رؤوس الأموال الروسية تبحث عن ملاذ محلي من العقوبات

الحكومة تؤكد تراجع نسبة الفقر وتأمل بتخفيضها حتى النصف

رؤوس الأموال الروسية تبحث عن ملاذ محلي من العقوبات
TT

رؤوس الأموال الروسية تبحث عن ملاذ محلي من العقوبات

رؤوس الأموال الروسية تبحث عن ملاذ محلي من العقوبات

في ظل بقاء الاقتصاد الروسي تحت ضغط العقوبات الأميركية بالتزامن مع مخاوف من تدابير عقابية جديدة تستهدف بصورة رئيسية قطاع المال الحكومي والمصارف الروسية الكبرى، يبحث رجال الأعمال والمواطنون الروس على حد سواء عن الحل الأفضل لإنقاذ ودائعهم. وفي الأثناء، أكدت الحكومة الروسية تراجع نسبة الفقر في البلاد بشكل واضح خلال العام الحالي، وأعلنت عن تدابير تنوي اعتمادها لمكافحة هذه الظاهرة، التي تشكل تحديا جديا تواجه السياسة الاقتصادية داخلياً.
وكشفت تقارير عن ظاهرتين، الأولى تشير إلى إعادة رجال الأعمال الروس رؤوس أموالهم من المصارف الغربية إلى مصارف روسية، والثانية تشير إلى سحب الشخصيات الطبيعية أي (المواطنين) نحو 80 في المائة من ودائعهم بالدولار الأميركي في البنوك الروسية، خشية من عقوبات تطال المصارف الحكومية الروسية... والهدف في الحالتين، تجنب تأثير العقوبات الأميركية السابقة والقادمة.
وكانت وكالة «بلومبيرغ» قالت، نقلا عن مصادر مالية، إن غالبية كبار رجال الأعمال الروس قاموا بتحويل أموالهم من أرصدة مصرفية في أوروبا والولايات المتحدة، إلى أرصدة في مصارف حكومية في روسيا، أو إلى أرصدة في الفروع المحلية (في روسيا) لمصارف أوروبية.
وتشير معطيات «سبير بنك»، وهو واحد من أضخم المصارف الروسية، إلى نمو حجم ودائع الشركات الروسية على حساباته المصرفية، في الفترة من يناير (كانون الثاني) وحتى أغسطس (آب)، بنسبة 17 في المائة.
وفي الفترة الحالية يتعزز التوجه بين رجال الأعمال الروس لنقل أموالهم إلى مصارف روسية. فضلا عن ذلك تحاول الشركات الروسية تجنب تأثير العقوبات، عبر اعتماد الروبل في تعاملاتها التجارية، وفق ما تشير إليه التقارير. وإذ تحافظ تلك الشركات على احتياطي كبير بالدولار الأميركي، إلا أنها تتجه لشراء الروبل الروسي، والاحتفاظ به لاستخدامه إن اضطر الأمر لذلك.
كما يسعى المواطنون الروس إلى إنقاذ ودائعهم بالدولار الأميركي من العقوبات. وقالت صحيفة «آر بي كا» الروسية، إن بيانات البنك المركزي الروسي تشير إلى سحب الشخصيات الطبيعية أي (المواطنين) 1.5 مليار دولار أميركي من حساباتهم في المصارف الروسية، الحصة الأكبر منها والتي بلغت 1.2 مليار دولار، قام المواطنون بسحبها من ودائعهم في مصرف «سبير بنك».
ويشكل هذا المبلغ 80 في المائة من إجمالي ما سحبه المواطنون من حساباتهم بالعملات الصعبة، في جميع المصارف الروسية. وتجدر الإشارة إلى أن «سبير بنك» هو الأول في روسيا بحجم ودائع المواطنين، بنسبة 45 في المائة من إجمالي ودائع الشخصيات الطبيعية في المصارف الروسية.
ومنذ مطلع العام الحالي تراجع حجم تلك الودائع في «سبير بنك» بنسبة 10 في المائة، إلا أن المسؤولين فيه قالوا إن «هروب نحو مليار دولار من مصرف برصيد عملات صعبة يتراوح بين 94 إلى 95 مليار دولار، يجب النظر إليه باعتباره نتيجة التطوير المتحكم به لميزانية البنك».
وبغية الحد من هروب رؤوس الأموال بالعملات الأجنبية، قرر «سبير بنك» في 21 سبتمبر (أيلول) رفع سعر الفائدة على الودائع بالدولار الأميركي من 1.35 في المائة، حتى 2 في المائة سنوياً.
وفي الشأن الاقتصادي الداخلي، قالت تتيانا غوليكوفا، نائبة رئيس الحكومة الروسية، المكلفة ضمن الفريق الاقتصادي بملف القضايا الاجتماعية، إن نسبة الفقر خلال النصف الأول من العام الحالي تراجعت مقارنة بالنصف الأول من العام الماضي، وأكدت في تصريحات أول من أمس أنه «إذا كانت نسبة المواطنين الذين يعيشون تحت خط الفقر قد بلغت 14.4 في المائة، أو نحو 21.1 مليون مواطن روسي في النصف الأول من العام الماضي، فإن هذا الرقم تراجع خلال النصف الأول من العام الحالي نحو 1.1 مليون مواطن»، أي أن عدد المواطنين تحت خط الفقر تراجع حتى 20 مليون مواطن.
وأشارت إلى أن الحكومة تقوم بصياغة توقعاتها الاجتماعية - الاقتصادية انطلاقاً من إدراكها أنها ستتمكن خلال السنوات الست القادمة من تخفيض نسبة الفقر حتى النصف، وفق ما جاء في المراسيم الرئاسية حول أهداف التنمية الوطنية حتى عام 2024.
وبعد أن وصفت «تخفيض معدل الفقر حتى النصف» خلال ست سنوات، بأنه واحد من المهام الأكثر تعقيداً، حذرت من عدم إمكانية تحقيق هذا الهدف بشكل تام، إن لم تتخذ الحكومة تدابير إضافية»، وقالت: «بناء على نتائج عام 2018 سنقيم الوضع، وليس فيما يخص معدل الفقر فحسب، بل وهيكليته. ولا أستبعد تبني تدابير إضافية لدعم الوضع الديموغرافي، وكذلك لدعم الأسر التي لديها أطفال».
وأشارت غوليكوفا إلى أن جزمة التدابير الإضافية ستظهر فقط بعد الحصول على مؤشرات الوضع الاجتماعي – الاقتصادي في روسيا خلال عام 2018. وتصدر التقارير بهذا الخصوص عادة في النصف الأول من العام التالي، ما يعني أن التدابير الجديدة سيتم تبنيها مع نهاية النصف الأول من عام 2019.



