الحكومة الموريتانية تسحب الترخيص من جامعة لـ«الإسلاميين»

بدعوى التحريض على العنف ونشر التطرف والعصيان

TT

الحكومة الموريتانية تسحب الترخيص من جامعة لـ«الإسلاميين»

سحبت السلطات الموريتانية، أمس، ترخيصا كانت قد منحته لجامعة عبد الله بن ياسين، التي يملكها «الإسلاميون»، ويدرس فيها قادة من تيار الإخوان المسلمين في موريتانيا.
وجاء في قرار أصدرته وزارة التعليم العالي، وأبلغ لرئاسة الجامعة، أنه تم إلغاء «عقد الإنشاء الموقع بين جامعة عبد الله بن ياسين ووزارة التعليم العالي منذ 2010»، وهو العقد الذي كان يسمح للجامعة بالعمل كجامعة خاصة، إلى جانب مؤسسات التعليم العالي الموريتانية.
وبررت وزارة التعليم قرار سحب ترخيص الجامعة بمزاولة رئيسها ولد الددو لأنشطة غير أكاديمية، منها التحريض على العنف، ونشر التطرف والعصيان، وثقافة العنف والمساس بسكينة واستقرار الدولة.
ويرأس الجامعة الشيخ محمد الحسن ولد الددو، الزعيم الروحي لتيار الإخوان المسلمين في موريتانيا. وكان قد هاجم السلطات وأنظمة الحكم في الدول العربية، وحملها مسؤولية إراقة الدماء، ورد بالقول على الرئيس الموريتاني بأنهم ليسوا على نهج الحاكم حتى لا يخرجوا عليه.
وكانت السلطات الموريتانية قد بدأت سلسلة إجراءات ضد جماعة «الإخوان المسلمين»، وحزب التجمع الوطني للإصلاح والتنمية «تواصل»، المحسوب على الجماعة، الذي سبق أن اتهمه الرئيس الموريتاني بـ«التطرف والإرهاب». وقد بدأت هذه الإجراءات يوم الأحد بإغلاق مركز لتكوين العلماء، تأسس عام 2007 ويرأسه الشيخ ولد الددو، الذي يوصف من طرف البعض بأنه «المرشد والأب الروحي» لإخوان موريتانيا، ويرتبط بعلاقات قوية مع التنظيم العالمي لـ«الإخوان».
وقامت الشرطة الموريتانية بإغلاق المركز الموجود في حي شعبي في العاصمة نواكشوط، ورابطت وحدات من الشرطة ووحدات مكافحة الشغب عند الشوارع المحيطة بالمركز، خشية وقوع مظاهرات أو احتجاجات من أنصار ولد الددو، أو بعض المتعاطفين مع المركز.
وأكدت مصادر شبه رسمية لـ«الشرق الأوسط» أن السلطات الموريتانية لديها شكوك حول بث المركز لبعض الأفكار المتطرفة والعنيفة، التي تشكل تهديداً حقيقياً للأمن في موريتانيا وفي شبه المنطقة الأفريقية، خاصة في ظل وجود مئات الطلاب الأفارقة، الذين قدموا من أجل الدراسة فيه.
وسبق أن أغلقت السلطات الموريتانية قبل أربع سنوات «جمعية المستقبل» الخيرية، التي ترتبط بشكل مباشر مع مركز تكوين العلماء، وتتبع هي الأخرى للشيخ محمد الحسن ولد الددو، وقالت السلطات الموريتانية آنذاك إن «مصادر تمويل الجمعية غير شفافة وعليها بعض الشبهات».
وتتحدث مصادر مطلعة عن «بداية المواجهة» ما بين السلطات الموريتانية وجماعة «الإخوان المسلمين» في موريتانيا، وهي مواجهة يبدو أن النظام الموريتاني سيكون حاسماً وصارماً فيها، خاصة أن الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز أكد في مؤتمر صحافي نهاية الأسبوع الماضي أن «إجراءات ستتخذ ضد الجماعة في الوقت المناسب».
وتأتي هذه التطورات بعد انتخابات تشريعية ومحلية وجهوية اكتسحها حزب الاتحاد من أجل الجمهورية الحاكم، رغم المنافسة القوية من طرف حزب «تواصل» الإسلامي، الذي قال الرئيس الموريتاني إنه استغل أموال الزكاة والصدقات في حملته الانتخابية.
وليست هذه هي المرة الأولى التي يواجه فيها رموز وقادة حزب «تواصل» الإسلامي تهم «الإرهاب والتطرف»، إذ سبق أن اعتقل أغلبهم من طرف نظام الرئيس السابق معاوية ولد سيد أحمد الطائع، الذي اتهمهم آنذاك بالتورط في أعمال عنف مسلح ضد الدولة الموريتانية، وكان من ضمن المعتقلين آنذاك الشيخ محمد الحسن ولد الددو.
وندد ائتلاف أحزاب المعارضة بالإجراءات الأخيرة التي اتخذتها السلطات ضد مركز تكوين العلماء، إذ قال أحمد ولد داداه، رئيس حزب تكتل القوى الديمقراطية المعارض، إن قرار إغلاق المركز «غير ديمقراطي وغريب على تقاليد وأخلاق المجتمع الموريتاني»؛ مضيفا أن القرار { يكشف عن أن رئيس الدولة اختار التهديد والمضايقة بدل الحوار والتشاور».



دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
TT

دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)

مع توجّه الحكومة اليمنية بطلب إلى الأمم المتحدة لعقد مؤتمر للمانحين لجهة دعم خطة الاستجابة الإنسانية في البلاد، بعد تزايد الاحتياجات الإنسانية الملحَّة، جددت منظمات دولية وأممية الدعوة إلى زيادة التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية.

وفي حين تواصل الجماعة الحوثية إعاقة جهود الإغاثة في البلاد، ذكر الإعلام الرسمي أن سفير اليمن لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أكد على ضرورة أن تظل الأزمة الإنسانية في اليمن على رأس أولويات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للحد من المعاناة المتزايدة، داعياً إلى تكثيف الجهود للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المختطَفين والمعتقَلين، ومحاسبة المسؤولين عن مختلف الانتهاكات، في إشارة إلى الجماعة الحوثية.

وفي بيان اليمن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال الجلسة الخاصة بتعزيز تنسيق المساعدات الإنسانية والإغاثية، حذَّر السعدي المجتمع الدولي من خطورة تجاهل الانتهاكات التي ترتكبها الجماعة الحوثية لخدمة أجندتها السياسية، بما في ذلك استخدام المساعدات الإنسانية لخدمة أهدافها العسكرية وتحويل المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى سجون لمن يعارضونها.

أكثر من 19 مليون يمني بحاجة إلى المساعدات خلال العام المقبل حسب تقديرات أممية (الأمم المتحدة)

وأعاد البيان اليمني التذكير بأهمية نقل مقرات الوكالات الأممية والمنظمات الدولية إلى العاصمة المؤقتة عدن لضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني، وتوفير بيئة آمنة للعمل بعيداً عن التدخلات؛ ما يساهم في تحسين القدرة على إيصال المساعدات إلى الفئات المحتاجة في مختلف المناطق. وتتهم الحكومة اليمنية وأوساط إغاثية وحقوقية محلية وأممية ودولية الجماعة الحوثية بالاستمرار في اختطاف العاملين بالمجال الإغاثي، وتبني حملات إعلامية مسيئة للعمل الإنساني، ورفض الاستجابة لطلبات عائلات المختطفين بالسماح بزيارتهم والاطمئنان على صحتهم الجسدية والنفسية، وتقديم الرعاية لهم.

سوء التنظيم والتخطيط

وجدَّدت الحكومة اليمنية التذكير بالأضرار الكبيرة التي تسببت بها الفيضانات والسيول التي ضربت عدة مناطق يمنية هذا العام، إلى جانب مختلف التطرفات المناخية التي ضاعفت من الآثار الناجمة عن الحرب في مفاقمة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية؛ ما زاد من أهمية وضرورة تكثيف دعم المجتمع الدولي لليمن في مواجهة هذه التحديات.

جهات دولية تتهم الجماعة الحوثية بإعاقة أعمال الإغاثة بعد اختطاف موظفي المنظمات (رويترز)

ولا يتوقع جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أن يكون الدعم كبيراً أو كافياً لمواجهة مختلف المتطلبات والاحتياجات، مشيراً إلى أن عملية حشد الأموال لا بد أن تقترن بكيفية تنظيم إدارة العمل الإنساني والإغاثي، وخلق شراكة حقيقية بين الحكومة اليمنية والقطاع الخاص، والمنظمات المحلية والجهات الإغاثية الحالية، لإيصال المساعدات.

