«العدالة والتنمية» المغربي يستغرب استمرار الوزير العلمي في الحكومة

«التقدم والاشتراكية»: تواصل الضبابية والأزمة يعمّق الإحساس بانسداد الآفاق

TT

«العدالة والتنمية» المغربي يستغرب استمرار الوزير العلمي في الحكومة

تتجه العلاقة بين حزبي العدالة والتنمية والتجمع الوطني للأحرار، المشاركين في الحكومة المغربية، نحو مزيد من التأزم، وذلك بعد أن أعربت الأمانة العامة لـ«العدالة والتنمية» عن عدم استساغتها استمرار وزير الشباب والرياضة رشيد الطالبي العلمي في منصبه داخل الحكومة، بعد تصريحاته المسيئة للحزب، التي وصفتها بـ«الخطأ الجسيم».
وأفادت الأمانة العامة لـ«العدالة والتنمية» في بيان أصدرته أمس، بأنها ناقشت خلال اجتماعها «التصريحات المسيئة الصادرة عن قيادي في حزب من ‏أحزاب الأغلبية، وهو في الوقت نفسه وزير في الحكومة، والتي تضمنت إساءات بالغة، وتعريضاً مغرضاً بحزب العدالة والتنمية، الذي يرأس أمينه العام الحكومة».
وكان العلمي قد اتهم حزب العدالة والتنمية، الذي يقود الحكومة، بأن لديه مشروعاً لتخريب البلاد حتى يتمكن من الهيمنة، وأنه يتخذ من النظام التركي ورئيسه طيب رجب إردوغان نموذجاً يحتدي به.
ووصف «العدالة والتنمية» تصريحات العلمي بـ«الخطأ الجسيم»، والتهجم السافر وغير المسؤول، والمناقض لمبادئ ومقتضيات القانون التنظيمي المتعلق بتنظيم وتسيير أشغال الحكومة، الذي نص خاصة على مبدأي المسؤولية والتضامن الحكومي، وكذا لميثاق الأغلبية، الذي أكد على «الحرص على تماسك الأغلبية، وعدم الإساءة للأحزاب المكونة لها». معرباً عن استغرابه كيف يستساغ لوزير الاستمرار في حكومة يقودها حزب، هو بحسب ادعائه «يحمل مشروعاً دخيلاً يسعى لتخريب البلاد».
وسجل «العدالة والتنمية» «بامتعاض شديد» الشرود الكبير لتلك التصريحات عن السياق السياسي الإيجابي، الذي يشهد انطلاق عدد من الأوراش والمشروعات الإصلاحية والتنموية، التي تقتضي من الحكومة والأحزاب المكونة لها مزيداً من التماسك، والتعبئة الجماعية لتعزيز الثقة، وتوفير الأجواء الإيجابية اللازمة لإنجاحها.
في غضون ذلك، أعلن حزب التقدم والاشتراكية (الشيوعي سابقاً) عزمه اتخاذ «مبادرات سياسية ملموسة قصد الإسهام في تجاوز الوضع الراهن». وقال في بيان تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه، إنه يواصل النقاش حول الوضع الوطني العام في شموليته، قصد استخراج «الخلاصات اللازمة وتحديد المهام المطروحة على حزبنا، والموقع الذي يتعين أن يحتله في الساحة السياسية الوطنية»، في إشارة إلى أنه لم يحسم قراره بعد بشأن الاستمرار داخل الحكومة من عدمه، وذلك على خلفية حذف كتابة الدولة (وزارة دولة) المكلفة الماء، وما أثاره القرار من خلافات مع رئيس الحكومة وحزبه.
وأوضح الحزب، أنه سيتخذ الكثير من المبادرات قصد تدارس الوضع، والتعريف بما يقترحه من «بدائل كفيلة بتجاوز الاختلالات، وتقويم مسار الإصلاح، بما يمكن من تفعيل حقيقي لمضامين الدستور، والتعاطي الجدي مع معضلات الفقر والبطالة والتهميش، من خلال بلورة جريئة للسياسات العمومية، ومشاريع الإصلاح المطروحة على الصعيد الوطني العام، وفي المجالات والقطاعات الاجتماعية على وجه التحديد».
