«البصرة» في دائرة الاهتمام مجدداً... و95 ألف إصابة بتلوث مائها

مقترح نيابي لتشكيل مجلس أعلى لإعمارها

TT

«البصرة» في دائرة الاهتمام مجدداً... و95 ألف إصابة بتلوث مائها

عاد ملف البصرة ومشكلاتها المتعلقة بتراجع الخدمات والإصابات الناجمة عن تلوث المياه إلى دائرة الاهتمام مجددا بعد أن استضاف مجلس النواب في جلسته، أمس، وزراء الموارد المائية والبلديات والصحة وتقديم عدد من نواب البصرة مقترح تشكيل مجلس أعلى لإعمارها، إضافة إلى إعلان مفوضية حقوق الإنسان في البصرة عن وصول حالات التسمم بالمياه الملوثة بين السكان إلى 95 ألف إصابة.
وقالت مصادر لـ«الشرق الأوسط» إن «معظم الشروحات التي قدمها الوزراء الثلاثة لم تتعد حدود تقديم الأسباب والمبررات السابقة المسؤولة عن مشكلة البصرة، المتعلقة بالإهمال وقلة التخصيصات وضعف الإدارة التي ارتبطت بمعظم المشاريع». وجاء في نص الوثيقة المقترحة للقانون التي وقعها، أمس، عدد من أعضاء مجلس النواب عن البصرة «نقترح تشريع قانون تشكيل المجلس الأعلى لإعمار البصرة يرتبط برئيس مجلس الوزراء ويكون برئاسة محافظ البصرة وبعضوية وكلاء الوزارات كافة».
وعن اختصاصات مجلس الإعمار المقترح، تقول الوثيقة إنه «يختص بتقديم الخطط للمشاريع التنموية والاستراتيجية وحل مشكلاتها ويمول من إيرادات المنافذ الحدودية والبترودولار والجباية الداخلية والرسوم في المحافظة ويخضع لرقابة مجلس النواب». ويشترط المقترح أن «يقدم المجلس خطة عمل استراتيجية لمدة خمس سنوات وله حق التعاقد مع مجلس استشاري عالمي مختص في المجالات التنموية والتخطيط وإعداد الدراسات التي من شأنها حل مشكلات البصرة».
وكانت المظاهرات الاحتجاجية في البصرة انطلقت مطلع يوليو (تموز) الماضي وانتهت بإحراق مقرات الأحزاب و«الحشد» والقنصلية الإيرانية في السابع من سبتمبر (أيلول) الحالي.
ورغم الاهتمام الحكومي الاستثنائي بملف البصرة، وتدخل مرجعية النجف الدينية وقيامها بإصلاح ونصب محطات تحلية المياه، فإن حالات التلوث والإصابة بأمراض الإسهال والمغص المعوي ما زالت متواصلة، وقد أعلن مدير مكتب المفوضية العليا لحقوق الإنسان في البصرة مهدي التميمي، أن «عدد حالات التسمم جراء تلوث المياه في البصرة وصل إلى 95 ألف حالة تسمم». وأوضح التميمي في بيان أمس، أن «هناك حالات أخرى لم تراجع المستشفيات وإنما اعتمدت على العلاجات المنزلية»، مكررا مناشدته إلى الحكومة المركزية والمجتمع الدولي والأمم المتحدة بـ«اتخاذ مواقف سريعة وواضحة اتجاه الموضوع».
وخرج المئات، أمس، في مسيرة احتجاجية في البصرة، انطلاقاً من ساحة العروسة في منطقة الطويسة ووصولاً إلى ساحة عبد الكريم قاسم، مطالبين بإجراء إصلاحات للنظام السياسي وتطوير الاقتصاد المحلي وتوفير فرص عمل للعاطلين وتحسين الخدمات الأساسية، وبخاصة معالجة أزمة ملوحة وتلوث المياه.
وقالت مصادر أمنية أمس، إن مسلحين مجهولين يستقلون سيارات أطلقوا النار، أمس، على ناشطة مدنية تترأس لدى مرورها بسيارتها في منطقة العباسية وسط البصرة، وأدى إلى مقتلها، فيما لاذ المسلحون بالفرار.
من جانبه، اعتبر رئيس كتلة الفضيلة النيابية عمار طعمة، أمس، أن أغلب مشكلات البصرة تتعلق بغياب المراقبة الميدانية للوزراء والمسؤولين في الدوائر المحلية. وقال طعمة في بيان إن «مجريات جلسة استضافة الوزراء المعنيين في البرلمان أكدت أن غياب المراقبة الميدانية للوزراء ومسؤولي الدوائر المحلية شكل سبباً مهماً لأزمة مياه الشرب في البصرة وكان بالإمكان اتخاذ إجراءات غير مكلفة تسهم بتقليل الأزمة إلى مستوى يقارب 40 في المائة من تقليل الأضرار». وأضاف طعمة، أن «مشكلة الترسبات ونبات الشمبلان في القناة وأحواض التخزين لم يلتفت لمعالجتها إلا بعد تصاعد مطالب المواطنين، ومشكلة صيانة وإدامة محطات الضخ الأربع على القناة والتلكؤ في معالجتها رغم سهولة الإجراءات وقلة التكاليف».



