اتهام وزير خارجية الجزائر بـ«انتهاك الدستور»

إسلاميون يهاجمونه بسبب استعماله لغة أجنبية في الأمم المتحدة

TT

اتهام وزير خارجية الجزائر بـ«انتهاك الدستور»

اتهم الحزب الإسلامي الجزائري «حركة مجتمع السلم» وزير الخارجية عبد القادر مساهل بـ«انتهاك الدستور»، وذلك بعد استعماله اللغة الفرنسية في خطاب ألقاه بالأمم المتحدة، بمناسبة أشغال دورتها الـ73 الجارية في نيويورك.
وقال عبد الرزاق مقري، رئيس «مجتمع السلم»، أمس، في بيان بمناسبة انتهاء اجتماع لكوادر الحزب، إن «استعمال وزير الخارجية للغة أجنبية في خطابه على منصة الجمعية العامة للأمم المتحدة، هو تفريط في السيادة الوطنية وانتهاك للدستور. وعدم اتخاذ إجراءات سيادية تجاه هذه الحادثة، دليل على عدم صدق أصحاب القرار في حديثهم المتكرر عن الوطنية».
وينص الدستور الجزائري على لغتين وطنيتين ورسميتين، هما العربية والأمازيغية. غير أن غالبية المسؤولين الحكوميين يتحدثون في اجتماعاتهم الرسمية وفي خطبهم باللغة الفرنسية، ويتواصلون مع الإعلام بها. ولذلك يتهكم البعض قائلين إن الجزائر قد يكون البلد الوحيد في العالم الذي يملك لغتين رسميتين، لكنَّ مسؤوليه يتركونهما جانباً لأنهم يفضلون لغة فولتير.
يأتي ذلك في وقت يستمر فيه الجدل المتعلق بلغة وثقافة المسؤولين منذ الاستقلال، علماً بأن هناك قانوناً خاصاً بالتعريب صدر في سبعينات القرن الماضي، يلزم الهيئات والمسؤولين الحكوميين باستعمال العربية في خطبهم ومراسلاتهم المكتوبة، لكن نادراً ما يتم احترام ذلك.
وتزامن موقف الحزب الإسلامي من لغة مساهل مع صدور بيان لوزارة الخارجية، أمس، باللغة الفرنسية، ينقل عن الوزير أنه دعا إلى «حل سياسي وعادل ودائم ومقبول من المغرب وجبهة البوليساريو، وهذا الحل لا يمكن أن يكون سوى ثمرة مفاوضات مباشرة دون شروط وبنية صافية». وجاء هذا التصريح في لقاء بين مساهل، والمبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة للصحراء هورست كوهلر. وجرت العادة أن تتوجه الخارجية ببياناتها وتصريحات مسؤوليها إلى وكالة الأنباء الحكومية باللغة الفرنسية، ثم تتولى الوكالة ترجمتها إلى العربية. وهكذا حال كل الوزارات ورئاسة الوزراء ورئاسة الجمهورية أيضاً. وقد وقع رئيس الوزراء أحمد أويحيى، الأسبوع الماضي، في حرج كبير أثناء مؤتمر صحافي، عقده مع المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، خلال زيارتها إلى الجزائر، حيث اشترطت مترجماً عندما تحدث أويحيى بالعربية، لكن في غياب مترجم وأصل خطابه بالفرنسية، وهو ما أثار انزعاج ميركل، التي كانت تريد أن يترجم كلام أويحيى إلى لغتها. وثار نهاية العام الماضي جدل حاد حول «اللغة والثقافة الفرنسيتين»، عندما انتشرت مشاهد آلاف طلبة الجامعة الجزائريين أمام مدخل «المعهد الثقافي الفرنسي» بالعاصمة، جاءوا لأخذ موعد للمشاركة في امتحان لـ«التحكم في اللغة الفرنسية»، الذي يُعد شرطاً للدراسة في الجامعات الفرنسية.
وأعلن المعهد يومها عن تأجيل الموعد بسبب كثرة الطلب، وأخذ الحدث أبعاداً سياسية وثقافية، لكن أيضاً اجتماعية ارتبطت بـ«رغبة الملايين في مغادرة البلاد بسبب ضيق الأفق».
من جهة أخرى، انتقد «مجتمع السلم»... «استمرار حالة الغموض بشأن الانتخابات الرئاسية»، وعدّ ذلك «دليلاً على فقدان الرؤية لدى منظومة الحكم، واستمرار التجاذب بشأن السيطرة على السلطة في الأروقة المظلمة، بعيداً عن المصلحة الوطنية، بينما السلوك الديمقراطي والشفافية في إدارة الشأن العام هو وحده ما يضمن الأمان والتطور والاستقرار لهذا البلد»، في إشارة إلى عدم وضوح الرؤية في سرايا الحكم بخصوص ترشح الرئيس بوتفليقة، أو عدمه لولاية خامسة في رئاسية 2019.
وصرح مقري في وقت سابق بأن حزبه لن يشارك في المعترك الرئاسي إذا ترشح بوتفليقة، على أساس أن النتيجة ستكون محسومة له سلفاً. كما أكد الحزب الإسلامي أن «سياسة انتظار ارتفاع أسعار البترول، للتبشير بسلامة الاقتصاد الوطني، دليل على عجز عن تسيير البلد، علماً بأن أزمة المحروقات في الجزائر لا تتعلق بالأسعار فقط، بل بتراجع الإنتاج وارتفاع الاستهلاك المحلي للطاقة، والاستحقاق المطلوب اقتصادياً هو التحاق الجزائر بالدول الجديدة الصاعدة، وليس استدامة إدارة الأزمات».



