الجيش اليمني يستدعي قوات خاصة استعداداً للحسم في الحديدة

متحدث عسكري يؤكد فرار 29 قيادياً انقلابياً وخبراء إيرانيين باتجاه صعدة

شاب يحمل علم اليمن خلال الاحتفال بالذكرى الـ56 لثورة «26 سبتمبر» بمدينة تعز أمس (أ.ف.ب)
شاب يحمل علم اليمن خلال الاحتفال بالذكرى الـ56 لثورة «26 سبتمبر» بمدينة تعز أمس (أ.ف.ب)
TT

الجيش اليمني يستدعي قوات خاصة استعداداً للحسم في الحديدة

شاب يحمل علم اليمن خلال الاحتفال بالذكرى الـ56 لثورة «26 سبتمبر» بمدينة تعز أمس (أ.ف.ب)
شاب يحمل علم اليمن خلال الاحتفال بالذكرى الـ56 لثورة «26 سبتمبر» بمدينة تعز أمس (أ.ف.ب)

استدعى الجيش اليمني قوات خاصة للتمركز على تخوم الحديدة، من أجل تنفيذ مهام قتالية أثناء التقدم نحو مركز المدينة الساحلية، ومواجهة قناصة الميليشيات الانقلابية المنتشرين على أسطح المباني العالية.
ويأتي استدعاء القوات الخاصة بالتزامن مع سيطرة الجيش الوطني على منطقة «كيلو 16» والتحكم في الطريق الإسفلتي الرابط بين مدينتي الحديدة وصنعاء، إضافة إلى سيطرة الجيش على «معسكر الدفاع الجوي» الذي يقع شرق الحديدة، وهو ما دفع الميليشيات الانقلابية إلى تهريب 29 من قيادات الصف الأول من المدينة، مع إخراج نحو 20 خبيراً إيرانياً وآخرين ينتمون إلى «حزب الله» باتجاه حجة وصعدة، بحسب العميد عبده مجلي، المتحدث باسم الجيش اليمني.
وقال مجلي في اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط»، إن القوة التي جرى استدعاؤها مدربة على أحدث التقنيات والعمليات القتالية، ومكلفة بطرد الميليشيات في الأجزاء الداخلية من المدينة، والاشتباك مع القناصة، كما أن لديها قدرات عالية للأعمال القتالية داخل الأحياء والشوارع، موضحاً أن ما جرى رصده من عمل استخباراتي وما جمع من معلومات من داخل المدينة عبر عناصر متعاونة وموالية للحكومة الشرعية، يؤكد فرار نحو 29 من قيادات الصف الأول للميليشيات وخبراء إيرانيين وآخرين من «حزب الله».
وعزا المتحدث باسم الجيش فرار هذه القيادات والخبراء إلى ما يحققه الجيش من انتصارات متواصلة في مركز مديرية باقم وكتاف، وما نتج عنه من سيطرة كاملة على سلسلة الجبال الرئيسية مع تقدم باتجاه سلسلة جبال مران، مشيراً إلى أن السيطرة على هذه الجبال تسهم في التحكم في مجريات المعارك، إضافة إلى ما يتحقق في الساحل الغربي؛ خصوصاً بعد السيطرة على «معسكر الدفاع الجوي» الذي يقع شرق مدينة الحديدة، ويتحكم بالطريق الشرقي الرئيس للمدينة، والسيطرة عليه من قبل الجيش الذي يعمل على تحويله إلى إدارة العمليات القتالية والتدريب وقطع طرق الإمداد عن الميليشيات الانقلابية، ونقطة انطلاق رئيسية لعملية تحرير الحديدة ومينائها الرئيس. ولفت المتحدث إلى أن الجيش عثر على ذخائر وأسلحة متنوعة، وألغام مضادة للدبابات والمدرعات والأفراد، وجميع هذه الأسلحة نهبتها الميليشيات الانقلابية من مخازن القوات المسلحة في وقت سابق، وخزّنتها في مواقع مختلفة.
وتطرق العميد مجلي إلى أن عمليات تهريب السلاح من الانقلابيين ما زالت مستمرة، ما دام ميناءا الحديدة والصليف في قبضة الميليشيات التي تستفيد بشكل كبير منهما. ودلل على استمرار عمليات التهريب بأن الميليشيات لا تزال تطلق، حتى الآن، الصواريخ الباليستية من محافظة صعدة باتجاه المدن الآهلة بالسكان داخل اليمن وعلى الأراضي السعودية، مؤكداً رصد تهريب أسلحة عبر ميناء الحديدة والتعامل معها بشكل سريع.
وعن عملية تحرير الحديدة، قال مجلي، إن الجيش يتقدم في منطقة «كيلو 16» والمزارع القريبة منه ومناطق في الجهة الشرقية المحاذية للساحل الغربي في اتجاه زبيد، والحسينية، والدريهمي، والتحيتا، مؤكداً عدم وجود أي تأخير في عملية تحرير الحديدة، وإن وجد فهو عائد لنواحي عسكرية، ولاستكمال متطلبات المعركة التي يخوضها الجيش أثناء التقدم، للنظر في الجاهزية القتالية.
وبيّن أن الميليشيات الانقلابية تتخذ من المباني مواقع لتمركز القناصة لضرب الأهداف المتحركة، كما تجبر المواطنين في أطراف مدينة الحديدة على البقاء في منازلهم، وتحويل تلك المواقع دروعاً لحمايتهم من تقدم الجيش، مشدداً على أن الجيش تعامل مع هذه المعضلة من خلال إيجاد ممرات آمنة لتحرك المواطنين.
وفي محافظة صعدة، المعقل الرئيس للحوثيين، تواصلت المعارك بين الجيش الوطني والميليشيات. وقال قائد اللواء 102 قوات خاصة العميد ياسر الحارثي، طبقا لما نقل عنه المركز الإعلامي للجيش الوطني، إن «قوات الجيش الوطني تمكنت خلال الساعات الماضية، من تمشيط عدد من المناطق المحيطة بمركز مديرية باقم، ومنها جبل رأس وجبل عرف وشيحاط ومزارع آل صره وقرى آل مغرم والمناطق المحيطة بها».
وذكر أن «المعارك ضد ميليشيات الحوثي لا تزال مستمرة في الجهة الشرقية لمركز مديرية باقم حيث تمكنت قوات الجيش من تحرير جبال الرأس وجبال الأسود وصولاً إلى تحرير مزارع الرمان والعنب المحيطة بمركز المديرية»، مؤكدا أن المعارك أسفرت عن «مقتل وجرح العشرات من عناصر ميليشيات الحوثي الانقلابية بينهم قيادات بارزة، فيما تمكن الجيش من استعادة كميات كبيرة من الأسلحة والذخائر المتنوعة».
وأشار إلى أن «قوات الجيش الوطني عثرت على أكثر من ثلاثين جثة تابعة لعناصر ميليشيات الحوثي الانقلابية متناثرة في المزارع والجبال التي جرى تمشيطها، خلفتها ميليشيات الحوثي وراءها قبل أن تلوذ بالفرار تحت ضربات الجيش».