3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
TT

3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)

قدمت الحكومة اليمنية عبر سفارتها في واشنطن 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية في مواجهة الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، في حين تحدثت الجماعة، الأحد، عن غارة ضربت موقعاً لها في جنوب محافظة الحديدة.

ووصف الإعلام الحوثي الغارة بـ«الأميركية - البريطانية»، وقال إنها استهدفت موقعاً في مديرية التحيتا الخاضعة للجماعة في جنوب محافظة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، دون إيراد تفاصيل عن آثار الضربة.

مقاتلات أميركية من طراز «إف 35» شاركت في ضرب الحوثيين باليمن (أ.ب)

وفي حين لم يتبنَّ الجيش الأميركي على الفور هذه الغارة، تراجعت خلال الشهر الأخير الضربات على مواقع الحوثيين، إذ لم تسجل سوى 3 غارات منذ 12 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وكانت واشنطن أنشأت تحالفاً بقيادتها سمّته «حارس الازدهار» وبدأت - ومعها بريطانيا في عدد من المرات - في شن ضربات على مواقع الجماعة الحوثية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، في مسعى لإضعاف قدرة الجماعة على مهاجمة السفن.

وإذ بلغت الغارات أكثر من 800 غارة غربية استأثرت محافظة الحديدة الساحلية بأغلبها، كانت الجماعة تبنت مهاجمة نحو 215 سفينة منذ نوفمبر 2023، وأدت الهجمات إلى غرق سفينتين وإصابة أكثر من 35 سفينة ومقتل 3 بحارة.

وتزعم الجماعة الموالية لإيران أنها تشن هجماتها ضد السفن إلى جانب عشرات الهجمات باتجاه إسرائيل مساندة منها للفلسطينيين في غزة، في حين تقول الحكومة اليمنية إن الجماعة تنفذ أجندة طهران واستغلت الأحداث للهروب من استحقاقات السلام.

تصنيف ودعم وتفكيك

في وقت يعول فيه اليمنيون على تبدل السياسة الأميركية في عهد الرئيس المنتخب دونالد ترمب، لتصبح أكثر صرامة في مواجهة الحوثيين الذين باتوا الذراع الإيرانية الأقوى في المنطقة بعد انهيار «حزب الله» وسقوط نظام بشار الأسد، قدم السفير اليمني لدى واشنطن محمد الحضرمي 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ لدعم بلاده.

وتتضمن المقترحات الثلاثة إعادة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية، ودعم الحكومة اليمنية لتحرير الحديدة وموانئها، واستهداف قيادات الجماعة لتفكيك هيكلهم القيادي.

محمد الحضرمي سفير اليمن لدى الولايات المتحدة ووزير الخارجية الأسبق (سبأ)

وقال السفير الحضرمي إن تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية على غرار تصنيف «حزب الله» و«الحرس الثوري» الإيراني، من شأنه أن يبعث برسالة قوية مفادها أن أفعال الحوثيين (ترويع المدنيين، واستهداف الأمن البحري، وزعزعة استقرار المنطقة) غير مقبولة.

وبخصوص دعم الحكومة اليمنية لتحرير ميناء الحديدة، أوضح الحضرمي في مداخلته أمام مجلس الشيوخ الأميركي أن تأمين هذا الميناء الحيوي على البحر الأحمر، من شأنه أن يمكن الحكومة من حماية البحر الأحمر وإجبار الحوثيين على الانخراط في السلام، وكذلك منع وصول الدعم الإيراني إليهم.

