مصادر فرنسية: التزام إيران بالاتفاق النووي لم يعد يكفي

كشفت عن محادثات مع طهران... وشددت على ضرورة قبول الدخول في مفاوضات

وزير الخارجية الفرنسي جان ايف لودريان أثناء لقائه وزير الخارجية الايراني جواد ظريف في نيويورك (أ. ف. ب)
وزير الخارجية الفرنسي جان ايف لودريان أثناء لقائه وزير الخارجية الايراني جواد ظريف في نيويورك (أ. ف. ب)
TT

مصادر فرنسية: التزام إيران بالاتفاق النووي لم يعد يكفي

وزير الخارجية الفرنسي جان ايف لودريان أثناء لقائه وزير الخارجية الايراني جواد ظريف في نيويورك (أ. ف. ب)
وزير الخارجية الفرنسي جان ايف لودريان أثناء لقائه وزير الخارجية الايراني جواد ظريف في نيويورك (أ. ف. ب)

كشفت مصادر دبلوماسية فرنسية رفيعة المستوى وجود محادثات تجري مع إيران حول الموضوعات التي يراها الموقعون على الاتفاقية النووية المبرمة مع طهران صيف عام 2015 «ضرورية». وتتناول هذه الموضوعات مسائل أولها مستقبل البرنامج النووي الإيراني لما بعد عام 2025 واحتواء البرامج الباليستية والصاروخية الإيرانية وسياسة طهران الإقليمية.
وقالت هذه المصادر في لقاء ضيق، إن هذه المحادثات «لا تجري في إطار شامل ووفق أجندة محددة، لكنها تحصل وفق صيغ مختلفة، وهي تمكننا من أن نوصل إلى الطرف الإيراني ما نريد إيصاله». وتتلخص «الرسالة» إلى المسؤولين الإيرانيين كالتالي: التزامكم بالاتفاق النووي «ليس هدية تقدمونها لنا إنما هي مصلحتكم، لكن الاتفاق وحده لم يعد يكفي للإبقاء على التعاون الدولي معكم لأن العالم قد تغير»، في إشارة إلى تغير الإدارة الأميركية وخروج الرئيس ترمب من الاتفاق «وعليكم قبول الدخول في مفاوضات من أجل استكماله، وفق البنود الأربعة.
وتضيف هذه المصادر رسالة تحذيرية أخرى مفادها أن المقترح الفرنسي - الأوروبي المشار إليه هو «المقترح الوحيد لتجنب المواجهة» مع الولايات المتحدة «وقبول مقترحنا يصب في مصلحتكم كما في مصلحتنا». وبالمقابل، ثمة رسالة جماعية من الدول التي ما زالت متمسكة بالاتفاق (فرنسا وبريطانيا وألمانيا وروسيا والصين) إلى الولايات المتحدة، لخصتها المصادر الفرنسية الرسمية بقولها إن السياسة الأميركية القائمة على «ممارسة الضغوط القصوى على إيران لن تنجح، وبدل ذلك يتعين اتباع نهج الضغوط مقرونة بالمفاوضات»، وليس الاكتفاء بالضغوط والعقوبات والتهديد.
وترفض المصادر الفرنسية الاتهام بأن باريس والدول الأوروبية الأخرى المتمسكة بالاتفاق «تتسم سياستها إزاء إيران بالضعف»، وترجع مواقفها إلى اعتبارات كثيرة؛ أهمها أن الاتفاق المذكور يمثل أفضل وسيلة موجودة من أجل «تأطير» البرنامج النووي الإيراني ومنع طهران، من خلال عمليات التفتيش الصارمة، من الحصول على كميات كافية من اليورانيوم المخصب. وبلهجة تحذيرية، تنبه هذه المصادر إلى أن إيران تمتلك التكنولوجيا لتصنيع القنبلة النووية إذا توافرت لها هذه الكميات. والسبب الثاني حرص هذه الدول على المحافظة على مهلة زمنية كافية تمكن من الرد على إيران في حال قررت الخروج من الاتفاق ومعاودة أنشطتها النووية، وهو ما يسمى «بريك أوت».
