بينما لمح الرئيس التركي رجب طيب إردوغان إلى إمكانية تجاوز مرحلة التوتر الراهنة في العلاقات مع الولايات المتحدة استبعد محامي القس الأميركي أندرو برانسون الذي يخضع للمحاكمة في تركيا بتهم تتعلق بدعم الإرهاب إطلاق سراحه قريبا. وتوقع المحامي إسماعيل حيم هالافورت، بقاء موكله برانسون قيد الإقامة الجبرية بعد جلسة الاستماع القادمة المقررة في 12 أكتوبر (تشرين الأول) المقبل. وتسببت القضية في تعميق الخلافات وإحداث توتر شديد بين واشنطن وأنقرة بعد رفض إطلاق سراح القس وفرض الرئيس الأميركي دونالد ترمب عقوبات تجارية على تركيا ردت عليها بالمثل لكنها عمقت من خسائر الليرة التركية المنهارة وأدت إلى تعقيد المشاكل التي يعانيها الاقتصاد التركي.
وقال وزير الخارجية الأميركي، مايك بومبيو، يوم الاثنين الماضي، إنه متفائل بأن تركيا ستفرج عن القس المسجون، أندرو برانسون «هذا الشهر»، وذلك بعد أن صدر قرار بوضعه رهن الإقامة الجبرية في منزله بمدينة إزمير (غرب تركيا) في يوليو (تموز) الماضي بعد احتجاز دام 21 شهرا.
وقال المحامي هالافورت لوسائل إعلام تركية أمس (الخميس): «لا أعرف على أي أساس، وبناء على أي معلومات أدلى الوزير الأميركي بهذا التصريح. هناك من يقول إن الوضع السياسي قد خفت حدته، لكن في رأيي، إن هذه آراء ذاتية».
ولفت إلى أنه كانت هناك مفاوضات مكثفة في المدة التي تم فيها نقل برانسون من السجن إلى الإقامة الجبرية في يوليو، لكن المحادثات توقفت الآن، وقال «إن التصريح الذي أدلى به الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، الأربعاء، في نيويورك يبين أيضا أن هذه القضية ستبقى في حالة من عدم اليقين».
كان إردوغان أكد، في مقابلة صحافية على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة التي شارك فيها في نيويورك، أن قضاء بلاده له الكلمة الفصل بشأن الحكم المرتقب على القس برانسون، نافيا أن تلعب السياسة أي دور في محاكمة القس المتهم بالإرهاب وبارتباطه بالانقلاب الفاشل في تركيا عام 2016. في السياق ذاته، اعتبر إردوغان أن الشراكة الاستراتيجية مع الولايات المتحدة ستمكن البلدين من اجتياز فترة اضطراب العلاقات الراهنة، كما سبق وأن تغلبا على بعض الأزمات.
وأضاف، أمام اجتماع مجلس الأعمال التركي الأميركي في نيويورك الليلة قبل الماضية، أن «بعض الدوائر في الإدارة (الأميركية) الحالية تعتقد أنه بالإمكان حل خلافات الرأي باستخدام لغة التهديد، والقمع، والابتزاز... وحتى لو توصلنا إلى تفاهم في بعض القضايا، هناك شوط كبير جداً علينا تجاوزه في علاقاتنا، ولا سيما فيما يخص علاقة واشنطن مع ما سماه «تنظيم غولن» (في إشارة إلى حركة الخدمة التابعة للداعية التركي المقيم في أميركا فتح الله غولن والتي تحملها السلطات التركية المسؤولية عن الانقلاب الفاشل) ووحدات حماية الشعب الكردية».
وقال إنه «لا يوجد أي منتصر في الحرب، لا سيما الحروب التجارية، ولا شك في أن كل قرار أحادي الجانب حتماً سيكون له مقابل» (في إشارة لقرارات ترمب بفرض عقوبات على تركيا). وأشار إلى أن «إجمالي استثمارات الشركات التركية في الولايات المتحدة تجاوز 4.6 مليار دولار».
واعتبر أن المرحلة الراهنة في العلاقات بين بلاده والولايات المتحدة أن هذه المرحلة تتسبب في زعزعة ثوابت النظام العالمي، وتؤثر عن قرب بعالم الأعمال بدرجة تأثيرها على العلاقات بين الشعوب. وقال: «تواجه الشركات غموضاً كبيراً سواء في الفعاليات التجارية الراهنة أو الاستثمارات أو التوقعات المستقبلية». وأكد أن الولايات المتحدة من بين أهم شركاء تركيا في التجارة والاستثمار، وأن هناك أكثر من 1700 شركة أميركية تنشط في تركيا على نطاق واسع بمجالات متنوعة.
وأضاف الرئيس التركي: «رغم جميع ما يحدث الآن، ننظر بأمل إلى مستقبل علاقاتنا السياسية والتجارية مع أميركا». وأكد في الوقت ذاته أن تركيا ستواصل جهودها في الدفاع عن حقوقها ومصالحها حتى النهاية ضد جميع الانتهاكات.
كما أشار إردوغان إلى أن 18 ألف شاحنة محمّلة بالأسلحة والمعدات العسكرية، إلى جانب قرابة 3 آلاف طائرة شحن محملة أيضا بالأسلحة والمعدات وصلت إلى الشمال السوري قادمة من الولايات المتحدة، خلال الأعوام القليلة الماضية وجميعها توجهت إلى وحدات حماية الشعب الكردية وحزب العمال الكردستاني كما أسست الولايات المتحدة لنفسها 22 قاعدة عسكرية في سوريا. وتساءل: «لمن هذه الأسلحة، ضد من تستخدم؟ من هي الجهة الواقعة في الطرف المقابل لما سماه بـ«الحزام الإرهابي» شمالي سوريا؟ نعم إنها تركيا، فروسيا غير موجودة هنا، وكذلك إيران ليست لها حدود».
في سياق موازٍ، رفضت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان شكوى تقدم بها محامو زعيم حزب العمال الكردستاني السجين مدى الحياة في تركيا، عبد الله أوجلان، بدعوى تعرضه لمعاملة سيئة وعنف في محبسه.
وقالت المحكمة، في بيان أمس الخميس، إنه جرى بالإجماع رفض الشكوى التي تقدم به محامو أوجلان عام 2010 بدعوى تعرضه لمعاملة سيئة وعنف من قبل حراس سجن إمرالي في غرب تركيا خلال عملية تفقد جرت عام 2008. وأوضح البيان أن المحكمة نظرت في الطلب ورأت أن ما ورد به لا أصل له. مشيرة إلى عدم وجود أدلة على تعرض أوجلان لمعاملة سيئة في السجن.
وأكّد أن أوجلان خضع لفحص طبي في يوم عملية التفقد المذكورة بالطلب في 2008. والأيام التي سبقتها، ولم يُعثر على مشاكل جسدية أو نفسية يعانيها إطلاقا كما أنه لم يشتكِ للأطباء حول ما إذا كان يعاني من شيء، ولا توجد هناك أي دعوى قضائية في هذا الخصوص.
إردوغان يلمح إلى إمكانية تجاوز الأزمة مع واشنطن
محامي القس المحتجز في تركيا لا يرى مؤشراً على إطلاق سراحه قريباً
إردوغان يلمح إلى إمكانية تجاوز الأزمة مع واشنطن
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة