الذهب «يختفي» من الأعراس والمناسبات العائلية في غزة

TT

الذهب «يختفي» من الأعراس والمناسبات العائلية في غزة

ساعات قضتها الشابة فدوى أبو حسين (22 عاماً)، مع والدتها، وهما تتجولان في محيط منطقة سوق الذهب بمدينة غزة، بحثاً عن قِطعٍ مما يُطلق عليه الفلسطينيون «الذهب الصيني»، وهو ذهب مقلّد وليس حقيقياً، استعداداً لفرحها المقرر في غضون أسبوعين.
ودفعت الظروف الاقتصادية الصعبة فدوى وخطيبها إلى الاتفاق على عدم شراء «الذهب» للعروس تخفيفاً عن كاهل العريس (27 عاماً)، الذي يعمل منذ سنوات في إحدى المؤسسات غير الحكومية، براتب يصل إلى 250 دولاراً، وقد استمر لسنوات يجمع في مهر عروسه قرشاً قرشاً حتى استطاع تجميع المهر الذي بلغ 2500 دينار أردني.
وتقول أبو حسين لـ«الشرق الأوسط»، إن ذلك الاتفاق أجبرها على البحث عن «الذهب الصيني» المقلّد لارتدائه في فرحها كزينة بديلة عن الذهب الأصلي، إلا أنها تراجعت وامتنعت عن شرائه لتخفيف المزيد من التكاليف عن خطيبها. وأشارت إلى أنها استبدلت بالذهب الأصلي والصيني، الإكسسوارات البسيطة جداً، موضحة أنها قبلت بذلك من أجل إعانة خطيبها على ظروف حياته ومساعدته على تجاوزها.
وأشارت إلى أن الشبان كثيراً ما يعانون من أجل تأمين مصاريف أفراحهم، ويتأخر عدد كبير منهم عن سن الزواج المتعارف عليه في غزة، المقدّر بـ20 عاماً، بسبب البطالة وانخفاض رواتب من يعمل منهم. وبيّنت أن ذلك دفع بعض العوائل، ومنها عائلتها، للتخفيف عن مصاريف الشاب الذي تقدم لها، والتنازل عن طلب الذهب، وتخفيض المهور من 5 آلاف دينار أردني إلى أقل من 3 آلاف.
ورُصدتْ مؤخراً في قطاع غزة حالات مماثلة أقدمت من خلالها عائلات غزية على تزويج أبنائها، بالتوافق مع عائلة العروس على عدم شراء الذهب تخفيفاً من تكاليف الزواج الباهظة جداً في الأراضي الفلسطينية، والمرتفعة نسبياً بمثيلاتها من الدول المجاورة، نتيجة الظروف الاقتصادية وأعباء مستلزمات الأفراح بسبب التقاليد المتبعة منذ عقود.
واعتبر بعض المواطنين مثل هذه الحالات «فريدة»، وربما «غريبة» على عادات وتقاليد المجتمع الفلسطيني، الذي يربط دوماً إتمام الزواج بشراء الذهب والحلي للعروس، رغم غلاء الأسعار في أسواق الذهب على الصعيد المحلي والعالمي.
وشكّل الحصار على قطاع غزة نقطة تحول في حياة الغزيين، الذين لجأ المئات منهم لتزويج بناتهم من خلال شراء ما يُعرف بـ«الذهب الصيني»، الأقل سعراً وأكثر إغراءً بجماله الساطع، رغم أنه «ذهب مقلد»، في محاولة منها فقط للتماشي مع التقاليد والأعراف المتبعة في الأعراس بتتويج العروس بالحلي والذهب.
ويقول الشاب محمد أبو مطير (23 عاماً)، الذي تزوج قبل أسابيع قليلة من فتاة تسكن بالقرب من منزله، إنهما قررا باتفاق بين والديهما الاستغناء عن الذهب، مشيراً إلى أن والد عروسه بادر بنفسه بطلب توفير أموال الذهب وادخارها لمصاريف حفل الزفاف لإعانة العريس على ظروف الحياة الصعبة التي ستواجهه وعدم إثقاله بالديون.
ودعا الشاب المسؤولين والمخاتير والعوائل الفلسطينية إلى العمل على التخفيف من أعباء الزواج على الشبان المقبلين على الزواج، مضيفاً أن «الناس في غزة تعيش حالة من الضنك والفقر الشديد، والكثير من الشباب أصبحوا غير قادرين على الزواج بسبب الأموال الطائلة التي تُصرف فقط من أجل التقاليد والأعراف».
وفي ظروفٍ مشابهةٍ، لم تسع الفرحة قلب الشاب نادر أبو سبيتة (26 عاماً) حين وافقت عائلة زوجته التي تزوج بها منذ أقل من شهر على أن تخفف عنه من حق ابنتها في مهر الزواج، وموافقتها على عدم شراء الذهب لها. وقال لـ«الشرق الأوسط»: «سعدت كثيراً بتلك اللحظة، فقليلاً ما تجد أناساً يقبلون بالتخفيف من مطالبهم من العريس، خصوصاً أن السنوات الأخيرة شهدت زيادة في مطالبة أهالي البنات بوجود شقة خاصة بالعريسين للموافقة على الزواج، وكذلك وجود أفضل أنواع الذهب». وأضاف أن عروسه اشترت «الذهب الصيني» لكي تتمكن من إظهاره أمام المحتفلين معهم في حفل الزفاف. وأشار إلى أن هذا النوع من الذهب سعره ليس باهظاً، وله نوع من اللمعان يضفي عليه «جمالاً كبيراً» على رغم أنه غير حقيقي.
ويقول تاجر الذهب حسن السر (62 عاماً)، إن الأسواق في قطاع غزة عامة تشهد حالة من الركود التام، وإن حركة الإقبال على الشراء ضعيفة جداً مقارنة بسنوات ما قبل الحصار. ولفت إلى أن العشرات من المواطنين يدخلون يومياً محلات الذهب المنتشرة في السوق، لكنهم لا يشترون شيئاً يُذكر.



