههن بنقاب».
وعن طبيعة الصلات التي كانت تقيمها النسوة «الداعشيات» تبين سكينة محمد علي أن «فيهن التي كانت مرتبطة بالفعل لكنها تنكر الموضوع، ومنهن مَن تزوجت من عناصر (داعش) وقتل زوجها، ومنهن من عملن في مجال (الحسبة) أو مغرَّر بها أو عملن لفترة وجيزة في المفارز (الشرعية) التي كان يقيمها التنظيم ضد النساء غير المحتشمات أو اللائي يرتدين أزياء لا تتطابق مع نظرية التنظيم الإرهابي».
وعن أهم المشكلات التي تواجهها هؤلاء النسوة، تقول سكينة: «أغلبهن فقيرات وليس لهن معيل لوفاة زوجها أو هربه ولا تستطيع أي منهم إجراء أي معاملة رسمية في الدولة، ذلك أن الجهات الرسمية ترفض غالباً التعامل معهن وتعتبر أن ذلك خطّ أحمر لا يمكن تجاوزه».
وتختم سكينة الحديث بالرجاء أن «تتفهم السلطات الحكومية طبيعة عملنا وتسعى إلى معالجة هذا الملف، كما نتطلع أن نتلقى الدعم اللازم من المنظمات الدولية لإعادة تأهيل هذه النوعية من النساء التعيسات».
وحصلت «الشرق الأوسط» على شريط صوتي فيه شهادة لإحدى تلك النساء المشاركات في دورة إعادة التأهيل تتحدث فيه عن أهم التحديات التي تواجهها باعتبارها زوجة أحد العناصر السابقة لـ«داعش»، حيث تقول «أ. ي»: «لدي ستة أطفال وليس لدينا أي معين أو مصدر للعيش، أغلب أهلي محجوزون في مخيمات النزوح، وضعنا الاجتماعي والمعيشي والأمني تحت الصفر». وتضيف: «المشكلة الكبرى أننا لا نستطيع ترويج أي معاملة رسمية في دوائر الدولة، بنت أخي موجود في دار الأيتام منذ أكثر من سنة ولم نستطع إخراجها لأنهم يريدون صورة لقيد أبيها الرسمي وذلك لا نستطيع عمله، دوائر الأحوال الشخصية ترفض تزويدنا به، ذهبنا إلى جميع الدوائر فوجدنا الأبواب موصدة بوجوهنا لأن أباها داعشي».
من جهة أخرى، أعلنت بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق (يونامي)، أمس، أن حصيلة أعداد الضحايا في العراق لشهر سبتمبر الماضي بلغت 57 قتيلاً مدنياً عراقياً بالإضافة إلى 179 مصاباً آخرين جرّاء أعمال الإرهاب والعنف والنزاع المسلح. وقالت البعثة الأممية في بيان إن «هذه الأرقام تشمل سائر المواطنين وغيرهم ممن يعدّون من المدنيين وقت الوفاة أو الإصابة - كالشرطة في مهام غير قتالية والدفاع المدني وفرق الأمن الشخصي وشرطة حماية المنشآت ومنتسبي قسم الإطفاء»، مشيرة إلى أن العاصمة بغداد كانت الأكثر ضرراً، حيث «بلغ مجموع الضحايا المدنيين 101 شخص (31 قتيلاً و70 جريحاً)، تلتها محافظة الأنبار (15 قتيلاً و37 جريحاً)، ثم محافظة صلاح الدين (9 قتلى و38 جريحاً)».



الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
TT

الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)

تعليقاً على الخطبة الأخيرة لزعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي، والتي حاول فيها ترهيب اليمنيين من الانتفاضة ضد انقلاب جماعته على غرار ما حدث في سوريا، بشّر وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني باقتراب ساعة الخلاص من طغيان الانقلابيين في بلاده، وقال إن تلك الخطبة تؤكد أن الرجل «يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، ولا يرى ما يحدث حوله».

وكان الحوثي حاول في أحدث خطبه، الخميس الماضي، أن يطمئن جماعته بأن الوضع في اليمن يختلف عن الوضع السوري، مراهناً على التسليح الإيراني، وعلى عدد المجندين الذين استقطبتهم جماعته خلال الأشهر الماضية تحت مزاعم محاربة أميركا وإسرائيل ومناصرة الفلسطينيين في غزة.

معمر الإرياني وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة اليمنية (سبأ)

وقال الإرياني في تصريح رسمي: «إن المدعو عبد الملك الحوثي خرج من كهفه بخطاب باهت، مرتبك ومتشنج، في محاولة بائسة لترهيب اليمنيين، وتصوير ميليشياته الإيرانية كقوة لا تُقهر».

