اجتماع دولي يطالب بـ«مساءلة» مهدّدي الاستقرار والأمن في ليبيا

دعا النواب الليبيين إلى إقرار التشريعات اللازمة وإجراء انتخابات «في أقرب وقت»

وزير الخارجية الفرنسي وأمين عام الجامعة العربية يشاركان في اجتماع أممي حول ليبيا بنيويورك أول من أمس (أ.ف.ب)
وزير الخارجية الفرنسي وأمين عام الجامعة العربية يشاركان في اجتماع أممي حول ليبيا بنيويورك أول من أمس (أ.ف.ب)
TT

اجتماع دولي يطالب بـ«مساءلة» مهدّدي الاستقرار والأمن في ليبيا

وزير الخارجية الفرنسي وأمين عام الجامعة العربية يشاركان في اجتماع أممي حول ليبيا بنيويورك أول من أمس (أ.ف.ب)
وزير الخارجية الفرنسي وأمين عام الجامعة العربية يشاركان في اجتماع أممي حول ليبيا بنيويورك أول من أمس (أ.ف.ب)

طالب اجتماع دولي رفيع المستوى بـ«مساءلة الذين يهددون بتقويض السلام والأمن والاستقرار» في ليبيا، داعياً بعثة الأمم المتحدة في ليبيا (أنسميل) إلى تقديم اقتراحات بشأن الأفراد الذين ينبغي معاقبتهم. وإذ أشاد برئيس الوزراء فائز السراج، طالب مجلس النواب الليبي وأعضاءه بـ«الوفاء بمسؤولياتهم عن طريق اتخاذ التشريعات الانتخابية المناسبة»، وإجراء انتخابات «موثوقة وسلمية» في أقرب وقت ممكن.
وبدعوة من وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لو دريان، شارك وزراء الخارجية ومسؤولون كبار لكل من ليبيا وتونس والجزائر ومصر والمغرب والنيجر وإيطاليا والولايات المتحدة وبريطانيا والصين وروسيا والاتحاد الأوروبي والاتحاد الأفريقي وجامعة الدول العربية في اجتماع مغلق، على هامش الاجتماعات الرفيعة المستوى للدورة السنوية الـ73 للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك. وأجروا مشاورات عبر دائرة تلفزيونية مغلقة من طرابلس مع رئيس الوزراء فائز السراج، والممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة غسان سلامة.
وأعاد المجتمعون «تأكيد دعمهم الكامل لممثل الأمم المتحدة الخاص غسان سلامة وخطة عمله، وكذلك جهوده لتسهيل التوصل إلى حل سياسي شامل بقيادة الليبيين». وندّدوا بـ«الانتهاكات الأخيرة لوقف النار في طرابلس، ولا سيما القصف العشوائي الذي أدى إلى وقوع إصابات في صفوف المدنيين»، مشددين على «الحاجة الملحة إلى استعادة الاستقرار في العاصمة الليبية استناداً إلى وقف دائم للأعمال القتالية». وقالوا إنه «يجب عدم السماح لأولئك الذين يسعون إلى تحقيق أهدافهم بالعنف بأن يحتجزوا العملية السياسية الليبية كرهينة».
وفي هذا الإطار، أكّدوا «دعمهم للجهود المتواصلة التي تبذلها بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا (أنسميل) لتهدئة القتال وضمان حماية المدنيين»، داعين كل الأطراف إلى تنفيذ وقف النار الذي جرى التوصل إليه في 4 سبتمبر (أيلول) وتأييده». وأشادوا بـ«خطوات حكومة الوفاق الوطني لتنفيذ الترتيبات الأمنية الضرورية في طرابلس، وعلى وجه الخصوص قرار تعزيز الوحدات العسكرية النظامية الليبية».
وأعرب المشاركون عن «التزامهم بمساءلة أولئك الذين يهددون بتقويض السلام والأمن والاستقرار في ليبيا، أو يقوضون نجاح عملية الانتقال السياسي، وفقاً لقرار مجلس الأمن 2213». وأكدوا مواصلة العمل لدعم بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا وتلقي اقتراحاتها في شأن الأفراد الذين تنبغي معاقبتهم. وحضوا جميع القادة الليبيين على «المشاركة البنّاءة مع الممثل الخاص سلامة، بروحية من التسوية الحقيقية وبهدف تعزيز الزخم المتولد عن المؤتمر الدولي المعني بليبيا الذي استضافه، تحت رعاية الأمم المتحدة، في باريس في 29 مايو (أيار) 2018، من أجل العمل بشكل بنّاء من أجل توحيد المؤسسات العسكرية والاقتصادية الليبية ورسم مسار قابل للتطبيق لاعتماد الدستور والمضيّ في إجراء انتخابات موثوقة وسلمية ومُعدة بشكل جيد في أقرب وقت ممكن». واعترفوا بشكل خاص بالدور المهم الذي اضطلع به رئيس الوزراء فائز السراج. ورحبوا بالانتخابات البلدية التي أجريت في ثلاث مدن ليبية. وحضوا جميع القادة الليبيين على تعزيز المصالحة الوطنية بالتعاون مع العملية السياسية للأمم المتحدة. ودعوا مجلس النواب الليبي وأعضاءه إلى «الوفاء بمسؤولياتهم عن طريق اتخاذ التشريعات الانتخابية المناسبة».
كما أعرب المشاركون عن دعمهم للمناقشات الليبية الجارية حول «كيفية تحسين الشفافية المالية وتعزيز التوزيع العادل لموارد البلاد، في إطار الاتفاق السياسي الليبي، الذي أقره مجلس الأمن من خلال القرار 2259». ولاحظوا على وجه الخصوص «الحاجة الملحّة إلى المضي في حزمة شاملة للإصلاح الاقتصادي، داعين حكومة الوفاق الوطني إلى اتخاذ جميع الخطوات اللازمة لتحسين السياسة المالية وضمان فعالية الحكومة والتصدي لسوء الإدارة والفساد. كما دعا المشاركون، المبعوث الدولي إلى طرح مقترحات لإصلاحات اقتصادية ونقدية فعالة في ما يتعلق بإساءة استخدام خطابات الاعتماد والشفافية المالية. كما أكد المشاركون دعمهم للحفاظ على سيادة وسلامة أراضي ووحدة وتماسك الشعب الليبي. وختموا بأنه «يجب على الليبيين أن يقرروا مستقبلهم من دون تدخل أجنبي».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».