وأفاد البيان ذاته بأن تواصل «الضبابية والأزمة» في الحقلين السياسي والحزبي، يعمق الإحساس بـ«انسداد الآفاق أمام شرائح اجتماعية واسعة، في غياب مبادرات عمومية قادرة على احتواء هذا الاحتقان، وذلك عبر بث نَفَس إصلاحي قوي في مختلف مناحي الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية».
وأكد «التقدم والاشتراكية» حاجة البلاد إلى بلورة مشاريع الإصلاح بكيفية ملموسة في قضايا «التعليم والشغل والصحة، وضمان أجواء من الاستقرار، وتوفير شروط المشاركة المواطنة والفاعلة في عملية الإصلاح، وتغيير أوضاع الوطن والمواطنين إلى الأحسن»، مشدداً على أن المطالب التي يرفعها الشباب «مشروعة ويتعين التعاطي معها بأقصى درجات الإنصات، والتجاوب في إطار دولة القانون والمؤسسات».
كما عبر «التقدم والاشتراكية» عن قلقه بشأن «التطورات السلبية والخطيرة التي تشهدها ظاهرة الهجرة غير القانونية، ولا سيما في شمال المغرب. وما يرافق ذلك من انفلاتات على أرض الواقع، ومن خلال شبكات التواصل الاجتماعي»، وعدّ ذلك «إشارات سلبية تعبر عما يخالج فئات واسعة من جماهير الشباب المغربي من إحساس باليأس وفقدان الثقة في المستقبل».
وحمّل الحزب المشارك في التحالف المسير للبلاد، الحكومة التي يقودها سعد الدين العثماني، أمين عام حزب العدالة والتنمية، مسؤولية الوضع الذي تعيشه المملكة، بقوله «يعتبر المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية أن هذا الوضع يسائل الحكومة المطالبة باتخاذ كل ما يلزم من مبادرات إصلاحية، وبالمزيد من الحضور السياسي والميداني، بما يسمح بتجاوز حالة الضبابية، وانسداد الآفاق والقلق من المستقبل».
كما دعا الحزب إلى تغليب روح المسؤولية والجدية، عوض «التمادي في الممارسات العبثية، المتمثلة في إصرار بعض مكونات الأغلبية على مواصلة أسلوب تبادل الاتهامات، والخروج بتصريحات مجانية مجانبة للصواب، تزيد من تعميق أزمة الثقة والنفور من أي عمل سياسي وفعل حزبي مسؤول ومنظم ومنتج»، وذلك في انتقاد واضح للأزمة المتواصلة التي أشعلتها تصريحات وزير الشباب والرياضة رشيد الطالبي العلمي، بين حزب التجمع الوطني للأحرار الذي ينتمي إليه، وغريمه حزب العدالة والتنمية.
على صعيد ذي صلة، علمت «الشرق الأوسط»، أن الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية سيلتقي مساء اليوم (الخميس) قياديين من حزب الدكتور سعد الدين العثماني، رئيس الحكومة والأمين العام لحزب العدالة والتنمية، وذلك رداً على الزيارة التي قام بها العثماني وقياديون في حزبه لمنزل أمين عام «التقدم والاشتراكية»، من أجل محاولة طي أزمة حذف كتابة الدولة المكلفة الماء من الهيكلة الحكومية، وهو المنصب الذي كانت تشغله شرفات افيلال، القيادية في «التقدم والاشتراكية».