تأييد استمرار خفض الفائدة يتزايد داخل «المركزي الأوروبي» حال استقرار التضخم

مقر البنك المركزي الأوروبي في مدينة فرانكفورت الألمانية (رويترز)
مقر البنك المركزي الأوروبي في مدينة فرانكفورت الألمانية (رويترز)
TT

تأييد استمرار خفض الفائدة يتزايد داخل «المركزي الأوروبي» حال استقرار التضخم

مقر البنك المركزي الأوروبي في مدينة فرانكفورت الألمانية (رويترز)
مقر البنك المركزي الأوروبي في مدينة فرانكفورت الألمانية (رويترز)

أيد أربعة من صناع السياسات في البنك المركزي الأوروبي يوم الجمعة المزيد من خفض أسعار الفائدة؛ شريطة أن يستقر التضخم عند هدف البنك المركزي الأوروبي البالغ 2 في المائة كما هو متوقع.

وخفض البنك المركزي لمنطقة اليورو أسعار الفائدة للمرة الرابعة هذا العام يوم الخميس، وأبقى الباب مفتوحا لمزيد من التيسير، على الرغم من أن بعض المحللين شعروا أن إشارة رئيسة البنك كريستين لاغارد في هذا الاتجاه كانت أقل وضوحا مما كانوا يأملون.

وبدا أن محافظ البنك المركزي الفرنسي فرنسوا فيليروي دي غالو، وزميله الإسباني خوسيه لويس إسكريفا، والنمساوي روبرت هولزمان، وغاستون راينش من لوكسمبورغ، قد أكدوا الرسالة يوم الجمعة.

وقال فيليروي دي غالو لإذاعة الأعمال الفرنسية: «سيكون هناك المزيد من تخفيضات الأسعار العام المقبل». وفي حديثه على التلفزيون الإسباني، أضاف إسكريفا أنه من «المنطقي» أن «يخفض البنك المركزي الأوروبي أسعار الفائدة مرة أخرى في اجتماعات مستقبلية» إذا استمر التضخم في التقارب مع الهدف. وكان 2.3 في المائة في نوفمبر (تشرين الثاني).