مقالات ذات صلة

تقرير أُممي يتّهم الحوثيين بالتنسيق مع إرهابيين وجني عشرات الملايين بالقرصنة

العالم العربي استعراض الجماعة الحوثية لقدراتها العسكرية في العاصمة صنعاء والتي تتضمن أسلحة نوعية (رويترز)

تقرير أُممي يتّهم الحوثيين بالتنسيق مع إرهابيين وجني عشرات الملايين بالقرصنة

تقرير جديد لفريق الخبراء الأُمميّين المعنيّ باليمن يكشف عن تعاون الحوثيين مع تنظيم «القاعدة»، و«حركة الشباب» الصومالية، وابتزاز وكالات الشحن الدولية.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي توقعات بإقصاء من يرفضون المشاركة في فعاليات الجماعة الحوثية من وظائفهم (رويترز)

انقلابيو اليمن يستكملون «حوثنة» المؤسسات بهياكل إدارية جديدة

بدأت الجماعة الحوثية بإعداد آلية لدمج عدد من مؤسسات الدولة وتقليص الهيكل الإداري لها وتغيير مهامها في سبيل المزيد من السيطرة والنفوذ عليها وأدلجتها.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي جانب من لقاء وزير التخطيط اليمني مع مسؤولي البنك الدولي على هامش زيارته لواشنطن (سبأ)

اليمن يقدم رؤية شاملة للبنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات التنموية

قدمت الحكومة اليمنية إلى البنك الدولي رؤية شاملة لإعادة هيكلة المشروعات، في مسعى لزيادة المخصصات المالية للبلاد.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي بمعية محافظ مأرب ورئيس هيئة الأركان في زيارة سابقة للخطوط الأمامية بمأرب (سبأ)