وأضاف أن تلك الخطبة «تؤكد مرة أخرى أن زعيم الميليشيا الحوثية يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، لا يرى ما يحدث من حوله، ولا يدرك حجم الزلزال الذي ضرب المنطقة وأدى إلى سقوط المشروع التوسعي الإيراني، الذي سُخرت له على مدار أربعة عقود الإمكانات البشرية والسياسية والإعلامية والاقتصادية والعسكرية والدينية، وارتداداته القادمة على اليمن بكل تأكيد».

وأشار وزير الإعلام اليمني إلى أن الحوثي بدلاً من الاعتراف بأخطائه وخطاياه، والاعتذار والبحث عن مخرج له ولعصاباته، خرج ليهدد اليمنيين مجدداً بسفك دمائهم، مُكرراً مفردات التهديد والتخويف التي سبق أن استخدمها حسن نصر الله زعيم «حزب الله» ضد اللبنانيين والقوى السياسية اللبنانية.

وتساءل الإرياني بالقول: «ألم يردد حسن نصر الله، زعيم ميليشيا (حزب الله)، نفس الكلمات والوعيد؟ أين هو اليوم؟ وأين تلك (القوة العظيمة) التي وعد بها؟».

خطاب بائس

تحدث وزير الإعلام اليمني عن اقتراب ساعة الخلاص من الانقلاب، ووصف الخطاب الحوثي بـ«البائس»، وقال إنه يعكس واقعاً متجذراً في عقلية التطرف والعنف التي يُروج لها محور طهران، ويُظهر مدى تماهي الحوثي مع المشروع الإيراني المزعزع للأمن والاستقرار في المنطقة، وأضاف: «إن ما يمر به الحوثي اليوم هو مجرد صدى لما مر به نصر الله وغيره من زعماء الميليشيات المدعومة من إيران».

مسلح حوثي خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

ونوّه الإرياني إلى أن البعض كان ينتظر من زعيم الميليشيا الحوثية، بعد سقوط المحور الفارسي والهزيمة المُذلة لإيران في سوريا، التي كانت تمثل العمود الفقري لمشروعها التوسعي في المنطقة، و«حزب الله» خط دفاعها الأول، أن يخرج بخطاب عقلاني يعتذر فيه لليمنيين عن الانقلاب الذي أشعل نار الحرب، وعن نهر الدماء والدمار والخراب الذي خلّفه، وعن الجرائم والانتهاكات التي ارتكبها بحقهم على مدى السنوات الماضية.

وتابع الوزير اليمني بالقول: «على عبد الملك الحوثي أن يعلم أن ساعة الخلاص قد اقتربت، فقد بات اليمنيون الذين عانوا الويلات منذ عقد من الزمان، وسُفكت دماؤهم ونهبت أموالهم، وهُتكت أعراضهم، وشهدوا بأم أعينهم أسوأ أنواع التعذيب والانتهاكات في المعتقلات السرية، أكثر إصراراً من أي وقت مضى على تحرير وطنهم من قبضة ميليشياته الفاشية، ولن يفوتوا هذه اللحظة التاريخية، وسيبذلون الغالي والنفيس لتحرير وطنهم والحفاظ على هويتهم الوطنية والعربية».

مفاجآت سارة

أكد الإرياني أن المستقبل يحمل النصر لليمنيين، وأن الأيام «حبلى بالمفاجآت السارة» - وفق تعبيره - وأن مصير الميليشيات الحوثية لن يكون مختلفاً عن باقي الميليشيات الإيرانية في المنطقة. وشدد الوزير على أن اليمن لن يكون إلا جزءاً من محيطه العربي، وسيظل يقاوم ويواجه الظلم والطغيان والتسلط حتى يستعيد حريته وسيادته، مهما كلف ذلك من تضحيات.

اليمنيون يأملون سقوطاً قريباً لانقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران (إ.ب.أ)

وأضاف الوزير بالقول: «الشعب اليمني، الذي دفع ولا يزال أثماناً باهظة في معركة البقاء، لن يتوانى عن دفع المزيد من التضحيات لإعادة وطنه حراً مستقلاً خالياً من النفوذ الإيراني التخريبي، وتحقيق النصر والتحرر والكرامة».

يشار إلى أن الأحداث المتسارعة في سوريا التي قادت إلى سقوط نظام بشار الأسد فتحت باب التطلّعات في اليمن نحو سيناريو مشابه يقود إلى إنهاء انقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران بأقل التكاليف، خصوصاً بعد الضربات التي تلقتها طهران في لبنان، وصولاً إلى طي صفحة هيمنتها على دمشق.