قمة توافق بين واشنطن والأطراف الأخرى حول الأهداف المطلوب تحقيقها من إيران، لكن هناك اختلافاً حول النهج والوسائل المفضية إلى ذلك. ووفق القراءة الفرنسية، ثمة مآخذ رئيسية على النهج الأميركي القائم على وأد الاتفاق وفرض «أقصى العقوبات» على إيران. وتعتبر هذه المصادر أن سياسة واشنطن «لن تسفر عن نتائج حاسمة، بل إنها تغذي التوتر في المنطقة وستقوي العناصر الأكثر راديكالية داخل النظام الإيراني»، مشيرة بشكل خاص إلى حراس الثورة. وترى باريس أن السمة الغالبة على سياسة إيران الإقليمية اليوم هي كونها «سياسة معسكرة» يقودها حراس الثورة، أكان ذلك في العراق أو سوريا أو اليمن أو أفغانستان... وبالتالي «ليس من الواضح أن الضغوط الأميركية ستدفعهم إلى الانسحاب» أو أن العقوبات الاقتصادية «ستحملهم على التخلي عن المكاسب الاستراتيجية» التي حققوها في هذه البلدان من أجل التهدئة مع واشنطن. يضاف إلى ذلك أن الحرس الثوري «غير معني» بمسائل التنمية الاقتصادية أو هموم الإيرانيين، بل إن التوتر مع واشنطن «يزيد من وزنهم الداخلي» ومن هيمنتهم على الاقتصاد ومن اختلال التوازن السياسي الداخلي لمصلحتهم.
وبناء عليه، يؤكد الأوروبيون للإدارة الأميركية أنهم «يشاركونها» اهتماماتها ومخاوفها وأهدافها في إيران. لكنهم يرون أن واشنطن «غير متقبلة لمبدأ الحوار»، كما أنها «لا تسلك الطريق التي تحقق هذه الأهداف». لذا، فإن المصادر الفرنسية تعترف بأنها «لا تسعى لإقناع واشنطن بما تقترحه»، لأنها تعي أنها قد اختارت طريقاً مختلفة، بل لإفهامها أنها «لن تترك في تحالف ضد إيران» وأنها تتخذ التدابير «الاقتصادية والمالية» التي تمكنها من الالتزام بمضمون الاتفاق لجهة تمكين إيران من استمرار الاستفادة مما يوفره لها من منافع. لكن باريس ومعها العواصم الأوروبية تنبه إيران بأنها «لا تقبل أبداً» المقولة الإيرانية بأنه «يتعين على الأوروبيين تعويض إيران عن كامل ما تخسره بسبب العقوبات» من أجل أن تبقى داخل الاتفاق ولا تنقضه. وتضيف المصادر الفرنسية: «هذه مسؤولية دولية ومنها روسيا والصين، لأن مسؤولية المحافظة على الاتفاق مسؤولية جماعية».
هذه هي الرؤية الفرنسية والأوروبية اليوم للملف الخلافي مع واشنطن. ويبدو الأوروبيون مستمرين على نهجهم رغم يقينهم بأن العقوبات الأميركية أخذت تفعل فعلها، وأنهم غير قادرين على إلزام شركاتهم الكبرى على الاستمرار في التعامل مع إيران. وفي أي حال، فإن باريس وشركاءها الأوروبيين يدعون طهران إلى «التمسك بالاتفاق وتنفيذه حرفياً، رغم كل ما يمكن أن يصدر عن واشنطن»، بالإضافة إلى قبول البحث في الملفات المصاحبة. وبلهجة لا تحتمل التأويل، تقول المصادر الفرنسية: «إذا حادت طهران قيد أنملة عن التزاماتها، فإننا سوف نستخلص العبر والنتائج»، بمعنى التخلي عن السياسة التي ساروا عليها حتى الآن، وربما الالتحاق بالركب الأميركي. لذا، فإن إيران مدعوة وفق هذه المقاربة إلى التوقف عن التهديد بالخروج من الاتفاق أو العودة إلى التخصيب، وبالتالي يتوجب عليها «الانتظار» ربما يحصل تغيير ما في المقبل من الأيام...



كاتب إسرائيلي يقترح دعوة الجولاني للصلاة في الأقصى

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

كاتب إسرائيلي يقترح دعوة الجولاني للصلاة في الأقصى

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

في الوقت الذي يُجمع السياسيون الإسرائيليون على الشكوك إزاء سياسة القادة الجدد لسوريا ما بعد بشار الأسد، ويُحذِّرون من سيطرة الفكر المتطرف ويساندون العمليات الحربية التي قام بها الجيش الإسرائيلي لتحطيم الجيش السوري، ويعدّونها «خطوة دفاعية ضرورية لمواجهة هذه الاحتمالات والأخطار»، بادر الكاتب والمؤرخ آفي شيلون إلى طرح مبادرة على الحكومة الإسرائيلية أن توجِّه دعوة إلى قائد الحكم الجديد في دمشق، أبو محمد الجولاني (أحمد الشرع) إلى زيارة القدس والصلاة في المسجد الأقصى.

وقال د. شيلون، وهو مؤلف عدة كتب في السيرة الذاتية لقادة إسرائيليين ومُحاضر في جامعات أميركية وإسرائيلية، إن «سقوط سوريا، إلى جانب وقف النار المحفوظ تجاه (حزب الله) المهزوم في الشمال، والشائعات عن صفقة -وإن كانت جزئية- لتحرير المخطوفين في غزة، يضع إسرائيل، لأول مرة منذ 7 أكتوبر (تشرين الأول) في موقف تفوق استراتيجي. فإذا كان يبدو في بداية الحرب أن الحديث يدور تقريباً عن حرب الأيام الستة للعرب وأن إسرائيل فقدت من قوتها بعد أن هوجمت من الشمال والجنوب والشرق... يبدو الآن أن الجرة انقلبت رأساً على عقب. السؤال الآن هو: ما العمل في ضوء التفوق الاستراتيجي؟

مستوطنون يقتحمون «الأقصى» (أرشيفية - وفا)

وأضاف شيلون، في صحيفة «هآرتس»، الخميس: «لقد سبق لإسرائيل أن وقفت أمام تفوق مشابه، وفي حينه أيضاً لم يُستغَل كما ينبغي. في 2011 بدأ الربيع العربي الذي أدى إلى انهيار دول عربية، فيما وجدت إسرائيل نفسها جزيرة استقرار وقوة في منطقة عاصفة. (حزب الله) أخذ يغرق في حينه في الحرب الأهلية في سوريا لكن بدلاً من استغلال الوضع ومهاجمته فضَّلت إسرائيل الانتظار حتى تعاظمت قوته وفي النهاية هاجمنا. الربيع العربي جلب أيضاً فرصاً سياسية. لكن بدلاً من الدفع قدماً بتسوية مع الفلسطينيين فيما نحن في موقف تفوق والعالم العربي في ضعفه، اختار نتنياهو التباهي في تلك السنين بما سمّاه (العصر الذهبي) لإسرائيل، واتهم معارضيه بأنهم (محللون). المسألة الفلسطينية دُحرت بالفعل في حينه إلى الزاوية إلى أن تفجرت علينا بوحشية في 7 أكتوبر. هكذا حصل بحيث إنه باستثناء (اتفاقات إبراهام)، التي هي الأخرى تحققت بقدر كبير بفضل إدارة ترمب السابقة، إسرائيل لم تستغل الربيع العربي لصالح مستقبلها».

ومن هنا استنتج الكاتب أن على إسرائيل أن تستغل هذه المرة ضعف المحور الإيراني والتطلع إلى صفقة كاملة في غزة تعيد كل المخطوفين مقابل إنهاء الحرب، بالتوازي مع تغيير حكم «حماس»، المنهار على أي حال، إلى سلطة فلسطينية خاضعة للرقابة، إلى جانب وجود دول عربية هناك. بالتوازي ينبغي التوجه إلى الفلسطينيين بعرض لاستئناف محادثات السلام. نعم، الآن بالتحديد، حين يكون واضحاً للفلسطينيين أيضاً أن «حماس» فشلت وأعداء إسرائيل في ضعفهم، من المجدي مرة أخرى تحريك المسيرة السياسية. كما أن الأمر سيساعد على تحسين صورتنا في العالم. ويمكن التفكير أيضاً في مبادرة جريئة تجاه سوريا الجديدة، فمنذ الآن الإيرانيون والروس والأتراك والأميركيون يحاولون تحقيق نفوذ على الحكم، فلماذا إذن لا نفاجأ نحن بدعوة الجولاني لزيارة القدس، بما في ذلك الصلاة في الأقصى، مثل زيارة أنور السادات في 1977؟ فإذا كان هذا يبدو شيئاً من الخيال، فإنه يمكنه أيضاً أن يكون مبادرة حتى أهم من زيارة السادات، وذلك لأنه إذا ما استجاب الجولاني للدعوة فإنها يمكنها ان تشكل مصالحة مع العالم الإسلامي وليس فقط مع دولة سوريا.