الجيش اليمني يحذر من محاولة حوثية للعودة للحرب وإجهاض جهود السلام

تتصاعد حدة التوترات في عدة جبهات يمنية في ظل استمرار جماعة الحوثي في تحشيد عناصرها وحفر الخنادق، خصوصاً بمحافظة الحديدة على ساحل البحر الأحمر.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
خاص المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الشرق الأوسط)

خاص مكتب غروندبرغ لـ«الشرق الأوسط»: نناقش مع صنعاء وعدن تجنب انهيار اقتصادي أعمق

قال المبعوث الأممي الخاص إلى اليمن إن مشاوراته ونقاشاته مستمرة مع مسؤولي «البنك المركزي» في صنعاء وعدن؛ لإيجاد حلول تقنية ومستدامة.

عبد الهادي حبتور (الرياض)

انقلابيو اليمن يشعلون مزيداً من الصراعات القبلية

غياب العدالة وتجريف القضاء أديا إلى تنامي الصراعات القبلية في مناطق سيطرة الحوثيين (إ.ب.أ)
غياب العدالة وتجريف القضاء أديا إلى تنامي الصراعات القبلية في مناطق سيطرة الحوثيين (إ.ب.أ)
TT

انقلابيو اليمن يشعلون مزيداً من الصراعات القبلية

غياب العدالة وتجريف القضاء أديا إلى تنامي الصراعات القبلية في مناطق سيطرة الحوثيين (إ.ب.أ)
غياب العدالة وتجريف القضاء أديا إلى تنامي الصراعات القبلية في مناطق سيطرة الحوثيين (إ.ب.أ)

بالتزامن مع بيانات أممية أكدت اتساع رقعة الفقر في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون، تواصل الجماعة المدعومة إيرانياً إشعال الصراعات القبلية التي تحولت إلى أحد مصادر كسب الأموال لدى قادتها، إلى جانب إشغال فئات المجتمع بالصراعات البينية لتجنب أي انتفاضة شعبية نتيجة تدهور الأوضاع المعيشية.

وذكرت مصادر قبلية أن وجهاء محليين في محافظة الجوف (شمال شرقي صنعاء) أبرموا اتفاقاً للهدنة بين قبيلتي «المعاطرة» و«ذو زيد» بعد أسبوع من المواجهات القبلية التي أدت إلى وقوع 16 قتيلاً وجريحاً من الجانبين.

عناصر حوثيون في صنعاء خلال حشد دعا إليه زعيمهم (أ.ف.ب)

وأوضحت المصادر أن الوسطاء أعادوا فتح الطرقات بين منطقتي المواجهة التي تأتي في سياق تغذية الصراعات القبلية في المحافظة لإضعاف القبائل وإبعادها عن أي مواجهة مرتقبة مع الحوثيين.

واندلعت الاشتباكات - بحسب المصادر - نتيجة خلافات قبلية على ملكية جبل يسمى «نهم» يفصل بين القبيلتين، ويدَّعي كل طرف ملكيته، لكنها اتهمت قيادات في جماعة الحوثي بالوقوف خلف تلك الاشتباكات بعد تغذيتها للخلافات بين الطرفين منذ ما يقارب الشهرين، وعدم فصلها فيها رغم لجوء الطرفين إلى المشرفين الحوثيين هناك.

نزاع في إب

وفي مديرية الشعر التابعة لمحافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) قام القيادي الحوثي أشرف الصلاحي، وهو المسؤول عن إدارة المديرية، بشن حملة لاختطاف العشرات من السكان، وتغذية خلافات بين عائلتي «شهبين» و«عبية» على خلفية السعي لافتتاح طريق فرعي يمر عبر أراضٍ زراعية تملكها الأولى، رغم وجود طريق رئيسي تم تعبيده على نفقة السكان، ويُستخدم منذ عشرات السنين.

ووفقاً لما ذكره سكان في المنطقة التي تعد واحدة من بؤر المعارضة لسلطة الحوثيين، نشب خلاف بين الأسرتين في قرية «الشريحيين» بعزلة الأملوك حول استحداث طريق إضافي في المنطقة، حيث رفضت عائلة «شهبين» ضغوط القيادي الحوثي الصلاحي المعين مديراً للمديرية لفتح الطريق بقوة السلاح.

حملة عسكرية أرسلها الحوثيون لنصرة طرف ضد آخر في محافظة إب (إعلام محلي)

وأكد السكان أن الوضع في طريقه للانفجار في ظل إصرار القيادي الحوثي على انحيازه إلى أحد الأطراف، والحصول على أموال مقابل ذلك الموقف، وتمسُّك المعارضين بموقفهم.

وطبقاً لما روته مصادر قبلية متعددة لـ«الشرق الأوسط»، فإن المسؤولين الحوثيين في معظم المناطق يعتمدون على الجبايات في جمع الأموال، وتدبير نفقاتهم وإدارتهم، حيث يرغمون السكان على دفع نفقات تحرك أفراد الشرطة لمعاينة أي حادثة أو إحضار أحد المطلوبين، كما يحرصون على أن يكونوا محكمين في أي قضايا خلافية بين السكان للحصول على مبالغ مالية والحيلولة دون وصول هذه القضايا إلى المحاكم.

العبث بالقضاء

كانت الجماعة الحوثية قد شكلت قبل عامين ما سمته «المنظومة العدلية» بقيادة محمد علي الحوثي، ابن عم زعيم الجماعة، بهدف إدارة المحاكم والقضاة ومراقبتهم، واتخاذ العقوبات اللازمة بحقهم.

وأخيراً منحت الجماعة نفسها من خلال التعديل الأخير على قانون السلطة القضائية، حق تعيين معممين طائفيين قضاة في المحاكم، كما أضافت مادة إلى القانون تمنح هؤلاء القضاة حق معاقبة المحامين بالمنع من الترافع لمدة 3 أعوام إذا رأوا أن مرافعاتهم لا تسير وفق هوى الجماعة.

ابن عم زعيم الجماعة الحوثية خلال تجمع في صنعاء (أ.ف.ب)

التعديلات التي قوبلت باعتراض رسمي وشعبي واسع رفضتها نقابة المحامين اليمنيين؛ إذ عبّرت عن أسفها من إقدام ما يسمى مجلس النواب في صنعاء الذي يضم عدداً لا يزيد على 40 فرداً أغلبهم تم انتخابهم من قِبل الحوثيين بعد وفاة الأعضاء الأساسيين، على إقرار مشروع التعديل الخاص بقانون السلطة القضائية دون نقاش.

وبينما أكدت النقابة تمسُّكها الكامل بموقف المحامين الرافض للتعديلات القانونية برمتها، وإدانة تمرير المشروع، رأى محامون أن إفراغ القضاء والعد التنازلي لإنهاء استقلاله في مناطق سيطرة الحوثيين بدأ منذ قبول ما يسمى مجلس القضاء «الخضوع والتماهي مع مخططات الجماعة»، وإجبار القضاة على حضور دورات طائفية حتى يحافظوا على فتات لقمة العيش التي يحصلون عليها.

ووصف المحامون تلك التعديلات التي أُدخلت على قانون السلطة القضائية بأنها نتيجة التنازلات المؤلمة التي أصبح ضحيتها الشعب بأكمله.

اشتداد الفقر

تأتي هذه الممارسات الحوثية بينما لا يزال انعدام الأمن الغذائي مرتفعاً، حيث يعاني واحد من كل اثنين من الأسر من استهلاك غير كافٍ للغذاء، في حين تأثرت نحو 43 في المائة من الأسر في مناطق سيطرة الجماعة بشكل كامل.

وبالإضافة إلى ذلك، فإن درجة استهلاك الغذاء الرديئة، وهي مقياس للحرمان الشديد من الغذاء، تعكس مستويات مثيرة للقلق حيث تأثرت نحو 20 في المائة من الأسر سلباً، وفق ما ورد في بيانات أممية حديثة.

مع اتساع رقعة الفقر يخشى الحوثيون من انتفاضة شعبية (الأمم المتحدة)

وطبقاً لبيانات منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) فإن انعدام الأمن الغذائي في مناطق سيطرة الحوثيين يرجع في المقام الأول إلى خفض المساعدات الإنسانية، ما يؤثر في أولئك الذين اعتمدوا عليها بشكل كبير، جنباً إلى جنب مع الفيضانات الأخيرة والانحدار العام في سبل العيش.

وأدى ذلك - وفق المنظمة الأممية - إلى صدمات للأسر وفقدان الدخل في تلك المناطق، حيث أثرت على نحو 59 في المائة من الأسر، وهي نسبة أعلى بكثير مقارنة بالشهرين الماضيين، أما في المناطق الواقعة تحت سيطرة الحكومة اليمنية، فقد واجهت نحو 53 في المائة من الأسر صدمات خلال شهر.