معارضون سوريون يتوقعون مغادرة المتشددين «المنطقة العازلة»

TT

معارضون سوريون يتوقعون مغادرة المتشددين «المنطقة العازلة»

قالت جماعات معارضة معتدلة في سوريا الخميس إن لديها ثقة متزايدة في أن خصومها من المتشددين سيلتزمون بشرط مغادرة المنطقة منزوعة السلاح التي اقترحتها تركيا وروسيا بموجب اتفاق حال دون تنفيذ الجيش السوري هجوما بدعم من روسيا.
وفي وقت سابق هذا الشهر توصلت تركيا وروسيا إلى اتفاق لإنشاء منطقة جديدة منزوعة السلاح في إدلب السورية يقضي بانسحاب المقاتلين «المتشددين» بحلول منتصف الشهر القادم.
وسيكون موقف أكبر جماعة متشددة، وهي هيئة تحرير الشام التي يتقدمها فرع القاعدة سابقا في سوريا، حاسما لنجاح الاتفاق لكنها لم تقل شيئا حتى الآن.
وذكرت عدة مصادر من المعارضة أن المقاتلين سواء من الجماعات المتشددة أو المعتدلة لم يبدأوا الانسحاب بعد.
لكن مسؤولا كبيرا بالمعارضة السورية قال إن هيئة تحرير الشام بعثت بإشارات سرية إلى الجيش التركي من خلال أطراف ثالثة في الأيام القليلة الماضية لتوصيل رسالة مفادها أنها ستلتزم بالاتفاق.
وذكر مسؤول المعارضة الذي أطلعه مسؤولون أتراك على الأمر وطلب عدم نشر اسمه لحساسية الموضوع «الأمور تسير بشكل جيد وهيئة تحرير الشام وعدت مبدئيا بتنفيذ الاتفاق دون إعلان الموافقة».
ويتراوح عمق المنطقة منزوعة السلاح التي اتفقت عليها تركيا وروسيا بين 15 و20 كيلومترا ستمتد على طول خط الاتصال بين مقاتلي المعارضة والقوات الحكومية وستقوم قوات تركية وروسية بدوريات فيها.
وقد ينهار الاتفاق سريعا إذا لم تستطع هذه القوات فرض خطتها على المتشددين.
وتوقع مسؤول كبير آخر بالمعارضة أن تنفذ هيئة تحرير الشام الاتفاق، وقال إنه لا يرى تهديدا باندلاع مواجهة لأن الاتفاق لا يسعى لإجبار المتشددين على تسليم أسلحتهم.
وقال المعارض البارز أحمد طعمة الذي قاد وفد مقاتلي المعارضة السورية في المحادثات التي جرت برعاية روسيا في عاصمة كازاخستان «أرى أن الأمور ستكون وفق الاتفاق بحلول المدة الزمنية المقررة».
وسعت تركيا للحيلولة دون شن الجيش السوري هجوما على إدلب خشية أن يتسبب ذلك في موجة نزوح جماعي جديدة، فيما حذرت الأمم المتحدة من أن الهجوم قد يسبب كارثة إنسانية. وتعهدت أنقرة لموسكو بأنها ستتولى مسألة التعامل مع خطر المتشددين.
وذكر مصدر من المخابرات بالمنطقة أن المتشددين يخففون من حدة موقفهم لتجنب قتال طاحن مع المعارضة المعتدلة يمكن أن يفسد الاتفاق ويسمح للجيش السوري وحليفته روسيا بالمضي في الحملة التي كانا يعتزمان تنفيذها.
وقال عبد السلام عبد الرزاق القيادي في الجبهة الوطنية للتحرير «لا أتوقع أن تكون هناك عرقلة من قبل الفصائل الثورية على الإطلاق».
وقال الرئيس التركي رجب طيب إردوغان في مقابلة مع رويترز في وقت متأخر يوم الثلاثاء إن انسحاب «الجماعات المتشددة» بدأ بالفعل.
وذكر مصدر كبير آخر في المعارضة أن المخابرات التركية تجري مساعي مستترة منذ شهور تنصب على الفصل بين أقلية من المتشددين الأجانب في هيئة تحرير الشام والغالبية من أعضائها السوريين الذين يمكن إعادة تأهيلهم في نهاية المطاف.
وأضاف المصدر أن توجيه ضربات دقيقة سيساعد في التعامل مع المتشددين الأجانب، الذين يستخدم الجيش السوري وروسيا وجودهم ذريعة للهجوم على إدلب باعتبارها «وكرا للإرهابيين».
وقالت الجبهة الوطنية للتحرير التي أعلنت «تعاونها الكامل» مع الجهود التركية إنها تتوقع عملية سلسة بمجرد إتمام الاستعدادات اللوجيستية مع تركيا.
وقال عبد الرزاق «موضوع سحب السلاح الثقيل من الجبهات ليس بالأمر الصعب فأغلب هذه الأسلحة يتمركز بعيدا عن خطوط الجبهات»، مضيفا أن مبعث القلق الوحيد لدى الجبهة هو ما إذا كان الجيش السوري وحلفاؤه سيلتزمون بالاتفاق.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».