«كعكة طرابلس» تُسيل لعاب ميليشيات «الإخوان» والجماعات «المقاتلة»

أغرت الأحداث المتوترة في العاصمة الليبية طرابلس أطرافاً عدة بالدخول على خط الأزمة، بحثاً عن مكسب، أو لـ«تحسين شروط التفاوض» مستقبلاً، وفي مقدمتهم ميلشيا صلاح بادي، القائد السابق لعملية «فجر ليبيا» عضو المؤتمر الوطني السابق (المنتهية ولايته)، الذي ظل في بلدته مصراتة (200 كلم شرق العاصمة) إلى أن حانت اللحظة، وتحرك على رأس قواته نحو العاصمة، أملاً في اقتحامها ودخولها «مع الداخلين».
وعرف الليبيون بادي، آمر ما يسمى «لواء الصمود»، عندما وقف يُكبر أمام مطار طرابلس عام 2014 ابتهاجاً وشكراً لله، بينما النار تشتعل في الطائرات المدنية، وتلتهم كل أساسات المرفق الحيوي، في حرب انتهت بدحر ميليشيات «فجر ليبيا»، الموالية لجماعة الإخوان المسلمين، لكن بادي ظل على عهده، يتحين الفرصة للأخذ بالثأر، والتمهيد للكتائب الموالية لحكومة «الإنقاذ».
وأمام تحفز بادي، تم خرق الهدنة التي رعتها الأمم المتحدة مجدداً، بعد اشتباكات اندلعت بين القوات التابعة له والميليشيا التي يقودها عبد الغني الككلي، المشهور بـ«غنيوة»، والتي تعرف بـ«قوة الردع والتدخل السريع أبو سليم».
وفي وقت أعلن فيه «اللواء السابع مشاة» أنه ملتزم بالهدنة، وأن قوات بادي «هي من ترفض وقف إطلاق النار، وأعلنت الحرب للسيطرة على العاصمة»، رد الأخير وقال إن كتيبة «غنيوة» هي التي اعتدت على تمركزاته «لكن قواته تقدمت على طريق المطار، جنوب العاصمة، مبرزاً أنه يمضي قدماً نحو عملية ما يسميه (تطهير طرابلس)».
ومن جانبها، قالت كتيبة «الردع أبو سليم» إن صلاح بادي، آمر «لواء الصمود»، يزج بالشباب في المقدمة ليواجهوا مصيرهم «بينما يقبع هو وابنه في المؤخرة، ويكتفي بالظهور في مقاطع فيديو بين الحين والآخر، وهو يكذب على أتباعه لإرسالهم للقتال لتحقيق ما يصبوا إليه».
وفور تصاعد الأحداث بالعاصمة الشهر الماضي، التي قضي فيها قرابة مائة شخص، ظهر بادي في مقطع فيديو صور أمام خزانات شركة البريقة، في طريق مطار بطرابلس، وهو يتعهد بقتال من وصفهم بـ«العملاء والفاسدين». وفي محاولة منه لركوب الموجة، سعى بادي لكسب ود «اللواء السابع مشاة»، التابع لمدينة ترهونة، المسمى «الكانيات»، وقال إنه «سيصطف معه لمحاربة ميليشيات (ثوار طرابلس)، التي يتزعمها هيثم التاجوري، و(النواصي) و(أبو سليم)».
لكن مساعي بادي للاصطفاف مع ميليشيا «الكانيات» استقبلت حينها برفض سعد الهمالي، الناطق باسم «اللواء السابع»، حيث قال: «إننا لم نقاتل من أجل إزاحة ميليشيات لنستبدلها بأخرى... و(اللواء السابع) هو من يقود العملية العسكرية على الميليشيات المتمرسة في طرابلس، وليس سواه».
وسبق لبادي، وهو عضو سابق بالمؤتمر الوطني العام غير المعترف به عن مدينة مصراتة، أن قاد عملية «فجر ليبيا» في 13 يوليو (تموز) 2014، بهدف السيطرة على مطار طرابلس، وأسفر الهجوم الذي استخدمت فيه صواريخ متوسطة وقصيرة المدى عن إتلاف عدد من الطائرات الرابضة في مطار طرابلس، وسقوط عدد من القتلى والجرحى.
وحل بادي في مقدمة القائمة التي أصدرتها لجنة الدفاع والأمن القومي بمجلس النواب الليبي، والتي تضمنت 75 شخصاً و9 كيانات ارتبطت بشخصيات في دولة قطر، أو المقيمة فيها، وذلك بهدف ضمها إلى قائمة الإرهاب التي أصدرتها المملكة العربية السعودية والإمارات والبحرين ومصر.
غير أن بادي، الضابط السابق في قوات معمر القذافي المسلحة، الذي انخرط في السياسية وفاز بمقعد في الانتخابات البرلمانية في يوليو 2012، فضل حمل السلاح والانضواء ضمن قوات حكومة (الإنقاذ)، وكان من أوائل الرافضين للمجلس الرئاسي لحكومة (الوفاق الوطني)، بقيادة فائز السراج، منذ أن دخل العاصمة بحراً.
وترجع اشتباكات طرابلس إلى 26 أغسطس (آب) الماضي، عندما اندلعت مواجهات دامية، استخدمت فيها مدافع «هاوزر» وصواريخ «غراد» بين 3 من تلك الميليشيات الرئيسية، وهي: «اللواء السابع مشاة» من جهة، ومن جهة أخرى ميليشيا «ثوار طرابلس»، ومعها «قوات الدعم المركزي» في أبو سليم، وميليشيا «النواصي»؛ وكل هذه الميليشيات تتبع (اسمياً) للمجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني، بقيادة فائز السراج.
ومنذ أن دخل السراج إلى العاصمة في مارس (آذار) 2016 لممارسة مهامه، وفق اتفاق الصخيرات، وهو يعمل على دمج بعض الميليشيات المسلحة في الأجهزة الأمنية. وتبعاً لذلك، أصبحت «الكانيات» تتبع لوزارة الدفاع بحكومة «الوفاق»، أما «ثوار طرابلس» و«النواصي» فتنضويان تحت لواء وزارة الداخلية بالحكومة نفسها. وتحصل الميليشيات، التي تم دمجها في الأجهزة الأمنية في طرابلس، على مميزات ورواتب من مخصصات الوزارتين، تبلغ 6 مليارات ونصف المليار دينار ليبي، في الترتيبات المالية للعام الحالي 2018.