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، يصف بلفقيه الأزمة الإنسانية في بلاده بالأشد قسوة؛ ما يجعل من غير الممكن على اليمنيين الصمود أمام متطلبات معيشتهم، في ظل استمرارها وتصاعدها، منوهاً بأن حجم الأموال التي يمكن الحصول عليها ليس مهماً إذا لم يتم تنظيم عمليات الإغاثة للوصول بكفاءة إلى كل المستحقين.

وانتقد بلفقيه، وهو أيضاً مستشار وزير الإدارة المحلية، التوجهات الأممية الموسمية لزيادة التمويل، عند نهاية عام وبداية عام جديد، مع غياب التخطيط والتنظيم الفاعلين، وعدم مراعاة الاحتياجات المحلية للمتضررين من الأزمة الإنسانية في كل محافظة.

فيضانات الصيف الماضي في اليمن فاقمت من الأزمة الإنسانية وزادت من احتياجات الإغاثة (الأمم المتحدة)

من جهتها، أكدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن اليمن أصبح يعيش «واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم»، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة؛ ما يزيد من احتياجات التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية، بما فيها الغذاء والمياه والإمدادات الطبية.

واتهمت المنظمة، في بيان حديث لها، الجماعة الحوثية، باحتجاز وإخفاء 17 شخصاً على الأقل من موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى عشرات الموظفين من المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والشركات الخاصة، ومواصلة احتجازهم دون تهم.

إيقاف التمويل

نقلت «هيومن رايتس ووتش» عن الأمم المتحدة، أن 24.1 مليون يمني، أي ما يساوي 80 في المائة من السكان، بحاجة إلى المساعدات الإنسانية والحماية».

ونبهت المنظمة الدولية إلى أن الحكومة السويدية أقرَّت، أواخر الشهر الماضي، «الإنهاء التدريجي» لمساعداتها الإنمائية لليمن، على خلفية الإجراءات التدميرية المتزايدة للجماعة الحوثية في الأجزاء الشمالية من اليمن، ومنها اختطاف موظفي الأمم المتحدة.

كما دعت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تصعيد مطالبة الحوثيين بالإفراج عن المعتقلين، وتنسيق جهودهما بشكل أفضل في هذا الهدف المشترك. وقالت: «يجب أن تضاعف وكالات الأمم المتحدة الجهود لحماية ودعم موظفيها المتبقين في اليمن».

رغم تراجع تمويل الإغاثة في اليمن لا تزال وكالات أممية تقدم مساعدات للنازحين والمحتاجين (الأمم المتحدة)

ويتفق الباحث الاقتصادي، عادل السامعي، مع مسؤول الإغاثة اليمني، بلفقيه، حول سوء إدارة أموال الإغاثة في اليمن، وتسبب ذلك في حلول جزئية ومؤقتة للأزمة الإنسانية في البلاد. ويوضح السامعي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً ملحوظاً في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن بسبب «الفساد» الذي أضر بالعملية الإغاثية وتجيير كثير من أوجه الدعم والمساعدات لصالح الجماعة الحوثية.

ويلفت إلى أن هناك تراكماً للفجوات بين الاحتياجات التي تفرضها الأزمة الإنسانية في اليمن والتمويل الموجَّه لها؛ فبعد أن كانت متطلبات الاستجابة الإنسانية خلال الـ12 عاماً الماضية تزيد على 33 مليار دولار، جرى تحصيل أقل من 20 مليار دولار فقط.

وخلال الأسبوع الماضي، كشفت الأمم المتحدة عن حاجتها إلى 2.5 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل (2025).

بسبب اختطاف الجماعة الحوثية موظفي الإغاثة في اليمن تراجعت عدد من الدول عن تمويل الاستجابة الإنسانية (أ.ف.ب)

وحذَّر «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)»، في بيان له، من أن الظروف المعيشية لمعظم اليمنيين ستظل مزرية في عام 2025. ومن المتوقَّع أن تؤدي فرص كسب العيش المحدودة وانخفاض القدرة الشرائية إلى تعميق عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

ووفقاً للمكتب الأممي، فإن 19.54 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى المساعدة خلال العام المقبل، من بينهم 17 مليون شخص (49 في المائة من السكان) سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد، مع معاناة 5 ملايين شخص من ظروف «الطوارئ». بينما يؤثر سوء التغذية الحاد على نحو 3.5 مليون شخص، بمن في ذلك أكثر من 500 ألف شخص يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد.