إضراب شامل يشل مؤسسات «أونروا» في قطاع غزة

دعوات لحل أزمة الوكالة وجهود لتوفير شبكة أمان مالي لها

موظفون في {أونروا} أمام المكتب الإقليمي للوكالة في مدينة غزة خلال الإضراب
موظفون في {أونروا} أمام المكتب الإقليمي للوكالة في مدينة غزة خلال الإضراب
TT

إضراب شامل يشل مؤسسات «أونروا» في قطاع غزة

موظفون في {أونروا} أمام المكتب الإقليمي للوكالة في مدينة غزة خلال الإضراب
موظفون في {أونروا} أمام المكتب الإقليمي للوكالة في مدينة غزة خلال الإضراب

شهدت مؤسسات وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «أونروا»، الاثنين، إضرابا شاملا في كافة مرافق المنظمة الأممية ومقراتها في قطاع غزة، دعا له اتحاد الموظفين، رفضا لسياسات تقليص الخدمات والتنكر لحقوق الموظفين، وتعمد فصل المئات من الموظفين من دون أي مبرر.
وأغلق حراس المدارس والعيادات الطبية ومقرات أخرى تتبع للأونروا، وتضم نحو 13 ألف موظف، أبوابها أمام الطلاب واللاجئين البالغ عددهم أكثر من مليون و200 ألف لاجئ. فيما احتشد العشرات من الموظفين أمام المقر الرئيسي للمنظمة الأممية في مدينة غزة، ورفعوا يافطات تطالب بتأمين لقمة عيش أبنائهم ومنع فصلهم أو إنهاء خدماتهم، رافعين «الزي البرتقالي» وعليه «حبل مشنقة»، في إشارة إلى تعرض حياتهم وحياة عائلاتهم للإعدام، في حال استمرت التقليصات والتنكر لحقوقهم.
وقال اتحاد الموظفين العاملين في الأونروا، إن الإضراب جاء كخطوة تصعيدية جديدة، بعد أن أغلقت إدارة المنظمة كل أبواب الحوار، بشأن تجاوز الأزمة المتعلقة بقضية 956 موظفا ونقل غالبيتهم إلى دوام جزئي.
وأشار الاتحاد في بيان له، إلى محاولات إدارة أونروا إعادة التشكيل الصفي، الذي قد ينتج عنه إلغاء عقود المئات من المعلمين الذين يعملون بشكل يومي، عدا عن التهديد لمعلمي الدبلوم والتقاعد الاستثنائي.
وبين الاتحاد أن جميع الموظفين في كافة الدوائر التابعة للأونروا، ليسوا في مأمن من تهديد الفصل أو التقليص، مشيرا إلى أنه سيعلن يوم الخميس المقبل، عن إجراءات نقابية غير مسبوقة تماثل حجم «جريمة فصل الموظفين». وفق بيانه.
وأعلن عن إيقاف العمل في «ألعاب الصيف»، قائلا إنه «لا يُعقل أن تحرم الإدارة الطفل الفلسطيني من الخدمات الأساسية في الرعاية النفسية، وتتوجه لإشغال الرأي العام في خدمات شكلية موسمية، جرت العادة أن تُـقدم في العطلة الصيفية».
ودعا الاتحاد إدارة الأونروا إلى المسارعة لنزع فتيل الأزمة أو تحمل تبعات تدهور الأمور.
ولجأت إدارة أونروا مؤخرا، إلى وقف تجديد عقود أكثر من 250 موظفا يعملون على برنامج الطوارئ، فيما تم إحالة 900 آخرين إلى الدوام الجزئي حتى نهاية العام الجاري. بينما يقول اتحاد العاملين إن هناك مخططا لفصل ألف موظف بشكل نهائي.
وقال سامي مشعشع الناطق الرسمي باسم الأونروا، إن الإجراء الذي اتخذ بشأن الموظفين، لا يستوجب هذا الإجراء النقابي الحاد، بإقفال كافة منشآت الأونروا وحرمان اللاجئين من الخدمات الأساسية، التي تشمل الخدمات التعليمية لأكثر من 260 ألف طالب وطالبة.
وناشد مشعشع، اتحاد الموظفين بالعودة إلى طاولة الحوار والتباحث حول عقود هؤلاء الموظفين، خاصة أن أكثر من نصفهم قدم طلبات للترك الطوعي الاستثنائي من الأونروا.
وبين أنه من أصل ألف موظف يعملون على نظام العقود الطارئة، التي تعتمد على تبرعات مباشرة لبرامجها، وكانت تأثرت بشكل حاد بسبب سحب التبرعات المالية، تم تثبيت ما يقارب من 300 على عقود ثابتة، وأكثر من 500 على عقود مؤقتة، في محاولة من الوكالة للتعامل مع تداعيات أسوأ أزمة تعيشها منذ نشأتها في العام 1950.
ودعا اتحاد العاملين إلى الالتفاف حول الأونروا في هذه اللحظات الحاسمة والصعبة، التي تهدد كيان الوكالة واستمراريته، أسوة بالدعم القوي الذي حصلت عليه من اتحادات العاملين في أقاليم عملياتها الأخرى.
وأوضح أن الاجتماع الهام الذي سيتم على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، سينظر في توفير الدعم للأونروا، ومواجهة عجزها المالي، والتحضير لأمان مالي وثبات للمؤسسة الدولية في العام 2019.
وتعاني الأونروا من أزمة مالية منذ أن جمدت الإدارة الأميركية مساعداتها التي تقدمها للمنظمة الأممية، وربط إعادة التمويل بعودة الفلسطينيين إلى طاولة المفاوضات.
وقال أحمد أبو هولي رئيس دائرة شؤون اللاجئين الفلسطينيين في منظمة التحرير، إن هناك تحركات فلسطينية - عربية جارية لضمان خروج المؤتمر الدولي، الذي سيعقد في نيويورك للدول المانحة، بتأمين شبكة أمان مالي دولية للأونروا
وشدد أبو هولي على ضرورة حفاظ الأونروا على مهامها وخدماتها المقدمة للاجئين الفلسطينيين.
ولفت إلى أن منظمة التحرير والقيادة الفلسطينية، تتحركان على مستويات سياسية ودبلوماسية لمواجهة القرارات الأميركية، التي تستهدف إنهاء عمل وكالة الغوث الدولية، كمدخل لتصفية قضية اللاجئين والانقضاض على المشروع الوطني الفلسطيني.
وذكر أن الحراك الفلسطيني بالتنسيق مع وكالة الغوث الدولية وجامعة الدول العربية والدول المضيفة اللاجئين والدول المانحة، نجح في تقليص العجز المالي في ميزانية الوكالة إلى 186 مليون دولار، وتنامي الرفض الدولي لسياسة الابتزاز الأميركية التي تستهدف عمل أونروا والحقوق الفلسطينية الثابتة غير القابلة للتصرف، وفي المقدمة منها حق الفلسطينيين في العودة وتقرير المصير.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.