العراق: توافق الصدر والعامري يعزز حظوظ عبد المهدي

TT

العراق: توافق الصدر والعامري يعزز حظوظ عبد المهدي

كشف سياسي عراقي مطلع على كواليس المفاوضات الجارية بشأن اختيار مرشح توافقي لرئاسة الحكومة العراقية المقبلة، عن أن حظوظ القيادي السابق في «المجلس الأعلى الإسلامي» عادل عبد المهدي عادت للارتفاع ثانية بعد أن تراجعت خلال الأيام الماضية.
وأوضح السياسي الذي طلب عدم نشر اسمه في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «عبد المهدي ازدادت حظوظه خلال الأيام القليلة الماضية كمرشح توافقي، لا سيما بعد موافقة كل من تحالف سائرون (المدعوم من زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر) والفتح (بزعامة هادي العامري) على ترشيحه، إضافة إلى وجود دعم ضمني له من قبل المرجعية الدينية في النجف».
وأشار إلى أن «عبد المهدي يمتلك رؤية اقتصادية وله قبول من مختلف الأطراف، كما أن القوى السياسية رغم وجود مرشحين لديها لهم نقاط وكانت لبعضهم حظوظ، فإن طبيعة الخلافات أدت إلى تغيير البوصلة نحو مرشح توافقي بحيث تتحمل الكتل النيابية الفائزة النقاط التي تحسم وصوله إلى منصب رئيس الوزراء المقبل». ولفت إلى أن «عبد المهدي بدا هو الأقرب إلى المواصفات المطلوبة حتى الآن ما لم تحصل مفاجآت في اللحظات الأخيرة».
من جهة أخرى، رغم بدء جلسات البرلمان، فإن أياً من كتلتي «الإصلاح والإعمار» التي تضم رئيس الحكومة حيدر العبادي وعمار الحكيم ومقتدى الصدر وإياد علاوي، أو «البناء» التي تضم هادي العامري ونوري المالكي لم تسجل بوصفها الكتلة الأكبر داخل البرلمان التي يترشح منها رئيس الحكومة، بسبب التفاهم الجديد بين «الفتح» بزعامة العامري و«سائرون» المدعومة من الصدر.
وعما إذا كانت الكتلة الأكبر انتهت من مداولات تشكيل الحكومة المقبلة، يقول النائب عن كتلة «الفتح» نعيم العبودي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «الكتلة الأكبر ستبقى بوصفها هي التي تحدد المسار العام لتشكيل الحكومة كما أنها تبقى عامل التوازن داخل البرلمان».
وأشار إلى أنه «في كل الأحوال لم يعد ممكناً تجاوز كتلتي الفتح وسائرون، وهو ما سينسحب على عمل الحكومة المقبلة، خصوصاً إذا ما تم اختيار مرشح توافقي ليس من الكتلتين. لكن تبقى الكتلة الأكبر عامل جدية في التعامل مع كل المتغيرات، سواء داخل البرلمان أو مع الحكومة ورئيسها».
وقال الناطق السابق باسم الحكومة العراقية الدكتور علي الدباغ إن عبد المهدي «يحظى باحترام وتقدير عالٍ وله قدرة وقابلية للتفاهم والتشاور وسماع الآخرين والتفاعل مع الآراء التي تخالف قناعاته... والوضع العراقي الحالي يتطلب شخصية من هذا النوع لتهدئة القلق والإحباط وتراجع الأمل عند العراقيين نتيجة للفوضى والعشوائية والارتجالية التي تدار بها الأمور».
وعما إذا كان التوافق على شخصية عبد المهدي أنهى الكتلة الأكبر، يقول الدباغ إن «التفاهم بين سائرون والفتح هو نقلة وخطوة مهمة لحسم الأمور في موضوع تشكيل الكتلة الأكبر وينهي الصراع الشديد الذي نراه يلازم الوضع السياسي»، مشيراً إلى أنه «كي يحقق النجاح لا بد من آليات جديدة لتشكيل الحكومة».
إلى ذلك، تواصل الصراع بين الحزبين الكرديين الرئيسيين، وفي وقت التقى المرشح عن «الاتحاد الوطني الكردستاني» برهم صالح زعيم «التيار الصدري» مقتدى الصدر، التقى مرشح «الحزب الديمقراطي الكردستاني» فؤاد حسين زعيم «ائتلاف دولة القانون» نوري المالكي.
وطالب المالكي الحزبين الكرديين باختيار مرشح واحد «كي يسهل دعمه من قبل الكتل الشيعية»، فيما دعا الصدر خلال لقائه مع صالح إلى تشكيل حكومة خدمات. وقال بيان لمكتب الصدر إنه وصالح «أكدا أن تتناسب الحكومة المقبلة وتطلعات الشعب للقيام بواجباتها الأساسية والإسراع بتوفير الأمن والخدمات التي يستحقها من دون تمييز بين مختلف أطيافه... كما جرى خلال اللقاء التأكيد على أهمية العمل من أجل ترسيخ مبدأ التعايش وتعزيز روح المواطنة في ظل عراق موحد».



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.