وأكد الحضرمي أن تحرير الحديدة لن يكلف الحكومة اليمنية الكثير، وقال: «كنا على مسافة قليلة جداً من تحرير الحديدة في 2018، وتم إيقافنا من قبل المجتمع الدولي. وأعتقد أنه حان الأوان لتحرير هذا الميناء».

وفيما يتعلق باستهداف قيادات الحوثيين لتفكيك هيكلهم القيادي، شدد السفير اليمني في واشنطن على أهمية هذه الخطوة، وقال إن «محاسبة قادة الميليشيات الحوثية على جرائمهم ستؤدي إلى إضعاف عملياتهم وتعطيل قدرتهم على الإفلات من العقاب».

وأضاف: «ستعمل هذه التدابير على تعزيز أمن البحر الأحمر، وحفظ دافعي الضرائب وهذا البلد (الولايات المتحدة) للكثير من المال، ومحاسبة الحوثيين على أفعالهم، وتوفير الضغط اللازم لإجبار الجماعة على الانخراط في المفاوضات، مما يمهد الطريق لسلام دائم في اليمن».

ورأى السفير اليمني أن الدبلوماسية وحدها لا تجدي نفعاً مع النظام الإيراني ووكلائه، وقال: «حاولنا ذلك معهم لسنوات عديدة. (السلام من خلال القوة) هو المجدي! وأنا واثق بأن الشعب اليمني والإيراني سيتمكنون يوماً ما من تحرير أنفسهم من طغيان النظام الإيراني ووكلائه».

اتهام إيران

أشار السفير الحضرمي في مداخلته إلى أن معاناة بلاده كانت النتيجة المتعمدة لدعم إيران للفوضى وعدم الاستقرار في المنطق، وقال: «منذ أكثر من 10 سنوات، قامت إيران بتمويل وتسليح جماعة الحوثي الإرهابية، وتزويدها بالأسلحة الفتاكة لزعزعة استقرار اليمن وتهديد خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر».

وأوضح أنه من المأساوي أن الدعم الإيراني مكّن الحوثيين من أن يصبحوا خطراً ليس فقط على اليمن، بل على المنطقة والعالم، إذ يعدّ البحر الأحمر ممراً مهماً للشحن التجاري، حيث يمر منه أكثر من 10 في المائة من التجارة العالمية و30 في المائة من شحن البضائع السنوي، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة وحدها تنفق مليارات الدولارات للتصدي لهجمات لا تكلف إيران إلا القليل.

صاروخ وهمي من صنع الحوثيين خلال تجمع في صنعاء دعا له زعيم الجماعة (إ.ب.أ)

وخاطب الحضرمي أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي بالقول: «يجب إيقاف الحوثيين، ويمكن لليمنيين إيقافهم! فنحن نمتلك العزيمة والقوة البشرية لمواجهة الحوثيين والتهديد الإيراني في اليمن والبحر الأحمر. ولكننا لا نستطيع أن نفعل ذلك بمفردنا؛ نحن بحاجة لدعمكم».

وأشار السفير اليمني إلى أن الحوثيين يحصلون على النفط والغاز مجاناً من إيران، وباستخدام الأسلحة الإيرانية يمنعون اليمن من تصدير موارده الطبيعية، مما أعاق قدرة الحكومة على دفع الرواتب، أو تقديم الخدمات، أو شن هجوم مضاد فعال ضد الجماعة. وقال: «يمكن أن يتغير ذلك بدعم الولايات المتحدة».

وأكد الحضرمي أن اليمنيين لديهم العزيمة والقدرة على هزيمة الحوثيين واستعادة مؤسسات الدولة وإحلال السلام، واستدرك بالقول إن «وجود استراتيجية أميركية جديدة حول اليمن يعدّ أمراً بالغ الأهمية لمساعدتنا في تحقيق هذا الهدف».

ومع تشديد السفير اليمني على وجود «حاجة ماسة إلى نهج جديد لمعالجة التهديد الحوثي»، أكد أن الحوثيين «ليسوا أقوياء بطبيعتهم، وأن قوتهم تأتي فقط من إيران وحرسها الثوري، وأنه بوجود الاستراتيجية الصحيحة، يمكن تحييد هذا الدعم».