تنديد يمني بتصفية الحوثيين أحد المعتقلين في تعز

مسلحون حوثيون خلال تجمع في صنعاء دعا إليه زعيمهم (رويترز)
مسلحون حوثيون خلال تجمع في صنعاء دعا إليه زعيمهم (رويترز)
TT

تنديد يمني بتصفية الحوثيين أحد المعتقلين في تعز

مسلحون حوثيون خلال تجمع في صنعاء دعا إليه زعيمهم (رويترز)
مسلحون حوثيون خلال تجمع في صنعاء دعا إليه زعيمهم (رويترز)

نددت الحكومة اليمنية بتصفية الحوثيين أحد المعتقلين المدنيين في أحد السجون الواقعة شرق مدينة تعز، واتهمت الجماعة بالتورط في قتل 350 معتقلاً تحت التعذيب خلال السنوات الماضية.

التصريحات اليمنية التي جاءت على لسان وزير الإعلام، معمر الإرياني، كانت بعد أيام من فرض الولايات المتحدة عقوبات على قيادي حوثي يدير المؤسسة الخاصة بملف الأسرى في مناطق سيطرة الجماعة.

معمر الإرياني وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة اليمنية (سبأ)

ووصف الإرياني إقدام الحوثيين على تصفية المواطن أحمد طاهر أحمد جميل الشرعبي، في أحد معتقلاتهم السرية في منطقة الحوبان شرق تعز، بأنها «جريمة بشعة» تُضاف إلى سجل الجماعة الحافل بالانتهاكات والجرائم ضد الإنسانية، وتعكس طبيعتها الوحشية وعدم التزامها بأي قانون أو معايير إنسانية، وفق تعبيره.

وأوضح الوزير اليمني في تصريح رسمي أن الحوثيين اختطفوا الضحية أحمد الشرعبي، واحتجزوه قسرياً في ظروف غير إنسانية، قبل أن يطلبوا من أسرته، في 11 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، الحضور لاستلام جثته بعد وفاته تحت التعذيب.

وقال إن هذا العمل الوحشي من قِبَل الحوثيين يظهر اللامبالاة بأرواح اليمنيين، ويعيد التذكير باستمرار مأساة الآلاف من المحتجزين والمخفيين قسراً في معتقلات الجماعة بما في ذلك النساء والأطفال.

وأشار وزير الإعلام اليمني إلى تقارير حكومية وثقت أكثر من 350 حالة قتل تحت التعذيب في سجون الحوثيين من بين 1635 حالة تعذيب، كما وثقت المنظمات الحقوقية -بحسب الوزير- تعرض 32 مختطفاً للتصفية الجسدية، بينما لقي آخرون حتفهم نتيجة الانتحار هرباً من قسوة التعذيب، و31 حالة وفاة بسبب الإهمال الطبي، وقال إن هذه الإحصاءات تعكس العنف الممنهج الذي تمارسه الميليشيا بحق المعتقلين وحجم المعاناة التي يعيشونها.

ترهيب المجتمع

اتهم الإرياني الحوثيين باستخدام المعتقلات أداة لترهيب المجتمع المدني وإسكات الأصوات المناهضة لهم، حيث يتم تعذيب المعتقلين بشكل جماعي وتعريضهم لأساليب قاسية تهدف إلى تدمير إرادتهم، ونشر حالة من الخوف والذعر بين المدنيين.

وطالب وزير الإعلام في الحكومة اليمنية المجتمع الدولي والأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان بمغادرة ما وصفه بـ«مربع الصمت المخزي»، وإدانة الجرائم الوحشية الحوثية التي تمثل انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي والإنساني.

الحوثيون يتعمدون ترهيب المجتمع بالاعتقالات والتعذيب في السجون (رويترز)

ودعا الوزير إلى «ممارسة ضغط حقيقي على ميليشيا الحوثي» لإطلاق صراح كل المحتجزين والمخفيين قسرياً دون قيد أو شرط، وفرض عقوبات صارمة على قيادات الجماعة وتصنيفها «منظمة إرهابية عالمية».

وكانت الولايات المتحدة فرضت قبل أيام عقوبات على ما تسمى «لجنة شؤون الأسرى» التابعة للحوثيين، ورئيسها القيادي عبد القادر حسن يحيى المرتضى، بسبب الارتباط بانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان في اليمن.

وتقول الحكومة اليمنية إن هذه المؤسسة الحوثية من أكبر منتهكي حقوق الإنسان وخصوصاً رئيسها المرتضى الذي مارس خلال السنوات الماضية جرائم الإخفاء القسري بحق آلاف من المدنيين المحميين بموجب القوانين المحلية والقانون الدولي الإنساني.