السيسي يسعى لتحقيق طفرة صحية بمصر تبدأ بالقضاء على «فيروس سي»

إطلاق حملة مسح طبي لأكثر من 50 مليون مواطن

TT

السيسي يسعى لتحقيق طفرة صحية بمصر تبدأ بالقضاء على «فيروس سي»

يسعى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إلى تحقيق طفرة صحية ملموسة، خلال ولايته الرئاسية الثانية، التي انطلقت في يونيو (حزيران) الماضي، تبدأ بمبادرة رئاسية واسعة للقضاء «فيروس سي»، حيث تعد مصر من أعلى الدول في معدلات الإصابة بالمرض في العالم، وفقاً لمنظمة الصحة العالمية. وتطلق وزارة الصحة والسكان، اليوم (الاثنين)، عملية مسح طبي وصفته بـ«الأكبر في تاريخ البشرية»، للكشف وعلاج أمراض «فيروس سي، والسكر، والضغط، وكتلة الجسم». وقالت الدكتورة هالة زايد، وزيرة الصحة، أمس، إن «الحملة تستهدف إعلان مصر خالية من (فيروس سي) بحلول عام 2021».
وتعاني مصر، أكبر الدولة العربية من حيث عدد السكان إذ يتجاوز تعدادهم 100 مليون نسمة، من تدهور حاد في منظومتها الصحية، غير أنها تمتلك في المقابل تجارب ناجحة في القضاء على أمراض، مثل شلل الأطفال والبلهارسيا.
ومنذ انتخابه عام 2014، أبدى الرئيس السيسي اهتماماً بالغاً بالقضاء على مرض «فيروس سي»، بدأت باستيراد الدولة عقاقير حديثة بأسعار مخفضة وتطبيق منظومة علاجية جديدة تعتمد على تقديم طلبات العلاج على الإنترنت، قبل أن يتطور الأمر في 2015 بالاعتماد على أدوية مثيلة زهيدة الثمن مصنعة في مصر.
وعدّ مراقبون الخطوات المصرية المتسارعة باتجاه القضاء على المرض، إنجازاً لافتاً يحسب للنظام الحالي. تقول الدكتورة نجلاء مرعي، بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية جامعة القاهرة «ما يحدث الآن يعد خطوة مهمة في توثيق إنجازات الرئيس السيسي، وإذا تحقق (القضاء على المرض) في مدة قصيرة سيعتبر إنجازاً تاريخياً يحسب له بالطبع، إضافة إلى مبادرة الرئيس أيضاً بالقضاء على قوائم انتظار المرضي في المستشفيات».
وأضافت مرعي لـ«الشرق الأوسط»، أن «اقتحام مشكلات قطاع الصحة في مصر أمر شديد التعقيد؛ نظراً لأهمية هذا القطاع الحيوي والخدمي والإنساني المرتبط بقضايا الأمن القومي المصري».
وخلال مؤتمر صحافي، أمس، لإعلان إطلاق مبادرة الرئيس السيسي للكشف المبكر عن «فيروس سي»، أكدت وزيرة الصحة، اهتمام القيادة السياسية بالحالة الصحية للمواطن المصري. ولفتت إلى أنها أجرت تشغيلاً تجريبياً، أول من أمس، للمبادرة، وتم رصد 888 حالة، موضحة أن هناك غرفة عمليات بالوزارة منعقدة منذ شهر لمعرفة الأماكن التي يوجد بها الكثافة ونتائج الحملات، مشددة على أن بيانات المواطنين مؤمنة تماماً ولا يمكن اختراقها.
ونوهت الوزيرة إلى أن منظمة الصحة العالمية وصندوق «تحيا مصر» من المراقبين الخارجين للحملة، موضحة أن بداية الحملة للكشف عن «فيروس سي» 1 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي، ونهاية الحملة في أبريل (نيسان) 2019، والعلاج من عام لعام ونصف العام لإعلان مصر خالية من «فيروس سي» في 2020 أو 2021.
وأوضح الدكتور خالد مجاهد، المتحدث الرسمي باسم وزارة الصحة، أن المسح الشامل لـ«فيروس سي» والأمراض غير السارية يستهدف الوصول إلى أكثر من 50 مليون مواطن في جميع محافظات الجمهورية. وأضاف، أن الخطة التنفيذية للمسح الشامل تنقسم إلى 3 مراحل، الأولى تنتهي في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل وتستهدف 9 محافظات، بدءاً من جنوب سيناء، ومرسى مطروح، وبورسعيد، والإسكندرية، والبحيرة، ودمياط، والقليوبية، والفيوم وأسيوط.
وتبدأ المرحلة الثانية من المخطط التنفيذي للمسح الشامل لـ«فيروس سي» في ديسمبر (كانون الأول) من العام الحالي، وتنتهي في فبراير (شباط) 2019، وتستهدف 11 محافظة بدءاً من شمال سيناء ثم البحر الأحمر، والقاهرة، والإسماعيلية، والسويس، وكفر الشيخ، والمنوفية، وبني سويف، وسوهاج، وأسوان، والأقصر. وتنطلق المرحلة الثالثة مع بداية شهر مارس (آذار) وحتى أبريل 2019، مستهدفة 7 محافظات، هي الوادي الجديد، والجيزة، والغربية، والدقهلية، والشرقية، والمنيا، وقنا. وأظهر مسح لعينة عشوائية أجري عام 2008، أن نسبة انتشار المرض في مصر تقدر بنحو 9.8 في المائة من إجمالي عدد السكان، لكن مسحاً مماثلاً أظهر انخفاض المعدل في 2015 إلى نحو 4.4 في المائة. وتعهد السيسي، في خطابه أمام البرلمان، في مستهل ولايته الثانية، بأن يجعل لملفَي التعليم والصحة أولوية، خلال السنوات الأربع المقبلة، من خلال إطلاق حزمة مشروعات كبرى على المستوى القومي. وفي تصريح له أثناء افتتاح مستشفى بمحافظة المنوفية قبل أسابيع، قال السيسي، إن رغبته خلال العامين المقبلين القول إن «مصر لم تعالج فقط مرضى فيروس (سي)، بل أيضاً أصبحت أقل من المعدلات الدولية»، مشيراً إلى أن «المرض فتك بأهل مصر على مدى الـ50 عاماً الماضية».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».