ضربات في صعدة... والحوثيون يطلقون صاروخاً اعترضته إسرائيل

عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
TT

ضربات في صعدة... والحوثيون يطلقون صاروخاً اعترضته إسرائيل

عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)

تبنّت الجماعة الحوثية إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، زعمت أنها استهدفت به محطة كهرباء إسرائيلية، الأحد، وذلك بعد ساعات من اعترافها بتلقي ثلاث غارات وصفتها بالأميركية والبريطانية على موقع شرق مدينة صعدة؛ حيث معقلها الرئيسي شمال اليمن.

وفي حين أعلن الجيش الإسرائيلي اعتراض الصاروخ الحوثي، يُعد الهجوم هو الثاني في السنة الجديدة، حيث تُواصل الجماعة، المدعومة من إيران، عملياتها التصعيدية منذ نحو 14 شهراً تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

وادعى يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الجماعة الحوثية، في بيان مُتَلفز، أن جماعته استهدفت بصاروخ فرط صوتي من نوع «فلسطين 2» محطة كهرباء «أوروت رابين» جنوب تل أبيب، مع زعمه أن العملية حققت هدفها.

من جهته، أعلن الجيش الإسرائيلي، في بيان، أنه «بعد انطلاق صفارات الإنذار في تلمي اليعازر، جرى اعتراض صاروخ أُطلق من اليمن قبل عبوره إلى المناطق الإسرائيلية».

ويوم الجمعة الماضي، كان الجيش الإسرائيلي قد أفاد، في بيان، بأنه اعترض صاروخاً حوثياً وطائرة مُسيّرة أطلقتها الجماعة دون تسجيل أي أضرار، باستثناء ما أعلنت خدمة الإسعاف الإسرائيلية من تقديم المساعدة لبعض الأشخاص الذين أصيبوا بشكل طفيف خلال هروعهم نحو الملاجئ المحصَّنة.

وجاءت عملية تبنِّي إطلاق الصاروخ وإعلان اعتراضه، عقب اعتراف الجماعة الحوثية باستقبال ثلاث غارات وصفتها بـ«الأميركية البريطانية»، قالت إنها استهدفت موقعاً شرق مدينة صعدة، دون إيراد أي تفاصيل بخصوص نوعية المكان المستهدَف أو الأضرار الناجمة عن الضربات.