وخفض البنك المركزي الأوروبي سعر الفائدة الذي يدفعه على احتياطيات البنوك بمقدار 25 نقطة أساس إلى 3.0 في المائة يوم الخميس، ويتوقع المستثمرون تخفيضات أخرى بقيمة 100 نقطة أساس على الأقل بحلول يونيو (حزيران) المقبل.

ورفضت لاغارد التكهن بالمسار المستقبلي للأسعار، مشيرة إلى المخاطر التي تتراوح من التعريفات الجمركية الأميركية المحتملة إلى عدم اليقين السياسي في الداخل، حيث إن فرنسا حالياً دون حكومة، بينما تواجه ألمانيا تحديات انتخابات جديدة، فضلاً عن التضخم المحلي المرتفع.

وألقى فيليروي دي غالو، الوسطي الذي أصبح مؤيداً بشكل متزايد للسياسة التيسيرية في الأشهر الأخيرة، بثقله وراء توقعات السوق. وقال: «ألاحظ أننا مرتاحون بشكل جماعي إلى حد ما لتوقعات أسعار الفائدة في الأسواق المالية للعام المقبل».

وحتى محافظ البنك المركزي النمساوي روبرت هولزمان، وهو من الصقور وكان المعارض الوحيد للتيسير، أيد عودة أسعار الفائدة إلى مستوى محايد، لا يحفز الاقتصاد ولا يكبح جماحه، عند حوالي 2 في المائة. وقال للصحافيين: «ستتجه أسعار الفائدة في هذا الاتجاه. وإذا تحققت تقييمات السوق كما هي في الوقت الحالي، فسوف تتطابق مع توقعاتنا. وإذا تطابقت توقعاتنا، فربما يتعين علينا تعديل أسعار الفائدة لدينا لتكون متسقة».

وقال راينيش من لوكسمبورغ، والذي نادراً ما يناقش السياسة في العلن، لوسائل الإعلام المحلية أنه «لن يكون من غير المعقول» أن «ينخفض ​​سعر الودائع إلى 2.5 في المائة بحلول أوائل الربيع»، وهو ما يعني على الأرجح خفض سعر الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس في يناير (كانون الثاني) ومارس (آذار) المقبلين.

بينما قلل إسكريفا من احتمال خفض سعر الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس، وهو الخيار الذي طرحه بعض زملائه وتبناه البنوك المركزية في سويسرا والولايات المتحدة. وقال محافظ البنك المركزي الإسباني المعين حديثا: «في المناقشات التي أجريناها (الخميس)، كانت الفكرة السائدة هي أنه يتعين علينا الاستمرار في إجراء تحركات هبوطية بمقدار 25 نقطة أساس، وهو الشكل الذي سيسمح لنا بمواصلة تقييم التأثيرات من حيث انكماش التضخم».

في غضون ذلك، ظل الإنتاج الصناعي في منطقة اليورو دون تغيير في أكتوبر (تشرين الأول) مقارنة بالشهر السابق، متجاوزا التوقعات بانخفاض طفيف، لكن البيانات تشير إلى عدم وجود تعافي في الأفق لقطاع غارق في الركود منذ ما يقرب من عامين. وجاء الرقم الذي لم يتغير، والذي أصدره «يوروستات»، أعلى قليلا من توقعات الاقتصاديين بانخفاض بنسبة 0.1 في المائة، ويأتي بعد انخفاض بنسبة 1.5 في المائة في سبتمبر (أيلول).

وأعلنت ألمانيا وفرنسا وهولندا عن قراءات سلبية خلال الشهر، بينما ظل الإنتاج الإيطالي راكدا، تاركا إسبانيا الدولة الوحيدة من بين أكبر دول منطقة اليورو التي سجلت قراءة إيجابية.

وعانت الصناعة الأوروبية لسنوات من ارتفاع حاد في تكاليف الطاقة، وتراجع الطلب من الصين، وارتفاع تكاليف التمويل للاستثمار، والإنفاق الاستهلاكي الحذر في الداخل. وكان هذا الضعف أحد الأسباب الرئيسية وراء خفض البنك المركزي الأوروبي لأسعار الفائدة يوم الخميس وخفض توقعاته للنمو، بحجة وجود حالة من عدم اليقين في الوفرة.

وبالمقارنة بالعام السابق، انخفض الناتج الصناعي في منطقة اليورو بنسبة 1.2 في المائة، مقابل التوقعات بانخفاض بنسبة 1.9 في المائة. ومقارنة بالشهر السابق، انخفض إنتاج الطاقة والسلع المعمرة والسلع الاستهلاكية، وارتفع إنتاج السلع الرأسمالية فقط.