الاشتباكات تعود إلى طرابلس... ودعوات للاحتجاج على تردي الأوضاع

مجلس الأمن يبدي تعاوناً مع السلطات الليبية لحل «أزمة الأصول المجمدة»

سيالة وزير خارجية {الوفاق} مع أولف سكوغ رئيس لجنة مجلس الأمن المعنية بليبيا (الخارجية الليبية)
سيالة وزير خارجية {الوفاق} مع أولف سكوغ رئيس لجنة مجلس الأمن المعنية بليبيا (الخارجية الليبية)
TT

الاشتباكات تعود إلى طرابلس... ودعوات للاحتجاج على تردي الأوضاع

سيالة وزير خارجية {الوفاق} مع أولف سكوغ رئيس لجنة مجلس الأمن المعنية بليبيا (الخارجية الليبية)
سيالة وزير خارجية {الوفاق} مع أولف سكوغ رئيس لجنة مجلس الأمن المعنية بليبيا (الخارجية الليبية)

بعد هدوء ساد العاصمة الليبية طرابلس خلال الأيام الأخيرة بعد توقف الاشتباكات، شهدت منطقة النجيلة بورشفانة، جنوب غربي العاصمة، منذ صباح أمس، اشتباكات عنيفة بالأسلحة الثقيلة والمتوسطة بين مجموعات مسلحة.
وأوضح مصدر مطلع من منطقة ورشفانة في تصريح صحافي، أن الاشتباكات دارت بين قوات وكتائب تابعة للجويلي، آمر المنطقة العسكرية الغربية التابعة لحكومة الوفاق، وأخرى تابعة لكتائب من طرابلس، بحسب صحيفة «الأيام» الليبية. مبرزا أن الاشتباكات تهدف إلى السيطرة على محيط العاصمة طرابلس.
بدوره، قال مصدر لـ«الشرق الأوسط»، إن اشتباكات وقعت منذ فجر أمس، جنوب شرقي ليبيا، بين «كتيبة سبل السلام التابعة لمنطقة الكفرة العسكرية، ومجموعة مسلحة تابعة للجماعات التشادية، وإنه تجري مطاردتهم في الصحراء الليبية»، مشيراً إلى أن قوات الكتيبة قبضت على بعض ما أسماهم «المرتزقة التشاديين»، دون تحديد عددهم.
وتزامنت هذه الأحداث مع دعوة قوى ثقافية لمظاهرة اليوم (السبت) في طرابلس، تنديداً بما سموه «الفوضى والفساد والتلاعب السياسي من الأجهزة التنفيذية في البلاد»؛ حيث طالب «حراك كتاب وأدباء ومثقفي ليبيا»، جميع الليبيين بالاحتشاد بمحيط «قوس ماركوس» بالمدينة القديمة في طرابلس، قبيل الانطلاق في مظاهرة إلى ميدان الشهداء، للاحتجاج على الأوضاع المعيشية المتردية في البلاد. وقال الحراك في بيان أمس، إن مظاهرتهم تستهدف التنديد بما سموه «العبث والفوضى والفساد والتلاعب السياسي من بعض الأجهزة السياسية والتنفيذية، ما تسبب في تأزم الأمور في البلاد».
في غضون ذلك، أظهرت الاجتماعات الأخيرة، التي انعقدت على هامش انعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، تجاوباً مع الأوضاع في ليبيا، إذ أعرب السفير أولف سكوغ، رئيس لجنة أممية تعنى بليبيا، عن استعداده للتعاون مع حكومة «الوفاق الوطني» بشأن الأموال والأصول المجمدة، في وقت وقّعت فيه الولايات المتحدة الأميركية والمملكة المتحدة البريطانية، اتفاقية مع منظمة العون الدنماركية، لمواصلة مشروع إزالة الألغام في سرت.
من جهة ثانية، التقى الدكتور غسان سلامة، المبعوث الأممي لدى ليبيا، بعبد السلام نصية، رئيس لجنة الحوار بمجلس النواب الليبي، وفوزي العقاب، النائب الثاني لرئيس المجلس الأعلى للدولة. وقالت البعثة في بيان، مساء أول من أمس، إن سلامة التقى نصية والعقاب، اللذين كلفا من طرفي مجلس النواب والمجلس الأعلى بالعمل على اختيار سلطة تنفيذية جديدة.
وفيما أعرب سلامة عن «دعمه القوي للتقارب بين المؤسستين، ولأي اتفاق يمكن التوصل إليه لتوحيد مؤسسات الدولة»، رأى الدكتور فوزي الحداد، المحلل السياسي الليبي، أن «المجلس الرئاسي يبلي حسنا ويمضي بخطوات واثقة؛ خصوصاً بعد إقرار الإصلاحات الاقتصادية وإطفاء شعلة الفتنة وإيقاف الحرب على العاصمة، بينما يعصف الفشل بمجلس النواب ومجلس الدولة معا»، مشيراً إلى أن «رهانهما كان يتمحور حول فشل أو إفشال (الرئاسي) وعرقلة خطواته».
إلى ذلك، بحث محمد الطاهر سيالة، وزير الخارجية في حكومة الوفاق الوطني، مع السفير أولف سكوغ، رئيس لجنة مجلس الأمن الدولي الخاصة بليبيا، الأموال الليبية وأصولها المجمدة في دول أوروبية عدة. وقال المكتب الإعلامي لوزارة الخارجية في حكومة الوفاق، أمس، إن اللقاء الذي تم بمقر البعثة الليبية لدى الأمم المتحدة في نيويورك، تمحور حول القضايا المتعلقة بنظام العقوبات المفروضة على ليبيا منذ عام 2011.
ونقلت الخارجية الليبية أن رئيس اللجنة أعرب عن استعداده للتعاون مع حكومة الوفاق في إيجاد حلول لبعض المشكلات التي سببتها العقوبات، وخاصة فيما يتعلق بتجميد الأصول والأموال الليبية في الخارج. كما بحث سيالة مع ناتن سالس، منسق مكافحة الإرهاب بوزارة الخارجية الأميركية، أوجه التعاون الثنائي المشترك بين ليبيا وأميركا في مجال مكافحة الإرهاب.
في سياق قريب، وقعت المملكة المتحدة، والولايات المتحدة الأميركية، اتفاقية مع منظمة العون الدنماركية لمواصلة مشروع إزالة الألغام في سرت. ونقل موقع السفارة الأميركية أمس أنه تم تخصيص 1.5 مليون دولار للمشروع، الذي سوف يستمر مدة 16 شهراً لمساعدة سكان سرت في جهودهم لإحياء مدينتهم بعد إنهاء احتلال تنظيم داعش.
من جهته، قال دونالد بلوم، القائم بأعمال السفير الأميركي في ليبيا، أمس، إن مساعدة أهالي سرت على إعادة البناء بعد إنهاء سيطرة تنظيم داعش الإرهابي على المنطقة «أولوية رئيسية للولايات المتحدة الأميركية».
من جانبه، قال كريس فيست، مدير برنامج تعزيز الأمن والاستقرار في ليبيا، إن هذا المشروع «مهم للغاية لحكومة المملكة المتحدة، ضمن جهودنا لدعم ليبيا وضمان تعافيها. ونحن نعتقد أن العمل الذي سوف ينتجه هذا المشروع لن يساعد في إنقاذ الأرواح فحسب؛ بل سوف يمهد الطريق للمنظمات الأخرى التي يمكنها العمل على إعادة الخدمات الأساسية، والسماح للناس بالعودة إلى وظائفهم ومنازلهم ومدارسهم».



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.