مقاتلة أميركية على متن حاملة طائرات في البحر الأحمر (أ.ب)

وإذ لم يُعلق الجيش الأميركي على الفور، بخصوص هذه الضربات، التي تُعد الأولى في السنة الجديدة، كان قد ختتم السنة المنصرمة في 31 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، باستهداف منشآت عسكرية خاضعة للحوثيين في صنعاء بـ12 ضربة.

وذكرت وسائل الإعلام الحوثية حينها أن الضربات استهدفت «مجمع العرضي»؛ حيث مباني وزارة الدفاع اليمنية الخاضعة للجماعة في صنعاء، و«مجمع 22 مايو» العسكري؛ والمعروف شعبياً بـ«معسكر الصيانة».

106 قتلى

مع ادعاء الجماعة الحوثية أنها تشن هجماتها ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباتجاه إسرائيل، ابتداء من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، في سياق مناصرتها للفلسطينيين في غزة، كان زعيمها عبد الملك الحوثي قد اعترف، في آخِر خُطبه الأسبوعية، الخميس الماضي، باستقبال 931 غارة جوية وقصفاً بحرياً، خلال عام من التدخل الأميركي، وأن ذلك أدى إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

وكانت الولايات المتحدة قد أنشأت، في ديسمبر 2023، تحالفاً سمّته «حارس الازدهار»؛ ردّاً على هجمات الحوثيين ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، قبل أن تشنّ ضرباتها الجوية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، بمشاركة بريطانيا في بعض المرات؛ أملاً في إضعاف قدرات الجماعة الهجومية.

دخان يتصاعد من موقع عسكري في صنعاء خاضع للحوثيين على أثر ضربة أميركية (أ.ف.ب)

واستهدفت الضربات مواقع في صنعاء وصعدة وإب وتعز وذمار، في حين استأثرت الحديدة الساحلية بأغلبية الضربات، كما لجأت واشنطن إلى استخدام القاذفات الشبحية، لأول مرة، لاستهداف المواقع الحوثية المحصَّنة، غير أن كل ذلك لم يمنع تصاعد عمليات الجماعة التي تبنّت مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ نوفمبر 2023.

وأدّت هجمات الحوثيين إلى إصابة عشرات السفن بأضرار، وغرق سفينتين، وقرصنة ثالثة، ومقتل 3 بحارة، فضلاً عن تقديرات بتراجع مرور السفن التجارية عبر باب المندب، بنسبة أعلى من 50 في المائة.

4 ضربات إسرائيلية

رداً على تصعيد الحوثيين، الذين شنوا مئات الهجمات بالصواريخ والطائرات المُسيرة باتجاه إسرائيل، ردّت الأخيرة بأربع موجات من الضربات الانتقامية حتى الآن، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة الحوثية بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

كذلك تضررت مدرسة إسرائيلية بشكل كبير، جراء انفجار رأس صاروخ، في 19 ديسمبر الماضي، وإصابة نحو 23 شخصاً جراء صاروخ آخر انفجر في 21 من الشهر نفسه.

زجاج متناثر في مطار صنعاء الدولي بعد الغارات الجوية الإسرائيلية (أ.ب)

واستدعت هذه الهجمات الحوثية من إسرائيل الرد، في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وفي 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، قصفت إسرائيل مستودعات للوقود في كل من الحديدة وميناء رأس عيسى، كما استهدفت محطتيْ توليد كهرباء في الحديدة، إضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات، وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً.

وتكررت الضربات، في 19 ديسمبر الماضي؛ إذ شنّ الطيران الإسرائيلي نحو 14 غارة على مواني الحديدة الثلاثة، الخاضعة للحوثيين غرب اليمن، وعلى محطتين لتوليد الكهرباء في صنعاء؛ ما أدى إلى مقتل 9 أشخاص، وإصابة 3 آخرين.

وفي المرة الرابعة من الضربات الانتقامية في 26 ديسمبر الماضي، استهدفت تل أبيب، لأول مرة، مطار صنعاء، وضربت في المدينة محطة كهرباء للمرة الثانية، كما استهدفت محطة كهرباء في الحديدة وميناء رأس عيسى النفطي، وهي الضربات التي أدت إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة أكثر من 40، وفق ما اعترفت به السلطات الصحية الخاضعة للجماعة.