مصر: الإفراج عن الناشط السوري ليث الزعبي وترحيله

سوريون يغادرون مصر بعد سقوط بشار (مواني البحر الأحمر)
سوريون يغادرون مصر بعد سقوط بشار (مواني البحر الأحمر)
TT

مصر: الإفراج عن الناشط السوري ليث الزعبي وترحيله

سوريون يغادرون مصر بعد سقوط بشار (مواني البحر الأحمر)
سوريون يغادرون مصر بعد سقوط بشار (مواني البحر الأحمر)

أفرجت السلطات الأمنية المصرية عن الناشط السوري الشاب ليث الزعبي، بعد أيام من القبض عليه وقررت ترحيله عن مصر، و«هو ما توافق مع رغبته»، بحسب ما كشف عنه لـ«الشرق الأوسط» صديقه معتصم الرفاعي.

وكانت تقارير إخبارية أشارت إلى توقيف الزعبي في مدينة الغردقة جنوب شرقي مصر، بعد أسبوع واحد من انتشار مقطع فيديو له على مواقع التواصل الاجتماعي تضمن مقابلة أجراها الزعبي مع القنصل السوري في القاهرة طالبه خلالها برفع علم الثورة السورية على مبنى القنصلية؛ ما تسبب في جدل كبير، حيث ربط البعض بين القبض على الزعبي ومطالبته برفع علم الثورة السورية.

لكن الرفاعي - وهو ناشط حقوقي مقيم في ألمانيا ومكلف من عائلة الزعبي الحديث عن قضية القبض عليه - أوضح أن «ضبط الزعبي تم من جانب جهاز الأمن الوطني المصري في مدينة الغردقة حيث كان يقيم؛ بسبب تشابه في الأسماء، بحسب ما أوضحت أجهزة الأمن لمحاميه».

وبعد إجراء التحريات والفحص اللازمين «تبين أن الزعبي ليس مطلوباً على ذمة قضايا ولا يمثل أي تهديد للأمن القومي المصري فتم الإفراج عنه الاثنين، وترحيله بحرياً إلى الأردن ومنها مباشرة إلى دمشق، حيث غير مسموح له المكوث في الأردن أيضاً»، وفق ما أكد الرفاعي الذي لم يقدّم ما يفيد بسلامة موقف إقامة الزعبي في مصر من عدمه.

الرفاعي أوضح أن «أتباع (الإخوان) حاولوا تضخيم قضية الزعبي والتحريض ضده بعد القبض عليه ومحاولة تصويره خطراً على أمن مصر، وربطوا بين ضبطه ومطالبته برفع علم الثورة السورية في محاولة منهم لإعطاء القضية أبعاداً أخرى، لكن الأمن المصري لم يجد أي شيء يدين الزعبي».

وشدد على أن «الزعبي طوال حياته يهاجم (الإخوان) وتيار الإسلام السياسي؛ وهذا ما جعلهم يحاولون إثارة ضجة حول قضيته لدفع السلطات المصرية لعدم الإفراج عنه»، بحسب تعبيره.

وتواصلت «الشرق الأوسط» مع القنصلية السورية في مصر، لكن المسؤولين فيها لم يستجيبوا لطلب التعليق، وأيضاً لم تتجاوب السلطات الأمنية المصرية لطلبات توضيح حول الأمر.

تجدر الإشارة إلى أن الزعبي درس في كلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة، وبحسب تقارير إعلامية كان مقيماً في مصر بصفته من طالبي اللجوء وكان يحمل البطاقة الصفراء لطلبات اللجوء المؤقتة، وسبق له أن عمل في المجال الإعلامي والصحافي بعدد من وسائل الإعلام المصرية، حيث كان يكتب عن الشأن السوري.

وبزغ نجم الزعبي بعد انتشار فيديو له يفيد بأنه طالب القنصل السوري بمصر بإنزال عَلم نظام بشار الأسد عن مبنى القنصلية في القاهرة ورفع عَلم الثورة السورية بدلاً منه، لكن القنصل أكد أن الأمر مرتبط ببروتوكولات الدبلوماسية، وأنه لا بد من رفع عَلم الثورة السورية أولاً في مقر جامعة الدول العربية.

ومنذ سقوط بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، ولم يحدث بين السلطات في مصر والإدارة الجديدة بسوريا سوى اتصال هاتفي وحيد بين وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي ووزير خارجية الحكومة المؤقتة السورية أسعد الشيباني، فضلاً عن إرسال مصر طائرة مساعدات إغاثية لدمشق.